04 فبراير 2024 م

(علامات (بشارات) فتح الأقصى التي ذكرها النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)

(علامات (بشارات) فتح الأقصى التي ذكرها النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)

مما ينبغي على المسلمين اعتقاده اعتقادًا لا يخالطه أدنى ريب أن نصر الله قريب، وأن الله سبحانه وتعالى سيفتح على المسلمين المسجد الأقصى لا محالة، طال الزمان أو قصر، كثر الطغيان أو قل، وأن هذه البلاد المقدسة ستكون محلَّ خلافة المسلمين، وأن بلاد الشام، ومصر، وهذه الدول لابد أن الله تعالى سيرعاها، ولن يتركها، وأن اشتداد الكربات، وازدياد الأزمات، لا ينبغي أن يؤثر على اعتقادنا وثقتنا في البشارات والوعود التي نطقت بها نصوص الشريعة الإسلامية الغراء.

وإن هذه البشارات لم ترد في سنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحسب بل سبق القرآن الكريم إلى ذلك، وقرر أن المسلمين سينتصرون مرتين على بني إسرائيل، وأنهم سيفتحون المسجد الأقصى الكريم مرة بعد مرة، وقد تحدث القرآن عن هذا الأمر في مقتبل سورة الإسراء.

المرة الأول: هي التي أكدها قول الله سبحانه وتعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا﴾ [الإسراء: 5]، والمرة المقصودة هنا هي التي قام بها سيدنا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه.

أما المرة الثانية: فهي التي وضحها قول الله سبحانه وتعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾ [الإسراء: 7]، والمراد بهذه المرة هي ما سيقوم به المسلمين قريبًا إن شاء الله تعالى ضد المعتدين، والتي سيصحبها نصر الله تعالى وفرجه، وفتح صلاح الدين ليس هو المراد كما قرره العلماء والمفسرون؛ لأن الصليبيين ليسوا بني إسرائيل.

وإن هذا الوعد من ربنا سبحانه وتعالى يكفي في أن نُصدق ونعتقد في فرج الله تعالى وفي نصره وإكرامه، وهذا الوعد قد فصَّلته السنة النبوية المطهرة؛ حيث بينت أن المسلمين سينزلون بلاد القدس الشريف، وأنها ستكون دائرة تجمُّعهم ونقطة ارتكازهم؛ لنشر العدل والرحمة بين أرجاء هذا الكوكب.

ومن هذه النصوص الشريفة ما جاء عن عبد الله بن حوالة الأزدي رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَا ابْنَ حَوَالَةَ، إِذَا رَأَيْتَ الْخِلَافَةَ قَدْ نَزَلَتِ الأَرْضَ الْـمُقَدَّسَةَ فَقَدْ دَنَتِ الزَّلَازِلُ وَالْبَلَابِلُ وَالْأُمُورُ الْعِظَامُ، وَالسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنَ النَّاسِ مِنْ يَدِي هَذِهِ مِنْ رَأْسِكَ». رواه أبو داود، في "السنن"، والبيهقي في "دلائل النبوة"، والطبراني في "مسند الشاميين"، وأحمد في "المسند"، والحاكم في "المستدرك".

فهذا الحديث النبوي الشريف يُقرر بوضوح شديد أن خلافة المسلمين ستكون في بيت المقدس بفلسطين العزيزة الغالية، كما قرره بعض العلماء، وهذا يظهر منه أن النصر والمدد سيكون عونًا للمسلمين، وأن هناك فتحًا مبينًا سيحصل لبيت المقدس لا محالة.

ومن هذه النصوص الشريفة أيضًا ما جاء عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «سَتَكُونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ، فَخِيَارُ أَهْلِ الْأَرْضِ أَلْزَمُهُمْ مُهَاجَرَ إِبْرَاهِيمَ، وَيَبْقَى فِي الْأَرْضِ شِرَارُ أَهْلِهَا تَلْفِظُهُمْ أَرْضُوهُمْ، تَقْذَرُهُمْ نَفْسُ اللَّهِ». رواه أبو داود في "سننه"، وأحمد في "مسنده".

وقد تواردت أقوال علماء المسلمين على أن البلاد المقصودة هي بلاد الشام، ومنهم: الحافظ زين الدين العراقي، والحافظ ابن رجب، والإمام بدر الدين العيني، والعلامة ملا عليّ القاري، وغيرهم من الأئمة الأعلام.

فيظهر من ذلك أن هذه بشارات جاءت بها نصوص الشريعة الإسلامية؛ لتكون بمثابة الربط على قلوب المرابطين والمستضعفين من المسلمين من جهة، وشحذ همة عامة العرب والمسلمين؛ لأجل أن يتوحدوا، وأن يقفوا صفًّا واحدًا متحابين نازعين الشقاق والضغينة من بينهم متجهين لدفع عدوان المعتدين، ومن ذلك التوجه أن يتحدوا معًا في جميع الاتجاهات.

فلا يُعقل أن يكون أصحاب القضية متناحرين لا يساعدون بعضهم، ولا يتعاونون على الخير أو إقالة العثرات، فإن أول سبيل لنصرة المسجد الأقصى، ودعم القضية الفلسطينية أن نتعاون معًا على اجتياز الأزمات، كما كانت مصر على مر الزمان تُساعد أشقاءها من العرب والمسلمين، فلا يسعنا إلا أن نُذكِّر أنفسنا جميعًا بقول الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2].

المراجع:

  • فتح القدير، للشوكاني، 3/ 249، ط. دار ابن كثير.
  • معالم السنن، وهو شرح سنن أبي داود، للخطابي، 2/ 235، ط. المطبعة العلمية.
  • عمدة القاري شرح صحيح البخاري، للعيني، 1/ 29، ط. دار إحياء التراث العربي.
  • مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، للملا على القاري، 9/ 4040، ط. دار الفكر.
  • شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى "الكاشف عن حقائق السنن"، للطيبي، 12/ 3960، ط. مصطفى الباز.
  • شرح سنن أبي داود، لابن رسلان، 11/ 22، ط. دار الفلاح.

لا يمكن أن يوصف استقرار سيدنا سليمان عليه السلام بفلسطين بأنه مرور بها، إذ العلاقة بينه وبين هذه البلاد أعمق من ذلك بكثير، وذلك لما شهدته هذه البلاد من سيدنا سليمان عليه السلام من عطاءات ومواقف حياتية استمرت عشرات السنين.


بدأ هذا الحدث التاريخي حينما جاء المسلمون إلى مدينة القدس، وطلبوا الدخول إلى بيت المقدس، في السنة الخامسة عشرة، أو السادسة عشرة، فمُنعوا من الدخول، ولم يكن طلب المسلمين إلا أن يقوموا بعرض الإسلام على الناس وإعلامهم به، ومن شاء فليؤمن، ومن لم يشأ فلا إكراه في الدين، ولم يتم تمكين المسلمين من الدخول، واشترط أهل القدس


مِن الأنبياء الذين مرُّوا وعاشوا بأرض فلسطين المباركة: روحُ الله وكلمته، وعبده ورسوله، سيدُنا عيسى عليه الصلاة والسلام، خاتم أنبياء بني إسرائيل، وأحد الخمسة المرسلين من أولي العزم، فقد وُلد عليه السَّلام في «بيت لحم»، وهي قرية قريبةٌ مِن القدس؛ فجاء في حديث المعراج أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم صلَّى تلك الليلة في المكان الذي وُلد فيه عيسى، وورد أن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص كان يبعث إلى بيت لحم ببيت المقدس -حيث ولد عيسى- زيتًا؛ لأجل أن يُسْرَجَ المسجد الأقصى ويُضاء به.


ليس من الغريب على بيت المقدس أن يغتصبه الغاصبون وأن يعتدي عليه المعتدون، فمن الذين فتحوا بيت المقدس وحرروه من أيدي الغاصبين الجبارين: نبيُّ الله يوشع بن نون المتصل نسبه بنبي الله يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن الخليل إبراهيم عليه السلام، فتى موسى، وأحد تلاميذه، ووارث نبوة بني إسرائيل من بعده عليهم جميعًا السلام، وهو المراد بالفتى في قصة سيدنا موسى والخضر، قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا﴾ [الكهف: 60]، وقد ورد في "صحيح البخاري" أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن هذا الفتى هو: نبي الله يوشع بن نون الذي صحب موسى في قصة ذهابه إلى الخضر عليهم جميعًا السلام.


مما ينبغي على المسلمين اعتقاده اعتقادًا لا يخالطه أدنى ريب أن نصر الله قريب، وأن الله سبحانه وتعالى سيفتح على المسلمين المسجد الأقصى لا محالة، طال الزمان أو قصر، كثر الطغيان أو قل، وأن هذه البلاد المقدسة ستكون محل خلافة المسلمين، وأن بلاد الشام، ومصر، وهذه الدول لابد أن الله تعالى سيرعاها، ولن يتركها، وأن اشتداد الكربات، وازدياد الأزمات لا ينبغي أن يؤثر على اعتقادنا وثقتنا في البشارات والوعود التي نطقت بها نصوص الشريعة الإسلامية الغراء.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 55
العصر
4:31
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :31