ما حكم احتكار أنابيب الغاز وبيعها بأسعار مضاعفة؟ حيث تعاني بعض الأماكن في مصر من عَوز شديد في أنابيب الغاز، ويستغل بعض الناس هذه الأزمة، فيعقدون اتفاقات مع القائمين على المستودعات ليشتروا منهم حصصًا كاملة فيبيعوها بأسعار مضاعفة. فما حكم ذلك في الشرع؟
ما يفعله هؤلاء المفسدون من الجشعين وبعض القائمين على مخازن الأنابيب من التواطؤ على بيع الأنابيب خارج منظومة الدعم لاستغلال حاجة الناس وإغلائها عليهم يُعَدُّ شرعًا خيانةً للأمانة وافتياتًا على ولي الأمر، وإثمًا وبغيًا وإفسادًا في الأرض، وتسهيلًا للاستيلاء على المال العام وأكل أموال الناس بالباطل، وتضييعًا للحقوق، وإجحافًا بالمحتاجين ومحدودي الدخل، واحتكارًا للسلع الضرورية التي تشتد إليها حاجة الناس، وكل واحدة منها من كبائر الذنوب.
وعلى من يعلم بهؤلاء المفسدين أن يقوم بواجبه: بالنصح لمن ينتصح منهم، أو بتبليغ الجهات المسؤولة لتقوم بواجبها في إيقافهم عن غَيِّهم وبَغْيِهم.
المحتويات
أنابيب الغاز من السلع الأساسية التي تدعمها الدولة، وتلتزم بتوفيرها وبيعها بثمن مخفض للمواطنين حتى لو ارتفعت أسعار التكلفة، وتتحمل الدولة أعباء ذلك من أجل معونة قطاع كبير من المجتمع يعاني من شظف العيش وضيق الرزق وقلة الموارد، وهي أيضًا طريقة من طرق سد حاجة محدودي الدخل ورفع مستواهم المادي بإيصال المال إليهم بصورة غير مباشرة، وهي صورة الدعم، وهذا كله من الواجبات الشرعية على الدول والمجتمعات تجاه مواطنيها خاصة محدودي الدخل منهم.
وما يحصل في منافذ بيع هذه الأسطوانات من استيلاء بعض البلطجية والجشعين بمعونة خائني الأمانة من البائعين الذين فوَّضتهم الدولة ببيعها بثمن محدَّد معناه الاستيلاء على المال العام الذي يُسَمَّى في الشريعة مال الله؛ لأن لكل فرد من أفراد المجتمع فيه حقًّا ونصيبًا، ومعناه أيضًا الحيلولة دون وصول الدعم إلى مستحقيه من المواطنين خاصة البسطاء ومحدودي الدخل الذين يرهقهم شراؤها بسعر مرتفع، وكل ذلك يُعَدُّ اعتداءً على أموال الناس بالباطل، وبغيًا وإفسادًا في الأرض وإيقاعًا للمحتاجين في الحرج والمشقة بالاستيلاء على حقوقهم ومنعهم من الوصول إليها، وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [النساء: 29]، ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ دِماءكم وأَموالَكم وأَعراضَكم عليكم حَرامٌ كحُرمةِ يَومِكم هذا، في بَلَدِكم هذا، في شَهرِكم هذا» رواه الشيخان عن أبي بَكرةَ رضي الله عنه.
وتواطؤ أصحاب مستودعات الأنابيب مع هؤلاء الجشعين يُعَدُّ شرعًا خيانةً للأمانة التي ائتمنهم عليها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وائتمنهم عليها المجتمع الذي عاشوا في ظلاله، ولم يحافظوا على ماله، وأكلوا من خَيْرِه، ثم سَعَوْا في ضَيْرِه، فهم داخلون في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: 27]، والله تعالى يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ﴾ [الأنفال: 58]، كما أن في فعلهم ذلك تبديدًا للمال العام؛ لأنهم مستأمنون على هذه السلع المدعومة للمواطنين ليحصلوا عليها من غير عناء، فتفريطهم في هذه الأمانة وتسهيلهم للجشعين أن يحصلوا على الأنابيب ليبيعوها للناس بأغلى من سعرها هو مشاركةٌ لهم في الظلم والبغي والاستيلاء على حقوق الناس، وناهيك بذلك ذنبًا وجرمًا، فهم مرتكبون بذلك لهذه الكبائر من الذنوب التي لا طاقة للإنسان بأحدها فضلًا عن أن تتراكم عليه أحمالها، كما أن في فعلهم هذا مخالفةً لوليِّ الأمر الذي أمر الله تعالى بطاعته ما لم يأمر بمعصية، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 59].
فإذا استولى هؤلاء الجشعون على أسطوانات الغاز المدعمة ممن باعوا ضمائرهم من القائمين عليها، ثم باعوها بالسعر الذي يفرضونه على الناس، فإنهم بذلك قد جمعوا من الإثم أبوابًا كثيرة، حيث افتأتوا على ولي الأمر، واستولوا على المال العام، ومنعوا الناسَ حقوقهم، وانطبق عليهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَن دَخَلَ في شيء مِن أسعارِ المسلمين لِيُغْلِيَهُ علَيهِم، فَإِنَّ حَقًّا على الله أَن يُقْعِدَهُ بِعُظْمٍ مِن النَّارِ يومَ القِيَامَةِ» رواه الإمام أحمد في "المسند" عن معقل بن يسار رضي الله عنه. فوقعوا فيما شدد الشرع تحريمه من الاحتكار، والاحتكار في اللغة: هو حبس الشيء تربصًا لغلائه والاختصاص به، كما في "القاموس المحيط" (1/ 378، ط. مؤسسة الرسالة)، و"شمس العلوم" للحميري (3/ 1539، ط. دار الفكر). وما جاء في كلام بعض أهل اللغة من أنه: حبس الطعام، فالظاهر أنه لا يقصد به حصر مفهوم الاحتكار في الطعام بخصوصه، بل باعتبار أن الطعام هو أظهر ما يصدق عليه هذا المفهوم، من جهة شدة حاجة الناس إليه وديمومة هذه الحاجة في كل يوم، ومن جهة أن الطعام هو أكثر ما يجري فيه الاحتكار من الاحتياجات الضرورية خاصة في الأزمنة القديمة. وأما في الاصطلاح الفقهي: فمن العلماء من جعل الاحتكار خاصًّا بحبس الطعام والقوت، ومنهم من عَمَّمه في كل مُحتاج إليه من السلع.
قد وردت جملة من الأحاديث تحذِّر من الاحتكار وتنهى عنه؛ لِمَا يترتب عليه من الأخطار على الأفراد والمجتمعات، منها ما رواه الإمام مسلم عن معمر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا يَحتكر إلا خاطئ». وروى الإمام أحمد في "المسند" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ احْتَكَرَ حُكْرَةً يُرِيدُ أَنْ يُغْلِيَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ خَاطِئٌ»، وقد استدلَّ جماعة من العلماء بهذه الأحاديث على تحريم اختزان سائر ما يحتاج إليه الناس في معايشهم من غير قَصرٍ لذلك على القوت؛ لأن العلة هي الإضرار بالناس، وهى متحققة في كل ما يحتاجون إليه ولا تقوم معيشتهم إلا به. قال الإمام الشوكاني في "نيل الأوطار" (5/ 262-263، ط. دار الحديث): [وظاهر أحاديث الباب أن الاحتكار محرم من غير فرق بين قوت الآدمي والدواب وبين غيره. والتصريح بلفظ الطعام في بعض الروايات لا يصلح لتقييد بقية الروايات المطلقة، بل هو من التنصيص على فرد من الأفراد التي يطلق عليها المطلق؛ وذلك لأن نفي الحكم عن غير الطعام إنما هو لمفهوم اللقب، وهو غير معمول به عند الجمهور، وما كان كذلك لا يصلح للتقييد على ما تقرر في الأصول، والحاصل أن العلة إذا كانت هي الإضرار بالمسلمين لم يحرم الاحتكار إلا على وجه يضر بهم، ويستوي في ذلك القوت وغيره؛ لأنهم يتضررون بالجميع] اهـ.
والاحتكار سببٌ في انتشار الحقد والكراهية وتفكك المجتمع وانهيار العلاقات بين الأفراد، ويترتب عليه العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية؛ كالبطالة والتضخم والكساد والرشوة والمحسوبية والنفاق والسرقة والغش.
بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فما يفعله المسؤولون عن مخازن الأنابيب أو المتولُّون لبيعها من التواطؤ مع بعض الجشعين ببيعها لهم لاستغلال حاجة الناس وإغلائها عليهم، يعد شرعًا خيانةً للأمانة وافتياتًا على ولي الأمر، وتسهيلًا للاستيلاء على المال العام وأكل أموال الناس بالباطل، وتضييعًا للحقوق، وإجحافًا بالمحتاجين ومحدودي الدخل، وكل واحدة منها من كبائر الذنوب، أما أولئك المستغلون الجشعون الذين يسعون في الدخول في أسعار الأنابيب لإغلائها فقد دخلوا في أبواب غليظة من الإثم والبغي والإفساد في الأرض، والاستيلاء على المال العام، وأكل أموال الناس بالباطل، واحتكار السلع الضرورية التي تشتد إليها حاجة الناس، والافتيات على ولي الأمر. وعلى من يعلم بهؤلاء أو أولئك أن يقوم بواجبه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بالنصح لمن ينتصح منهم، أو السعي في دفع شرهم بتبليغ الجهات المسؤولة لتقوم بواجبها في إيقافهم عن غَيِّهم وبَغْيِهم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم المشاركة في دعوات الامتناع عن التجارة في أوقات الغلاء؟ فأنا صاحب نشاط تجاري وسمعت أنَّ هناك دعوات ومبادرات لبعض أصحاب المحلات التجارية التي تبيع المواد الغذائية وكذا محلات جزارة اللحوم والطيور لغلق النشاط والامتناع عن ممارسة التجارة بسبب غلاء الأسعار مدعين أن هذا هو مصلحة الفقير، فما حكم المشاركة في تلك المبادرات؟ وما التصرف الشرعي تجاه ذلك؟
ما حكم استغلال بعض المتعافين حاجة المرضى بطلب مقابل مادي لإعطاء البلازما المستخلصة من دمه في ظل انتشار هذا الوباء الذي يهدد أمن البشرية واستقرارها؟
ما حكم بيع الأضحية بعد شرائها وقبل ذبحها؟ فرجلٌ اشترى شاةً للأضحية، إلا أنه احتاج إلى بيعِها قبل دخول وقت الأضحية، فهل يجوز له بيعها قبل ذبحها للحاجةِ إلى ثمنها؟ علمًا بأنه لم يَنذُرها ولم يوجبها على نفسه بأي لفظٍ أو نية.
ما حكم عمل منصة إلكترونية للترويج للسلع وبيعها؟ حيث تقوم شركة متخصصة بتصميم المنصات الإلكترونية بعمل منصة تجارة إلكترونية مخصصة لعرض المنتجات وبيعها لإحدى الشركات التي أطلقت سوقًا إلكترونيًّا خاصًّا بها، مع الاتفاق على التزام الشركة بتقديم التكنولوجيا اللازمة لتطوير وتشغيل المنصة كما يتراءى للعميل، ولا يتعدى دور الشركة القيام بالجانب التقني، المتضمن: تصميم البنية البرمجية، وواجهة الاستخدام، وأدوات إدارة المحتوى، ونظام المعاملات الإلكترونية، ثم عمل التطوير والتعديل البرمجي اللازم لاحقًا بحسب ما يتراءى للعميل، من دون علم منها بطبيعة هذه المنتجات.
وهذه المنصة لا يعدو دورُها دورَ الواجهة التي يعرض عليها آلاف البائعين منتجاتهم وبضائعهم، وقد وُجد أن عددًا قليلًا منهم يعرض على القسم الخاص به من المنصة منتجات محرَّمة، وليس لشركة البرمجيات أي سلطة على اختيار المنتجات المعروضة أو إدارتها، أو أي مشاركة في عمليات الشحن والتخزين ونحوها، ولا يتعدَّى دورُها تطويرَ البرمجيات بشكل مستمر بناءً على طلب العميل، وتسليمها في مواعيدها المتفق عليها، وتقديم الدعم الفني للمنصة التقنية بما يضمن تشغيل النظام بشكل سلس، وحل أي مشكلات تقنية طارئة، فهل هناك أي مخالفة شرعية فيما تقوم به الشركة من أعمال في هذا الخصوص؟
ما حكم البيع والشراء وقت صلاة الجمعة في هذه الآونة التي توقفت فيها صلاة الجمعة بسبب انتشار فيروس كورونا؟ وهل يدخل تحت النهي المنصوص عليه في قوله تعالى: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمعة: 9]؟
ما حكم التجارة في المفرقعات واستعمالها؟ ففي هذه الأيام يكثر بين الشباب والأطفال استعمال المفرقعات والألعاب النارية في المواسم المختلفة في الشوارع وبين المحلات والمنازل، وتتوالى علينا من حين لآخر أخبار الحوادث والمصائب التي تصيبهم في أنفسهم، من نحو بتر أصبعٍ، أو إصابة عينٍ، وكذا الإصابة بالحروق المختلفة في الجسد، أو ما تتسبب به من الأذى البالغ للآخرين من المارَّةِ وأصحاب المحلات والمخازن، حيث تتسبب أحيانًا في اشتعال الحرائق وإتلاف الأموال والأنفس، وأقل كل هذا الضرر هو إحداث الضوضاء، وترويع الآمنين.