حكم دعوة أهل الميت العلماء والعامة على الطعام والدعاء للميت

حكم دعوة أهل الميت العلماء والعامة على الطعام والدعاء للميت

إذا مات الإنسان دعا أهلُه العلماءَ والعامة بعد أيام إلى بيته، فيجتمعون ويصلون ويسلمون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويدعون للميت ولسائر المسلمين الأحياء والأموات، وفي هذه الحفلة يقدم أهل الميت طعامًا للحاضرين في الحفلة للاستجابة للدعوة وإدخالهم السرور على أهل الميت. فهل في هذه الحفلة أي محظور شرعًا؟ وهل يجوز للناس أن يأكلوا من هذا الطعام؟

لا مانع شرعًا من إقامة مثل هذه الحفلة والأكل من طعامها؛ لما ورد في الحديث: "أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج في جنازةٍ، فلَمَّا رجع استقبله داعي امرأته -أي الميت- فجاء، وَجِيء بالطعام، فوضعَ يدَهُ، ثم وضعَ القوم فأكَلُوا، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يلوك اللقمةَ في فِيهِ" رواه أحمد وأبو داود، ولكن يشترط أن لا يكون في ذلك تجديد للأحزان، وأن لا يكون من مال القُصَّر.

التفاصيل ....

لا مانعَ من مثلِ هذا الاجتماعِ شرعًا، بشرط أن لا يكونَ في ذلك تجديدٌ للأحزانِ، وأن لا يكون ذلك من مالِ القُصَّر، فإن كان ذلك مما يَشُقُّ على أهلِ الميتِ أو يُجَدِّدَ أحزانهم فهو مكروهٌ، وإن كان من مالِ القُصَّر فهو حرامٌ.

ومع أن جماعةً من متأخري الحنفيةِ يذهبون إلى القولِ بالكراهةِ، إلا أنَّ العلامةَ الطحطاوي الحنفيَّ حقَّق أنَّ ذلك جائزٌ ولا شيءَ فيه، ونقل ذلك عن مُحَقِّقي الحنفية، فيقول في حاشيته على "مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح" (339- 340): [قوله: وتُكرَه الضيافةُ من أهل الميت... إلخ، قال في "البزازية": يُكرَه اتخاذُ الطعام في اليوم الأول والثالث، وبعد الأسبوع، ونَقْلُ الطعامِ إلى المقبرةِ في المواسم، واتخاذُ الدعوةِ بقراءةِ القرآن، وجمعُ الصُّلَحاء والقُرَّاء للختم أو لقراءة سورة الأنعام أو الإخلاص. اهـ. قال البرهان الحلبي: ولا يخلو عن نظرٍ؛ لأنَّه لا دليلَ على الكراهةِ إلا حديث جرير المتقدم، وهو ما رواه الإمام أحمد وابن ماجه بإسناد صحيح عن جرير بن عبد الله: كنا نُعِدُّ الاجتماعَ إلى أهلِ الميِّتِ وصنعهم الطعام من النياحة. اهـ. يعني وهو فِعْلُ الجاهليةِ، وإنَّما يدلُّ على كراهةِ ذلك عند الموتِ فقط، على أنَّه قد عارَضَه ما رواه الإمام أحمد أيضًا بسندٍ صحيحٍ وأبو داود عن عاصم بن كليب عن أبيه عن رجلٍ من الأنصارِ قال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في جنازةٍ، فلَمَّا رجع استقبله داعي امرأته فجاء، وَجِيء بالطعام، فوضعَ يدَهُ ووضعَ القوم فأكَلُوا ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يلوك اللقمةَ في فِيهِ". الحديث، فهذا يدل على إِبَاحَةِ صُنع أهلِ الميت الطعام والدعوة إليه، بل ذكر في "البزازية" أيضًا من كتاب الاستحسان: وإن اتَّخَذَ طعامًا للفقراءِ كان حسنًا. اهـ. وفي استحسان "الخانية": وإنْ اتخذ وليُّ الميتِ طعامًا للفقراء كان حسنًا، إلا أنْ يكونَ في الورثةِ صغيرٌ فلا يُتَّخَذُ ذلك من التَّرِكة. اهـ. وقد علمت ما ذكره صاحب "الشرعة"] اهـ. يشير إلى ما نقله قبل ذلك (ص 339) عن صاحب "شرعة الإسلام والسنة" من قوله: [والسنَّةُ أن يتصدَّق وليُّ الميت له قبل مُضِيِّ الليلة الأولى بشيء مما تيسر له، فإن لم يجد شيئًا فليصلِّ ركعتين ثم يُهْدِ ثوابَهُمَا له، قال: ويُستحَب أن يتصدَّقَ على الميِّتِ بعد الدَّفن إلى سبعةِ أيامٍ كل يوم بشيء مما تيسر] اهـ.

وبناءً على ذلك: فلا مانعَ من إقامةِ مثل هذه الحفلة، ولا حرجَ من الأكل من طعامها.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا