هل تجوز زيادة مساحةِ الرقعة المخصصة لوقوف الحجيج على عرفة بما يُعرَف بامتداد عرفة؛ لاستيعاب العدد المتزايد من الحجاج؟
لا يجوز توسيع رقعة عرفة خارج حدودها التي هي عليها والتي أجمع عليها المسلمون، والمطلوب من الحاجِّ في هذا الركن هو مجرد الوجود في أي بقعة من عرفة: أرضها أو سمائها، قائمًا أو قاعدًا، راكبًا أو ماشيًا، مستيقظًا أو نائمًا، وليس المطلوب الإقامة أو المكث، بل مجرد المرور بها.
ويمكن التغلبُ على الزحام الشديد بالتنظيم الشامل، حتى ولو بإلزام الحجاج بمذهبِ مَن لايشترط وقتًا معينًا من اليوم للوقوف بعرفة.
من المقرر شرعًا أن حدود مشاعر الحج ومناسكه وحدود الحل والحرم من الأمور الثابتة بإجماع المسلمين سلفًا وخلفًا، إلا مواضع يسيرة نَصُّوا على الخلاف فيها، وهذا معدودٌ من الثوابت التي تشكل هُويَّة الإسلام والتي لا يجوز الاختلاف فيها. والوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم؛ حتى قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الْحَجُّ عَرَفَةُ» رواه الإمام أحمد، وأصحاب السنن، وصححه ابن حبان، والحاكم.
وحدود عرفة هي: نهاية الحرم وبداية الحِلِّ، وهي معروفة معلومة أجمع المسلمون عليها، إلا ما يُحكى من خلافٍ ضعيفٍ في نَمِرَة، حتى نَصَّ الفقهاء على أن مسجد إبراهيم وهو المسمَّى بـ"مسجد نَمِرة" ليس كله من عرفة، بل مُقدَّمُه من طرف وادي عُرَنَة وآخره في عرفات، قالوا: فمن وقف في مُقدَّمِه لم يصح وقوفه ومن وقف في آخره صح وقوفه.
وقد أجمع المسلمون على صحة الوقوف بأي جزءٍ من عرفة؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وَقَفْتُ هَا هُنَا، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» رواه مسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
وأجمعوا على أن من وقف خارج حدودها فإن حَجَّه باطلٌ، إلا ما يُروَى عن الإمام مالكٍ أن من وقف ببطن عُرَنة فحجه صحيح وعليه دم.
والصحيح عند المالكية أن بطن عُرَنة ليس من عرفة ولا من الحرم.
ونصَّ أهل العلم على أن من أخطأ الوقوف بعرفة فوقف خارجها بطل حَجُّه ووجب عليه القضاء، حتى لو اتفق ذلك للحجيج جميعًا؛ لأن ذلك مما يمكن التَّحرُّز منه، فلا يكون الخطأ عذرًا في إسقاط القضاء؛ فإذا أخطأ الحجيج في الموقف فوقفوا في غير عرفة لزمهم القضاء سواء كانوا جمعًا كثيرًا أم قليلًا؛ لأنَّ الخطأ في الموقف يؤمَن مثله في القضاء.
وعلى ذلك: فإنه لا يجوز توسيع رقعة عرفة خارج حدودها التي أجمع عليها المسلمون، خاصة وأن المطلوب من الحاج في هذا الركن هو مجرد الوجود في أي بقعة من عرفة: أرضها أو سمائها، قائمًا أو قاعدًا، راكبًا أو راقدًا، مستيقظًا أو نائمًا، وليس المطلوب الإقامة أو المكث، فالركن يحصل بمجرد المرور بها.
ويمكن التغلب على التدافع والتكدس في الزحام الشديد بالتنظيم الشامل لنفرة الحجيج ولو بإلزام الحجاج بمذهب من لا يشترط وقتًا معينًا للوقوف، تلافيًا للأضرار الناجمة في ذلك.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل مساعدة الفقراء أَولى من نافلة الحج؟ وما هو الأفضل بالنسبة للأغنياء: هل هو حج التطوع وعمرة التطوع، أو كفاية الفقراء والمساكين والمحتاجين وعلاج المرضى وسد ديون الغارمين وغير ذلك من وجوه تفريج كرب الناس وتخفيف آلامهم وسد حاجاتهم، وذلك في ظل ما يعيشه المسلمون من ظروف اقتصادية صعبة؟
ما حكم الذهاب للعمرة لمن لا تجد مَن يعتني بأطفالها؟ حيث أرغب في الذهاب للعمرة وعندي القدرة المالية لكن لا أجد مَن يعتني بأطفالي في وقت سفري؛ خاصة أن أحدهم ما زال في مدة الرضاع، ويصعب عليَّ اصطحابهم معي لصغر أعمارهم، فهل عليَّ إثم إن تخلفتُ عن العمرة في هذا العام، وهل الأفضل لي السفر أو البقاء لرعاية أولادي؟
هل يجوز لمَن حجّ عن آخر بعد وفاته الحصول على مال من تركته مساويًا لما أنفقه مقابل تأدية فريضة الحج نيابة عنه؟ وهل يختلف الأمر في حالة الوصية وعدمها؟
عندما قمت بالمناسك رأيت في الطواف أن الرجال يسرعون في بعض طوافهم دون النساء؛ فعلمت أن المرأة لا تَرْمُل في الطواف؛ فما الحكمة من عدم إسراع المرأة في طوافها؟
ما حكم قصر الصلاة في الحج؟ حيث وفقني الله تعالى للحج هذا العام، وكنت أظن أن الحجاج لا يقصرون الصلاة في الحج إلا الظهر والعصر في عرفة، والعشاء في مزدلفة، ثم وجدت كثيرًا من الحجاج يقصرون الصلاة في أيام منى وجميع أيام المناسك، فهل فعلهم هذا صحيح؟
سئل بإفادة واردة من وزارة الداخلية؛ صورتها: نحيط علم فضيلتكم أنه لما قامت الحرب الأوروبية في العام الماضي صار السفر إلى الحجاز صعبًا وطريقه غير مأمون للأسباب الآتية:
أولًا: عدم توفر الأسباب لسفر البواخر المخصصة لنقل الحجاج المصريين في ذهابهم وإيابهم، ولا يبعد أن يكون ذلك سببًا في تأخيرهم بالحجاز زمنًا ليس بالقليل، وفي ذلك مخاطرة على أنفسهم وعائلاتهم.
ثانيًا: صعوبة المواصلات الخاصة بنقل المواد الغذائية للأقطار الحجازية التي انبنى عليها عدم إرسال مرتبات الغلال التي كانت ترسلها الحكومة المصرية للحجاز سنويًّا، ولا يبعد أن يكون ذلك سببًا في وجود خطر على الحُجاج أثناء وجودهم في الأراضي المقدسة.
ثالثًا: عدم تمكُّن الحكومة بسبب العسر المالي من اتخاذ التدابير اللازمة لوقاية الحجاج المصريين من الأخطار التي تهدد حياتهم سواء كان من اعتداء أعراب الحجاز عليهم، أو من تأخيرهم مدة طويلة بتلك الجهات.
رابعًا: عدم تمكن الحكومة بسبب العسر المالي أيضًا من اتخاذ الاحتياطات الصحية التي كانت تتخذها في كل سنة لوقاية القطر من الأوبئة والأمراض المعدية التي ربما تفد مع الحجاج.
لذلك قد أخذت الوزارة في ذلك الوقت رأي فضيلة المفتي السابق عما يراه موافقًا للشرع الشريف من جهة الترخيص للحجاج المصريين بالسفر إلى الحجاز، فرأى فضيلته أنه يجوز للحكومة والحالة هذه إعطاء النصائح الكافية للحجاج المصريين بتأجيل حجهم للعام المقبل مثلًا حتى تزول الأخطار ويتوفر أمن الطريق الذي لا بد منه في وجوب الحج. وحيث إن الأسباب التي انبنى عليها هذا الرأي ما زالت موجودة بل زادت خطورة بدخول تركيا في الحرب، وقد آن موسم الحج الذي فيه تصدر وزارة الداخلية منشورها السنوي الخاص بسفر الحجاج المصريين؛ لذلك رأينا لزوم الاستمداد برأي فضيلتكم فيما يوافق الشرع الشريف في هذا الشأن.