كيف يكون التحريم بالرضاع؟ ومن يحرم على الرجل والمرأة بالرضاع؟

التحريم بالرضاع والمحرمون والمحرمات من الرضاع

الذي عليه الفتوى أن التحريم بالرضاع يثبت بخمس رضعات مشبعات متفرقات فأكثر في مدة الرضاع، وهي سنتان قمريتان من تاريخ الولادة، ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب بوجهٍ عام، سواء في حق الرجل أو المرأة؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» متفقٌ عليه.
التفاصيل ....قال تعالى في أثناء ذكر المحرمات من النساء: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ﴾ [النساء: 23] وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما".
والرضاع هو: وصول لبن امرأة، أو ما حصل من لبنها في جوف طفل بشروط.
ومن المقرر شرعًا أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، متى تم الرضاع في مدته الشرعية، وهي سنتان قمريتان من تاريخ الولادة؛ إذ بالإرضاع تصير المرضعة أمًّا من الرضاع لمن أرضعته، ويصير جميع أولادها –سواء من رضع معه أو قبله أو بعده– إخوة وأخوات له من الرضاع.
- عدد الرضعات المحرمة:
اختلفت كلمة الفقهاء في مقدار الرضاع المحرِّم، فذهب الإمام أبو حنيفة والإمام مالك والإمام أحمد في إحدى الروايات عنه إلى أن قليل الرضاع وكثيره في التحريم سواء، وذهب الإمام الشافعي والإمام أحمد في أظهر الروايات عنه، إلى أن الرضاع الموجب للتحريم هو ما بلغ خمس رضعات متفرقات فأكثر في مدة الرضاع سالفة الذكر، وهذا هو ما عليه الفتوى والعمل الآن في الديار المصرية.
- من يحرم بالرضاعة من النساء:
1- الأم من الرضاعة: وهي المرأة التي أرضعت الطفل خمس رضعات متفرقات؛ تصبح أمًّا له من الرضاعة، سواء أَرْضَعَت أحدًا معه أم لم تُرضِع.
2- البنت من الرضاعة: وهي الطفلة التي رضعت من الزوجة خمس رضعات متفرقات، ويكون لبن هذه الزوجة بسبب الزوج، فإن لم يكن بسببه لم تكن بنتًا له من الرضاعة.
3- الأخت من الرضاعة: وهي من اجتمعت مع الراضع على ثدي واحد، ولا يعني الاجتماعُ (الاجتماعَ الزمني)، بل أن تُرضِع امرأةٌ واحدة طفلًا وطفلةً خمس رضعات متفرقات، سواء أكانت هذه المرأة هي أمَّ الطفل، أمْ أمَّ الطفلة، أم امرأة أخرى أرضعتهما، وسواء رضع هذا الطفل في نفس الزمن الذي رضعت فيه هذه الطفلة، أو في غير ذلك الزمن، فالعبرة بالمرأة التي أرضعتهما، فلو رضع طفل من امرأة، ومرت سنوات، ثم رضعت طفلة من نفس المرأة خمس رضعات متفرقات، فهي أخت له من الرضاعة، وكذلك العكس.
4- الخالة من الرضاعة: وهي المرأة التي تعد أختًا لأمه من الرضاعة؛ بأن تجتمع هي وأمه على ثدي واحد، بالتفصيل المذكور سابقًا.
5- العمة من الرضاعة: وهي المرأة التي تعد أختًا لأبيه من الرضاعة؛ بأن تجتمع هي وأبوه على ثدي واحد بالتفصيل المذكور سابقًا.
6- بنت الأخت من الرضاعة: وهي المرأة التي رضعت من الأخت بالتفصيل المذكور سابقًا.
7- بنت الأخ من الرضاعة: وهي الطفلة التي تعد بنتًا للأخ من الرضاعة، بأن تُرضِع زوجتُه طفلةً خمس رضعات متفرقات، ويكون الأخ هو السبب في هذا اللبن الذي ترضعه هذه الطفلة.
- من يحرم بالرضاعة من الرجال:
يحرم على المرأة الأب من الرضاعة، والابن من الرضاعة، والأخ من الرضاعة، والخال من الرضاعة، والعم من الرضاعة، وابن الأخ من الرضاعة، وابن الأخت من الرضاعة.
- القاعدة في الرضاع:
قال الإمام النووي في "روضة الطالبين وعمدة المفتين" (9/ 15): [تَحْرِيمُ الرَّضَاعِ يَتَعَلَّقُ بِالْمُرْضِعَةِ، وَالْفَحْلِ الَّذِي لَهُ اللَّبَنُ، وَالطِّفْلِ الرَّضِيعِ، فَهُمُ الْأُصُولُ فِي الْبَابِ، ثُمَّ تَنْتَشِرُ الْحُرْمَةُ مِنْهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ.
أَمَّا الْمُرْضِعَةُ فَتَنْتَشِرُ الْحُرْمَةُ مِنْهَا إِلَى آبَائِهَا مِنَ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ، فَهُمْ أَجْدَادُ الرَّضِيعِ، فَإِنْ كَانَ الرَّضِيعُ أُنْثَى حَرُمَ عَلَيْهِمْ نِكَاحُهَا، وَإِلَى أُمَّهَاتِهَا مِنَ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ، فَهُنَّ جَدَّاتٌ لِلرَّضِيعِ، فَيَحْرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُهُنَّ إِنْ كَانَ ذَكَرًا، وَإِلَى أَوْلَادِهَا مِنَ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ، فَهُمْ إِخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ، وَإِلَى إِخْوَتِهَا وَأَخَوَاتِهَا مِنَ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ، فَهُمْ أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ، وَيَكُونُ أَوْلَادُ أَوْلَادِهَا أَوْلَادَ إِخْوَةٍ وَأَوْلَادَ أَخَوَاتٍ لِلرَّضِيعِ، وَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بَيْنَ الرَّضِيعِ وَأَوْلَادِ إِخْوَةِ الْمُرْضِعَةِ، وَأَوْلَادِ أَخَوَاتِهَا، لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ أَخْوَالِهِ وَخَالَاتِهِ.
وَأَمَّا الْفَحْلُ، فَكَذَلِكَ تَنْتَشِرُ الْحُرْمَةُ مِنْهُ إِلَى آبَائِهِ وَأُمَّهَاتِهِ، فَهُمْ أَجْدَادُ الرَّضِيعِ وَجَدَّاتُهُ، وَإِلَى أَوْلَادِهِ، فَهُمْ إِخْوَةُ الرَّضِيعِ وَأَخَوَاتُهُ، وَإِلَى إِخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ، فَهُمْ أَعْمَامُ الرَّضِيعِ وَعَمَّاتُهُ.
وَأَمَّا الْمُرْتَضِعُ، فَتَنْتَشِرُ الْحُرْمَةُ مِنْهُ إِلَى أَوْلَادِهِ مِنَ الرَّضَاعِ، أَوِ النَّسَبِ، فَهُمْ أَحْفَادُ الْمُرْضِعَةِ أَوِ الْفَحْلِ، وَلَا تَنْتَشِرُ إِلَى آبَائِهِ وَأُمَّهَاتِهِ وَإِخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ، فَيَجُوزُ لِأَبِيهِ وَأَخِيهِ أَنْ يَنْكِحَا الْمُرْضِعَةَ وَبَنَاتِهَا] اهـ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.