ما حكم المرأة التي تستعمل شريط منع الحمل اللاصق الذي يستمر على جسمها أسبوعًا ولا يمكنها نزعه قبل هذه المدة؛ لأنه سيفقد فعاليته بذلك؟ وكيف يُغسل الجزء الملصوق بعد ممارسة الجماع؟
يجوز للمرأة استعمال شريط منع الحمل اللاصق كوسيلة لمنع الحمل، ولا يؤثر هذا عند الغسل ما دامت اللصقة ذاتَ مَسَام تتشرب الماء، أما إن كانت مُصْمَتةً لا تُنفِذُ الماء لِمَا تحتها فيجزئ حينئذٍ المسح عليها كالجبيرة، فإن لم يتيسر ذلك فيمكنها أن تضع عليها شيئًا يحول بينها وبين الماء وتمسح عليه، ويكون هذا مجزئًا لها في غسلها وطهارتها.
المحتويات
يجوزُ للمرأة استعمال وسيلة لمنع حملها، ومنع الحمل له أغراض متعددة: فقد يكون للخوف على المرأة من الولادة وخطر الطلق؛ وقد يكون للحرج من كثرة الأولاد؛ وقد يكون للاحتراز من الحاجة إلى التعب في الكسب؛ وقد يكون لاستبقاء جمال المرأة وسَمْتها لدوام التمتع، إلى غير ذلك من الأغراض والنيات الباعثة على منع الحمل، وهي أغراض لم ينهَ الشرع عنها كما يقول حجة الإسلام الغزالي في "إحياء علوم الدين" (2/ 52 ط. دار المعرفة).
وهذه الأغراض ليست أمورًا تحسينية محضة، بل منها ما هو تحسينيٌّ في أصله حاجيٌّ في مآله، وهو ما يُعبِّر عنه الأصوليون بـ"مُكَمِّل الحاجي"، وهو ما لا يستقل حاجيًّا بنفسه، بل بطريق الانضمام فيكون في حكم الحاجي؛ كمحافظة المرأة على جمالها في قوام جسمها وعدم ترهله الذي تتوصل به إلى إعفافها وإحصانها بالنكاح، ومنها ما هو حاجي محض؛ كالحرج من كثرة الولد مع الضعف أو القعود عن القيام بأمورهم، ومنها ما هو ضروري؛ كالخوف على حياة المرأة من خطر الولادة بإخبار الطبيب المعتمد.
حينئذٍ فاستعمال وسائل منع الحمل ومنها هذه اللصقة هو من باب التَّطَبُّب الذي يُرفَع فيه الحرجُ عن المكلَّفين، فيكون لهذه اللصقة حينئذٍ حكمُ الجبيرة في جواز المسح عليها إذا أمكن ذلك، وفي جواز ترك المسح عليها إذا كان الماء يضر بها أو يؤخر بُرْءَ ما تحتها.
وقد عرَّف الفقهاء الجبيرة بأنها: اللزقة فيها الدواءُ توضع على الجرح ونحوه، أو على العين الرمداء.
ومن المقرر في الفقه أنه لا يشترط في الجبيرة التي يُشرَع المسحُ عليها أن تكون في الأمر الضروري الذي يُخشَى فيه الهلاكُ أو مقاربتُه، بل تكون أيضًا في الحاجيات التي يحصل بتركها العنت على المكلفين، يقول الإمام القرافي المالكي في "الذخيرة" (1/ 319): [قال في "الكتاب": يمسح على الدواء، والمرارة على الظفر، والقرطاس على الصدغ للضرورة، قال صاحب "الطراز": ولا يشترط في ذلك أن يكون الغسل مُتلِفًا، بل لمجرد الضرورة، أو خوف زيادة المرض، أو تأخير البرء] اهـ.
ونصَّ المالكية أيضًا على جواز المسح على الجبيرة في المرض الخفيف، بل وعلى المسح على العمامة إذا كانت زيًّا لأرباب المناصب وخيف من نزعها. ولا شك أنَّ الترخص للمرأة بالمسح على هذه اللصقة المستخدَمة لمنع الحمل أولى بالمشروعية من ذلك؛ لأن حاجتها إلى الرخصة حينئذٍ أشد مما ذُكِر.
يقول الشيخ الصاوي في "حاشيته على الشرح الصغير" في باب المسح على الجبيرة عند قول العلامة الدردير: [(إن خيف غسل محلٍّ، بنحو جرح كالتيمم، مسح)؛ أي إذا كان به جُرح بضم الجيم أو دمل أو جرب أو حرق ونحو ذلك، وخيف بغسله في الوضوء أو الغسل حدوث مرض أو زيادته أو تأخر برء -كما تقدم في التيمم- فإنه يمسح إن خيف وجوبًا هلاكٌ أو شدةُ ضرر؛ كتعطيل منفعة، وجوازًا إن خيف شدة الألم أو تأخره بلا شَيْن. (فإن لم يستطع فعلى الجبيرة، ثم على العصابة كقرطاس صدغ أو عمامة خيف بنزعها). قوله: (شدة الألم... إلخ): مراده المرض الذي لا يُعَطِّل منفعةً، وهو الذي عَبَّر عنه غيرُه بالمرض الخفيف، والشَّيْنُ: نقص المنفعة، وأما إن خاف بغسله مجرد المشقة، فلا يجوز المسح عليه. قوله: (خيف بنزعها) أي أو بفكها لكونه من أرباب المناصب الذين لهم زي في العمامة] اهـ بتصرف يسير.
كما أجاز الإمام أبو حنيفة في رواية عنه والمالكية في قول عندهم المسحَ على الخاتم مع عدم وصول الماء إلى ما تحته؛ قياسًا له على الخف الذي جاز المسح عليه لطول لبسه.
قال الإمام برهان الدين ابن مازه الحنفي في "المحيط" (1/ 7): [وإن كان في أصبعه خاتم إن كان واسعًا لا يجب تحريكه ولا نزعه، وإن كان ضيقًا ففي ظاهر الرواية قال أصحابنا رحمهم الله: لا بد من نزعه أو تحريكه. وروى الحسن عن أبي حنيفة، وأبو سليمان عن أبي يوسف ومحمد أنه لم يشترط النزع أو التحريك. وبين المشايخ اختلاف في هذا الفصل] اهـ.
وقال الإمام القرافي في "الذخيرة" (1/ 258): [الثامن: قال: في الخاتم ثلاثة أقوال: قال مالك في الواضحة: يحركه إن كان ضيقًا وإلا فلا، وقال ابن شعبان: يحركه مطلقًا، ولمالك في "الموازية": لا يحركه مطلقًا؛ لأنه يطول لبسه فجاز المسح عليه قياسًا على الخف. قال: وإذا جوزنا المسح عليه وكان ضيقًا فنزعه بعد وضوئه ولم يغسل موضعه لم يجزه إلا أن يَتَيَقَّن إصابة الماء لما تحته، وقد عُلِمَ الاختلافُ فيمن توضأ وعلى يده خيط من عجين] اهـ.
ولصقةُ منع الحمل تظل على جسد المرأة أسبوعًا أو نحوه، مع الحاجة الزائدة فيها عن مسألة الخاتم؛ كما نص الحنفية والمالكية على صحة طهارة مَن كان على ذراعه شيء يسير من العجين أو الطين أو الطلاء أو المداد الذي لا يصل الماء إلى ما تحته، إذا كانت طبيعة أعمالهم تقتضي ملابسة ذلك بحيث يشق عليهم الاحتراز منه؛ لأنه إذا ضاق الأمر اتسع، والمشقة تجلب التيسير.
قال صاحب "الفتاوى الهندية": [وفي "الجامع الصغير": سُئِلَ أبو القاسم عن وافر الظُّفر الذي يبقى في أظفاره الدَّرَنُ، أو الذي يعمل عمل الطين، أو المرأة التي صبغت إصبعها بالحناء، أو الصرام، أو الصَّبَّاغ. قال: كلُّ ذلك سواءٌ؛ يجزيهم وضوؤهم؛ إذ لا يُستطاعُ الامتناعُ عنه إلا بحرج، والفتوى على الجواز من غير فصلٍ بين المدني والقروي، كذا في "الذخيرة"، وكذا الخَبَّازُ إذا كان وافر الأظفار، كذا في "الزاهدي" ناقلًا عن "الجامع الأصغر"] اهـ.
وقال الإمام القرافي في "الذخيرة" (1/ 272-273): [حكى الباجي عن محمد بن دينار فيمن لصق بذراعيه قدر الخيط من العجين أو غيره لا يصل الماء إلى ما تحته: يصلي بذلك ولا شيء عليه؛ لأنه يعد في العرف غاسلًا؛ ولِمَا رواه الدارقطني "أنه عليه السلام صلى الصبح وقد اغتسل لجنابة، فكان بكفيه مثل الدرهم لم يصبه الماء، فقيل: يا رسول الله هذا موضع لم يصبه الماء، فسلت من شعره الماء ومسح ولم يُعِدِ الصلاة"، إلا أن الدارقطني ضعفه، وقياسًا على ذلك القدر من الرأس ومن بين الأصابع والخاتم، وقال ابن القاسم: يعيد الصلاة، فإن كان مما لا يمكن الاحتراز منه لم ينقل حكم الفرض إليه، قال مالك في "الموازية" فيمن توضأ وعلى يديه مداد فرآه بعد الصلاة لم يغيره الماء: إذا أَمَرَّ الماء عليه أجزأه ذلك إذا كان كاتبًا؛ فإنه رأى الكاتب معذورًا بخلاف غيره] اهـ.
ولا يخفى ما في كثير من وسائل منع الحمل من المشقة التي لا توجد في هذه اللصقة، ورغم توفر وسائل أخرى لمنع الحمل غير هذه اللصقة إلا أن استعمال هذه الوسيلة يحفظ المرأة من كشف عورتها الذي قد تستلزمه بقيةُ الوسائل، ولا شك أن ستر العورة واجب أكيد مقدَّم على كثير من الواجبات عند التعارض، فمسحُها في الغسل على لصقة منع الحمل التي لا يصل الماء إلى ما تحتها مقدَّمٌ على كشف عورتها أمام الأجانب، ولا يرتاب مَن يدرك مقاصد الشرع أن مَضَرَّةَ كشف العورة أشدُّ من عدم غسل هذا الجزء اليسير من جسمها.
وبعض النساء قد لا تتقبل أجسامهن هذه الوسائل فيصبح استعمالها حينئذٍ في حقهن متعينًا.
فإن أمكن المرأةَ استعمالُ غيرها من الوسائل فاستعمال هذه الوسيلة في حقها جائز أيضًا؛ لأنها تخلو من الأضرار التي قد تصيبها مِن جَرَّاء استعمالها لبقية الوسائل الأخرى، ورفعُ الضرر مقصدٌ شرعي يُتَرَخَّصُ مِن أجله في الطهارة، ثم إن استعمال هذه الوسيلة أيسر للمرأة وأكثر أمنًا لها وأقل كلفة عليها، وتلمس هذه المواصفات في التطبب والعلاج هي من مكملاته التي تحقق مقصوده.
من المقرر في قواعد الفقه أن "الإذنَ في الشيءِ إذنٌ في مُكَمِّلاتِ مَقْصودِه"، كما يقول الإمام أبو الفتح ابن دقيق العيد في "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام" (479 ط. مؤسسة الرسالة).
بناءً على ذلك: فإنه يجزئ حينئذٍ مسحُ لصقة منع الحمل بالماء إن أمكن؛ إلحاقًا لها بالجبيرة، فإن لم يتيسر ذلك وأرادت المرأةُ التحرُّزَ مِن عدم وصول الماء إلى اللصقة نفسها فيمكنها أن تضع عليها شيئًا يحول بينها وبين الماء وتمسح عليه، ويكون ذلك مجزئًا لها في غسلها وطهارتها.
هذا كله إذا كانت اللصقةُ مُصْمَتةً لا تُنفِذُ الماء لِمَا تحتها، أو ذاتَ مَسَامٍّ ولكن غسلها يلغي فاعلية ما فيها من الدواء.
أما إذا كانت ذاتَ مَسَام تتشرب الماء من غير أن يكون ذلك مُلْغِيًا لفاعلية الدواء، فلا إشكال في جوازها؛ لأنها إذا غُسِلَتْ وتشربت الماء كان ذلك غسلًا لِمَا تحتها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائلة تقول: هل يجوز للمرأة تناول أدوية لمعالجة تأخر نزول الحيض خلال مدة العدة، وذلك بما يتوافق مع عادتها ولا يؤثر عليها؟
كيف يكون الجواب على من يعترض على مشاركة المرأة في الأعمال المجتمعية والسياسية، ويحاول تهميشها وعزلها عن دورها الحقيقي في بناء المجتمع؟
ما هو الرأي المعتمد عند الحنفية بخصوص دخول النساء للمساجد من أجل الصلاة؟ هناك مجموعة من متبعي المذهب الحنفي في بريطانيا يقولون: إن ذهاب النساء للمساجد مكروه كراهة تحريم. وبناءً عليه فإنهم لا يخصصون مساحات للنساء في المساجد، فهل يجوز ذلك؟
ما حكم الإجهاض بعد نفخ الروح مع وجود خطورة على الأم وتشوهات بالجنين؟ فزوجتي تبلغ من العمر تسعة عشر عامًا، وهي حامل في منتصف الشهر السادس، وقد اكتشفنا أن حملها غير طبيعي من بداية الحمل؛ حيث أظهرت أشعة الموجات فوق الصوتية وجود توءمين أحدهما حي والآخر ميت، وتابعنا الحمل حتى اختفى التوءم الأخير واستمر التوءم الحي، ومنذ شهر تقريبًا اكتشفنا بواسطة أشعة الموجات الصوتية رباعية الأبعاد وجود استسقاء مائي كبير ومطرد بالجمجمة نتيجة ورم حميد بالمخ أدى إلى تضخم حجم جمجمة الجنين مع ضمور شبه كامل بالمخ، وأكد لنا الأستاذ الدكتور الذي يتابع الحالة وهو أستاذ التوليد والنساء بكلية طب عين شمس، والذي أجرى الأشعة، ضرورةَ إنهاء الحمل على الفور؛ حيث إن استمراره للنهاية قد يؤدي إلى تضخم الرأس بشكل كبير يصعب معه الولادة الطبيعية إضافة إلى أنَّ فرص بقاء الجنين حيًّا بعد الولادة منعدمة نظرًا لضمور المخ ضمورًا شبه كلي، وقد استشَرتُ اختصاصي الأمراض العصبية وأكد لي صعوبة بقاء الطفل وصعوبة إنقاذه حال ولادته مبكرًا في سبعة أشهر؛ لعدم وجود المخ القادر على القيام بالوظائف الحيوية والحركية وخلافه. إضافة إلى أن شقيقتي وهي طبيبة أمراض توليد ونساء متخصصة في رعاية الأجنة بكلية طب عين شمس أفادتني بخطورة استمرار الحمل حتى النهاية لاحتمالية تأثير الجمجمة المتضخمة على الأم، وقد يؤدي إلى نزيف رحمي حاد قد يؤدي إلى استئصال الرحم لا قدر الله، وزوجتي صغيرة في السن، ولم يُنعم علينا المولى — عز وجل — بنعمة الإنجاب بعدُ، إضافةً إلى خطورة ذلك على الأم. فما الحكم الشرعي في الإجهاض في هذه الحالة؟
ظهر حديثًا تقنية جديدة تستخدمها بعض النساء لتجميل الحاجبين تسمى بـ"المايكروبليدنج" (MICROBLADING)، تعتمد على رسم ظاهري للحواجب على الطبقة الخارجية للجلد، بواسطة حبرٍ خاص لا يتسرَّب إلى أعماق البشرة، حيث يقوم المختصُّ بملء الفراغات وتحديد الشكل من دون إزالة الشعر الطبيعي، يتم ذلك بواسطة قلم مخصص للرسم على منطقة الحاجب، وتستخدم هذه التقنية لمعالجة عيوب الحواجب، كالعيوب الخلقية أو قلة كثافة الحاجبين أو تساقطهما الناتج عن أسباب مرضية أو غير مرضية، كما يمكن استخدام هذه التقنية كنوع من الزينة كتغيير لون الحاجبين أو لإعطائهما مظهرًا أفضل، ويستمر هذا الرسم أو اللون مدة قد تصل إلى سنة، فما حكم استخدام هذه التقنية؟
ما حكم الغسل بعد عملية التلقيح الصناعي؟ فهناك طبيبة تسأل: أجريت اليوم عملية تلقيح صناعي لإحدى الزوجات، وفيها يتم تجهيز عينة من السائل المنوي للزوج وحقنها في رحم الزوجة، وأثناء ذلك سألتني: هل يلزمها الغُسل بعد حقن السائل المنوي كغُسل الجنابة؟