يقول الله تعالى في سورة النور: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [النور: 4]، ولقد عرَّف الله لنا الفاسقين بأنهم حسب ما جاء في سورة البقرة [27]: ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾. فما هي علاقة خطيئة الزنا بنقض العهد مع الله؟ وما الفرق بين التعريفين؟
علاقة خطيئة الزنا بنقض العهد مع الله
علاقة خطيئة الزنا بنقض العهد مع الله واضحةٌ جليةٌ؛ لأن رب العزة جل علاه أخذ على بني آدم حين استخرجهم من ظهر آدم عهدًا وطلب منهم المحافظة على عهدهم مع ربهم وأوصاهم وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته، وذلك واضح من قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ [الأعراف: 172]، فإذا خالف بنو آدم أمر الله ولم ينفذوا ما أمرهم به وارتكبوا خطيئة الزنا فإنهم بذلك قد نقضوا عهدهم مع ربهم.
والميثاق هو العهد المؤكد باليمين، وللعلماء في معنى العهد أقوال يحسن الرجوع إليها. راجع: "تفسير القرطبي" (ص 211، ط. دار الشعب).
ولما كان الذين يرمون المحصنات ويقذفونهنَّ دون أن يكون لهم دليلٌ على صحة دعواهم يستحقون الجلد، وتُرفض ولا تُقبل لهم شهادة، وكانوا خارجين عن طاعة الله تعالى، ناسبَ الإتيان بكلمة الفسق الذي هو خروج عن طاعة الله عز وجل، ولما كان نقض العهد مع الله من بعد توكيده وقطع ما أمر الله به أن يوصل والإفساد في الأرض يُعد ضلالًا وهلاكًا، ناسب أن يأتي بكلمة الخسران الذي هو الضلال والهلاك، وهذا هو الفرق بين التعريفين.
والله سبحانه وتعالى أعلم.