هل يمكن زواج مسلمة من رجل يعتنق الدين البهائي حتى ولو كان عقد الزواج عقدًا إسلاميًّا؟ إذا كان الجواب بالرفض، فلماذا؟
حكم زواج المسلمة ببهائي
لا يَحِلُّ لمسلمة أن تتزوج من رجل يَعتَنِقُ المذهب البهائي، والعقد إن تَمَّ يكون باطلًا شرعًا، والمُعاشرة تكون زنًا مُحَرَّمًا؛ لأنَّ البهائية مَزِيجٌ من أخلاط الديانات الوثنية واليهودية والمسيحية والإسلام واعتقادات الباطنية، والبهائيون لا يؤمنون بالبعث بعد الموت ولا بالجنة ولا بالنار، ولقد ادَّعَى زعيمُهم الأول أنه أفضل من رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأن كتابه "البيان" أفضل من القرآن، وأنه خاتم النبيين، وبهذا: فمعتنق هذا المذهب ليس من المسلمين.
التفاصيل ....المحتويات
- تعريف الطائفة البهائية وتاريخها
- فساد العقيدة البهائية ومخالفتها للشريعة الإسلامية
- موقف الإسلام ممن اعتنق البهائية
- الخلاصة
تعريف الطائفة البهائية وتاريخها
إن البهائية أو البابية طائفة منسوبة إلى رجل يدعى ميرزا علي محمد الملقب بالباب، وقد قام بالدعوة إلى عقيدته في عام 1260هـ/ 1844م مُعلنًا أنَّه يَسْتهدف إصلاح ما فسد من أحوال المسلمين وتقويم ما اعوَجَّ من أمورهم، وقد جهر بدعوته بشيراز في جنوب إيران وتبعه بعض الناس فأرسل فريقًا منهم إلى جهات مختلفة من إيران للإعلام بظهوره وبَثِّ مَزَاعِمِه التي منها أنه رسول من الله، ووَضَع كتابًا سَمَّاه "البيان" ادَّعَى أنَّ ما فيه شريعة مُنَزَّلة من السماء وزعم أنَّ رسالته ناسخة لشريعة الإسلام، وابتدع لأتباعه أحكامًا خالف بها أحكام الإسلام وقواعده؛ فجعل الصوم تسعة عشر يومًا، وعيَّن لهذه الأيام وقت الاعتدال الربيعي بحيث يكون عيد الفطر هو يوم النيروز على الدوام، واحتسب يوم الصوم من شروق الشمس إلى غروبها، وأورد في كتابه "البيان" في هذا الشأن عبارة [أيام معدودات وقد جعلنا النيروز عيدًا لكم بعد إكمالها] وقد دعا مؤسس هذه الديانة إلى مؤتمر عُقِدَ في بادية بدشت في إيران عام 1264هـ/ 1848م أفصح فيه عن خطوط هذه العقيدة وخيوطها، وأعلن خروجها وانفصالها عن الإسلام وشريعته، وقد قاوم العلماء في عصره هذه الدعوة وأبانوا فسادها وأفتوا بكفره، واعتقل في شيراز ثم في أصفهان، وبعد فِتن وحروب بين أشياعه وبين المسلمين عُوقِبَ بالإعدام صلبًا عام 1265هـ، ثم قام خليفتُه ميرزا حسين علي الذي لَقَّبَ نَفْسَه (بهاء الله) ووضع كتابًا سماه "الأقدس" سار فيه على نسق كتاب "البيان" الذي ألَّفه زعيم هذه العقيدة ميرزا علي محمد، ناقض فيه أصول الإسلام، بل ناقض سائر الأديان وأهدر كل ما جاء به الإسلام من عقيدة وشريعة، فجعل الصلاة تسع ركعات في اليوم والليلة، وقِبْلَة البهائيين في صلاتهم التَوجُّهُ إلى الجهة التي يوجد فيها ميرزا حسين المسمى بهاء الله، فقد قال لهم في كتابه هذا: إذا أردتم الصلاة فولوا وجوهكم شطري الأقدس، وأَبْطَل الحج، وأوصى بهدم بيت الله الحرام عند ظهور رجل مُقْتَدر شجاع من أتباعه، وقال البهائية بمقالة الفلاسفة من قبلهم، قالوا بقدم العالم: عَلِمَ بهاء أن الكون بلا مبدأ زمني فهو صادر أبدي من العلة الأولى، وكان الخلق دائمًا مع خالقهم وهو دائمًا معهم.
فساد العقيدة البهائية ومخالفتها للشريعة الإسلامية
مُجْمَل القول في هذا المذهب البهائية أو البابية أنَّه مذهب مَصْنُوع مَزِيج من أخلاط الديانات البوذية والبرهمية والوثنية والزرادشتية واليهودية والمسيحية والإسلام ومن اعتقادات الباطنية.
والبهائيون لا يؤمنون بالبعث بعد الموت ولا بالجنة ولا بالنار، وقَلَّدوا بهذا القول الدهريين، ولقد ادَّعَى زعيمهم الأول في تفسير له لسورة يوسف أنه أفضل من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفضل كتابه "البيان" على القرآن، وهم بهذا لا يعترفون بنبوة سيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه خَاتَم النبيين وبهذا ليسوا من المسلمين؛ لأن عامة المسلمين كخاصتهم يؤمنون بالقرآن كتابًا من عند الله، وبما جاء فيه من قول الله سبحانه: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب: 40]، وقد ذكر العلامة الألوسي في تفسيره لهذه الآية: [أنَّه قد ظهر في هذا العصر عصابة من غُلاة الشيعة لقبوا أنفسهم بـ"البابية"؛ لهم في هذا فصول يحكم بكفر مُعْتَقِدها كل من انتظم في سلك ذوي العقول]، ثم قال الألوسي: [وكونه صلى الله عليه وآله وسلم خاتم النبيين مما نَطَق به الكتاب وصَدَعت به السنة وأجمعت عليه الأُمَّة، فيكفر مُدَّعِي خلافه ويُقتل إن أصَرَّ] اهـ.
موقف الإسلام ممن اعتنق البهائية
أجمع المسلمون على أن العقيدة البهائية أو البابية ليست عقيدة إسلامية، وأنَّ من اعتنق هذا الدين ليس من المسلمين، وصُيِّر بهذا مُرتدًّا عن دين الإسلام، والمُرتد هو الذي ترك الإسلام إلى غيره من الأديان؛ قال الله سبحانه: ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: 217]، واتفق أهل العلم على أن المرتد عن الإسلام إن تزوج لم يَصح تزوجه ويَقع عقده باطلًا سواء عقد على مسلمة أو غير مسلمة؛ لأنه لا يُقَر شرعًا على الزواج.
الخلاصة
لما كان ذلك: فإذا كان الشخص المسؤول عنه قد اعتنق البهائية دينًا كان بهذا مُرتدًّا عن دين الإسلام، فلا يحل للسائلة وهي مسلمة أن تتزوج منه، والعَقد إن تم يكون باطلًا شرعًا والمعاشرة الزوجية تكون زنًا مُحَرَّمًا في الإسلام: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: 85].
والله سبحانه وتعالى أعلم.