الأربعاء 10 ديسمبر 2025م – 19 جُمادى الآخرة 1447 هـ

حكم التبرع بالدم وثوابه

تاريخ الفتوى: 15 فبراير 2005 م
رقم الفتوى: 631
من فتاوى: فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد
التصنيف: الطب والتداوي
حكم التبرع بالدم وثوابه

ما حكم التبرع بالدم وثوابه؟

لا مانع شرعًا من التبرع بالدم إذا اقتضت الضرورة ذلك، بشرط أن يكون مُحَقِّقًا لمصلحةٍ مُؤكدةٍ للإنسان، وألَّا يؤدي إلى ضررٍ على المتبرِّع كليًّا أو جزئيًّا، وأن يتحقق خُلُوُّه من الأمراض الضارة، وأن يكون كامل الأهلية.

وللمتبرِّع ثوابٌ عظيمٌ وجزاءٌ جزيلٌ على تبرعه هذا؛ لقوله تعالى: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ [الرحمن: 60]، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» رواه أبو داود وغيره.

المحتويات

 

من مظاهر تكريم الله للإنسان خلقه في أحسن صورة

إن الله سبحانه وتعالى كرم الإنسان وفضله على كثير من خلقه، ونهى عن ابْتِذَال ذاته ونفسه والتعدي على حُرُمَاتِه، وكان من مقاصد الشريعة الإسلامية حفظ النفس؛ يقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء: 70].

ومن مظاهر التكريم خَلْقُ اللهِ للإنسان في أحسن صورة وأجملها واعتبار ذلك نعمة من الله على الإنسان، فيجب على الإنسان أن يشكر الله عليها؛ يقول تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: 4].

ومن مَظَاهِر تكريم الله للإنسان أنه اعتبر جسده أمانة ائتمنه عليها، فلا يجوز لأحدٍ أن يتصرف فيه بما يَسوءه أو يُرديه، حتى ولو كان هذا التصرف من صاحب هذا الجسم نفسه.

ولذا حَرَّمت الأديانُ السماويةُ والقوانينُ إتلافَ البدن وإزهاقَ الروح عن طريق الانتحار أو ما يؤدي إليه؛ يقول تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29].

من مظاهر تكريم الله للإنسان أمره بإصلاح جسده

من مظاهر تكريم الله للإنسان أنه أمره بالاهتمام بإصلاح جسده ظاهرًا وباطنًا، وأمره باستعمال كل وسائل العلاج التي تُؤدي إلى شفائه من مرضه؛ فقد أخرج ابن ماجه في "سننه" عن أسامة بن شريك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «تدَاوَوْا عِبَادَ اللهِ؛ فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلا وَضَعَ مَعَهُ شِفَاءً إِلا الْهَرَمَ»، وفي رواية أخرى للطبراني: «إلا السام» أي الموت.

فالشريعة الإسلامية قد كرَّمت الإنسان تكريمًا عظيمًا، وأَمَرَتْهُ بالمحافظة على نفسه وجسده من كل ما يُهْلِكه أو يُسوءه، ونَهت عن قتله أو إنزال الأذى به؛ فلا يجوز له أن يتصرف في جسده تصرفًا يُؤدي إلى إهلاكه أو إتلافه؛ لأن كل إنسانٍ وإن كان صاحب إرادة - فيما يَتعلق بشخصه - إلا أنها مُقَيَّدة بالحدود التي شرعها الله تبارك وتعالى في قوله: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: 195]، وقوله سبحانه: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29].

والإنسان مُطالَبٌ بالمحافظة على بدنه وجميع أعضائه، والدم سائل حيوي من سوائل الجسم، وقد اقتضت طبيعته أن يكون عضوًا سائلًا متحركًا يَجري داخل أوردة الجسم وشُعَيْرَاتِه، فلا يُعرِّض نفسه لأي أذًى بأي حال من الأحوال.

حكم التبرع بالدم

التبرع بالدم إن كان يُنقذ إنسانًا من هلاك محقق وأقرَّ أهل الخبرة من الأطباء العدول أن ذلك لا يضر مَن تبرع، ولا يُؤثر على صحته وحياته وعمله، فلا مانع من الترخيص في ذلك إن خلا من الضرر، ويُعد ذلك من باب الإذن الشرعي الذي فيه إحياء للنفس التي أمر الله بإحيائها، ومن باب التضحية والإيثار، وهو ما أمر به القرآن: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر: 9].

وقياس ذلك إنقاذ الغَرْقَى والحَرْقى والهدمى مع احتمال الهلاك عند الإنقاذ، يقول تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2].

وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن التبرع بالدم لا مانع منه شرعًا، خاصة أن الدم عضو مُتجدد، بل دائم التجدد والتغير، وذلك بالضوابط والشروط الآتية:

1- وجود ضرورة قُصْوى عند التبرع، كأن يكون بعض الناس أو الأفراد في حاجة ماسة إلى كميات من الدم لإنقاذ حياتهم من الهلاك أو الإشراف على الهلاك؛ كالحوادث والكوارث والعمليات الجراحية.

2- أن يكون التبرع بالدم مُحَقِّقًا لمصلحة مُؤكدة للإنسان من الوجهة الطبية، ويَمنع عنه ضررًا مؤكدًا.

3- أن لا يؤدي التبرع بالدم إلى ضرر على المُتَبَرع كليًّا وجزئيًّا، أو يمنعه من مزاولة عمله في الحياة ماديًّا أو معنويًّا، أو يؤثر عليه سلبًا في الحال أو المآل بطرق مؤكدة من الناحية الطبية.

4- أن يتحقق بالطرق الطبية خلو المُتَبَرِّع بالدم من الأمراض الضارة بصحة الإنسان؛ لأنه لا يجوز شرعًا دفع الضرر بالضرر.

5- أن يكون المتبرع بالدم إنسانًا كامل الأهلية.

ثواب التبرع بالدم

أما عن ثواب المتبرِّع فإن القادر الصحيح إذا أعطى الدم لمريض في حاجة ماسة إليه استحقَّ من الله تعالى ثواب ما أعطى وجزاء ما قدَّم بإنقاذه من مهلكة أو برفعة درجاته، أو بحط سيئاته؛ قال تعالى: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ [الرحمن: 60]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ وَلا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه البخاري، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ سَتَرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي. ومما ذُكر يعلم الجواب.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل يجب الصيام على مريض الزهايمر، أو يجوز له أن يُفطر؟ وهل يجب عليه القضاء إذا أفاق؟


ما حكم أخذ حقنة التطعيم في العضل للصائم في نهار رمضان؟


ما مدى مشروعية التداوي بالحجامة؟ فنظرًا للَّغطِ الشديد الذي نحن فيه فيما يتعلق بالتداوي بالحجامة، ونظرًا لأن هذا النوع من التداوي شاع في الفترة الأخيرة في العالم الغربي والشرقي على السواء، مما يجعلنا نفخر بأن نبينا وحبيبنا وطبيبنا محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم قد أوصى بهذا النوع من التداوي من 1400 سنة، والذي ينظر إليه العالم الآن ليس فقط بواقع طبي ولكن أيضًا نظرة مستقبلية.
وعليه: فإننا نود أن تفيدنا سيادتكم بالرؤية الإسلامية في موضوع الحجامة.
أولًا: مشروعية التداوي بها، وهل هو تداوٍ أفناه الدهر رغم استخدام الأوروبيين والأمريكان له، أم ما زال قائمًا؟
ثانيًا: هل يفضل أن يجريه العامة أم الأطباء بما لهم من مقدرة على التشخيص وإصابة الداء بالدواء المناسب ومراعاة ظروف التعقيم المناسبة؟
ثالثًا: إذا كان العالم الغربي اهتم بهذا النوع من التداوي وأصبح له مدارسه، وإذا كانت السُّنَّة واضحة فيه، فما هو حكم قيام السلطة في دولة إسلامية باستهجان هذا الأسلوب العلاجي الراقي الذي أوصى به نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وله قوانينه الحديثة المنظمة لهذا النوع من العلاج؟


ما حكم الغسل بعد عملية التلقيح الصناعي؟ فهناك طبيبة تسأل: أجريت اليوم عملية تلقيح صناعي لإحدى الزوجات، وفيها يتم تجهيز عينة من السائل المنوي للزوج وحقنها في رحم الزوجة، وأثناء ذلك سألتني: هل يلزمها الغُسل بعد حقن السائل المنوي كغُسل الجنابة؟


ما حكم لبس قناع الوجه الطبي (Face Shield) للرجل المُحرم؛ توقيًا من الإصابة بالأوبئة والأمراض، خصوصًا إذا ثبت خطرها وإمكان انتقالها عن طريق العدوى؟ علمًا بأن هذا القناع شفافٌ، ويُثَبَّتُ بحاملٍ أعلى الجبهة وعلى جانبي الرأس، ولا يكون ملاصقًا للوجه.


ما حكم حقن الجلوكوز للصائم في نهار رمضان دون الحاجة إليها؟ فأحد زملائي في الشركة التي أعمل بها عنده مرض مزمن، وكثيرًا ما يشعر بدوار يفقده تركيزه أثناء وقت العمل، مما يضطره أحيانًا أن يذهب إلى المستشفى، حيث يقوم الأطباء بتعليق محلول الجلوكوز وحقنه به في الوريد ليسترد حالته الصحية وتركيزه بشكل جيد، وقد دخل علينا شهر رمضان الكريم، والصيام قد يؤثر عليه بشكل كبير، مما دفعه إلى أخذ حقن الجلوكوز صباحًا أثناء الصيام دون حاجة إلى ذلك، لكنه يفعل ذلك من باب الاحتياط وتجنبًا لحصول مضاعفات له بسبب الصيام تمنعه من إتمام عمله، فهل تلك الحقن في نهار رمضان تفطر أو لا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 10 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :8
الشروق
6 :40
الظهر
11 : 48
العصر
2:37
المغرب
4 : 55
العشاء
6 :18