السؤال عن اشتراط قبض الثمن عند مبادلة الذهب القديم أو الكسر بالذهب الجديد؛ هل يشترط قبض ثمن الذهب القديم أولًا بحيث يبيع التاجر الذهب القديم ويقبض ثمنه في يده ثم يشتري بعد ذلك الذهب الجديد ويدفع ثمنه؟ أم أن ذلك لا يشترط؟
لا مانع شرعًا من مبادلة الذهب القديم أو الكسر بالذهب الجديد مع الاقتصار على دفع الفرق بينهما دون اشتراط أخذ ثمن القديم أولًا ثم دفع ثمن الجديد؛ لأن النهي الوارد في السنة عن بيع الذهب بالذهب إنما هو لعلة النقدية وكونه وسيطًا للتبادل، فإذا ارتفعت عنه علة النقدية وكان مصوغًا أخذ حكم السلعة فجاز فيه المبادلة والتفاضل والبيع الآجل.
ورد النهي النبوي عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة نسيئةً أو متفاضلًا في عدة أحاديث؛ منها حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلا الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ إِلا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلا تُفَضِّلُوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ» رواه البخاري؛ وذلك لعلةِ النقدية وكونهما أثمانًا -وسيطًا للتبادل-.
أما الذهب والفضة المصُوغان فإنهما خرجا بذلك عن كونهما أثمانًا -وسيطًا للتبادل- وانتفت عنهما علة النقدية التي توجب فيهما شرط التماثل وشرط الحلول والتقابض، ويترتب عليها تحريمُ التفاضل وتحريم البيع الآجل، فصارَا كأيِّ سلعة من السلع التي يجري فيها اعتبار قيمة الصنعة وهي هنا الصياغة؛ إذ من المعلوم أن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، وهذا مذهب الحافظ ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما، وهو منقول عن معاوية رضي الله عنه وأهل الشام، ونُقِلَ أيضًا عن الإمام مالك، وذكره ابن قدامة عن الحنابلة؛ حيث جوَّزوا إعطاء الأجر على الصياغة، وعمل الناس عليه كما في "الإنصاف" للمرداوي، وهذا كله بشرط أن لا تكون الصياغة محرَّمة؛ كالمشغولات الذهبية التي من شأنها أن لا يلبسها إلا الذكور من غير أن تكون لهم رخصة فيها.
قال ابن القيم في "إعلام الموقعين": [الحلية المباحة صارت بالصنعة المباحة من جنس الثياب والسلع، لا من جنس الأثمان، ولهذا لم تجب فيها الزكاة، فلا يجري الربا بينها وبين الأثمان كما لا يجري بين الأثمان وبين سائر السلع، وإن كانت من غير جنسها، فإن هذه بالصناعة قد خرجت عن مقصود الأثمان وأعدت للتجارة، فلا محذور في بيعها بجنسها] اهـ.
وبناءً على ما سبق: فإنه لا مانع شرعًا من مبادلة الذهب القديم أو الكسر بالذهب الجديد أو المصوغ مع الاقتصار على دفع الفرق بينهما دون اشتراط أخذ ثمن القديم أولًا ثم دفع ثمن الجديد بعد ذلك؛ حيث ارتفعت عنه علة النقدية وتحقق فيه معنى الصنعة والصياغة التي تجعله كأي سلعة من السلع التي لا يحرم فيها التفاضل ولا البيع الآجل.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم إخفاء درجة جودة السلعة عند بيعها؟ فأنا أعمل تاجرًا في مجال قطع الغيار، ومن المعروف عني أني لا أتاجر إلا في السلع عالية الجودة، لكن في الآونة الأخيرة وبسبب عدم توفر سيولة مالية كبيرة لن أتمكن من الاستمرار في ذلك، فهل يجوز لي التعامل في السلع متوسطة القيمة والجودة، فأبيعها على كونها ذات جودة عالية لكن بسعر منخفض؟ مع العلم بأني لن أُعلم المُشتري بطبيعة هذه السلع.
ما حكم بيع شهادة الاستثمار على أن يدفع صاحبها قيمتها إلى المشتري مع أرباحها؟ فهناك رجلٌ يمتلك شهادة استثمار بأحد البنوك، واحتاج مبلغًا من المال، ولا يمكن فك الشهادة إلا بعد عام كامل، ويرغب في الاتفاق مع أحد الأشخاص على أن يبيع له هذه الشهادة بمقابل مادي على أن يدفع قيمتها إليه مع أرباحها عند فكها. فهل تصح هذه المعاملة شرعًا؟
ما معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما طُلِب منه التسعير: «إنَّ اللهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ، الْقَابِضُ، الْبَاسِطُ، الرَّازِقُ..» إلخ الحديث؟ وهل هناك في التسعير ما هو ظلم محرّم، وما هو عدل جائز؟ وما هو رأي الشرع في مسألة السعر أو التسعيرة؟ وهل رفع السعر حرام أم جائز؟ وإذا كان في التسعير مصلحة عامة للأمة فهل يجوز شرعًا لولي الأمر أن يضبط الأسعار بنفسه؟ وما هي حدود تدخله؛ هل ذلك مطلَق له في أي وقت، أم أن تدخله في حالة الخلل فقط؟
ما حكم حرق البضاعة من أجل الحصول على المال؟ مثل شراء سلعة بالتقسيط وبيعها في نفس الوقت للحصول على سيولة مالية؟ حيث ظهر في هذه الأيام ما يسمّونه بـ"حرق البضائع" وهي طريقة بيع يلجأ إليها البعض للحصول على سيولة مالية، وصورته: أن يشتري من التاجر سلعة معينة بالتقسيط، ثم يبيعها لذات التاجر بسعر حالٍّ معجل، لكنه أقل؛ رغبة في توفير سيولة نقدية لقضاء بعض الحوائج الحياتية أو التجارية، فهل هذا جائز؟
وهل هذه المعاملة هي العِينَة التي ورد النهي عنها في السنة المشرفة؟
وهل يختلف الأمر لو كان المشتري للسلعة ثانيًا ليس هو بائعها الأول؟
ما حكم بيع العين المستأجرة؟ فهناك رجلٌ اشترى شقة مِن أحد الناس، وكانت هذه الشقةُ مؤجَّرَةً، وقد بقي على انتهاء عقد الإيجار سنةٌ كاملةٌ (إيجار جديد)، وقد أَعْلَمَ البائعُ المشتريَ قبل تمام البيع بالإجارة ومُدتها، فهل يصح بيع العَيْن المؤجرة (الشقة) أثناء سريان عقد الإيجار؟ وإذا جاز، فهل يحق للمشتري أن يُخرج المستأجِرَ مِنها باعتبارها مِلكًا له وأنه لا علاقة له بعقد الإيجار الذي كان بينه وبين المالِك القديم؟
ما حكم الرجوع في البيع لعدم سداد باقي الثمن؟ حيث أن جمعية زراعية خصَّصت للسائل مساحةَ أرض زراعية مقدارها عشرون فدانًا، ومساحة أخرى للبناء ومقدارها سبعمائة وثمانية وعشرون مترًا مربعًا وذلك سنة 1978م، وقد باعها السائلُ لإحدى السيدات سنة 1983م مقابل مبلغ قدره ثلاثون ألف جنيه قامت بسدادها المشترية كاملة، وقامت بالتوقيع على العقد بحضور زوجها، وضمن نصوص العقد المحرر بينهما أنه على المشترية الالتزام بالتقدم للجمعية لاستكمال إجراءات تثبيت الملكية وكذلك سداد الأقساط التي تطالب بها الجمعية، إلا أنه فوجئ باستمرار الجمعية في مخاطبته كمالكٍ ومطالبته بالأقساط المتأخرة حتى بلغت اثني عشر ألفًا وثمانمائة وثلاثين جنيهًا، ثم تسلم إنذارًا من الجمعية أخيرًا بسداد المبلغ المتبقي وإلا اعتبر العقد مفسوخًا مع الالتجاء إلى القضاء، علمًا بأن المشترية قد اختفت.
والسؤال الذي يطرحه السائل: هل يقع عليَّ ذنبٌ لو تصرفت ببيع الأرض لسداد مستحقات الجمعية واسترداد ما سبق سداده إلى الجمعية قبل البيع والاحتفاظ للمشترية بالمبلغ الذي سبق لها سداده عند الشراء وهو الثلاثون ألفًا يضاف إليها قيمة الأرباح المستحقة طول الفترة السابقة، أم أترك الأرض بصورتها الصحراوية للجمعية وأنهي العلاقة معها دون مسؤولية أدبية من جانبي عن ضياع أموال المشترية؟