ما الحكمة من ذهاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المسجد من أول قدومه من السفر؟

البدء بدخول المسجد عند القدوم من السفر

يُسَنُّ لمن قدم من السفر أن يأتي المسجد ويصلي ركعتين؛ لما روي عن كعب رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا قَدِم من سفرٍ ضُحًى دخل المسجد فصلى ركعتين قبل أن يجلس" أخرجه البخاري في "صحيحه".
وذكر الإمام ابن الحاج المالكي رحمه الله تعالى عدة فوائد من أجلها كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يبتدئ بالمسجد إذا قدم من سفره؛ فقال رحمه الله تعالى في "المدخل" (2/ 185، ط. دار التراث): [كَانَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ، وَذَلِكَ لِفَوَائِدَ؛ أَحَدُهَا: أَنْ يَبْدَأَ بِزِيَارَةِ بَيْتِ رَبِّهِ وَبِالْخُضُوعِ لَهُ فِيهِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَمِنْهَا أَنْ يُفَضِّلَ مَا هُوَ مَنْسُوبٌ إلَى رَبِّهِ لِيُنَبِّهَ أُمَّتَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَلَى تَقْدِيمِ مَا هُوَ لله عَلَى مَا لِأَنْفُسِهِمْ فِيهِ حَظٌّ مَا، وَمِنْهَا أَنَّ أَصْحَابَهُ وَمَعَارِفَهُ يَأْخُذُونَ حَظَّهُمْ مِنْ رُؤْيَتِهِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ حِينَ قُدُومِهِ، فَإِذَا فَرَغُوا، وَدَخَلَ بَيْتَهُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يُحْوِجُهُ إلَى الْخُرُوجِ فِي الْغَالِبِ، وَمِنْهَا مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ أَنَّ أَهْلَهُ يَأْخُذُونَ الْأُهْبَةَ لِلِقَائِهِ، وَمِنْهَا أَنَّ لِقَاءَ الْأَحِبَّةِ بَغْتَةً قَدْ يَئُولُ إلَى ذَهَابِ النُّفُوسِ عِنْدَ اللِّقَاءِ لِقُوَّةِ مَا يَتَوَالَى عَلَى النَّفْسِ إذْ ذَاكَ مِن الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ] اهـ.
وقال العلامة ابن الملقن في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (18/ 356، ط. دار النوادر): [الصلاة عند القدوم -أي من السفر- سنةٌ وفضيلةٌ فيها معنى الحمد لله على السلامة، والتبرك بالصلاة أول ما يبدأ في حضره، ونِعم المفتاح هي إلى كل خير، وفيها يناجي العبد ربه، وذلك هَدي رسوله وسنته، ولنا فيه أكرم الأسوة، وفيه الابتداء ببيت الله قبل بيته، وخلوته للناس عند قدومه ليسلموا عليه] اهـ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.