لجنة الإغاثة الإسلامية بنقابة أطباء مصر تهديكم أسمى آيات التحية والتقدير.
وحيث إن لجنة الإغاثة بالنقابة تقوم منذ زمن يزيد على العشرين عامًا في أعمال الإغاثة، وخاصةً في المناطق المنكوبة والتي تنزل بها الكوارث والمجاعات والحروب، ولقد ظلت لجنة الإغاثة تعمل لإغاثة الشعوب في أي مكان في العالم يتعرض لمحنة مفاجئة من هذه المحن، وفي العام قبل الماضي تعرض شعب الصومال لمجاعة شديدة عَلِم بها القاصي والداني؛ ولثقة أهل الإسلام من شعب مصر في لجنة الإغاثة قاموا بتقديم تبرعاتهم المادية لإغاثة شعب الصومال في محنته التي كانت أكثر ما يكون نقصًا في الغذاء والدواء.
ونظرًا لوجود بعض الظروف الخارجة عن الإرادة -مثل أعمال منع السفن من الوصول للصومال في هذا الوقت (أعمال القرصنة على السفن)- تأخر إرسال التبرعات إلى الصومال، ولكن في نفس الوقت قمنا بإرسال العديد من التبرعات الغذائية والطبية عن طريق الشحن الجوي وهو مكلف للغاية، والآن لدينا مبلغ مالي كبير من هذه التبرعات المخصصة لأهل الصومال الموجودين بمخيمات اللاجئين بالصومال وعددهم كبير.
وكان هناك رأي بلجنة الإغاثة بتخصيص مبالغ التبرعات كلها (الخاصة بالصومال) لإرسال مواد غذائية وطبية ودوائية، ولكن يوجد رأي آخر يقول: إن الأولى إرسال المواد الطبية والدوائية فقط، وليس الغذائية نظرًا لأعمال القرصنة.
لذلك نطلب الرأي الشرعي لهذه المسألة: هل يمكن إرسال جميع المساعدات في صورة مواد دوائية وطبية فقط، وعدم إرسال مواد غذائية؟ مع العلم أن كثيرًا من المتبرعين حينما تبرعوا بهذه الأموال تبرعوا بها من أجل مساعدة أهل الصومال أساسًا بالغذاء.
كما نرجو من سيادتكم الإفادة بأنه هل يجوز تخصيص جزء من هذه المبالغ للإخوة السوريين؟ مع العلم أن كل التبرعات التي جُمعت لأشقَّائنا السوريين لا تفي احتياجاتهم.

صرف التبرعات في غير ما حدده المتبرع

ما دامت التبرعات قد خرجت موجهة من أصحابها لأهل الصومال فلا يجوز صرفها لغيرهم إلا بعد موافقة المتبرعين، ويجوز أن تشترى بها الأدوية لأهل الصومال؛ لأن الإطعام يشمل الغذاء والدواء.
التفاصيل ....الأصل أنه لا يجوز توجيه المال إلى غير الوجهة التي حددها المتبرع إلا بعد الرجوع إليه في ذلك؛ فإن الجهة القائمة على توزيع الصدقات هي وكيل عن المتبرع، ولا يجوز لها أن تتجاوز حدود الوكالة، ويمكن تلافي ذلك لاحقًا بالتنويه عند أخذ التبرعات إلى أنها للجهة الفلانية وما يشابهها من مصارف الخير والإغاثة، وإذا كان التبرع موجَّهًا للإطعام شمل ذلك الغذاء والدواء؛ فإن الإطعام يكون بالقوت والتفكه والإصلاح والدواء.
قال الإمام النووي الشافعي في "منهاج الطالبين" المطبوع مع "مغني المحتاج" (2/ 365، ط. دار الكتب العلمية): [والطعام: ما قصد للطُّعم اقتياتًا، أو تفكُّهًا، أو تداويًا] اهـ.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فما دامت التبرعات قد خرجت موجَّهة من أصحابها لأهل الصومال، فلا يجوز صرفها لغيرهم إلا إن أمكن الرجوع إليهم وأخذ موافقتهم على إخراجها في مصارف الإغاثة الأخرى، ويجوز أن تُشتَرَى بها الأدوية لأهل الصومال.
وننصح بأن تحمل الدعوة للتبرعات في طياتها مستقبلًا ما يمكنها من مواكبة مستجدات الإغاثة، ويطلق يد مؤسساتها في انتقاء الجهات الأكثر احتياجًا وفي فعل ما هو الأنفع للمنكوبين.
والله سبحانه وتعالى أعلم.