حكم استعمال وسائل منع الحمل

حكم استعمال وسائل منع الحمل

ما قول فضيلتكم فيما يأتي: رجل متزوج رُزِق بولد واحد ويخشى إن هو رزق أولادًا كثيرين أن يقع في حرج من عدم قدرة على تربية الأولاد والعناية بهم، أو أن تسوء صحته فتضعف أعصابه عن تحمل واجباتهم ومتاعبهم، أو أن تسوء صحة زوجته لكثرة ما تحمل وتضع دون أن يمضي بين الحمل والحمل فترة تستريح فيها وتسترد قوتها. فهل له أو لزوجته أن يتخذ بعض الوسائل التي يشير بها الأطباء ليتجنب كثرة النسل بحيث تطول الفترة بين الحمل والحمل فتستريح الأم ولا يرهق الوالد؟

يجوز شرعًا اتخاذ بعض الوسائل لمنع الحمل، وعلى الزوجين أن يتراضيا بشأن هذا الأمر، ويجوز اتخاذ أحد الزوجين لوسيلة منع الحمل ولو لم يرضَ الآخر إن كان هناك عذر، مع الأخذ في الاعتبار أن منع الحمل بإسقاط الحمل من الرحم بعد استقراره فيه وقبل نفخ الروح لا يجوز إلا بعذر، أما بعد نفخ الروح فلا يباح إسقاطه.

التفاصيل ....

اطلعنا على هذا السؤال، ونفيد بأن الذي يؤخذ من نصوص فقهاء الحنفية: أنه يجوز أن تتخذ بعض الوسائل لمنع الحمل على الوجه المبين في السؤال؛ كإنزال الماء خارج محل المرأة، أو وضع المرأة شيئًا يسد فم رحمها ليمنع وصول ماء الرجل إليه.

وأصل المذهب: أنه لا يجوز للرجل أن ينزل خارج الفرج إلا بإذن زوجته، كما لا يجوز للمرأة أن تسد فم رحمها إلا بإذن الزوج. ولكن المتأخرين أجازوا للرجل أن ينزل خارج محل المرأة بدون إذنها إن خاف من الولد السوء لفساد الزمان؛ قال صاحب "الفتح": [فليعتبر مثله من الأعذار مسقطًا لإذنها] اهـ.
والظاهر من عبارة "فليعتبر مثله من الأعذار مسقطًا لإذنها" أن مثل خوف السوء من الولد بفساد الزمان ما كان مثل ذلك من الأعذار؛ كأن يكون الرجل في سفر بعيد ويخاف على الولد، وقياسًا على ما قالوه قال بعض المتأخرين: إنه يجوز للمرأة أن تسد فم رحمها بدون إذن الزوج إذا كان لها عذر في ذلك.

وجملة القول في هذا: أنه يجوز لكل من الزوجين برضا الآخر أن يتخذ من الوسائل ما يمنع وصول الماء إلى الرحم منعًا للتوالد، ويجوز على رأي متأخري فقهاء الحنفية لكل من الزوجين أن يتخذ من الوسائل ما يمنع وصول الماء إلى الرحم بدون رضا الآخر إذا كان له عذر من الأعذار التي قدمناها أو مثلها.

بقي الكلام في أنه هل يجوز منع الحمل بإسقاط الماء من الرحم بعد استقراره فيه وقبل نفخ الروح في الحمل؟ اختلف فقهاء الحنفية في ذلك، وظاهر كلامهم ترجيح القول بعدم جوازه إلا بعذر؛ كأن ينقطع لبن المرأة بعد ظهور الحمل وله ولد وليس لأبيه ما يستأجر به الظئر ويخاف هلاك الولد، أما بعد نفخ الروح في الحمل فلا يباح إسقاطه. وبما ذكرنا علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر به. هذا ما ظهر لنا.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا