على من تجب نفقة العاجز عن الكسب؟

نفقة العاجز عن الكسب

ما عليه العمل والفتوى هو أن نفقة العاجز عن الكسب تجب على كل ذي رحمٍ محرم؛ كالعم والأخ وابن الأخ؛ لما بينهم وبينه من القرابة التي يحرم قطعها، وترك الإنفاق عليه يفضي إلى قطع الرحم، فوجبت النفقة عليهم، فإذا لم يكن له أصول ولا فروع قادرون على الإنفاق عليه وجبت النفقة بالترتيب على من بعدهم في درجة القرابة؛ الأقرب فالأقرب. هذا بخلاف وجوبها من قبل ذلك على الأصول والفروع.
التفاصيل ....ذهب الحنفية إلى وجوب نفقة العاجز عن الكسب على كل ذي رحمٍ محرمٍ؛ كالعم والأخ وابن الأخ؛ قال العلامة الكاساني في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (4/ 31): [سبب نفقة الأقارب في الولادة وغيرها من الرحم هو القرابة المحرِّمة للقطع؛ لأنه إذا حرم قطعها يحرم كل سبب يفضي إلى القطع،... إلى أن قال... وحاجة المنفق عليه تفضي إلى قطع الرحم، فيحرم الترك، وإذا حرم الترك وجب الفعل ضرورة] اهـ.
وذهب المالكية إلى أنه لا تجب النفقة على غير الوالدين المعسرين من الأقارب؛ قال الشيخ عليش المالكي في "منح الجليل شرح مختصر خليل" (4/ 414): [(وَ) تَجِبُ (بِالْقَرَابَةِ عَلَى) الْوَلَدِ الْحُرِّ (الْمُوسِرِ) كَبِيرًا كَانَ أَوْ صَغِيرًا، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا، مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا؛ لِأَنَّهُ خِطَابُ وَضْعٍ، وَالْأَصَحُّ خِطَابُ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، بِمَا فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ زَوْجَاتِهِ وَلَوْ أَرْبَعًا، لَا عَنْ نَفَقَةِ خَادِمِهِ وَدَابَّتِهِ، وَالْوَاجِبُ بِالْقَرَابَةِ (نَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ) أَيْ الْأُمِّ وَالْأَبِ الْمُبَاشِرَيْنِ الْحُرَّيْنِ وَلَوْ كَافِرَيْنِ وَالْوَلَدُ مُسْلِمٌ أَوْ كَانَ الْجَمِيعُ كُفَّارًا اتَّفَقَ دِينُهُمْ أَوْ اخْتَلَفَ (الْمُعْسِرَيْنِ) بِنَفَقَتِهِمَا وَإِنْ كَانَ لَهُمَا خَادِمٌ وَدَارٌ لَا فَضْلَ فِيهِمَا] اهـ. وقال أيضًا في "منح الجليل شرح مختصر خليل" (4/ 415): [(وَلَا) تَجِبُ بِالْقَرَابَةِ نَفَقَةُ (جَدٍّ) وَجَدَّةٍ مِنْ جِهَةِ أَبٍ أَوْ أُمٍّ (وَ) لَا تَجِبُ نَفَقَةُ وَلَدِ ابْنٍ) وَأَوْلَى وَلَدُ بِنْتٍ] اهـ.
وذهب الشافعية إلى قصر النفقة على الأصول والفروع فقط؛ قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب في شرح روض الطالب" (3/ 442): [وإنما تجب على ذي قرابة بعضية، وتجب له، وهم الفروع وإن نزلوا، والأصول وإن علوا فقط، أي دون سائر القرابات كالأخ والأخت والعم والعمة، ذكورًا وإناثًا وارثين وغير وارثين] اهـ.
وذهب الحنابلة إلى وجوب النفقة لكل قريب وارث بفرض أو تعصيب؛ قال الإمام ابن قدامة في "المغني" (8/ 217): [ظاهر المذهب أن النفقة تجب على كل وارث لموروثه] اهـ. وذكر قبل هذا الموضع أن ذلك بثلاثة شروط: [أحدها: أن يكون فقيرًا لا مال له ولا كسب. والثاني: أن يكون لمن تجب عليه النفقة ما ينفق عليه فضلًا عن نفقة نفسه: إما من ماله وإما من كسبه. والثالث: أن يكون المنفق وارثًا] اهـ.
وما عليه العمل والفتوى: أن نفقة العاجز عن الكسب تجب على كل ذي رحمٍ محرم؛ كالعم والأخ وابن الأخ؛ لما بينهم وبينه من القرابة التي يحرم قطعها، وترك الإنفاق عليه يفضي إلى قطع الرحم، فوجبت النفقة عليهم، فإذا إذا لم يكن له أصول ولا فروع قادرون على الإنفاق عليه وجبت النفقة بالترتيب على من بعدهم في درجة القرابة؛ الأقرب فالأقرب.
والله سبحانه وتعالى أعلم.