حكم إثبات النسب بالبصمة الوراثية

حكم إثبات النسب بالبصمة الوراثية

هل تعد البصمة الوراثية دليلًا قاطعًا جازمًا في إثبات النسب؟ وما مدى حجيتها في ذلك؟ وهل يُلزَم أي شخص بعمل تحليل البصمة الوراثية؟ ومن الذي يُلزِم بذلك؟ هل المطلوب النسب إليه كالأب، أم غيره؟ بمعنى هل هناك إلزام على من يُدَّعَى عليهم أنهم إخوة له بذلك؟

أما إثبات النسب بواسطة البصمة الوراثية فهو جائز؛ بشرط ثبوت الفراش، وهذا يتوافق مع مذهب الشرع في التشوف إلى إثبات النسب، ولكنه لا يجوز شرعًا الاعتماد عليها في نفي النسب؛ لأن الخطأ البشري في التحاليل وارد محتمل، فالظن في طريق إثباتها، مما يجعل تقرير البصمة الوراثية غير قادر على نفي النسب الثابت بالطرق الشرعية المقررة، وأما إثبات النسب بهذه البصمة فيمكن اللجوء إليه في حالة وجود عقد زواج صحيح أو فاسد -أي الذي لم تتوافر كل شروطه وأركانه- أو في حالة الوطء بشبهة؛ كأن يطأ امرأة ظَنًّا أنها زوجته، فيظهر خلاف ذلك، وكذلك يمكن أيضًا الاستعانة بالبصمة الوراثية في حالات التنازع على مجهول النسب بمختلف صور التنازع التي ذكرها الفقهاء، سواء أكان التنازع على مجهول النسب بسبب انتفاء الأدلة أو تساويها، أم كان بسبب الاشتراك في وطء الشبهة ونحوها، ومثلها: حالات الاشتباه في المواليد في المستشفيات ومراكز رعاية الأطفال ونحوها، وكذا الاشتباه في أطفال الأنابيب، وأيضًا حالات ضياع الأطفال واختلاطهم بسبب الحوادث أو الكوارث أو الحروب، وتَعَذَّر معرفة أهلهم، أو وجود جثث لم يمكن التعَرُّف على هويتها، أو بقصد التحقق من هويات أسرى الحروب والمفقودين.
ولا مانع شرعًا من إلزام المنكِر عن طريق القضاء بإجراء تحليل البصمة الوراثية، سواء أكان الرجل أم المرأة -أم طرفًا آخر كالولي مثلًا-، وذلك عندما يدعي أحدهما أو كلاهما قيام علاقة زوجية بينهما مع عدم وجود مانع شرعي للزواج بين الرجل والمرأة، ولو لم تثبت تلك العلاقة الزوجية بينهما في ذاتها بشهود أو توثيق أو نحوهما، وكذلك الحال في حدوث وطء شبهة أو عقد فاسد بينهما، وهذا لإثبات نسب طفل يدعي أحدهما أو كلاهما أنه وُلِد منهما، وفي حالة رفض المدعى عليه إجراء التحليل المذكور يعد الرفض قرينة قوية على ثبوت نسب هذا الطفل له، وإن لم نلتفت إلى بقاء الزوجية في ذاتها والآثار المترتبة عليها فإن إثبات النسب لا يعني استمرار قيام الزوجية.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا