حكم استخدام الحامض النووي في نفي وإثبات النسب

تاريخ الفتوى: 19 فبراير 2014 م
رقم الفتوى: 2576
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: مستجدات ونوازل
حكم استخدام الحامض النووي في نفي وإثبات النسب

ما حكم استخدام الحامض النووي في نفي وإثبات النسب؛ فقد صرحت المحكمة باستخراج شهادةٍ مِن دار الإفتاء المصرية تفيد أن تجربة الحامض النووي (DNA) تقوم مقام القيافة أيام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في إثبات النسب أو نفيه ويُعتَدُّ بها شرعًا مِن عدمه.

مجمل القول في هذه المسألة هو أنه يجوز إثبات النسب بالبصمة الوراثية إذا كان ذلك في عقدِ زواجٍ صحيحٍ -لا يتم اللعان فيه بين الزوجين- أو فاسدٍ أو وطءِ شبهةٍ؛ وذلك مراعاةً لحق الطفل، وإحياءً للولد، وحملًا لحال المرأة على الصلاح، وكذلك في حالة التنازع على مجهول النسب، والاشتباه في المواليد وأطفال الأنابيب، وفي حالة ضياع الأطفال وحدوث الحوادث أو الكوارث أو الحروب وصعوبة التعرف عليهم، أما في حالة الزنا فلا يثبت نسب الطفل إلى الزاني أصلًا، وإنما يُنسَب لأمه فقط؛ لأن ماء الزنا هدَرٌ؛ أي لا يُعتَدُّ به شرعًا.
وأما نفي النسب بالبصمة الوراثية فلا يجوز شرعًا؛ لأن التحاليل يحتمل فيها الخطأ وإن دلَّت على النفي أو الإثبات يقينًا، فإن ذلك اليقين في نفسه يقع الظنُّ في طريق إثباته، مما يجعله غير معتدٍّ به شرعًا في نفي النسب.

المحتويات

 

إثبات النسب وشروطه

من المقرر شرعًا أن ثبوت النسب فرعٌ عن الزواج الصحيح أو الفاسد -أي الذي فقد شرطًا مِن شروط صحة النكاح- أو في حالة الوطء بشبهة؛ كأن يطأ امرأةً ظنًّا منه أنها زوجته فيظهر خلاف ذلك، والأبوة علاقةٌ شرعيةٌ لا طبعيةٌ؛ أي إنَّ نسب الطفل إلى مَن تَخَلَّق مِن مَائِهِ إنما يثبت مِن طريق الشرع لا مِن طريق الطبع.

أمَّا النسب بين الطفل وأمه فيثبت مِن جهة الطبع؛ لأن الأمومةَ علاقةٌ طبعيةٌ، وهو الأمر الذي يُمكن اكتشافه عن طريق البصمة الوراثية التي تبين تَخَلُّقَ هذا الطفل مِن رجلٍ ما وامرأةٍ ما، ومعنى هذا: أن المتخلق مِن ماء الزنا ليس ابنًا للزاني؛ حيث تم الاجتماع بين الرجل والمرأة مِن غير عقد زواج، وإن كان بالطبع هو ابنٌ للزانية؛ حيث حملته في بطنها ووُلِد منها قطعًا، فتجري عليه أحكام هذه البنوة في شأن المحرمية والميراث وغير ذلك، ولا يثبت نسب الطفل إلى الرجل إلَّا إذا كان اجتماعه مع أمه في عقدٍ صحيحٍ أو حتى فاسدٍ أو في وطءِ شبهةٍ، فإذا انتفى العقدُ فلا يثبت النسبُ شرعًا بإجماع الأمة.

وهو منصوصُ القانونِ المصري؛ حيث ورد في المادة الخامسة عشرة مِن قانون الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2000م أنه: [لا تُسمَع عند الإنكار دعوى النسب لولدِ زوجةٍ ثَبَتَ عدمُ التلاقي بينها وبين زوجها مِن حين العقد، ولا لولدِ زوجةٍ أَتَتْ به بعد سنةٍ مِن غَيبةِ الزوجِ عنها، ولا لولدِ المطلَّقةِ والمتوفى عنها زوجُها إذا أَتَت به لأكثرَ مِن سنةٍ مِن وقت الطلاق أو الوفاة] اهـ.

ولا يُشترط في ثبوت الإقرار بالنسب أن يكون في مجلس القضاء، ولا أن يكون مقرونًا بما يبين وجهه، ولا أن يكون صاحبه صادقًا في نفس الأمر، ما لَم تُكَذِّبه بينة، ولا يُشترط أيضًا أن يكون صريحًا، بل يجوز أن يكون ضمنًا؛ كسكوت الأب عند تهنئته بالمولود مثلًا، ولا يشترط أن يكون باللفظ بل يجوز أن يكون بالإشارة حتى مع القدرة على العبارة، وبالكتابة الخالية مِن مَظِنَّةِ التزوير، كما تصح في بينة النسب الشهادة بالتسامع، كما هو الراجح والمعمول به في ذلك كله في فقه السادة الحنفية.

ويجب على القاضي أن يحتال بكل وجهٍ لإثبات النسب؛ لأن المشرِّع يتشوف إلى إثبات النسب مراعاةً لحق الطفل، وإحياءً للولد، وحملًا لحال المرأة على الصلاح، ولذلك أثبت النسب بشتى الوسائل: كالشهادة، والإقرار، والقيافة، وغيرها من الوسائل، فإذا تبين للقاضي أن الطفل وُلِد مِن زواجٍ صحيحٍ أو حتى مِن زواجٍ فاسدٍ أو وطءِ شبهةٍ فعليه أن يحكم بثبوت النسب، وله أن يأخذ في هذا الصدد بالوسائل العلمية المادية التي توصل إلى معرفة الحقيقة.

أمَّا إذا لم يثبت لديه شيءٌ مِن ذلك، بل كان الأمرُ محضَ زنًا فيجب عليه أن لا يُثبِت النسب بين ذلك الطفل وهذا الرجل، حتى لو ثبت بالبصمة الوراثية أن هذا مِن هذا؛ حيث لا يثبُتُ النسب إلَّا مِن جهة الشرع، لا بالطبع.

استخدام البصمة الوراثية في إثبات النسب

الحاصل: أنه يجوز إثبات النسب بالبصمة الوراثية باعتبارها مِن الوسائل العلمية الحديثة في الإثبات إذا كان ذلك في عقدِ زواجٍ صحيحٍ أو فاسدٍ أو وطءِ شبهةٍ، أما في حالة الزنا فلا يثبت نسب الطفل إلى الزاني، وإنما يُنسَب لأمه فقط؛ لأن ماء الزنا هدَرٌ؛ أي لا يُعتَدُّ به شرعًا.

كما أن مِن المقرر شرعًا أن الإقرار بالنسب إذا تمَّ مستوفيًا لشروطه فإنه لا يقبل الإنكار بعد ثبوته ولا يحتمل النفي ولا ينفك بحال، وذلك سواء أكان المُقِرُّ صادقًا في الواقع ونفس الأمر أم كاذبًا؛ حيث نص الفقهاء على أنه إذا أقر الرجل لولدٍ لم يَدَّعِه غيرُه بأنه ولدُه، وكان هذا الولد يولَد مثلُه لمثل المُقِرِّ، ولم يصرح المقِرُّ أن هذا الولد مِن الزنا، ولم يكن هذا الولد مِن أهل التصديق بأن كان لا يُعبِّر عن نفسه، أو كان الولدُ مِن أهل التصديق وصدَّق المُقِرَّ في إقراره: يثبت نسبه مِن المُقِر، ولا يصح للمقر الرجوعُ في إقراره؛ لأن النسب بعد ثبوته لا يقبل الإبطال ولا يصح بعد ذلك نفيه ولا إقرارُ شخصٍ آخر ببُنُوَّتِه.

الاعتماد على البصمة الوراثية في نفي النسب

الاعتماد على البصمة الوراثية في نفي النسب غير معتدٍّ به شرعًا؛ حيث إن التحاليل يعتريها الخطأ البشري المحتمل، وحتى لو دلت البصمة الوراثية في نفسها على نفي النسب أو إثباته يقينًا فإن ذلك اليقين في نفسه يقع الظنُّ في طريق إثباته، مما يجعل تقرير البصمة الوراثية غير قادر على نفي النسب، أما إثبات النسب بهذه البصمة فلا يكون إلَّا في عقد صحيح لا يتم اللعان فيه بين الزوجين، فإن تم اللِّعان فاللِّعان أقوى مِن البصمة الوراثية.

ما يجوز فيه الاعتماد على البصمة الوراثية في إثبات النسب

يجوز الاعتماد على البصمة الوراثية في مجال إثبات النسب في الحالات الآتية:

1- حالات التنازع على مجهول النسب بمختلف صور التنازع التي ذكرها الفقهاء؛ سواء أكان التنازع على مجهول النسب بسبب انتفاء الأدلة أو تساويها، أم كان بسبب الاشتراك في وطء الشبهة ونحوه.

2- حالات الاشتباه في المواليد في المستشفيات ومراكز رعاية الأطفال ونحوها، وكذا الاشتباه في أطفال الأنابيب.

3- حالات ضياع الأطفال واختلاطهم بسبب الحوادث أو الكوارث أو الحروب وتعذر معرفة أهلهم، أو وجود جثثٍ لم يمكن التعرف على هويتها، أو بقصد التحقق مِن هويات أسرى الحروب والمفقودين.

الخلاصة

لا مانع شرعًا مِن إلزام المنكِر سواء أكان الرجل أم المرأة أم طرَفًا آخر -كالولي مثلًا- بإجراء تحليل البصمة الوراثية في إطار الزوجية وذلك عندما يدعي أحدهما أو كلاهما قيام علاقة زوجية بينهما مع عدم وجود مانع شرعي للزواج بين الرجل والمرأة ولو لم تثبت تلك العلاقة الزوجية بينهما في ذاتها بشهود أو توثيق أو نحوهما، وكذلك الحال في حدوثِ وطءٍ بشبهةٍ أو عقدٍ فاسدٍ بينهما؛ وهذا لإثبات نسبِ طفلٍ يدَّعي أحدُهما أو كلاهما أنه وُلِدَ منهما، وفي حالة رفض المدَّعَى عليه إجراء التحليل المذكور يُعَدُّ الرفضُ قرينةً قويةً على ثبوت نسب هذا الطفل له، وإن لم نلتفت إلى بقاء الزوجية في ذاتها والآثار المترتبة عليها؛ فإن إثبات النسب لا يعني استمرار قيام الزوجية، وإذا ثبت عدم صحة نسب المولود مِن المدعَى عليه يُعَدُّ المدَّعي للعقوبة التعزيرية المناسبة التي يقررها ولي الأمر.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم إلقاء الكمامة الطبية في غير الأماكن المخصصة لها؟ حيث يعمد كثير من الناس في هذه الأوقات خلال استعمالهم الكمامات الطبية لحمايتهم من انتشار "فيروس كورونا المستجد" إلى إلقاء الكمامة بعد استعمالها في الشوارع العامة في غير الأماكن المُخَصَّصة لها مما يزيد من مخاطر انتشار الفيروس، فما حكم إلقاء الكمامة بعد استعمالها في الشوارع العامة؟


ما حكم ترويج الشائعات حال النوازل والأزمات؟ ففي ظل ظروف الوباء تنتشر بعض الشائعات والأكاذيب التي يحاول مروجوها بث الفتنة بين جموع الشعب المصري لإثارة البلبلة والذعر في نفوس المواطنين؛ كالقول بأن الدولة تمنع إقامة شعائر الله تعالى وتصد الناس عن المساجد، حيث تُصِر على إغلاق المساجد بحجة الوقاية من فيروس كورونا، وحين تأتي إجراءات التعايش مع الوباء مع اتخاذ وسائل الوقاية وإجراءات الحماية يتهمون الدولة بالسعي في زيادة أعداد الوفيات، ثم ينشرون الشائعات هنا وهناك بأنَّ هناك إصابات كثيرة بفيروس كورونا داخل مصر لم يتم الإعلان عنها، مع المحاولات المستمرة لبث الدعاية المضادة في صفوف الأطباء، تحت عنوان: "الجيش الأبيض بلا درع"؛ لتشتيت جهود الأطباء وتوهين عزمهم وإضعاف همتهم، وسط سيل من الإشاعات والأكاذيب بانتشار فيروس كورونا بالسجون المصرية؛ لإطلاق سراح المجرمين والمتطرفين والمفسدين، إلى غير ذلك من محاولات جماعات التطرف والإرهاب في استغلال وباء كورونا لتحقيق أهدافها الدنيئة، وتشويه جهود الدولة والمجتمع في مواجهة الوباء، والتشكيك في قدرات وإمكانات المؤسسات الوطنية على مواجهة الوباء، فكيف يمكن التصدي لهذه الشائعات والأكاذيب؟ وهل يجوز نشرها من غير تثبت؟ وما دور من يسمعها؟


تصريح إحدى محاكم شؤون الأسرة باستخراج فتوى شرعية من دار الإفتاء المصرية بالقاهرة تفيد ما إذا كانت الطلقات الثلاث قد وقعت جميعها من المدعي -مقدم الطلب- أم بعضها فقط، وذلك في دعوى بشأن تصحيح وصف الطلاق الثلاث الذي أقر به المدعي في وثيقة الطلاق الرسمية مع طلقتين شفويتين يدعي أن الثانية منهما كانت في الحيض وفي غضب شديد.


ما حكم تمثيل الأنبياء والصحابة وأمهات المؤمنين في الأعمال التليفزيونية؟


أفاد المتخصصون أن جسمَ المتوفى بفيروس كورونا يظلُّ حاملًا لفيروس مدَّة بعد وفاته، ولذلك فإن عمليةَ تجهيزه يقومُ بها متخصصون من وزارة الصحَّة، ولا يسلمون المتوفى لأهله إلا بعد إتمام التعقيم والتغسيل والتكفين، ومما يقومون به في التكفين أنهم يضعون المتوفى في كيس مُعَدٍّ غير منفذ للسوائل، فهل هذه الطريقة كافية في تكفينه شرعًا؟


توفيت امرأة عام 2018م عن: ثلاثة أبناء وبنت، وابن ابنها المتوفى قبلها، وبنتي ابن ابنها المتوفى قبلها. ولم تترك المتوفاة المذكورة أي وارث آخر، ولا فرع يستحق وصية واجبة غير من ذكروا. فما نصيب كل وارث ومستحق؟

 


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 21 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :53
الشروق
6 :26
الظهر
12 : 58
العصر
4:34
المغرب
7 : 30
العشاء
8 :52