صلاة الجمعة للحاج إذا وافق يوم عرفة يوم جمعة

صلاة الجمعة للحاج إذا وافق يوم عرفة يوم جمعة

إذا وافق يوم عرفة يوم جمعة. فهل على الحاجِّ أن يصلي الظهر أو الجمعة؟

على الحاج في هذه الحالة أن يتابع الإمام يوم عرفة إن صلى في جماعة؛ فإن صلَّى الإمامُ ظهرًا فليصلِّ معه ظهرًا، وإن صلَّى جمعةً فليصلِّ معه الجمعة؛ لالتزامه بالجماعة، أما إذا صلَّى الحاجُّ منفردًا فالأَولى أن يصلِّي ظهرًا.

التفاصيل ....

إذا وافق يوم عرفة يوم جمعة فقد اختلف الفقهاء في ذلك هل تصلى الظهر أو الجمعة؟ وذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن تصلى ظهرًا، فلا يجهر فيها بالقراءة، وإلى ذلك ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، وإليك نصوصَهم في ذلك:
قال العلامة أبو البقاء الحنفي المكي في "البحر العميق في مناسك المعتمر والحاج إلى البيت العتيق" (ص: 1491، ط. مؤسسة الريان): [وإذا وافق يوم عرفة يوم جمعة لم يصلِّ الإمام فيها باتفاق الأئمة الأربعة] اهـ.
وفي "المدونة" (1/ 239، ط. دار الكتب العلمية): [قَالَ مَالِكٌ: لَا جُمُعَةَ فِي أَيَّامِ مِنًى كُلِّهَا بِمِنًى، وَلَا يَوْمِ التَّرْوِيَةِ بِمِنًى، وَلَا يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ] اهـ.
وقال العلامة النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني" (1/ 361، ط. دار الفكر): [وَيُصَلِّي الْإِمَامُ بِالنَّاسِ فِي عَرَفَةَ الظُّهْرَ وَلَوْ وَافَقَ يَوْمَ جُمُعَةٍ عَلَى الصَّوَابِ؛ فَقَدْ قَالَ فِي "الذَّخِيرَةِ": جَمَعَ هَارُونُ الرَّشِيدُ خَلِيفَةُ زَمَانِهِ مَالِكًا وَأَبَا يُوسُفَ، فَسَأَلَهُ أَبُو يُوسُفَ عَنْ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ بِعَرَفَةَ، فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يُصَلِّهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: قَدْ صَلَّاهَا؛ لِأَنَّهُ خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ وَصَلَّى بَعْدَهُمَا رَكْعَتَيْنِ وَهَذِهِ جُمُعَةٌ، فَقَالَ مَالِكٌ: أَجَهَرَ فِيهِمَا كَمَا يُجْهَرُ بِالْجُمُعَةِ؟ فَسَكَتَ أَبُو يُوسُفَ وَسَلَّمَ لِلْإِمَامِ] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (8/ 89، ط. دار الفكر): [قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ: لَوْ وَافَقَ يَوْمُ عرفة يوم جمعة لَمْ يُصَلُّوا الْجُمُعَةَ هُنَاكَ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهَا دَارَ الْإِقَامَةِ، وَأَنْ يُصَلِّيَهَا مُسْتَوْطِنُونَ، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَالْأَصْحَابَ قَالُوا: لَوْ بُنِيَ بِهَا قَرْيَةٌ وَاسْتَوْطَنَهَا أَرْبَعُونَ كَامِلُونَ صُلِّيَتْ بِهَا الْجُمُعَةُ، ولم يُصلِّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ الْجُمُعَةَ بِعَرَفَاتٍ، مَعَ أَنَّهُ ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" مِنْ رِوَايَةِ عمر بن الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ الَّذِي وَقَفَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ. وَاللهُ أَعْلَمُ] اهـ.
المذهب الثاني: أن تصلى جمعة، وبه قال الظاهرية؛ قال الإمام ابن حزم في "المحلى بالآثار" (5/ 315، ط. دار الفكر): [وَإِنْ وَافَقَ الْإِمَامُ يَوْمَ عَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ جَهَرَ، وَهِيَ صَلَاةُ جُمُعَةٍ، وَيُصَلِّي الْجُمُعَةَ أَيْضًا بِمِنًى وَبِمَكَّةَ؛ لِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يَأْتِ بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمعة: 9] فَلَمْ يَخُصَّ اللهُ تَعَالَى بِذَلِكَ غَيْرَ يَوْمِ عَرَفَةَ وَمِنًى مِنْ عَرَفَةَ وَمِنًى. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيِّ نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى نَا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ نَا بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: إذَا وَافَقَ يَوْمُ جُمُعَةٍ يَوْمَ عَرَفَةَ: جَهَرَ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ مِثْلُهُ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ] اهـ.

وبناء على ما سبق: فعلى الحاج أن يتابع الإمام يوم عرفة إن صلى معه، فإن صلاها ظهرًا فليصلها معه ظهرًا، وإن صلاها جمعة فليصلها معه جمعة، وأما إن انفرد فالأَولى أن يصليها ظهرًا اتباعًا لقول جمهور الفقهاء.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا