أمتلكُ محلًّا، وأقوم بتأجيره، وتقدم مؤخرًا أحدُ البنوك لِاستِئجاره، برجاء الإفادة بالموافقة على التأجير مِن عدمه؛ حيث إنني أخشى مِن اعتبار إيجار المحل للبنك نوعًا مِن أنواع المساعَدَة على نَشْرِ الربا. يرجى الإفادة بالفتوى؛ هل هذا النوع مِن التعامل حلالٌ أم حرام؟
يجب على كُلِّ مسلمٍ أن يُدرِكَ أنَّ الربا مُتَّفَقٌ على حُرْمته، والخلاف بين الفقهاء بشأن البنوك إنما هو في تصوير أعمالها، وتكييفِها، والحُكمِ عليها، والإفتاءِ بشأنِها، وليس الخلاف في حل الربا أو حرمته، والخروج مِن الخِلافِ مُستَحَب، ومع ذلك فللسائل أن يُقَلِّدَ مَن أجاز، ولا حُرْمةَ عليهِ حِينئذٍ في التعامل مع البنكِ بِصُوَرِهِ كافَّةً: أخذًا وإعطاءً وعملًا وتعاملًا ونحوها.
اختلف الفقهاءُ منذ ظهور البنوك في العصر الحديث في تصوير شأنها؛ طِبقًا لِاختلافِ أهلِ القانونِ والاقتصادِ في ذلك التصويرِ فيما إذا كانت العلاقةُ بين العملاءِ والبنكِ هي علاقة القرضِ؛ كما ذهب إليه القَانُونِيُّون، أو هي علاقة الاستثمار؛ كما ذهب إليه الاقتصادِيُّون، والاختلاف في التصوير يَنبني عليه اختلافٌ في تَكيِيف الواقعة؛ حيث إنَّ مَن كيَّفَها قرضًا عَدَّهُ عَقدَ قرضٍ جَرَّ نَفعًا فكان الحُكمُ بِناءً على ذلك أنه مِن الربا المُحَرَّم.
ثم اختَلَفَت الفتوى: فرأى بعضُهم أنَّ هذا مِن قَبيل الضرورات التي يجوز للمسلم عند الاضطرار إليها أن يَفعَلَها بِناءً على قاعدة "الضرورات تُبِيح المحظورات"؛ أخذًا مِن عموم قوله تعالى: ﴿فَمَن اضطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْه﴾ [البقرة: 173]، ورأى بعضُهم أنه ليس مِن باب الضرورة؛ حيث إنَّ الضرورةَ تعرف شرعًا بأنها حالةٌ إذا لم يتناول الإنسانُ فيها المُحَرَّمَ هَلَكَ أو قارَبَ على الهلاك، وبعضُ هؤلاء رأى الجوازَ مِن قاعـدة "الحاجَـة تُنَزَّلُ مَنـزِلَةَ الضرورة عامـةً كانت أو خاصة".
أما مَن سَلَك في التكييف مَسْلك الاستثمار فبَعضُهم عَدَّها مِن قَبيل المُضارَبة الفاسـدة التي يُمكِن أن تُصَحَّحَ بِإجارة.
وبعضُهم ذهب إلى أنها مُعامَلَةٌ جديدةٌ وعَقدٌ جديدٌ غيرُ مُسَمًّى في الفقه الإسلامي المَورُوث فاجتهـد فيه اجتهادًا جديدًا؛ كما اجتهد فقهاءُ سمرقند في عَقدِ بيعِ الوفاءِ باعتباره عَقدًا جديدًا؛ وكما اجتهد شيخُ الإسلام أبو السعود في عَقدِ المُعامَلَةِ وحَكَم بحِلِّها؛ كما حَكَمَ الأوَّلُون بحِلِّ بيعِ الوفاء؛ وذلك لِمُراعاة مصالح الناس، ولِشِدَّة الحاجَةِ إليها، ولاستِقَامة أحوال السوق بها، ولِتَرَتُّبِ مَعَاشِ الخَلقِ عليها، ولِمُنَاسبتها لِمُقتَضَيَات العَصرِ مِن تَطَوُّرِ المواصلاتِ والاتِّصالات، والتقنياتِ الحديثة، وزيادةِ السكان، وضعفِ الروابط الاجتماعية، وتطورِ علوم المُحاسَبة، وإمساكِ الدفاتر، واستقلالِ الشخصية الاعتبارية عن الشخصية الطبيعية... وغير ذلك كثير.
فالحاصل أنَّ الخِلافَ قد وَقَعَ في تَصَوُّرِ مَسألةِ التعامل في البنوك ومع البنوك وفي تكييفِها وفي الحُكمِ عليها وفي الإفتاءِ بشأنها.
ومِن القواعد المُقرَّرة شرعًا:
أولًا: أنه "إنما يُنكَر تركُ المُتَّفَقِ على فِعلِه أو فِعلُ المُتَّفَقِ على حُرْمته، ولا يُنكَر المُختَلَف فيه".
ثانيًا: أنَّ "الخروجَ مِن الخِلاف مُستَحَب".
ثالثًا: أنَّ "مَن ابتُلِيَ بشيءٍ مِن المُختَلَفِ فيه فلْيُقَلِّد مَن أجاز".
ومِن المعلوم مِن الدِّينِ بالضرورةِ حُرْمة الربا؛ حيث وَرَدَت حُرْمته في صريحِ الكتابِ والسُّنة، وأجمَعَت الأمةُ على تحريمه؛ قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَأكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِن المَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا البَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وأَحَلَّ اللهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَه مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّه فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون﴾ [البقرة: 275]، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَعَنَ اللهُ آكِلَ الرِّبا ومُؤكِلَه وشاهِدَيه وكاتِبَه» رواه البخاري ومسلم.
ولكن الخلاف حَدَثَ فيما إذا كان هذا الحاصل في واقع البنوك هو مِن قَبيل الربا المُحَرَّم شرعًا، أو أنه مِن قَبيل العقودِ الفاسدةِ المُحرَّمةِ شرعًا أيضًا، أو أنه مِن قَبيل العقود المُستَحدَثَة والحُكمُ فيها الحِلُّ إذا حَقَّقَت مصالحَ أطرافها ولم تَشتَمِل على ما حُرِّم شرعًا.
وبِناءً على ما سبق: فإنه يجب على كُلِّ مسلمٍ أن يُدرِكَ أنَّ الربا قد حَرَّمه الله سبحانه وتعالى، وأنه مُتَّفَقٌ على حُرْمته، ويجب عليه أن يُدرِكَ أنَّ أعمالَ البنوكِ اختُلِفَ في تصويرها، وتكييفِها، والحُكمِ عليها، والإفتاءِ بشأنِها، وأن يُدرِكَ أنَّ الخروجَ مِن الخِلافِ مُستَحَب، ومع ذلك فلَهُ أن يُقَلِّدَ مَن أجاز، ولا حُرْمةَ عليهِ حِينئذٍ في التعامل مع البنكِ بِصُوَرِهِ كافَّةً: أخذًا وإعطاءً وعملًا وتعاملًا ونحوها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل يجوز لشركة اتصالات استئجار مئذنة مسجد ليكون مكانًا لاستقبال معلومات الاتصالات -الهواتف- للشركة؟
لو عثر شخص على شيء ذي قيمة لا يُعرَف صاحبُه، فأخذه، وبحث عن صاحبه حتى اهتدى إليه، فهل له الحق في أن يطالبه بمكافأة على ما فعل؟
ما حكم بيع مالك الأرض الأسمدة المدعمة للمستأجر بسعر السوق؟ فأنا مالك لأرضٍ زراعية، والجمعيات الزراعية تقوم بإعطائي الكيماوي والسِّمَاد بأسعار مدعمة، وقد أجَّرتُ أرضي لأحد الأشخاص، وأقوم بأخذ حصتي من الكيماوي من الجمعية وأبيعها بسعر السوق للمستأجر، فما حكم ذلك؟
ما حكم الضمان في حال تلف السيارة المستأجرة؟ حيث يقول السائل: لي أخ توفِّي في حادث سيارةٍ كان هو قائدها؛ حيث كانت توجد شَبُّورة ضباب، وتوجد فرامل على مسافة عشرة أمتار، وذلك من معاينة المباحث، وكان قد أخذ هذه السيارة من مالكها على سبيل الإيجار، والآن يطالب صاحب السيارة بإصلاح سيارته وتعويض. فما حكم الشرع؟
رجلٌ كان يمتلك أرضًا، ثم غرس فيها نخيلًا، وكانت زوجته تقوم بسقي أشجار النخيل كما هي العادة في هذه البلاد من أن الزوجات يذهبن مع أزواجهنَّ إلى الأراضي التي لهم ويساعدنهم في الزراعة وسقي الأشجار.
ثم توفِّيت الزوجة المذكورة فقام ورثتها وهما بنتها من غيره وأخوها شقيقها يدَّعون على ورثة الزوج الذي توفي بعدها بأن لهم حق الربع في هذه الأشجار بسبب أنه آل إليهم من والدتهم؛ لكونها أجرة سقي النخيل المذكور، مع كون العرف في هذا البلد أن الزوجة تساعد الزوج في الزراعة وفي سقي النخيل. فهل لهم الحق في ذلك -كما يدَّعون- أم كيف الحال؟ مع العلم بأن الرجل المذكور لم يؤجِّر زوجته المذكورة لسقي النخيل ملكه الكائن في أرضه المملوكة له لا بعقدٍ ولا بغيره، وإنما كانت تسقي هذا النخيل مساعدةً له بدون أجرة كما هو العرف في بلدنا من أن الزوجات يساعدن أزواجهن في الزراعة وسقي النخيل بدون أجرة.
ما حكم صناعة أو بيع أو إجارة ما يكون له استعمالان: استعمال مباح واستعمال محرم من السلع والأشياء؟ وهل يأثم من يقوم بهذا الفعل؟