ما حكم دفن الأقارب في مقبرة واحدة؟

دفن الأقارب في مقبرة واحدة

يستحب دفن الأقارب في مكان واحد مع مراعاة الفصل بين الرجال والنساء؛ لأن ذلك أسهل لزيارتهم والتَّرَحُّم عليهم، وقد صرح جمهور الفقهاء بأنه يجوز جمع الأقارب في الدفن في مكان واحد؛ فعَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ الْمَدَنِيِّ عَنْ الْمُطَّلِبِ قَالَ: لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ أُخْرِجَ بِجَنَازَتِهِ فَدُفِنَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ رَجُلًا أَنْ يَأْتِيَهُ بِحَجَرٍ فَلَمْ يَسْتَطِعْ حَمْلَهُ، فَقَامَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، قَالَ كَثِيرٌ: قَالَ الْمُطَّلِبُ: قَالَ الَّذِي يُخْبِرُنِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ ذِرَاعَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ حِينَ حَسَرَ عَنْهُمَا، ثُمَّ حَمَلَهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَأْسِهِ وَقَالَ: «أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي، وَأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي» أخرجه أبو داود في "سننه".
قال الإمام النووي في "روضة الطالبين وعمدة المفتين" (2/ 142): [قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللهُ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُجْمَعَ الأَقَارِبُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنَ الْمَقْبَرَةِ] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (2/ 509): [وَجَمْعُ الأَقَارِبِ فِي الدَّفْنِ حَسَنٌ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم لَمَّا دَفَنَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ رضي الله عنه: «أَدْفِنُ إلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِهِ»، وَلأَنَّ ذَلِكَ أَسْهَلُ لِزِيَارَتِهِمْ، وَأَكْثَرُ لِلتَّرَحُّمِ عَلَيْهِمْ، وَيُسَنُّ تَقْدِيمُ الأَبِ ثُمَّ مَنْ يَلِيهِ فِي السِّنِّ وَالْفَضِيلَةِ إذَا أَمْكَنَ] اهـ.
والله سبحانه تعالى أعلم.