المستحق لفوائد مال الزكاة المتأخرة بعد مرور الحول

المستحق لفوائد مال الزكاة المتأخرة بعد مرور الحول

إذا تأخرت في إخراج الزكاة عن المال الموضوع في البنك، ونتج عن ذلك فوائد لمال الزكاة، فهل هذه الفوائد تكون من حقي أو من حق الفقراء؟

من تأخر في إخراج الزكاة عن وقت حوَلان الحول الهجري فهو آثم شرعًا، وعليه التوبة والاستغفار، والندم على ذلك الفعل، والعزم على عدم العودة إليه، ويجب عليه إخراج أموال الزكاة دون إخراج هذه الفوائد وذلك النماء؛ وذلك لأن ملك الفقير لمال الزكاة حال وجوده في يد المزكي غير مستقر، وهذا لا يوجب له ثمرة ذلك المال، وفي "الفتاوى الفقهية الكبرى" (2/ 46، ط. المكتبة الإسلامية) للعلامة ابن حجر الهيتمي الشافعي: [(وَسُئِلَ) -فَسَّحَ اللهُ فِي مُدَّتِهِ- بِمَا صُورَتُهُ: إذَا قُلْنَا تَتَعَلَّقُ الزَّكَاةُ تَعَلُّقَ شَرِكَةٍ؛ فَهَلْ تَتَعَلَّقُ بِمَا يَحْدُثُ بَعْدَ الْوُجُوبِ مِنْ لَبَنٍ وَصُوفٍ وَغَيْرِهِمَا؟ (فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيِّ أَنَّهَا لَا تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، وَعِبَارَةُ الْأَوَّلِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ. وَإِنْ قُلْنَا تَجِبُ فِي الْعَيْنِ فَمِلْكُ الْفُقَرَاءِ كَلَا مِلْكٍ؛ فَإِنَّ ثَمَرَةَ الْمِلْكِ ثَابِتَةٌ لِرَبِّ الْمَالِ، وَمِلْكُهُمْ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، بِدَلِيلِ أَنَّ لِرَبِّ الْمَالِ إسْقَاطُهُ بِإِخْرَاجِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِهِ. وَعِبَارَةُ الثَّانِي فِي "شَرْحِ الْمِنْهَاجِ" أَنَّ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ تَعَلُّقَ شَرِكَةٍ اعْتَذَرُوا عَنْ جَوَازِ الْإِخْرَاجِ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ وَعَنْ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْفُقَرَاءِ لِمَا يَحْدُثُ مِنْ النِّتَاجِ وَيَنْفَصِلُ مِنْ الصُّوفِ وَاللَّبَنِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ الْإِخْرَاجِ بِأَنَّ هَذِهِ الشَّرِكَةَ تَثْبُتُ بِغَيْرِ رِضَا الشَّرِيكَيْنِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ؛ فَأَشْبَهَتْ الْغَنِيمَةَ فِي انْتِفَاءِ مِلْكِ الشَّرِيكِ بِغَيْرِ رِضَاهُ اهـ. قِيلَ: وَصَرَّحَ بِنَحْوِ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ فِي الْمَذْهَبِ، بَلْ صَرَّحَ ابْنُ مُفْلِحٍ بِأَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ] اهـ.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "دقائق أولي النهى لشرح المنتهى" (1/ 397، ط. عالم الكتب): [(وَتَعَلُّقُهَا) أَيِ الزَّكَاةِ بِمَا تَجِبُ فِيهِ (كـ) تَعَلُّقِ (أَرْشِ جِنَايَةٍ) بِرَقَبَةِ جَانٍ (لَا كَـ) تَعَلُّقِ (دَيْنٍ بِرَهْنٍ أَوْ) تَعَلُّقِ دَيْنٍ (بِمَالٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ وَلَا) كَـ (تَعَلُّقِ شَرِكَةٍ) بِمَالٍ مُشْتَرَكٍ (فَلَهُ) أَيِ الْمَالِكِ (إخْرَاجُهَا) أَيِ الزَّكَاةِ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيِ النِّصَابِ كَمَا لِسَيِّدِ الْجَانِي فِدَاؤُهُ بِغَيْرِ ثَمَنِهِ (وَالنَّمَاءُ بَعْدَ وُجُوبِهَا) أَيِ الزَّكَاةِ (لَهُ) أَيِ الْمَالِكِ، كَوَلَدِ الْجَانِيَةِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَرْشُ الْجِنَايَةِ فَكَذَا نَمَاءُ النِّصَابِ وَنِتَاجُهُ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الزَّكَاةُ فَلَا يَكُونُ الْفُقَرَاءُ فِيهِ شُرَكَاءَ] اهـ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا