ما حكم أداء الصلوات الخمس عبر مكبرات الصوت؟ وما حكم تشغيل البث الإذاعي للقرآن الكريم والتواشيح عبر مكبرات الصوت بصوت مرتفع جدًّا قبل أذان الفجر بساعة تقريبًا؟
تنبيه الناس إلى الصلاة إنما يحصل بالأذانِ الذي شُرع للإعلام بدخول الوقت، والإقامةِ التي شُرعت لتنبيه المنتظرين للصلاة إلى الشروع فيها، فإذا وجد وليُّ الأمر -ممثَّلًا في وزارة الأوقاف- حصولَ ضررٍ وإزعاجٍ للناس في تشغيل مكبرات الصوت لإذاعة الصلاة أو غيرها من القرآن والتواشيح ونحوها، فإن له أن يمنع ذلك، ويجب على الناس الالتزام.
المحتويات
الإسلام دين سماحةٍ وعدلٍ وإنصافٍ وذوقٍ وأدبٍ ورحمةٍ، ومع أنه هو دين الحقِّ الذي لا يقبل اللهُ تعالى من أحدٍ من المكلَّفين غيره: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَامُ﴾ [آل عمران: 19]، فهو لا يقهر أحدًا على الدخول فيه، ولا يرغم أحدًا على الاستماع إليه قسرًا: ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: 29]، ﴿أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: 99]، ﴿لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ﴾ [الغاشية: 22]، ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ [البقرة: 256]، ولذلك فإن على المسلمين أن ينشروا شعائره بطريقة تناسب المبادئ والمُثُل التي يدعو إليها، ولا يجوز للمسلم أن يكون فتنةً للناس أو حجابًا بين الخلق والخالق تحت شعار الدعوة إلى الله تعالى بإسماع الناس المواعظ والآيات قهرًا رغم أنوفهم، وإزعاجهم في بيوتهم وأعمالهم، ومزاحمتهم في أوقات راحتهم وانشغالاتهم، بل الأمر متروك لكل مكلف بما يناسب وقته وقدراته واستعداداته، فلا ينبغي استعمال مكبرات الصوت وسماعات المساجد في النَّيل مِن راحة الناس في ليل أو نهار تحت دعوى التذكير، وتحت زعم قدسية المادة المذاعة وحِقِّيتها؛ فقد قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 58]، وروى أحمد وابن ماجه والطبراني عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»، ويقول النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: «المُسلِمُ مَن سَلِمَ المُسلِمُون مِن لِسانِه ويَدِه» متفق عليه.
وكان من هَدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يقيم الشعائر مع مراعاة المشاعر، فكان شديد الحرص على مصالح الخلق ومراعاة مشاعر الناس وأوقات راحتهم: فكان صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إنِّي لأَقُومُ في الصَّلاةِ أُرِيدُ أَن أُطَوِّلَ فيها، فَأَسمَعُ بُكاءَ الصَّبِيِّ، فأَتَجَوَّزُ في صَلاتِي؛ كَراهِيةَ أَن أَشُقَّ على أُمِّهِ» رواه البخاري وغيره من حديث أبي قتادة رضي الله عنه.
وروى البخاري ومسلم في "صحيحَيهما" -واللفظ للبخاري-: أَنَّ مُعاذَ بنَ جَبَلٍ رضي الله عنه كانَ يُصَلِّي مع النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، ثُم يَأتِي قَومَه فيُصَلِّي بهم الصَّلاةَ، فقَرَأَ بهم البَقَرةَ، فتَجَوَّزَ رَجُلٌ فَصَلَّى صَلاةً خَفِيفةً، فبَلَغَ ذلك مُعاذًا فقال: إنَّه مُنافِقٌ، فبَلَغَ ذلك الرَّجُلَ فأَتى النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّا قَومٌ نَعمَلُ بأَيدِينا، ونَسقِي بنَواضِحِنا، وإنَّ مُعاذًا صَلَّى بنا البارِحةَ فقَرَأَ البَقَرةَ، فتَجَوَّزتُ، فزَعَمَ أَنِّي مُنافِقٌ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: «يا مُعاذُ، أَفَتَّانٌ أنتَ -ثَلاثًا- اقرَأْ ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾ و﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ ونَحوها».
ورويا أيضًا -واللفظ للبخاري- عن أَبِي مَسعُودٍ الأَنصارِيِّ رضي الله تعالى عنه قال: قال رَجُلٌ: يا رسولَ اللهِ، لا أَكادُ أُدرِكُ الصَّلاةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بنا فُلانٌ، فما رَأَيتُ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم في مَوعِظةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِن يَومئذٍ، فقال: «أيُّها النَّاسُ، إنَّ منكم مُنَفِّرِينَ، فمَن صَلَّى بالنَّاسِ فليُخَفِّف؛ فإنَّ فيهم المَرِيضَ والضَّعِيفَ وذا الحاجةِ».
فهذه النصوص وغيرها تمنع من أذى الخَلق، وتراعي مشاعرهم في إسماعهم شعائر الإسلام، وتُرَهِّب مِن التَّعَدِّي عليهم بالقول أو الفعل.
وإذا كان العدوان والظلم واقعَين على الجيران فإن الذنبَ يكون أعظم، والجُرمَ يصير أَشنَع؛ للنصوص المتكاثرة في الوصية بالجار؛ كقوله تعالى: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: 36]، وقول النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: «واللهِ لا يُؤمِنُ، واللهِ لا يُؤمِنُ، واللهِ لا يُؤمِنُ»، قيل: ومَن يا رسول الله؟ قال: «الذي لا يَأمن جَارُهُ بَوايقَه» رواه البخاري.
رَفعُ الصوت بهذه المكبِّرات بالتواشيح قبل أذان الفجر فيه أذًى بليغ للخلق وعدوان شديد على الناس وإقضاضٌ لمضاجعهم، والله أعلم بأحوالهم؛ فمنهم المريض الذي تزيد اليقظةُ ألمه، ومنهم الأُمُّ التي سهرت طوال ليلها لينام أطفالُها، فإذا أرادت الهُجُوعَ هجمت عليها هذه الأصوات لتمنعها راحتَها، ومنهم صاحب العمل الذي يشقى طوال يومه أو ليله ولا يجد فرصة للراحة من عناء العمل إلا في ذلك الوقت، وهكذا يجمع هؤلاء الآثام ومظالم الخلق وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، ولا يشفع في ذلك أن هذه الأصوات العالية محمَّلة بالتواشيح والمدائح الطيبة المشروعة في نفسها؛ فإن المسلم مأمور بمراعاة مشاعر إخوانه ومنهيٌّ عن إزعاجهم في أوقات راحتهم، وفعل هذا حرام شرعًا، ولا يبرر لصاحبه أنه يريد الخير؛ فإن "درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح"، ومراعاة راحة الناس وترك إزعاجهم واجبٌ شرعيٌّ، والمسلم مأمور بألا يستعدي الخلق على الدين حتى لو كان ذلك بشيء من الدين؛ فالله تعالى نهى عن سبِّ آلهة المشركين -مع أن ذلك حقٌّ في نفسه، بل هو مظهر من مظاهر البراءة من الكفر- حتى لا يُجرِّئهم ذلك على سبِّ الله سبحانه وتعالى وتقدَّس، فكيف برفع الصوت بهذه التواشيح -المباحة في نفسها- واستخدامها لإقلاق راحة الناس وإسخاطهم عليها.
ثم إن الله سبحانه وتعالى قد سمَّى ما قبل الفجر "وقتَ عورة"؛ فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ﴾ [النور: 58]، وفي هذا توجيهٌ ربَّانيٌّ بمراعاة أحوال الخلق واعتبار مشاعرهم خاصَّةً في هذا الوقت.
قد يكون الأمر بالنسبة لإذاعة الصلوات الخمس أقلَّ ضررًا وأيسر شأنًا من إذاعة التواشيح قبل الفجر، لكن لـمَّا رأى ولي الأمر منع إذاعة الصلوات الخمس في مكبِّرات الصوت الخارجية صارت مخالفة ذلك افتياتًا على ولي الأمر؛ لأن له حق تقييد المباح، فكيف إذا كان في ذلك نوعُ أذًى للخلق وإزعاج للناس، كما أن رفع الصوت بهذه الطريقة مُؤذٍ للمصلين في المساجد والبيوت ومحالِّ العمل المجاورة، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: 110]، وفي الحديث الذي رواه النسائي في "الكبرى" وغيرُه عن أبي حازم التَّمّار عن البَياضِيِّ رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج على الناس وهم يصلون، وقد عَلَت أصواتُهم بالقراءة، فقال: «إنَّ المصَلِّيَ يُناجِي رَبَّه، فليَنظُر ماذا يُناجِيه به، ولا يَجهَر بعضُكم على بعضٍ في القرآنِ».
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم قراءةُ القرآن من خلال جهاز مكبر الصوت قبل صلاة الفجر والجمعة؟ فهناك مسجد مجاور لنا يتم فيه قراءة القرآن الكريم بشكلٍ يوميٍّ مِن خلال جهاز مكبِّر الصوت قبل أذان الفجر بعشر دقائق وكذلك قبل الأذان في صلاة الجمعة فقال البعض: إن هذا بدعة ويأثم من يفعل ذلك؛ فنرجو منكم بيان حكم ذلك.
ما حكم مراعاة ترتيب السور عند قراءتها في الصلاة؟ وما حكم صلة أهلي الذين يصلونني تارة ويقطعونني تارة أخرى بدون سبب؟
ما حكم إقامة صلاة العيدين في المصليات الصغيرة؟ فأنا أسكن في منطقة سكنية وينتشر فيها عدد من المصليات الصغيرة التي يؤدي فيها الناس الصلوات الخمس ما عدا الجمعة، وذلك بناء على تعليمات الجهات الرسمية، وقد اقترح بعض أهل المنطقة أن يتقدموا بطلب رسمي لتلك الجهات لتسمح لهم بإقامة صلاة العيد في تلك المصليات؛ بحجة أن بعض الناس لا يقدرون على الذهاب إلى مصلى العيد في المسجد الكبير في المنطقة، لكن أحد الناس قال إن السُّنَّة هي الصلاة في المساجد والساحات الكبيرة؛ فهل يجوز لنا أن نقيم صلاة العيد في تلك المصليات الصغيرة؟
ما حكم القنوت في الفجر؟ حيث إن هناك خلافًا بين المصلين في مسجدنا في ذلك.
ما حكم كتابة الآيات القرآنية بالذهب على جدار قبلة المسجد النبوي الشريف والكعبة المشرفة؟
ما حكم المواظبة على قراءة سورة السجدة في فجر الجمعة؟