نتشرف بأن نرسل لسيادتكم مذكرة بشأن وقف مسجد البقلي ببندر أسيوط، التي تم عرضها على مجلس السادة الوكلاء لاتخاذ القرار المناسب لاستغلال مساحة الأرض 900م الذي قرر مجلس السادة الوكلاء فيها ما نصُّه: "تأجيل الموضوع لحين استطلاع رأي فضيلة المفتي بشأن تغيير صفة الوقف، والمعتمد من معالي الدكتور الوزير". برجاء التفضل من سيادتكم بعد الاطلاع بالإفادة حتى يمكن العرض على مجلس السادة الوكلاء، ومرفق طيُّه صورة من المذكِّرة.
وملخص ما جاء في المذكرة: أن هناك وقفًا هو عبارة عن أرض فضاء بجوار مسجد البقلي، مساحتها أكثر من 900م مربع، مسورة بسور مزخرف بزخارف إسلامية، ومغلقة من جميع الجوانب، في يد هيئة الأوقاف والمديرية منذ استلامها، وأن هذه الأرض موقوفة على أنها: وقف وتصدُّق لله سبحانه وتعالى، محل طيارة، وساقية، وحوض، وسبيل، وأرض فضاء حرم ذلك.
وهناك عصابة تستغل الظروف للاستيلاء على هذه الأرض المجاورة للمسجد كما يتضح من كلام مدير المنطقة.
وقد قامت المنطقة بعرض الأمر على الإدارة الهندسية لعمل ترخيص بناءٍ عليها لصالح هيئة الأوقاف المصرية، وتم العرض على مجلس السادة الوكلاء بالوزارة لبحث الحجة والنظر في الموضوع؛ حيث إن َّالأرض موقوفة لغرض الصلاة وفيها ساقية لإخراج الماء وحوض لسقاية الدواب -كما جاء بحجة الوقف-، فقرَّرَ اتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على قطعة الأرض من التعديات وإنشاء سور يحاط بنواحيها الأربعة، وتشكيل لجنة لوضع أفضل الحلول لقطعة الأرض، على أن يتم استطلاع رأي فضيلة المفتي بشأن تغيير صفة الوقف؛ حيث إنه يلزم تغيير شرط الواقف حتى يمكن استخدام هذه الأرض في البناء.
لا يجوز تغيير صفة الوقف؛ لأن شرط الواقف كنص الشارع، ويجب الحفاظ على الوقف وحمايته واتخاذ الوسائل الكفيلة بذلك، فإذا رُوعي شرط الواقف، وتأكد لناظِرِ الوقف المخوَّل شرعًا بالنظر في مصالحه -وهو هنا وزارة الأوقاف- عدم القدرة على الحفاظ عليه، فإنَّه يجوز حينئذٍ تغييرُ صفة الوقف بقدر ما تندفع به الحاجة، والتي تُقدَّر بقدرها.
المحتويات
الأصل في الوقف: أنه حبسٌ للموقوف على الموقوف عليه؛ لما نصَّ عليه الفقهاء من أنَّ "شرطَ الواقفِ كنصِّ الشارع"، وأنَّ "شرط الواقف يجب اتباعه"، فيجب اعتباره وتنفيذه كوجوب العمل بنصِّ الشَّارع؛ قال العلَّامة ابن نُجيم الحنفي في "الأشباه والنظائر" (ص: 163، ط. دار الكتب العلمية): [شرط الواقف يجب اتباعه؛ لقولهم: "شرط الواقف كنص الشارع"؛ أي: في وجوب العمل به، وفي المفهوم والدلالة] اهـ.
وقال الإمام تقي الدين السبكي الشافعي في "الفتاوى" (2/ 13، ط. دار المعارف): [والفقهاء يقولون: شروط الواقف كنصوص الشارع، وأنا أقول من طريق الأدب: شروط الواقف من نصوص الشارع؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ»، وإذا كانت مخالفةُ النص تقتضي نقضَ الحكم؛ فمخالفةُ شرط الواقف تقتضي نقض الحكم] اهـ.
غير أنَّ العين الموقوفة قد يَرِدُ عليها ما يمنع الانتفاع بها، أو يقلِّلُه، مما يعودُ على أصل مقصد الوقف بالإبطال أو التَّعطيل، مما جعل الفقهاء يجوِّزون استبدال الوقف بغيره نظرًا للمصلحة التي تحقِّقُ مقصدَه؛ فأباح السَّادة الحنفية استبدالَ الوقف لمجرَّد مصلحةٍ راجحة؛ كاستبداله بآخر أكثر رِيعًا منه، أو استبداله بالدراهم؛ بأن يُحوِّل الموقوف إلى أموالٍ سائلة تُصرف في مصالح الوقف؛ ففي "العقود الدرية" للعلامة ابن عابدين الحنفي (1/ 115، ط. دار المعرفة): [في فتاوى "قاري الهداية" سُئل عن استبدال الوقف ما صورته: هل هو على قول أبي حنيفة وأصحابه؟
أجاب: الاستبدال إذا تعيَّنَ بأن كان الموقوف عليه لا ينتفع فيه، وثمة من يرغب فيه، ويعطي بدله أرضًا، أو دارًا لها ريعٌ يعود نفعه على جهة الوقف؛ فالاستبدال في هذه الصورة قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى، وإن كان للوقف ريع، ولكن يرغب شخص في استبداله إن أعطي بدله أكثر ريعًا منه في صقع أحسن من صقع الوقف جاز عند القاضي أبي يوسف والعمل عليه، وإلا فلا يجوز، وأباح بعض علماء المالكيَّةِ استبدال الوقف للمصلحة الراجحة في العقار] اهـ.
وقال بالاستبدال والمناقلة في الوقف للمصلحة أيضًا بعضُ علماء الحنابلة ومتأخريهم؛ قال العلامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (7/ 101، ط. دار إحياء التراث العربي): [فقد نقل عن صالح جواز نقل المسجد لمصلحة الناس، وصنف صاحب "الفائق" مصنفًا في جواز المناقلة سماه: "المناقلة في الأوقاف وما في ذلك من النزاع والخلاف"، ووافقه على جوازها الشيخ برهان الدين ابن القيم، والشيخ عز الدين حمزة وصنف فيه مصنفا سماه: "رفع المثاقلة في منع المناقلة"، ووافقه أيضا جماعةٌ في عصره] اهـ بتصرف.
وقال الشيخِ ابنُ تيمية الحنبلي في "الفتاوى الكبرى" (4/ 360، ط. دار الكتب العلمية): [وأما إبدال المنذور والموقوف بخيرٍ منه كما في إبدال الهدي: فهذا نوعان:
- أحدهما: الإبدال للحاجة.
- والثاني: الإبدال لمصلحة راجحة؛ مثل أن يبدل الهدي بخير منه، ومثل المسجد إذا بني بدله مسجد آخر أصلح لأهل البلد منه] اهـ.
وليس الأمر متوقفًا عند جواز تغيير مصرف الوقف فقط؛ بل نصُّوا على جواز تغيير شرطه أيضًا ما دام التغيير مُنصبًّا على مُراعاة المصلحة؛ يقول الشيخ ابن تيمية الحنبلي في "الفتاوى الكبرى" (5/ 429، ط. دار الكتب العلمية): [ويجوز تغيير شرط الواقف إلى ما هو أصلح منه وإن اختلف ذلك باختلاف الزمان] اهـ.
وقال العلامة الرحيباني الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (4/ 376، ط. المكتب الإسلامي): [سئل الشيخ تقي الدين فيمن بنى مسجدًا لله، وأراد غيره أن يبني فوقه بيتًا وقفًا له، إما لينتفع بأجرته في المسجد، أو ليسكنه لإمامه، ويرون ذلك مصلحة للإمام أو للمسجد، فهل يجوز ذلك أم لا؟ فأجاب بأنَّه: إذا كان ذلك مصلحة للمسجد؛ بحيث يكون ذلك أعون على ما شرعه الله ورسوله فيه من الإمامة، والجماعة، وغير ذلك مما شرع في المساجد؛ فإنه ينبغي فعله كما نصَّ على ذلك ونحوه غير واحد من الأئمة] اهـ.
فيستفاد من تلك الأقوال والنصوص أنَّ استبدال جهةِ الوقف هو من الأمور المشروعة؛ تحقيقًا لمقصد الوقف وتحريًا لكمال نفعه، والسعيُ في جلب المصالح أمرٌ محمودٌ مثابٌ عليه مِن قِبَل الشرع.
بناءً عليه وفي واقعة السؤال: فالأصل في هذه الأرض وقفيتُها للصلاة وملحقاتها؛ كما نص عليه واقفُها، وشرطُ الواقف كنصِّ الشارع؛ فتجب مراعاةُ هذا الشرط عند الكلام على جواز تغيير صفةِ الوقف، كما أنَّ تبريرَ هذا التَّغيير بخوف الاستيلاء على الأرض كلامٌ مرسَلٌ يمكن ادِّعاؤه في كلِّ وقف، فلا بد من مراعاةِ شرط الواقف واعتباره أوّلًا، ولا بد من اتخاذ الوسائل الكفيلة بمنع التَّعدِّي على أرض الوقف ثانيًا، فإذا رُوعيَ شرطُ الواقف أو ما في معناه، ولم تكن الإجراءات المعتادة لحماية الوقف كافيةً في الحفاظ عليه، وتأكَّدَ ذلك لناظِرِ الوقف المخوَّل شرعًا بالنظر في مصالحه -وهو هنا وزارة الأوقاف- فإنَّه يجوز لها حينئذٍ تغييرُ صفة الوقف بقدر ما تندفع به الحاجة، وهي تُقدَّر بقدرها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سئل بإفادة من عموم الأوقاف مؤرخة في 23 يولية سنة 1900م، مضمونها أن المرحوم صاحب الوقف وقف 198.3 فدانًا بإحدى النواحي بمقتضى وقفية من المحكمة بتاريخ 24 ذي القعدة سنة 1277هـ، ثم حرر حجة تغيير من نفس المحكمة بتاريخ 29 محرم سنة 1283هـ، ولوفاة الواقف وزوجته المشروط لها النظر والاستحقاق من بعده عن غير ذرية؛ كان تنظر واحد من عتقى الواقف على هذا الوقف، ولوفاة بعض عتقى الواقف في مدة نظارة المذكور، وما علم للديوان من أنه كان جاريًا توزيع استحقاق من يموت من هؤلاء العتقى على باقي العتقى، كان أفتي من حضرة مفتي الديوان السلف بتاريخ 19 محرم سنة 1308هـ بأن من يموت منهم لا ينتقل نصيبه لولده، ولا يرد على باقي العتقى لعدم الشرط؛ بل يكون منقطعًا، ومصرفه الفقراء، ولوفاة الناظر المذكور، وتنظر الحضرة الفخيمة الخديوية على هذا الوقف؛ لعدم وجود ذكور من العتقى، وعرض ذلك على حضرة مفتي الديوان الحالي، أفتى بتاريخ 13 فبراير سنة 1900م بأيلولة نصيب الناظر المذكور إلى العتقى الموجودين بالسوية، وللاختلاف في الفتويين المذكورتين كان طلب من حضرة المفتي الحالي إعادة نظره على شرط الواقف، والفتيا الأولى سالفة الذكر والإفادة، ولتصادف قيامه بالإجازة لم يحصل شيء، وعليه يرغب الديوان الاطلاع على هاتين الفتويين، وحجة الوقفية والتغيير، والإفادة بما يقتضيه الوجه الشرعي في نصيب من يموت من العتقى المذكورين. وطيه ورقه عدد 5 بحافظة.
ما حكم هدم مسجد بني في أرض مغتصبة؟ فقد طلبت وزارة التعمير- جهاز تنمية مدينة العاشر من رمضان - بكتابها أن دولة العلم والإيمان وهي تنشئ وتعمر تضع في مقدمة أعمالها تشييد دور العبادة لأداء الصلاة وإقامة شعائر الدين، لهذا وحين رخصت الدولة بإنشاء مدينة العاشر من رمضان على المساحة التي حددها قرار السيد رئيس الجمهورية رقم 249 سنة 1977م أُعِدَّ تخطيط للمدينة مع تحديد مواقع المساجد على نحو كافٍ، وتم فعلًا بناء أول مسجد، وتم افتتاحه للصلاة، إلا أن نفرًا ممن احترفوا التمسح بالدين اعتدوا على جزء من هذه الأراضي بوضع اليد عليها لأغراض شتى جاعلين الدين واجهة لإخفاء نواياهم الحقيقية؛ وذلك باستيلائهم على مساحة قدرها سبعة عشر ألفًا وخمسمائة متر مربع من أرض المدينة، وخصصا منها ما لا يجاوز تسعين مترًا مربعًا لإقامة مسجد -زاوية صغيرة- وأما بقية المساحة فلإقامة كازينو وكافيتريا بجوار هذا المسجد، فما حكم الشريعة الغراء في مدى مشروعية إقامة مسجد أو زاوية على أرض الغير -أرض المدينة- غصبًا؟
ما حكم الانتفاع بأرض كانت مخصصة للدفن لإقامة مشروعات عامة عليها؛ حيث توجد مساحة مخصصة للدفن للمسلمين داخل كتلة سكنية، ولكن لم يُدْفَن فيها من أكثر من مائة عام، فهل يجوز الحفر ونقل أي بقايا داخل باطن الأرض إلى المقابر الجديدة المستعملة حماية وتكريمًا لمن كان في بطن تلك الأرض، وتخصيص المساحة القديمة لمشروعات النفع العام؛ كمسجد أو معهد تعليمي أو غيرهما من المشروعات ذات النفع العام؟
ما حكم استخدام مصلى قديم استغنى عنه الناس؛ حيث يوجد بقريتنا مصلى قديم لا تقام فيه شعائر الصلاة نظرًا لإنشاء مسجد جديد بجواره، وقد استغل جزء من هذا المصلى القديم كمكتب لتحفيظ القرآن الكريم، ولعدم وجود مكان آخر يريد أهل القرية أن يستغلوا بقية المصلى القديم كدار حضانة للأطفال الصغار. فما هو الحكم الشرعي؟
ما حكم إتمام الوكيل للوقف بعد إلغاء التوكيل؟ فسيدة وكلت وكلاء في بيع ثمانية أفدنة من ملكها يُخَصَّصُ ثمنها لبناء جامع على قطعة الأرض التي سَتُشْتَرى من الثمن المذكور، ثم وقفها ووقف المسجد باسمها، فباع الوكلاء ثمانية الأفدنة واشتروا قطعة الأرض المذكورة، وهنا أبلغت الموكلة المذكورة النيابة طالبة كل ما لها لدى الوكلاء المذكورين، وقررت في التحقيقات أنها عدلت عن بناء المسجد ولم تقف هي ولا وكلاؤها المذكورون هذه الأرض بعد شرائها، ثم عزلتهم من التوكيل، فتجاهلوا العدول والعزل واتفقوا مع مقاول على بناء مسجد على هذه الأرض، فأنذرت هذا المقاول رسميًّا بعدم ارتباطها بتعاقدهم معه على بناء هذا المسجد لعدولها عنه وعزلها لهم، وباعت الأرض فعلًا، ورغم هذا سار المقاول في البناء، وفي أثناء إقامة الأسوار توفيت، ولكن المقاول رغم هذا استمر في إتمام الأسوار ووضع السقف بناءً على طلب الوكلاء بعد علمهم بالعزل. فهل ما كان منها من مبدئه إلى نهايته يعد وقفًا للمسجد ويكون ملزمًا لها ولورثتها من بعدها، أو لا يكون وقفًا ولا تكون هي ولا ورثتها ملزمين بقيمة هذه المباني؟ وما حكم الصلاة في هذه الأرض بعد بنائها على هذا النحو؟
ما هو حق الورثة في أرض تبرعت بها المتوفاة حال حياتها؛ حيث تبرعت امرأة حال حياتها وهي بكامل صحتها بقطعة أرض -قدرها قيراط وقصبتان- من ميراثها لوالدها مُبَيَّنة المعالم والحدود بعقدِ تبرُّع مُحَرَّرٍ وَقَّع عليه الشهود؛ لبناء مسجد لله تعالى، ولم يتم بناء المسجد حتى وفاتها، فهل لأحد من الورثة حقّ في قطعة الأرض المذكورة؟