ما حكم من يقول بأن الحج ما هو إلا بقايا عبادة وثنية؟
القول بأن الحج بقايا عبادة وثنية
القول بأن الحج ما هو إلا بقايا عبادة وثنية لا يصدر إلا من جاهلٍ بمناسكه وشعائره؛ فإنه من أعظم العبادات دلالةً على التوحيد، وإنما جاءت الوثنية من بُعْدِ الناس عن ملة إبراهيم عليه السلام، فجاء الإسلام ليعيد للحج صفاءه وتوحيده وإخلاصه لله تعالى؛ فأُمِرَ المسلمون أن يلبوا: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، ولم يطف النبي صلى الله عليه وآله وسلم حول الكعبة عام الفتح حتى طهَّرها مما فيها وما حولها من الأصنام ومظاهر الشرك والوثنية، وأمر مناديه أن ينادي: «أَلَا لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ» متفق عليه، فصارت مناسك الحج على الحنيفية السمحة بما فيها من طواف وسعي ووقوف بعرفة وغير ذلك.
وشتان ما بين عبادة غير الله تعالى وما بين عبادته وطاعته سبحانه بتقديس ما قدَّسه من الأماكن والأزمنة والأشخاص والأحوال؛ فإن هناك بونًا شاسعًا بين التقديس بالله والتقديس مع الله؛ إذ إن التقديس بالله طاعةٌ واتباعٌ وتوحيدٌ لا يعتقد صاحبها شيئًا من النِّدِّيَّة لشيء من المخلوقات مع الله سبحانه؛ وذلك كسجود الملائكة لآدم عليه السلام بأمر الله تعالى.
أما التقديس مع الله فهو كسجود المشركين للأصنام واتخاذهم إياها أندادًا مع الله تعالى؛ لها ما لَهُ سبحانه من التعظيم والتقديس: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا للهِ﴾ [البقرة: 165].
فالتسوية بين طاعة الله تعالى بفعل هذه المناسك الشريفة والسير على ملة إبراهيم عليه السلام فيها وبين شرك المشركين وخرافات الوثنيين في عبادة أحجار وأشجار وكائنات لا تضر ولا تنفع هو في الحقيقة نوعٌ من التلبيس الذي لا يروج إلا على ضعفاء العقول، ولا يَمُتُّ للحقيقة بصلة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.