بيع السمك في المزارع والأحواض

تاريخ الفتوى: 05 نوفمبر 2017 م
رقم الفتوى: 4163
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الكسب
بيع السمك في المزارع والأحواض

ما حكم بيع السمك في المزارع والأحواض؟ فقد ذهبت إلى إحدى المزارع السمكية فوجدتهم يضعون الأسماك في أحواض زجاجية فنحدد ما نريده ويتفقون معنا على السعر أولًا، ثم يخرجون لنا ما اخترناه، فهل هذا يدخل فيما ورد النهي عنه في الشريعة الإسلامية من بيع السمك في الماء؟

لا مانع شرعًا من بيع السمك في المزارع والأحواض السمكية المتعارف عليها الآن على النحو الوارد بالسؤال؛ لانتفاء الغرر والجهالة في هذه المعاملة؛ وذلك بتحقق رؤية المشتري للمبيع وقدرة البائع على تسليمه، وانحصار الماء في الأحواض وأماكن العرض، وعدم الكلفة الكبيرة عرفًا في إخراجه وتسليمه -حتى وإن طالت مدة التحصيل-، ما دام قد تم صيده بطريقة يُقرُّها الشرع الشريف.

المحتويات

بيع السمك في المزارع والأحواض

الأصل في الانتفاع بالسمك الحِل؛ لقوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [المائدة: 96]، وللحديث الذي رواه الإمام مالك في "الموطأ" والإمام أحمد في "مسنده" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما سُئل عن البحر قال: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحَلَالُ مَيْتَتُهُ».

والمزارع السمكية هي أحواضٌ صناعيةٌ يتم من خلالها تنمية الأحياء المائية -نباتية كانت أم حيوانية- تحت نظامٍ غذائيٍّ متكاملٍ وآمنٍ ووفق ظروفٍ بيئيةٍ مناسبة، من أجل توفير المنتجات ذات القيمة الغذائية العالية بسعرٍ مناسبٍ وبصورةٍ نظيفةٍ وآمنة، والمساعدة في عملية غسيل الأراضي الملحية لأغراض الزراعة، وتسميدها وتحسين نوعيتها.
وتتميز بأنها محدودة الحجم مقسمة المساحة، محكمة التنظيم والتخطيط وفق مواصفات قياسية في جميع مراحل النمو المختلفة بداية من تخزين الأمهات، ثم التفريخ وإنتاج اليرقات، ثم التربية والتسمين ثم البيع والتسويق، من خلال نظامٍ منضبطٍ يحقق الإمداد الدوري والمفيد للمياه والتغذية، ويضمن منع التهرب والتسرب للأسماك الموجودة داخل هذه الأحواض منها أو إليها مع تمكن اصطيادها وتسلمها في كل وقت ممكن وبأقل تكلفةٍ عرفًا.
وهذه الضمانات تنفي الجهالة والغرر عن عملية البيع والتسويق للأسماك من خلال الأحواض الموجودة في المزارع السمكية؛ حيث تحققت فيها الشروط الشرعية في المعقود عليه، التي إذا وجدت حَلَّ البيع، وإلا فلا؛ فكل شيءٍ طاهرٌ، مُنتَفَعٌ به نفعًا مقصودًا، مملوكٌ للعاقد، مقدورٌ على تسليمه للمتعاقد، معلومُ الجنس والنوع والقدر: يَحِلُّ بيعه وشراؤه، وما انتفى فيه شرط من ذلك حرم ولا يصح بيعه أو شراؤه؛ قال الإمام النووي في "منهاج الطالبين وعمدة المفتين" (ص: 211، ط. دار المنهاج): [وللمبيع شروط: طهارة عينه.. الثاني: النفع.. الثالث: إمكان تسليمه.. الرابع: الملك لمن له العقد.. الخامس: العلم به] بتصرف.

وذلك مما يجعل الصورة المسؤول عنها غير داخلة تحت النهي عن بيع الغرر فيما رواه الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن بيع الغرر"؛ لأن الغرر هو: ما كان له ظاهر يغر المشتري وباطن مجهول، فهو إذن البيع مجهول العاقبة، قال العلامة الجرجاني في "التعريفات" (ص: 161، ط. دار الكتب العلمية): [الغرر: ما يكون مجهول العاقبة لا يدري أيكون أم لا] اهـ.

وكما أنه لا يدخل في النهي عن بيع السمك في الماء؛ حيث روى الإمام أحمد في "مسنده" عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تَشْتَرُوا السَّمَكَ فِي الْمَاءِ فَإِنَّهُ غَرَرٌ»؛ لأنه محمولٌ على عدم القدرة على تسليمه ومنع الغرر وهو جهالة العين.

حكم بيع السمك في الماء ومذاهب الفقهاء في ذلك

قد أجاز الحنفية بيع السمك في الماء، إذا انتفت الجهالة والغرر، وذلك بأن يكون السمك في أجمةٍ، أو بركةٍ، أو جُبٍّ (والجُبُّ هي: البئر الواسعة)؛ قال العلامة السرخسي الحنفي في "المبسوط" (13/ 12، ط. دار المعرفة): [وإن كان في وعاء أو جب يقدر عليه بغير صيد فبيعه جائز عندنا] اهـ. وذلك؛ لبقاء ملكه، وقدرته على التسليم من غير صيد.

أما السادة المالكية فقد حملوا النهي على الكراهة، حيث أجازوا ذلك بشرط أن يكون الماء محصورًا في محل محدود كبركة صغيرة يتوصل إلى معرفة ما فيها، ويقدر على تناوله؛ قال العلامة النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني في شرح رسالة أبي زيد القيرواني" (2/ 93، ط. دار الفكر): [وما تقدم من منع بيع السمك في الماء، قيده بعض الشيوخ بما إذا لم يكن في محل محصور، كبركة صغيرة بحيث يتوصل إلى معرفة ما فيها، ويقدر على تناولها، وإلا جاز] اهـ.

ويرى الشافعية عدم صحة البيع إذا كان السمك بِبِركةٍ واسعة، ويتطلب إخراجه كلفةً كبيرةً عرفًا؛ قال العلامة شهاب الدين الرملي في "نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (3/ 399، ط. دار الفكر): [ولا يصح أيضًا بيع نحو سمك ببركة واسعة يتوقف أخذه منها على كبير كلفة عرفًا، فإن سهل صح إن لم يمنع الماء رؤيته] اهـ.

أما السادة الحنابلة فقد توقفت صحة البيع عندهم على أن يكون السمك في ماء صاف بحيث يكون السمك مرئيًّا فيه للمشتري ليكون معلومًا وتنتفي الجهالة، وأن يكون الماء محوزًا أي: محصورًا كحوض، أو طست، أو كان في بركة غير متصلة بالنهر، وأمكن إخراج السمك منها بسهولة، وإن طالت مدة تحصيله، فإن عجز عن إخراجه لم يصح البيع؛ قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع عن متن الإقناع" (3/ 162، ط. دار الكتب العلمية): [(فإن كان السمك في ماء) نحو بركة (صافٍ) ذلك الماء (يشاهد فيه) السمك (غير متصل) الماء بنهر (ويمكن أخذه) أي: السمك (منه) أي: الماء (صح) البيع؛ لعدم الغرر (ولو طالت مدة تحصيلهما) أي: الطير والسمك. هذا إن سهل أخذه، فإن لم يسهل بحيث يعجز عن تسليمه لم يصح البيع؛ لعجزه عن تسليمه في الحال] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فيصح بيع السمك في المزارع والأحواض السمكية المتعارف عليها الآن؛ لتحقق ملك البائع للسمك، وانتفاء كل من الغرر والجهالة، برؤية المشتري له وتحق القدرة على تسليمه، وانحصار الماء في الأحواض وأماكن العرض، وعدم الكلفة الكبيرة عرفًا في إخراجه وتسليمه، ما دام قد تم صيده بطريقةٍ يقرها الشرع الشريف.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم التصرف في الأمانة للمصلحة؟ فقد أعطاني شخص مبلغًا من المال على سبيل الأمانة لحفظه، فبادرت دون إذنه إلى شراء ذهب نظرًا لترقُّب ارتفاع أسعاره، فما حكم هذا التصرف؟ ومن يستحق الربح أو يتحمَّل الخسارة المترتبة عليه؟


ما حكم دفع الرشوة لقضاء المصالح؟ فحينما نتوجه لمصلحة حكومية لعمل مستند ما، فيتكاسل المسؤول عن العمل ويتبع عبارة تقول: فوت علينا بكره يا سيد وأمثالها، حتى يضطر المواطن لدفع الرشوة لإنهاء حاجته؟ فبماذا تفسرون ذلك؟


يقول السائل: يدَّعي بعض الناس جواز الاتّجار في المخدرات من غير تعاطيها، وأنه ليس حرامًا؛ لأنه لم يرد نصٌّ في القرآن الكريم أو السنة المشرفة بحرمة ذلك. فنرجو من منكم الردّ على ذلك وبيان الرأي الشرعي الصحيح.


ما حكم التحايل والغش في البضاعة المتفق على توريدها في المناقصات؟ حيث أعمل في مجال تجارة واستيراد الأجهزة الطبية، وعندما أذهب للاشتراك في أي مناقصة عامة لتوريد هذه الأجهزة أجد من شروط توريد الأجهزة أن يكون بلد المنشأ إنجلترا أو أمريكا أو ألمانيا فقط، مع العلم بأن هذه الأجهزة تُصَنَّعُ في الصين وبنفس الجودة وبسعر أقل بكثير من هذه الدول، إلا أن شروط المناقصة تستبعد هذه الأجهزة؛ لعدم تصنيعها في هذه الدول، فدَلَّني أحد الأصدقاء من العاملين في هذا المجال بأن أقوم باستيراد هذه الأجهزة من الصين وإدخالها إلى إحدى هذه الدول المنصوص عليها في شروط المناقصات، ومن ثَمَّ أقوم باستيرادها مرة أخرى من هذه الدولة وإدخالها إلى هنا، وبذلك تحصل الأجهزة على ختم هذه الدولة، وفي هذه الحالة لا تكون هناك مشكلة في دخول المناقصات العامة والاستفادة من عطاءاتها، مع العلم أني أبيعها بسعر أقل بكثير من سعر الأجهزة المصنوعة بالفعل في الدول المنصوص عليها في شروط المناقصة. فما حكم الشرع فيما أقوم به؟


ما حكم تقليد بعض الماركات العالمية وعرضها في السوق بنفس اسم الماركة؟


هل يصح العمل بهذه المقولة: "اللي يحتاجه البيت يحرم على الجامع"؟ فقد دار نقاش بين مجموعة من الأشخاص على إثر دعوة أحد الدعاة في القرية من إكثار الجميع من التبرعات والصدقات؛ لصرفها على توسيع المسجد وترميمه وعلى بعض أعمال النفع العام، وكذلك لمساعدة بعض المحتاجين من الفقراء والمساكين في ظل الظروف الراهنة، فذكر البعض أن ضعيف الحال يجب عليه عدم الإنفاق من ماله في تلك الأحوال وأَنَّ بيته وأهله أولى من ذلك، مسترشدًا بمقولة: "اللي يحتاجه البِيت يحرم على الجامع"، فما صحة ذلك؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 22 نوفمبر 2025 م
الفجر
4 :55
الشروق
6 :26
الظهر
11 : 41
العصر
2:36
المغرب
4 : 56
العشاء
6 :17