ما حكم بيع السمك في المزارع والأحواض؟ فقد ذهبت إلى إحدى المزارع السمكية فوجدتهم يضعون الأسماك في أحواض زجاجية فنحدد ما نريده ويتفقون معنا على السعر أولًا، ثم يخرجون لنا ما اخترناه، فهل هذا يدخل فيما ورد النهي عنه في الشريعة الإسلامية من بيع السمك في الماء؟
لا مانع شرعًا من بيع السمك في المزارع والأحواض السمكية المتعارف عليها الآن على النحو الوارد بالسؤال؛ لانتفاء الغرر والجهالة في هذه المعاملة؛ وذلك بتحقق رؤية المشتري للمبيع وقدرة البائع على تسليمه، وانحصار الماء في الأحواض وأماكن العرض، وعدم الكلفة الكبيرة عرفًا في إخراجه وتسليمه -حتى وإن طالت مدة التحصيل-، ما دام قد تم صيده بطريقة يُقرُّها الشرع الشريف.
المحتويات
الأصل في الانتفاع بالسمك الحِل؛ لقوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [المائدة: 96]، وللحديث الذي رواه الإمام مالك في "الموطأ" والإمام أحمد في "مسنده" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما سُئل عن البحر قال: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحَلَالُ مَيْتَتُهُ».
والمزارع السمكية هي أحواضٌ صناعيةٌ يتم من خلالها تنمية الأحياء المائية -نباتية كانت أم حيوانية- تحت نظامٍ غذائيٍّ متكاملٍ وآمنٍ ووفق ظروفٍ بيئيةٍ مناسبة، من أجل توفير المنتجات ذات القيمة الغذائية العالية بسعرٍ مناسبٍ وبصورةٍ نظيفةٍ وآمنة، والمساعدة في عملية غسيل الأراضي الملحية لأغراض الزراعة، وتسميدها وتحسين نوعيتها.
وتتميز بأنها محدودة الحجم مقسمة المساحة، محكمة التنظيم والتخطيط وفق مواصفات قياسية في جميع مراحل النمو المختلفة بداية من تخزين الأمهات، ثم التفريخ وإنتاج اليرقات، ثم التربية والتسمين ثم البيع والتسويق، من خلال نظامٍ منضبطٍ يحقق الإمداد الدوري والمفيد للمياه والتغذية، ويضمن منع التهرب والتسرب للأسماك الموجودة داخل هذه الأحواض منها أو إليها مع تمكن اصطيادها وتسلمها في كل وقت ممكن وبأقل تكلفةٍ عرفًا.
وهذه الضمانات تنفي الجهالة والغرر عن عملية البيع والتسويق للأسماك من خلال الأحواض الموجودة في المزارع السمكية؛ حيث تحققت فيها الشروط الشرعية في المعقود عليه، التي إذا وجدت حَلَّ البيع، وإلا فلا؛ فكل شيءٍ طاهرٌ، مُنتَفَعٌ به نفعًا مقصودًا، مملوكٌ للعاقد، مقدورٌ على تسليمه للمتعاقد، معلومُ الجنس والنوع والقدر: يَحِلُّ بيعه وشراؤه، وما انتفى فيه شرط من ذلك حرم ولا يصح بيعه أو شراؤه؛ قال الإمام النووي في "منهاج الطالبين وعمدة المفتين" (ص: 211، ط. دار المنهاج): [وللمبيع شروط: طهارة عينه.. الثاني: النفع.. الثالث: إمكان تسليمه.. الرابع: الملك لمن له العقد.. الخامس: العلم به] بتصرف.
وذلك مما يجعل الصورة المسؤول عنها غير داخلة تحت النهي عن بيع الغرر فيما رواه الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن بيع الغرر"؛ لأن الغرر هو: ما كان له ظاهر يغر المشتري وباطن مجهول، فهو إذن البيع مجهول العاقبة، قال العلامة الجرجاني في "التعريفات" (ص: 161، ط. دار الكتب العلمية): [الغرر: ما يكون مجهول العاقبة لا يدري أيكون أم لا] اهـ.
وكما أنه لا يدخل في النهي عن بيع السمك في الماء؛ حيث روى الإمام أحمد في "مسنده" عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تَشْتَرُوا السَّمَكَ فِي الْمَاءِ فَإِنَّهُ غَرَرٌ»؛ لأنه محمولٌ على عدم القدرة على تسليمه ومنع الغرر وهو جهالة العين.
قد أجاز الحنفية بيع السمك في الماء، إذا انتفت الجهالة والغرر، وذلك بأن يكون السمك في أجمةٍ، أو بركةٍ، أو جُبٍّ (والجُبُّ هي: البئر الواسعة)؛ قال العلامة السرخسي الحنفي في "المبسوط" (13/ 12، ط. دار المعرفة): [وإن كان في وعاء أو جب يقدر عليه بغير صيد فبيعه جائز عندنا] اهـ. وذلك؛ لبقاء ملكه، وقدرته على التسليم من غير صيد.
أما السادة المالكية فقد حملوا النهي على الكراهة، حيث أجازوا ذلك بشرط أن يكون الماء محصورًا في محل محدود كبركة صغيرة يتوصل إلى معرفة ما فيها، ويقدر على تناوله؛ قال العلامة النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني في شرح رسالة أبي زيد القيرواني" (2/ 93، ط. دار الفكر): [وما تقدم من منع بيع السمك في الماء، قيده بعض الشيوخ بما إذا لم يكن في محل محصور، كبركة صغيرة بحيث يتوصل إلى معرفة ما فيها، ويقدر على تناولها، وإلا جاز] اهـ.
ويرى الشافعية عدم صحة البيع إذا كان السمك بِبِركةٍ واسعة، ويتطلب إخراجه كلفةً كبيرةً عرفًا؛ قال العلامة شهاب الدين الرملي في "نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (3/ 399، ط. دار الفكر): [ولا يصح أيضًا بيع نحو سمك ببركة واسعة يتوقف أخذه منها على كبير كلفة عرفًا، فإن سهل صح إن لم يمنع الماء رؤيته] اهـ.
أما السادة الحنابلة فقد توقفت صحة البيع عندهم على أن يكون السمك في ماء صاف بحيث يكون السمك مرئيًّا فيه للمشتري ليكون معلومًا وتنتفي الجهالة، وأن يكون الماء محوزًا أي: محصورًا كحوض، أو طست، أو كان في بركة غير متصلة بالنهر، وأمكن إخراج السمك منها بسهولة، وإن طالت مدة تحصيله، فإن عجز عن إخراجه لم يصح البيع؛ قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع عن متن الإقناع" (3/ 162، ط. دار الكتب العلمية): [(فإن كان السمك في ماء) نحو بركة (صافٍ) ذلك الماء (يشاهد فيه) السمك (غير متصل) الماء بنهر (ويمكن أخذه) أي: السمك (منه) أي: الماء (صح) البيع؛ لعدم الغرر (ولو طالت مدة تحصيلهما) أي: الطير والسمك. هذا إن سهل أخذه، فإن لم يسهل بحيث يعجز عن تسليمه لم يصح البيع؛ لعجزه عن تسليمه في الحال] اهـ.
بناءً على ذلك: فيصح بيع السمك في المزارع والأحواض السمكية المتعارف عليها الآن؛ لتحقق ملك البائع للسمك، وانتفاء كل من الغرر والجهالة، برؤية المشتري له وتحق القدرة على تسليمه، وانحصار الماء في الأحواض وأماكن العرض، وعدم الكلفة الكبيرة عرفًا في إخراجه وتسليمه، ما دام قد تم صيده بطريقةٍ يقرها الشرع الشريف.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم قبول الهدية الواردة بسبب إرشاد الناس في الزراعة؛ فزوجي يعمل في شركة لبيع الأراضي الزراعية، وكثيرًا ما يستشيره العملاء في بعض الأمور المتعلقة بالعمل، ودائمًا تكون آراؤه صائبة، فيحضر له العملاء بعض الهدايا نظير استشارته، والتي تكون غالبًا أنواع من الفاكهة والخضر. فهل يجوز لزوجي أن يقبل هذه الهدايا؟ وهل يجوز لي أنا وأبنائي أن نأكل من هذه الهدايا؟
ما حكم المشاركة في دعوات الامتناع عن التجارة في أوقات الغلاء؟ فأنا صاحب نشاط تجاري وسمعت أنَّ هناك دعوات ومبادرات لبعض أصحاب المحلات التجارية التي تبيع المواد الغذائية وكذا محلات جزارة اللحوم والطيور لغلق النشاط والامتناع عن ممارسة التجارة بسبب غلاء الأسعار مدعين أن هذا هو مصلحة الفقير، فما حكم المشاركة في تلك المبادرات؟ وما التصرف الشرعي تجاه ذلك؟
سائل يقول: أعمل في مجال شراء الفواكه، وأقوم بعمل عقد لشراء محصول الموز، وذلك وفق إحدى الصيغتين الآتيتين: الصيغة الأولى: يتفق فيها الطرفان البائع والمشتري على بيع محصول الموز عندما يحين وقت نضجه وحصاده بعد فترة زمنية لا تقل عن أربعة شهور بالشروط الآتية المتفق عليها: يدفع المشتري حين توقيع العقد مبلغًا قدره 30000 جنيهًا لكلِّ فدان كتأمين.
يحق للمشتري دون غيره الاستحواذ على المحصول وشراؤه، والذي يتصف بالسلامة والخلو من العيوب المتعارف عليها؛ مثل: الطفرات أو المتأثرة بالصقيع أو الجراد وما شابه.
يمنح المشتري خصم قدره: جنيه واحد عن كل كيلو من الثمار عند حصاده وبعد وزنه وذلك من سعر الموز المتداول والمتعارف عليه يوم تقطيع السبايط.
تراضى الطرفان عن هذه الشروط وعلى المخالف شرط جزائي قدره 50000 جنيهًا.
وهذه الصيغة من العقود هي الشائعة والمتداولة حاليًّا بين تجار الموز.
الصيغة الثانية: يتفق فيها الطرفان (أ) البائع والطرف (ب) المشتري على بيع محصول الموز من الطرف (أ) إلى الطرف (ب) والذي يبدأ حصاده بعد مرور أربع شهور، وذلك على الشروط الواردة والمتفق عليها، وهي:
يدفع المشتري (ب) للبائع (أ) مبلغًا قدره 30000 جنيهًا عن كلِّ فدان موز؛ بصيغة مقدم مالي، وتأمين نقدي لغرض الشراء.
يلتزم المشتري (ب) بعدة مهام هي: تقطيع وجمع سبايط الموز وتحمل مصاريف ذلك، وحمل سبايط الموز من الأرض للسيارة وتحمل مصاريف ذلك. وتولي مهمة تسويق وبيع المحصول لنفسه أو للغير. ويحق للبائع (أ) مشاركة المشتري (ب) في مهمة تسويق المحصول وبيعه وتحديد سعر البيع وصفة المشتري؛ لغرض تحقيق أحسن الأسعار، وجودة الأداء والتنفيذ. ويحق للمشتري (ب) ما هو قدره 1 جنيه عن كل كيلو موز يتم وزنه بعد حصاده لجميع المحصول، وذلك مقابل ما تم من عون ومهام من الطرف المشتري للطرف البائع. وعلى المخالف لأي من شروط العقد شرط جزائي قدره 50000 جنيهًا.
فما حكم هذا العقد؟ وهل يوجد هناك فرق مؤثر في الحكم بين الصيغتين؟
ما حكم تقليد بعض الماركات العالمية وعرضها في السوق بنفس اسم الماركة؟
هل يجوز للموظف في جهة ما أن يحصل على نسبة أو عمولة لنفسه من شركة يشتري منها لصالح جهة عمله؟ وهل يُعدّ هذا من قبيل الهدية المشروعة؟
ما حكم الالتزام باللوائح والقوانين المنظمة للعمل؟ وهل هذا يُعدُّ من الواجبات شرعًا؟