صلاة الفجر لمن يسافر قبلها

تاريخ الفتوى: 12 مارس 2018 م
رقم الفتوى: 4262
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصلاة
صلاة الفجر لمن يسافر قبلها

ما حكم صلاة الفجر لمن يسافر قبلها؟ فأنا أخْرُج من بيتي مسافرًا قبل الفجر، ولا أَصِل مكان العمل إلَّا بعد طلوع الشمس؛ فما الحكم؟

إذا شَرَع المسلم في السفر إلى محلِّ عمله قبل أذان الفجر ثم دخل وقت الفريضة: فإن كان يَعْلَم أنَّه يَصِل عادةً إلى مكانٍ يمكنه الصلاة فيه آتيًا بشروط الصلاة وأركانها قبل طلوع الشمس؛ فعليه تأخيرها إلى ذلك الحين. وإن كان يَعْلَم أنَّه لا يَصِل إلى شيءٍ من ذلك إلَّا بعد طلوع الشمس، ويتعذر عليه أداء الصلاة تامةَ الشروط والأركانِ في المواصلات؛ فليُصلِّها آتيًا بما يَقْدِر عليه من الشروط والأركان، ويستحب له بعد ذلك إعادة الصلاة إن بقي وقتها، أو يقضيها إذا خرج الوقت.

المحتويات

مكانة الصلاة في الإسلام

عَظَّم الله شأن الصلاة في القرآن الكريم ونَوَّه بأهميتها وعلو مكانتها في الإسلام، فأوصى بالمحافظة عليها في أوقاتها المفروضة، مؤكدًا على ما فيها من الذكر والخشوع وخضوع القلب والبدن لله سبحانه وتعالى، والإتيان بما أمر به والابتعاد عما نهى عنه؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]، وقال تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾ [الإسراء: 78]. فكُلُّ صلاةٍ مكتوبةٍ لها وقتٌ ضَبَطه الشرع، ووضَّحه قولُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفِعْلُه.

وقت أداء صلاة الصبح

وقت أداء صلاة الصبح يَبْدَأ من طلوع الفجر الصادق، وينتهي بطلوع الشمس؛ لحديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «وَوَقْتُ صَلاَةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ» أخرجه مسلم، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إِنَّ لِلصَّلَاةِ أَوَّلًا وَآخِرًا»، حتى قال: «وَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْفَجْرِ حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ، وَإِنَّ آخِرَ وَقْتِهَا حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ» أخرجه أحمد والترمذي.

حكم تأخير الصلاة عن وقتها بغير عذر

تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها من غير عذرٍ حرامٌ شرعًا؛ لقول الله تعالى: ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾ [النور: 37].
قال الخطيب الشربيني الشافعي في تفسيره "السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير" (2/ 626، ط. مطبعة بولاق، القاهرة): [وحُذِف من قوله تعالى: ﴿وَإِقَامِ الصَّلَاةِ﴾ الهاءُ تخفيفًا؛ أي: وإقامة الصلاة، وأراد أداءها في وقتها؛ لأنَّ مَن أخَّر الصلاة عن وقتها لا يكون مِن مُقِيمِي الصلاة، وإنما ذكر إقام الصلاة مع أن المراد من ذكر الله الصلوات الخمس؛ لأنه تعالى أراد بإقامة الصلاة حِفظَ المواقيت] اهـ.
وقال أيضًا في "تفسيره" (1/ 329): [﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا﴾ أي: مكتوبًا؛ أي: مفروضًا ﴿مَوْقُوتًا﴾، أي: مقدّرًا وقتُها لا تُؤخَّر عنه ولا تُقدَّم عليه] اهـ.
والتأخير والتقديم على الوقت المؤقت له في الصلوات التي يرخص جمعها مع غيرها في غير ما هو منصوصٌ عليه -كالسفر والمطر- إنما يجوز شرعًا الأخذ به في حالة الحرج والعذر أو بشرط أن لا يتخذه المسلمُ عادةً له.
ومن الأعذار -مثلًا-: النوم؛ فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ؛ أَنْ تُؤَخَّرَ صَلَاةٌ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ أُخْرَى» أخرجه أبو داود -واللفظ له- والترمذي والنسائي.
فدَلَّ الحديث الشريف على أَنَّ ترك الصلاة من غير عذرٍ حتى يخرج وقتُها يُعَدُّ تفريطًا محرَّمًا شرعًا؛ قال الإمام المناوي في "فيض القدير" (5/ 375، ط. المكتبة التجارية الكبرى-مصر): [«إنَّما التَّفْريطُ في اليَقَظَةِ أن تُؤخّر صَلَاةٌ حتّى يدخُلَ وقتُ صَلَاةٍ أُخرى» أي: على مَنْ تَرَك الصلاة عامدًا، فلا تفريط في نسيانها بلا تقصير. وهذا في غير الصبح -أي أن وقتها غيرُ ممتدٍّ إلى ما بعدها وهي صلاة الظهر-، أما فيها -أي الصبح-: فوقتها إلى طلوع الشمس؛ لمفهوم خبر: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ»] اهـ.
وقد نُقل إجماع العلماء على ذلك؛ قال الحافظُ أبو عمر بن عبد البر المالكي في "الاستذكار" (1/ 80، ط. دار الكتب العلمية-بيروت)، فقال: [وقد أجمع العلماء على أنَّ تارك الصلاة عامدًا حتى يخرج وقتُها عاصٍ لله. وذكر بعضُهُم أنها كبيرةٌ من الكبائر] اهـ.
وعليه: فلا يجوز تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها إلا لعذر معتبر؛ كالاستغراق في النوم قبل دخول الوقت، أو النسيان، أو لرخصة شرعية؛ كالجمع في السفر، ويستثنى من الجمع صلاةُ الصبح؛ لأنها لا تُجْمَع مع غيرها؛ فيجب على المصلي أداؤها في وقتها ما بين طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس.

حكم صلاة الفجر لمن يسافر قبلها

إذا كان المسافر قبل الفجر يَتْرُك أداء صلاة الصبح في وقتها بسبب ركوبه وسيلةَ المواصلات:
فإن أمكنه أداءُ الصلاة فيها مع الإتيان بجميع أركان الصلاة وشروطها -ومن أهمها في هذا المقام: القيام، والركوع، والسجود، والجلوس في موضعه، واستقبال القبلة- فله أن يصلي فيها وتصح صلاته.
أمَّا إذا لم يمكنه أداء الصلاة فيها إلا بترك بعض أركانها؛ كالقيام أو الركوع، أو ترك بعض شروطها؛ كاستقبال القبلة، فله أن يصليها في وسيلة المواصلات مع الإتيان قدر الإمكان بالأركان والشروط؛ فإن عجز عن القيام -مثلًا- صلّى جالسًا، وإن عجز عن الركوع والسجود أَوْمَأَ بهما، وجعل إيماءه بالسجود أخفض منه بالركوع؛ وذلك مُقيَّدٌ بعدم إمكانه إكمال الأركان والشروط، ويستحب له بعد نزوله من المواصلات أن يعيد الصلاة إن بقي وقتها، أو يقضيها إذا خرج الوقت؛ مراعاةً لقول بعض العلماء بوجوب إعادة الصلاة في هذه الحالة؛ قال الإمام النووي في "المجموع" (3/ 242): [قال أصحابنا: ولو حضرت الصلاة المكتوبة وهم سائرون، وخاف لو نزل ليصليها على الأرض إلى القبلة انقطاعًا عن رُفْقِته أو خاف على نفسه أو ماله؛ لم يَجُز ترك الصلاة وإخراجها عن وقتها، بل يصليها على الدابة لحرمة الوقت، وتجب الإعادة لأنَّه عُذْر نادر، هكذا ذكر المسألةَ جماعةٌ؛ منهم صاحب "التهذيب"، والرافعي، وقال القاضي حسين: يصلي على الدابة كما ذكرنا. قال: ووجوب الإعادة يحتمل وجهين: أحدهما: لا تجب؛ كشدة الخوف. والثاني: تجب؛ لأن هذا نادر] اهـ.

الخلاصة

إذا شَرَع المسلم في السفر إلى محلِّ عمله قبل أذان الفجر، ثم دخل وقت الفريضة: فإن كان يَعْلَم أنَّه يَصِل عادةً إلى مكانٍ يمكنه الصلاة فيه آتيًا بشروط الصلاة وأركانها قبل طلوع الشمس -سواء في محل العمل أو قبل ذلك-؛ فعليه تأخيرها إلى ذلك الحين. وإن كان يَعْلَم أنَّه لا يَصِل إلى شيءٍ من ذلك إلَّا بعد طلوع الشمس، ويتعذر عليه أداء الصلاة تامةَ الشروط والأركانِ في المواصلات؛ فليُصلِّها آتيًا بما يَقْدِر عليه من الشروط والأركان، ويستحب له بعد ذلك إعادة الصلاة إن بقي وقتها، أو يقضيها إذا خرج الوقت.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل تجوز الصلاة على سجادة حرير؟


ما حكم الدعاء بعد الإقامة للصلاة؟ حيث يوجد بجوار سكني بعاصمة المحافَظَة زاويةٌ صغيرةٌ أقوم في بعض الأحيان بإلقاء خُطبة الجمعة فيها عند غياب الإمام، أو أتولى إمامة الصلاة في بعض الفروض عند غياب مقيم الشعائر، ولا يتم ذلك إلا إذا قدمني المُصَلُّون للإمامة بحكم سِنِّي وثقافتي المتواضعة، وهذا الوضع متكررٌ منذ سنوات، وقد تعودت أن أتلو دعاءً قبل أن أرفع تكبيرة الإحرام للدخول في الصلاة أي بعد أذان الإقامة وقبل تكبيرة الإحرام، والدعاء كما يلي: "اللهم آت سيدنا محمدًا الوسيلة والفضيلة، والدرجة العالية الرفيعة، وابعثه اللهم مقامًا محمودًا الذي وعدته، إنك لا تخلف الميعاد، اللهم أقِمها وأدِمها ما دامت السماواتُ والأرضُ". وقد قَصَدْتُ بهذا الدعاء أن أدعو ربي أوَّلًا، وأن أُمَكِّنَ بعضَ المصلين الذين لم يفرغوا من صلاة السنة بعد أن يلحقوا بصلاة الجماعة من أولها، وأن يُدرك بعض المصلين الذين يتوضؤون الصلاةَ أيضًا، إلا أنني فوجئت بأحد المصلين يقول لي: إن ما تلوته من دعاءٍ بدعةٌ ولا يجوز، لأنك تزيد في الدِّين ما لم يَرِد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإنك بهذا الدعاء تُشابِه اليهودَ والنصارى الذين زادوا في دِينهم، وأنَّ دعاءك: "اللهم أقِمها وأدِمها ما دامت السماواتُ والأرضُ" مُخالِفٌ لِنَصِّ القرآن، فما كان مِنَّي إلا أن صَمَتُّ حتى لا تَحدُثَ بَلْبَلَة بين المُصَلِّين، ودَعَوْتُ له بالهداية. لذا أرجو التفضل بالإفادة بالرأي الشرعي في هذه المسألة.


هل يوجد أوصاف حددها الشرع الشريف للمؤذن؟ فهناك رجل يحافظ على أداء الصلوات الخمس في مسجد صغير بإحدى القرى، ويؤذن به لوقت كلِّ صلاة، ويسأل عن الأوصاف التي يَطلب الشرعُ الشريفُ توافُرَها في المؤذن.


ما حكم قيام المسافر بالأذان للصلاة عند أدائها؟


أتقدم إليكم بكل احترام وتقدير بالسؤال عن: دعاء القنوت وتأمين المصلين خلف الإمام، وهيئته: عند دعاء الإمام في قنوت الفجر أو الوتر، بقوله: "اللهم اهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت، وتولَّنا فيمن تولَّيت، وبارك لنا فيما أعطيت" فيرد المأمومون بقولهم: (آمين) ثم يتابع الإمام الدعاء قائلًا: "وقِنا شرَّ ما قضيت" فيرد المأمومون به قائلين (يا الله) ثم يتابع الإمام بقوله: "فإنك تقضي بالحقِّ ولا يُقضى عليك" فيرد المأمومون به قائلين (حقًّا)، ثم يتابع الإمام الدعاء بقوله: "إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت" فيرد عليه المأمومون به قائلين (نشهد)، ثم يتابع الإمام الدعاء بقوله: "تباركت ربنا وتعاليت" فيرد عليه المأمومون به قائلين (يا الله).
فما هو الحكم الشرعي في رد المأمومين على الإمام بقولهم (حقًّا)، و(نشهد)، و(يا لله)؟ ولفضيلتكم جزيل الشكر.


هل تشرع الصلاة عند حدوث الزلازل؟ وما كيفيتها؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 08 نوفمبر 2025 م
الفجر
4 :46
الشروق
6 :14
الظهر
11 : 39
العصر
2:41
المغرب
5 : 3
العشاء
6 :22