قراءة القرآن في مكبرات الصوت بين الأذان والإقامة

قراءة القرآن في مكبرات الصوت بين الأذان والإقامة

السؤال عن مدى شرعية قراءة القرآن الكريم في المكبرات الصوتية في داخل المساجد في الوقت الذي بين الأذان والإقامة في مواقيت الصلاة الخمسة. وهل ورد في سنة النبي صلي الله عليه وآله وسلم أو الصحابة أو التابعين ما يؤيد ذلك؟ 

 قراءةُ القرآن الكريم في مكبرات الصوت داخل المساجد فيما بين الأذان والإقامة واجتماعُ الناس على سَمَاعها هو أمرٌ مشروعٌ مستحبٌّ حَسَنٌ؛ بعموم الأدلة الدالّة على استحباب قراءة القرآن واستماعه، ولا يجوز تقييد ذلك بهيئة دون هيئة إلا بدليل، وهو أيضًا مستحب بخصوص أدلة استحباب الدعاء والذكر بين الأذان والإقامة، وعلى ذلك جرى عمل الأمة سلفًا وخلفًا من غير نكير، وهو إذ يَجمَعُ الناسَ على كتاب الله تعالى فإنه خير ما يُهَيِّئُهُم لِأداء الفريضة، وأكثر ما يجمع قلوبهم على الخشوع لله تعالى فيها، وعلى ذلك جرى العمل في الديار المصرية منذ زمن بعيد، ولا إثم في ذلك ولا بدعة، وإنما البدعة في التضييق على المسلمين فيما وسَّع اللهُ تعالى لهم ورسولُه صلى الله عليه وآله وسلم، وجَرَتْ عليه أعرافُهُم، وإذا كان هذا هو الثابت من عمل الأمة سلفًا وخلفًا فلولي الأمر أن ينظم المسألة، ومن ثم فالأمر راجع إلى تنظيمات وزارة الأوقاف ولوائحها.

التفاصيل ....

قراءة القرآن بين الأذان والإقامة مشروعةٌ بعموم الأدلة الشرعية التي جاءت في الحَثِّ على قراءة كتاب الله واستماعه والإنصات إليه مُطْلَقًا؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204]، كما أن الاجتماع لها أمرٌ مشروعٌ بعموم الأدلة التي جاءت في الحَثِّ على الاجتماع على الذِّكر والقرآن؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» رواه مسلمٌ.
ووردت السنة باستحباب الاستماع إلى القرآن الكريم؛ حيث كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحب أن يسمع القرآن من أصحابه رضي الله عنهم؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «اقْرَأْ عَلَيَّ»، فقلت: يا رسول الله! أَقْرأُ عليك وعليك أُنْزِل! قال: «فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي» فقرأت عليه سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ [النساء: 41] قال: «حَسْبُكَ الآنَ»، فالتفتُّ إليه، فإذا عيناه تذرفان" متفق عليه. وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال له: «لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِكَ الْبَارِحَةَ، لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» متفق عليه.
قال الإمام النووي في "التبيان في آداب حملة القرآن" (ص: 113، ط. دار ابن حزم): [اعلم أن جماعات من السلف رضوان الله عليهم كانوا يطلبون من أصحاب القراءة بالأصوات الحسنة أن يقرؤوا وهم يستمعون، وهذا متفق على استحبابه، وهو من عادة الأخيار المتعبدين وعباد الله الصالحين، وهو سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.
والاستماع إلى القرآن الكريم أقوى في التدبر، كما أنه أثوب في الأجر؛ لأن قراءته مستحبة، غير أن الإنصات إليه واجب؛ كما نص عليه جماعة من الفقهاء:
قال العلامة ابن بطال المالكي في "شرح صحيح البخاري" (10/ 277، ط. مكتبة الرشد): [معنى استماعه صلى الله عليه وآله وسلم القرآن من غيره والله أعلم: ليكون عرضُ القرآن سُنّةً، ويحتمل أن يكون كي يتدبره ويفهمه؛ وذلك أن المستمع أقوى على التدبر، ونفسه أخلى وأنشط من نفس القارئ؛ لأنه في شغل بالقراءة وأحكامها] اهـ.
وقال العلامة ابن نجيم الحنفي في "الأشباه والنظائر" (ص: 248، ط. دار الكتب العلمية): [استماعُ القرآنِ أَثوبُ من قِرَاءتِهِ، كذا في "منظومة ابن وهبان"] اهـ.
فالنصوص المطلقة الدالة على استحباب قراءة القرآن والاجتماع عليه والاستماع إليه تقتضي مشروعية ذلك في جميع الأوقات؛ إذ من المقرر في علم الأصول أن الأمر المطلق يستلزم عموم الأزمنة والأمكنة والأشخاص والأحوال، فإذا شرع الله سبحانه وتعالى أمرًا على جهة الإطلاق وكان يحتمل في فعله وكيفية إيقاعه أكثرَ من وجه فإنه يؤخذ على إطلاقه وسعته ولا يصح تقييده بوجه دون وجه إلا بدليل. هذا كله على جهة العموم.
فتخصيص وقتٍ من ليل أو نهار، أو يوم من الأسبوع أو الشهر أو السنة، أو مناسبة أو احتفال أو موسمٍ أو ذِكرى، أو تخصيص موضع أو مجلس أو غير ذلك لقراءة القرآن الكريم والاستماع إليه هو من الأمور المستحبة المشروعة بعموم الأدلة، حتى ولو لم يكن ذلك بخصوصه واردًا في السُّنّة، وعلى ذلك جرى عمل السلف الصالح وعلماء الأمة وفقهاؤها ومحدِّثوها؛ حتى نصوا على استحباب استفتاح مجالس التحديث واختتامها بقراءة القرآن، وأنه يستحبُّ حينئذٍ الإتيانُ بذوي الأصوات الحسنة، وأن يتخيروا من الآيات ما يناسب الحال ويليق بالمقام؛ فعن أبي نضرة قال: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا اجتمعوا تذاكروا العلم وقرؤوا سورة" أخرجه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع".
وقال الإمام النووي في "التبيان" (ص: 114): [وقد استحب العلماء أن يستفتح مجلس حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويختم بقراءة قارئ حسن الصوت ما تيسر من القرآن. ثم إنه ينبغي للقارئ في هذه المواطن أن يقرأ ما يليق بالمجلس ويناسبه] اهـ.
وأما على جهة الخصوص: فإن الوقت الذي بين الأذان والإقامة هو من الأوقات المباركة التي يستجاب فيها الدعاء وتفتح فيها أبواب السماء، وقد حث النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الدعاء فيه؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ الدُّعَاءَ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ؛ فَادْعُوا» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود في "السنن"، والترمذي في "الجامع" وحسَّنه، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"، وصححه ابن خزيمة وابن حبان.
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه وآله وسلم: «سَاعَتَانِ تُفْتَحُ فِيهِمَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَقَلَّ دَاعٍ تُرَدُّ عَلَيْهِ دَعْوَتُهُ: بِحَضْرَةِ النِّدَاءِ إِلَى الصَّلَاةِ، وَالصَّفُّ فِي سَبِيلِ اللهِ» أخرجه الإمام الدارمي وأبو داود في "السنن"، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم.
وهذا يقتضي استحباب قراءة القرآن في هذا الوقت المبارك بين الأذان والإقامة؛ فقد نص جماعة من العلماء على أن قراءة القرآن الكريم والاجتماع عليه والاستماع إليه أفضل من الذكر والدعاء؛ قال العلامة الشيرازي الحنفي في "المفاتيح في شرح المصابيح" (2/ 307، ط. دار النوادر): [قراءة القرآن أفضل من الذكر، لأن القرآن كلام الله تعالى، وفيه المواعظ والحكم والاعتبارات، وغير ذلك من الفوائد التي لا يمكن إحصاؤها، وقد جاء في الحديث أن القارئ يعطي بكل حرف عشر حسنات، ولأن القيام والمداومة بالقرآن سبب بقاء القرآن بين الناس، وبقاء القرآن بقاء الدين، ولا شك أن الساعي في شيء فيه بقاء الدين أفضل من غيره] اهـ.
وقال العلامة الشيخ العدوي المالكي في "حاشيته على شرح الخرشي على خليل" (2/ 67، ط. دار الفكر): [أفضلُ الذكرِ القرآنُ؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ﴾ [الحجر: 9] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "التبيان" (ص:24): [واعلم أن المذهب الصحيح المختار الذي عليه من يعتمد من العلماء أن قراءة القرآن أفضل من التسبيح والتهليل وغيرهما من الأذكار، وقد تظاهرت الأدلة على ذلك، والله أعلم] اهـ.
وقال الشيخ ابن تيمية الحنبلي في "مجموع الفتاوى" (23/ 63، ط. مجمع الملك فهد): [قراءة القرآن أفضل من الذكر، والذكر أفضل من الدعاء من حيث الجملة] اهـ. وقال أيضًا (19/ 120): [قراءة القرآن أفضل من الذكر: بالنص، والإجماع، والاعتبار؛ أما النص: فقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَفْضَلُ الْكَلاَمِ بَعْدَ الْقُرْآنِ أَرْبَعٌ، وَهِي مِن َالْقُرْآنِ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لله، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ»، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَضْلُ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ»، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم عن الله تعالى: «مَنْ شَغَلَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عَنْ ذِكْرِي وَمَسْأَلَتِي، أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ»، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا تَقَرَّبَ الْعِبَادُ إِلَى اللهِ بِمِثْلِ مَا خَرَجَ مِنْهُ»، وقول الأعرابي للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إني لا أستطيع أن آخذ شيئًا من القرآن، فعلمني ما يجزيني في صلاتي، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «قل: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لله وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِالله».
وأما الإجماع على ذلك: فقد حكاه طائفة، ولا عبرة بخلاف جهال المتعبدة. وأما الاعتبار: فإن الصلاة تجب فيها القراءة؛ فإن عجز عنها انتقل إلى الذكر، ولا يجزيه الذكر مع القدرة على القراءة، والمبدل منه أفضل من البدل الذي لا يجوز إلا عند العجز عن المبدل. وأيضًا فالقراءة تشترط لها الطهارة الكبرى كما تشترط للصلاة الطهارتان، والذكر لا يشترط له الكبرى ولا الصغرى. فعلم أن أعلى أنواع ذكر الله: هو الصلاة، ثم القراءة، ثم الذكر المطلق] اهـ.
فإذا كانت قراءة القرآن والاستماع إليه أفضل من الذكر، والذكر أفضل من الدعاء، فإن استحباب الدعاء بين الأذان والإقامة يقتضي استحباب قراءة القرآن والاستماع إليه في ذلك الوقت من باب أولى؛ من جهة أن القرآن أفضل الذكر، ومن جهة أنه أقوى أثرًا في التهيئة للصلاة واستجلاب الخشوع وجمع القلوب على الاصطفاف بين يدي علّام الغيوب.
وهذا هو ما فهمه الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم؛ فقد كان يستمعون إلى القرآن الكريم بين الأذان والإقامة حتى يكاد وقت الصلاة يتوسط، وهم أسعد الخلق بفهم الكتاب الكريم والسنة النبوية المطهرة؛ فعن أبي نضرة قال: قال عمر لأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما: "شوقنا إلى ربنا" قال: فقرأ، فقالوا: الصلاة، فقال عمر رضي الله عنه: "أولسنا في الصلاة" أخرجه الإمام ابن سعد في "الطبقات الكبرى" والإمام أحمد بن حنبل في "الزهد".
قال الإمام أبو طالب المكي في "قوت القلوب" (ص: 112، ط. دار المعرفة): [وقد كان عمر يقول لأبي مسعود رضي الله عنهما: "ذَكِّرْنَا رَبَّنَا"، فيقرأ عنده، حتى كاد وقت الصلاة أن يتوسط، فيقال: يا أمير المؤمنين الصلاة الصلاة! فيقول: "أَوَلَسْنَا في الصلاة"؛ فكأنه يتأول قوله عز وجل: ﴿وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ﴾ [العنكبوت: 45] اهـ.
وقد نص بعض الفقهاء على استحباب ذلك بخصوصه:
قال العلَّامة ابن رشد المالكي في "البيان والتحصيل" (1/ 278، ط. دار الغرب الإسلامي): [مسألة: وسئل مالك عن الرجل يقعد إليه النفر إبَّانَ الصلاة فيقرأ لهم، فيمر بسجدة فيسجد، أترى أن يسجدوا؟ قال: لا أحب له أن يسجد ولا يسجدوا معه، وأرى أن ينهى عن ذلك، فإن أبى أن ينتهي وإلا لم يقعد إليه. فقيل له: فإنهم جلسوا إليه وشأنهم القرآن فلا يسجدون إذا مروا بسجدة إذا سجد؟ فقال: أما أنا فلم أكن أفعل ذلك، ولا أحب لأحد أن يفعله.
قال محمد بن رشد: قوله في إبَّان الصلاة، أي: في وقت تحل فيه الصلاة، وجلوس القوم إلى الرجل الذي يقرأ القرآن ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يجلسوا إليه للتعليم، فهذا جائز أن يجلسوا إليه وواجب أن يسجدوا بسجوده إذا مر بسجدة فسجد فيها، واختلف إن لم يسجد فيها، فقيل إنهم يسجدون وإن لم يسجد، وهو قول ابن القاسم في "المدونة"، وقيل إنه لا سجود عليهم إذا لم يسجد، وهو قول ابن حبيب في الواضحة، ومثله في الأثر الواقع في "المدونة"، وقد اختلف في المقرئ الذي يقرأ عليه القرآن، فقيل إنه يسجد بسجود القارئ إذا كان بالغًا في أول ما يمر بسجدة، وليس عليه السجود فيما بعد ذلك، وقيل ليس ذلك عليه بحال.
والثاني: أن يجلسوا إليه ليستمعوا قراءته ابتغاء الثواب في استماع القرآن، فهذا جائز أن يجلسوا إليه، ويختلف أن يجب عليهم أن يسجدوا بسجوده إذا مر بسجدة فسجد، فقال في آخر هذه الرواية: إنهم لا يسجدون بسجوده، وقال ابن حبيب: إنهم يسجدون بسجوده إلا أن يكون من لا يصح أن يأتم به من امرأة أو صبي، والذي في "المدونة" محتمل للتأويل، والأظهر منها أنهم لا يسجدون بسجوده مثل هذه الرواية.
والثالث: أن يجلسوا إليه ليقرأ ويسجد بهم، فهذا يكره أن يجلسوا إليه وأن يسجدوا بسجوده، وهو معنى قوله في أول هذه الرواية ونص قوله في "المدونة"] اهـ.
وعلى ذلك جرت أعراف المسلمين وعاداتهم عبر الأعصار والأمصار من غير نكير، والله تعالى يقول: ﴿خُذ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ [الأعراف: 199]، وفي الأثر عن عبد الله بنِ مسعودٍ رضي الله عنه قال: "مَا رَأى المُسلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِندَ اللهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِندَ اللهِ سَيِّئٌ" أخرجه الإمام أحمد والطيالسي في "مسنديهما".
وبناءً على ذلك: فقراءة القرآن الكريم في مكبرات الصوت داخل المساجد فيما بين الأذان والإقامة واجتماع الناس على سَمَاعها هو أمرٌ مشروعٌ مستحبٌّ حَسَنٌ؛ بعموم الأدلة الدالّة على استحباب قراءة القرآن واستماعه، ولا يجوز تقييد ذلك بهيئة دون هيئة إلا بدليل، وهو أيضًا مستحب بخصوص أدلة استحباب الدعاء والذكر بين الأذان والإقامة، وعلى ذلك جرى عمل الأمة سلفًا وخلفًا من غير نكير، وهو إذ يَجمَعُ الناسَ على كتاب الله تعالى فإنه خير ما يُهَيِّئُهُم لِأداء الفريضة، وأكثر ما يجمع قلوبهم على الخشوع لله تعالى فيها، وعلى ذلك جرى العمل في الديار المصرية منذ زمن بعيد، ولا إثم في ذلك ولا بدعة، وإنما البدعة في التضييق على المسلمين فيما وسَّع اللهُ تعالى لهم ورسولُه صلى الله عليه وآله وسلم، وجَرَتْ عليه أعرافُهُم، وإذا كان هذا هو الثابت من عمل الأمة سلفًا وخلفًا فلولي الأمر أن ينظم المسألة، ومن ثم فالأمر راجع إلى تنظيمات وزارة الأوقاف ولوائحها.
والله سبحانه وتعالى أعلم. 

اقرأ أيضا