ما حكم العمليات التفجيرية التي تحدث في بعض البلدان والتي استهدفت مواطنين مدنيين غير محاربين للمسلمين، وقد نسبت هذه العمليات لبعض الجماعات المنتسبة للإسلام، وصرح بعض مؤيدي هذه العمليات بمشروعيتها؟ وهل القائم بهذه العمليات يُعَدُّ شهيدًا؟
لا شك أن هذه العمليات التفجيرية والانتحارية التي تستهدف الآمنين من المسلمين وغير المسلمين حرام شرعًا، ولا علاقة لها بالإسلام ولا بالأديان من قريب ولا من بعيد، بل هي من الكبائر التي توعد الشرع فاعلها بالعقاب؛ وذلك لأسباب كثيرة منها:
أولًا: أنها سفكٌ للدم الحرام وقتلٌ لنفوس الأبرياء التي حرم اللهُ قتلَها إلا بالحق، وقد عظَّم الشرع الشريف دم الإنسان أيًّا كان دينه، ورهَّب ترهيبًا شديدًا من إراقته أو المساس به بلا حق.
ثانيًا: أن فيها قتلًا للآمنين، وهو منافٍ للإيمان؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يفتِك المؤمن، الإيمان قيد الفَتك» رواه أبو داود والحاكم.
ثالثًا: إذا كان لا يجوز أثناء الحرب الفعلية قتل النساء غير المقاتلات والأطفال والشيوخ العجزة والأجراء العاملين في غير شئون القتال، ففي غيرها أولى، وقد نقل الإمام النووي الإجماع على ذلك.
رابعًا: إذا اعتبرنا أن العلة في القتال هي المحاربة فإن كل من لا يقاتل فعلًا لا يجوز إذايته وإتلاف ماله، فضلًا عن قتله؛ فقتله من الكبائر.
خامسًا: مخالفتها للمقاصد الشرعية؛ فالشرع الشريف أكَّد على وجوب المحافظة على خمسة أشياء أجمعت كلُّ الملل على وجوب المحافظة عليها، وهي: الأديان، والنفوس، والعقول، والأعراض، والأموال.
أما بخصوص الانتحاري القائم بعملية التفجير الذي يقحم نفسه في الموت إقحامًا بتلغيم نفسه أو نحو ذلك فهو داخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَن قَتَلَ نفسَه بشيءٍ في الدنيا عُذِّب به يوم القيامة» رواه أبو عوانة في "مستخرجه"، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن شرب سمًّا فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا» رواه مسلم، فبَعُد بذلك أن يكون شهيدًا.
لا شك أن هذه العمليات التفجيرية التي تستهدف المدنيين حرام شرعًا، ولا علاقة لها بالإسلام من قريب ولا من بعيد، بل هي من الكبائر التي توعد الشرع فاعلها بالعقاب؛ وذلك لأسباب كثيرة منها:
أولًا: لأنها سفكٌ للدم الحرام وقتل لنفوس الأبرياء من المسلمين وغير المسلمين التي حرم الله تعالى قتلها إلا بالحق، وقد عظَّم الشرع الشريف دم الإنسان، ورهَّب ترهيبًا شديدًا من إراقته أو المساس به بلا حق؛ فقال عز وجل: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الأنعام: 151]، وجعل الله تعالى قتل النفس -مسلمة أو غير مسلمة- بغير حق قتلًا للناس جميعًا، فقال سبحانه: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 32].
ثانيًا: أن فيها قتلًا للغافلين: فقد روى أبو داود في "سننه" والحاكم في "المستدرك" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يفتِك المؤمن، الإيمان قيد الفَتك».
قَالَ ابن الأثير فِي "النِّهَايَة" (3/ 409، ط. المكتبة العلمية): [الفتك: أن يأتي الرجل صاحبه وهو غار غافل فيشد عليه فيقتله] اهـ. ومعنى الحديث أن الإيمان يمنع عن الفتك كما يمنع القيد عن التصرف، وقوله عليه الصلاة والسلام: «لا يفتك مؤمن» هو خبر بمعنى النهي؛ لأنه متضمن للمكر والخديعة، أو هو نهي.
ولما عرف المسلمون الأوائل هذه المعاني السامية وانقادوا لها ضربوا أروع الأمثلة في التاريخ؛ من ذلك قصة خبيب الأنصاري رضي الله عنه التي رواها البخاري في "صحيحه" وفيها أنه وقع أسيرًا لدى المشركين هو وابن دَثِنة ثم بيع بمكة فابتاع خبيبًا بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف وكان خبيب هو من قتل الحارث بن عامر يوم بدر، فلبث خبيب عندهم أسيرًا، وفي يوم استعار خبيب موسى من بنت الحارث ليستحد بها فأعارته فأخذ ابنًا لها وهي غافلة فلما جاءته وجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده ففزعت فزعة، فقال لها خبيب: تخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك، قالت بنت الحارث: والله ما رأيت أسيرًا قط خيرًا من خبيب...إلخ الحديث، فهذا رجل مسلم أسير لدى أعدائه الذين يدبرون لقتله وهو على شفير الموت، ورغم ذلك عندما تحين له فرصة يمكنه أن يدمي قلوبهم فيها بقتل ابنهم يعف عن ذلك؛ لأن خلق المسلم لا يتضمن الخداع ومباغتة الغافلين.
وإذا كان لا يجوز أثناء الحرب الفعلية قتل النساء غير المقاتلات والأطفال والشيوخ العجزة والعسفاء وهم الأجراء الذين يعملون في غير شؤون القتال، ففي غيرها أولى.
قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [البقرة: 190]، والمراد بالذين يقاتلونكم: الذين هم متهيئون لقتالكم، أي: لا تقاتِلوا الشيوخ والنساء والصبيان.
وروى الترمذي في "سننه" عن سليمان بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا بعث أميرًا على جيش أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرًا، فقال: «اغزوا بسم الله وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا».
وروى أحمد في "مسنده" عن المرقع بن صيفي عن جده رباح بن الربيع أخي حنظلة الكاتب أنه أخبره أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة غزاها وعلى مقدمته خالد بن الوليد فمر رباح وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على امرأة مقتولة مما أصابت المقدمة فوقفوا ينظرون إليها ويتعجبون من خلقها حتى لحقهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على راحلته فانفرجوا عنها، فوقف عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «ما كانت هذه لتقاتل» فقال لأحدهم: «الْحَق خالدًا، فقل له: لا تقتلن ذرية ولا عسيفًا».
وقال الإمام النووي في "شرح مسلم" (12/ 48، ط. دار إحياء التراث العربي): [أجمع العلماء على تحريم قتل النساء والصبيان إذا لم يقاتلوا] اهـ.
وإذا اعتبرنا أن العلة في القتال هي المحاربة فإن كل من لا يقاتل فإنه يلحق بما ورد ذكره في النصوص الشرعية كالأعمى والمريض المزمن والمعتوه والفلاح وأمثالهم، وهؤلاء هم ما يُسَمّون في المصطلح المعاصر بـ"المدنيين" فلا يجوز إذايتهم وإتلاف أموالهم فضلًا عن قتلهم، فقتل المدنيين من الكبائر.
ثالثًا: مخالفتها للمقاصد الشرعية؛ فالشرع الشريف أكّد على وجوب المحافظة على خمسة أشياء أجمعت كلّ الملل على وجوب المحافظة عليها، وهي: الأديان، والنفوس، والعقول، والأعراض، والأموال، وهي ما تُسَمَّى بالمقاصد الشرعية الخمسة.
ومن الجليّ أن التفجيرات المسؤول عنها تَكِرُّ على بعض هذه المقاصد الواجب صيانتها بالبطلان، ومنها مقصد حفظ النفوس؛ فالمقتول مواطن غافل لا جريرة له، وله نفس مصونة يحرم التعدي عليها ويجب صيانتها، وقد عظم الله تعالى من شأن النفس الإنسانية، فقال: ﴿مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 32].
وكذلك تكر هذه التفجيرات بالبطلان أيضًا على مقصد حفظ الأموال؛ فلا يخفى ما ينتج عنها من إتلاف للأموال والمنشآت والممتلكات العامة والخاصة، وإتلاف المال وإضاعته مما جاء الشرع بتحريمه، وتزداد الحرمة وتتضاعف إذا كان هذا المال المتلَف ليس مملوكًا للمتلِف بل هو مملوك لغيره -كما هو الحال هنا-، فتتعلق الحرمة بمخالفة نهي الشرع من جهة وبحقوق المخلوقين من جهة أخرى.
أما بخصوص الانتحاري القائم بعملية التفجير الذي يقحم نفسه في الموت إقحامًا بتلغيم نفسه أو نحو ذلك فهو داخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه أبو عوانة في "مستخرجه" من حديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنه: «مَن قَتَلَ نفسَه بشيءٍ في الدنيا عُذِّب به يوم القيامة»، وروى مسلم في "صحيحه" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن شرب سمًّا فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا»، وبَوَّب الإمام النووي على هذا الحديث بابًا في "شرحه لصحيح مسلم" فقال: (باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه، وإن من قتل نفسه بشيء عذب به في النار).
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم التعدي على أرض لبناء مسجد عليها دون رغبة أصحابها؛فرجلٌ يملك وإخوته الأشقاء قطعة أرض عليها مبان من دور واحد، وقد قام بعض الأهالي بالتعدي على هذه الأرض وهدموا ما عليها من مبان بحجة إقامة مُصَلَّى عليها، دون رغبته هو وباقي إخوته. فما حكم الشرع في ذلك؟
تقرير عن كتاب: "الفريضة الغائبة". اطلعنا على صورة ضوئية لهذا الكتاب في أربع وخمسين صفحة، وقد احتوى في جملته على تفسيرات لبعض النصوص الشرعية من القرآن والسنة، وعنَى بالفريضة الغائبة الجهاد، داعيًا إلى إقامة الدولة الإسلامية وإلى الحكم بما أنزل الله؛ مدعيًا أن حكّام المسلمين اليوم في ردّة، وأنهم أشبه بالتتار، يحرم التعامل معهم أو معاونتهم، ويجب الفرار من الخدمة في الجيش؛ لأن الدولة كافرة ولا سبيل للخلاص منها إلا بالجهاد وبالقتال كأمر الله في القرآن، وأن أمة الإسلام تختلف في هذا عن غيرها في أمر القتال وفي الخروج على الحاكم، وأن القتال فرض على كل مسلم، وأن هناك مراتبَ للجهاد وليست مراحل للجهاد، وأن العلم ليس هو كل شيء، فلا ينبغي الانشغال بطلب العلم عن الجهاد والقتال فقط، كان المجاهدون في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن بعده وفي عصور التابعين وحتى عصور قريبة ليسوا علماء، وفتح الله عليهم الأمصار، ولم يحتجوا بطلب العلم أو بمعرفة علم الحديث وأصول الفقه، بل إن الله سبحانه وتعالى جعل على أيديهم نصرًا للإسلام لم يقم به علماء الأزهر يوم أن دخله نابليون وجنوده بالخيل والنعال، فماذا فعلوا بعلمهم أمام تلك المهزلة؟ وآية السيف نسخت من القرآن مائة وأربعًا وعشرين آية، وهكذا سار الكتاب في فقراته كلها داعيًا إلى القتال والقتل. وفيما يلي الحكم الصحيح مع النصوص الدالة عليه من القرآن ومن السنة في أهم ما أثير في هذا الكتيب:
ما حكم تحويل دار لتحفيظ القرآن الكريم إلى محلات تجارية؟ فقد تم جمع تبرعات لإقامة دار لتحفيظ القرآن الكريم، وبعد إقامتها قام المسؤول عنها بتحويلها إلى محلّات تجارية؛ لأغراض استثمارية. فما حكم الشرع الشريف في ذلك؟
ما حكم الشرع في القيام بالأعمال التي تعطل مسيرة العمل والإنتاج؟ حيث ظهرت في الآونة الأخيرة بعض الدعوات الهدامة التي تدعو إلى تعطيل مسيرة العمل والإنتاج نكايةً في الدولة ولتحقيق مآرب شخصية.
ما حكم الاستيلاء على أموال غير المسلمين؟ حيث إنني أعيش في بلاد يكثر فيها غير المسلمين، وأسمع كثيرًا من المسلمين المقيمين في هذه البلاد يقولون: إن الاستيلاء على الأموال التي يتملكها غير المسلمين بالطرق المختلفة مباح أخذها؛ بحجة أنهم ليسوا على ديننا ومن كان كذلك فيجوز استحلال أموالهم، فما مدى صحة ذلك، وهل يجوز لي أخذها؟
هل للوارث طلب حقه في الميراث عن طريق القضاء؛ فلدي أختين شقيقتين قد قامتا بقسمة بيت والده ووالدته عليهما، وتصرفتا فيما تركه والدهم من نقود وخلافه. وأريد الآن أن أسترد حقي الشرعي في ميراث والدي بالطرق القانونية.
فهل رفع شكوى للقضاء أشكو فيها هاتين الشقيقتين يُعدُّ هذا قطعًا للرحم؟