حكم تبديل النذر بغيره أو إخراج قيمته

تاريخ الفتوى: 08 أكتوبر 2018 م
رقم الفتوى: 4634
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: النذور
حكم تبديل النذر بغيره أو إخراج قيمته

ما حكم تبديل النذر بغيره أو إخراج قيمته؟ حيث قامت أُمِّي بإجراء عملية جراحية، وقد منَّ الله عليها بالشفاء، وعند ذلك نذرت أمي أن تذبح خروفًا كل عامٍ في نفس ميعاد إجراء العملية، وقد حان موعد الذبح، فهل يمكن أن تذبح شيئًا آخر غير الخروف كجدي أو بقرة أو جاموسة، وليست دجاجة أو بطة أو ما أشبه ذلك من الطيور؟ أو هل يمكن لها أن تخرج نقودًا تعادل ثمن الخروف بدلًا من الذبح؟

الأصل أن يوفي الناذر بعين ما نذر إذا كان طاعة لله وقربًا، وألَّا يستبدل به غيرَه ما دام قادرًا على الوفاء به، إلّا إذا كان غيرُه هذا أفضلَ منه؛ حيث يرى كثير من الفقهاء والمحققين جواز ذلك في هذه الحالة، وعليه: فيجوز لأُمك أن تُغيِّر جنسَ ما نذرَتْه أو صفتَه -وهو الخروف- إلى ما هو أفضل منه؛ فتذبح بدلَه بقرًا أو جاموسًا مثلًا، أو أن تخرج قيمة هذا النذر بما يزيد على ثمنه؛ لأن ذلك كلَّه أنفع للفقراء والمحتاجين، غير أنه لا يجوز الإبدال بما هو أدنى منه؛ كدجاجة أو بطة أو جَدْيٍ، أو بقيمةٍ أقل؛ حتَّى لا تقل منفعة النذر.

المحتويات

 

حكم الوفاء بالنذر

أوجب الشرع الشريف على المُكلَّف الوفاء بنذر الطاعة عند القدرة عليه، ثبت ذلك بالكتاب والسُنَّة واتفاق الأمة.
فمن الكتاب: قوله تعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ﴾ [البقرة:270]، وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ العَتِيق﴾ [الحج: 29]، وقوله تعالى في بيان صفات الأبرار: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا﴾ [الإِنسان: 7].
ومن السُنَّة: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ» أخرجه الإمام البخاري وأصحاب السنن، من حديث عائشة رضي الله عنها.
وقوله صلى الله عليه وآله وسلَّم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: «أُوْفِ بِنَذْرِكَ»؛ حينما قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إني نذرت أن أعتكف ليلة في الجاهلية" متفقٌ عليه.
وأما الاتفاق: فلا خلاف بين علماء الأمة على لزوم الوفاء بالنذر في الطاعة، وعدم الوفاء به في المعصية:
قال الإمام ابن القطَّان في "الإقناع في مسائل الإجماع" (1/ 375، ط. دار الفاروق): [ولا خلاف أنَّ النذر بالطاعة يلزم الوفاء به ولا كفارة فيه، واتفقوا أنَّ من نذر معصية فإنه لا يجوز له الوفاء بها] اهـ.

حكم تبديل النذر بغيره

الأصل أن يفي الناذر بعين ما نذر إذا كان طاعة لله وقربًا، وليس له أن يستبدل به غيرَه ما دام قادرًا على الوفاء به، إلّا إذا أوفاه بغير جنسه للمصلحة الراجحة: فكثير من الفقهاء والمحققين يرون جواز ذلك إذا كان أفضلَ منه؛ نظرًا للمصلحة الراجحة في زيادة نفع المساكين:
جاء في "الأصل" للإمام محمد بن الحسن الشيباني (2/ 500، ط. إدارة القرآن، كراتشي): [قال: وكذلك لو جعل شاة من غنمه هديًا أجزأه أن يهدي قيمتها، وفي رواية أبي حفص: أجزأه أن يهدي مثلها؛ ألا ترى أنه يعطي في الزكاة قيمة الشاة فيجوز، وكذلك إن أهدى مكان الشاة جزورًا أجزأه وقد أحسن] اهـ.
وقال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (4/ 147، ط. دار المعرفة): [وإن قال: لله عليَّ أن أهدي شاةً، فأهدَى جزورًا: يجزئه، وهو محسن في ذلك؛ لأنه أدى الواجب عليه وزيادة، فإن الجزور قائم مقام سَبْعٍ من الغنم حتى يجزي عن سبعة نفر، ففيه وفاء بالواجب وزيادة، وإنما أورد هذا لإيضاح أنه إذا أهدى مثل ما عيَّنه في نذره أو أفضل منه أو أهدى قيمته: أجزأه] اهـ.
وقال الإمام أبو الليث السمرقندي الحنفي في "عيون المسائل" (ص: 62، ط. مطبعة أسعد): [روى أبو يوسف عن أبي حنيفة: في رجل جعل على نفسه أن يهدي شاة بعينها فأهدى مثلها أو خيرًا منها: أجزأه، وإذا جعل على نفسه أن يعتق نسمة بعينها فأعتق مثلها أو خيرًا منها: أجزأه، وهو قول أبي يوسف.
وروى هشام عن محمد: في رجل قال: "لله عليَّ أن أتصدق ببقرة بعينها"، فتصدق ببقرة مثل قيمتها: جاز. ولو قَالَ: "عليَّ أن أتصدق بشيء بعينه"، فتصدق بغيره مثل قيمته: جاز] اهـ.
وقال الإمام القدوري الحنفي في "التجريد" (4/ 2180، ط. دار السلام): [قال أصحابنا: إذا نذر هديًا: لزمه شاة، وإن أخرج جزورًا أو بقرة كان أفضل] اهـ.
وقال الإمام الحطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 249، ط. دار الفكر): [وقوله: بِدُونٍ: مفهومه أن إبدالها بغير الدُون غير مكروه، وهو كذلك، وظاهر "المدونة" وابن الحاجب: أنَّ ذلك جائز؛ سواء أبدلها بالمساوي أو الأفضل. وقال عبد السلام ونقله المصنف في "التوضيح": "وينبغي أن يكون إبدالها بخير منها مستحبًّا". انتهى] اهـ.
وقال العلَّامة الدسوقي المالكي في "حاشيته على الشرح الكبير" (2/ 123، ط. دار الفكر): [(قوله: وإبدالها) أي، وكره إبدالُها بدونٍ، فإذا أبدل الشاة ببقرة تعلقت الكراهة بأخذ الشاة بدلا عن البقرة، ويُستَحَبُّ له إبدالها بالأفضل، وإن بزائد شيء في ثمنها] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (8/ 471، ط. دار الفكر): [لو نذر شاة فجعل بدلها بدنة: جاز بلا خلاف] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (1/ 588، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(ولو نذر شاة فذبح) بدلها (بدنة: جاز)؛ لأنها أفضل منها] اهـ.
وقال العلامة شمس الدين الرملي الشافعي في "نهاية المحتاج" (8/ 229، ط. دار الفكر): [ولا يشكل على ذلك قولُهم: "لو نذر شاة أجزأه بدلها بدنة"؛ لأنَّ الشارع جعل بعض البدنة مجزئًا عن الشاة حتى في نحو الدماء الواجبة، فإجزاءُ كلها أولى] اهـ.
وقال القاضي أبو يعلى الحنبلي في "التعليقة الكبيرة في مسائل الخلاف" (2/ 555، دار النوادر): [في مسألة إذا أوجبت بدنة.. ذكره الخرقي في "مختصره" فقال: ويجوز أن يُبدل إذا أوجبها بخير منها. وقد أومأ إليه أحمد في رواية أبي طالب في الرجل يشتري الأضحية، فيسميها للأضحى؛ يبدلها بما هو خير منها؛ يبيعها؟ قال: نعم] اهـ.
وقال الشيخ ابن تيمية الحنبلي في "الفتاوى الكبرى" (4/ 359، ط. دار الكتب العلمية): [وأما إبدال المنذور والموقوف بخير منه كما في إبدال الهدي: فهذا نوعان:
أحدهما: أن الإبدال للحاجة؛ مثل أن يتعطل فيباع ويشترى بثمنه ما يقوم مقامه: كالفرس الحبيس للغزو إذا لم يمكن الانتفاع به للغزو فإنه يباع ويشترى بثمنه ما يقوم مقامه، والمسجد إذا خرب ما حوله فتنقل آلته إلى مكان آخر، أو يباع ويشترى بثمنه ما يقوم مقامه، أو لا يمكن الانتفاع بالموقوف عليه من مقصود الواقف فيباع ويشترى بثمنه ما يقوم مقامه، وإذا خرب ولم تمكن عمارته فتباع العرصة، ويشترى بثمنها ما يقوم مقامها: فهذا كله جائز؛ فإن الأصل إذا لم يحصل به المقصود قام بدله مقامه.
والثاني: الإبدال لمصلحة راجحة؛ مثل أن يبدل الهدي بخير منه، ومثل المسجد إذا بني بدله مسجد آخر أصلح لأهل البلد منه، وبيع الأول: فهذا ونحوه جائز عند أحمد وغيره من العلماء. واحتج أحمد بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نقل مسجد الكوفة القديم إلى مكان آخر، وصار الأول سوقًا للتمّارين؛ فهذا إبدال لعرصة المسجد] اهـ.
وقال العلَّامة شمس الدين الزركشي الحنبلي في "شرح مختصر الخرقي" (7/ 32، ط. مطبعة العبيكان): [أما على المذهب فيجوز إبدالها بخير منها وقد نص عليه أحمد؛ نظرًا لمصلحة الفقراء في ذلك، ولا يجوز بدونها قطعًا؛ لِمَا فيه من تفويت حرمتها وأنه لا يجوز.
وهل يجوز بمثلها؟ فيه وجهان:
(أحدهما): وهو ظاهر كلام الخرقي، واختاره أبو محمد: لا يجوز؛ لأنه تفويت للعين من غير فائدة تحصل، أشبه ما لو أبدلها بدونها.
(والثاني): يجوز؛ لأن الواجب لم ينقص] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فيجوز لأُمكَ أن تُغيِّر جنسَ ما نذرَتْه أو صفتَه -وهو الخروف- إلى ما هو أفضل منه؛ فتذبح بدلَه بقرًا أو جاموسًا مثلًا، أو أن تخرج قيمة هذا النذر بما يزيد على ثمنه؛ لأن ذلك كلَّه أنفع للفقراء والمحتاجين، غير أنه لا يجوز الإبدال بما هو أدنى منه؛ كدجاجة أو بطة أو جَدْيٍ، أو بقيمةٍ أقل؛ حتَّى لا تقل منفعة النذر.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الاشتراك في عجل للوفاء بالنذر؟ حيث تقول السائلة: نذرتُ أن أذبح شاةً بعد شفاء أخي، ونذرتْ أختي أن تذبح هي الأخرى إذا شفاها الله من مرضها، ولما تقابلنا وتحدثنا معًا ظهر لنا أن نشترك في ذبح عجل بدل أن تذبح كل واحدة منا شاة. فما الحكم؟


ما حكم الرجوع عن الحلف بدين الله؟ حيث يقول السائل: أنه على إثر خلاف بين السائل ووالده على بعض المشاكل العائلية حلف بقوله: "إني لن أكون مسلمًا، ويحرم عليِّ ديني بأني لم أدخل هذا المنزل، ولن أتزوج ابنتهم"، وهذا المنزل المحلوف عليه هو منزل أحد أقاربه، ويرغب السائل في التزوج من إحدى بناته، ثم ندم على ما فعل واستغفر الله واصطلح مع والده وقام معه بزيارة المنزل المحلوف عليه.
وطلب السائل الإفادة عن الحكم الشرعي.


ما حكم تبديل النذر بغيره أو إخراج قيمته؟ حيث قامت أُمِّي بإجراء عملية جراحية، وقد منَّ الله عليها بالشفاء، وعند ذلك نذرت أمي أن تذبح خروفًا كل عامٍ في نفس ميعاد إجراء العملية، وقد حان موعد الذبح، فهل يمكن أن تذبح شيئًا آخر غير الخروف كجدي أو بقرة أو جاموسة، وليست دجاجة أو بطة أو ما أشبه ذلك من الطيور؟ أو هل يمكن لها أن تخرج نقودًا تعادل ثمن الخروف بدلًا من الذبح؟


ما حكم النذر المعلَّق على مشيئة الله؟ فقد نذرتُ لله تعالى نذرًا، وعلَّقتُ هذا النذر على مشيئته سبحانه وتعالى بأن قلتُ: نذرتُ لله ذبحَ شاةٍ إن شاء الله، فما الذي يجب عليَّ فعله في هذه الحالة؟


ما حكم تعديل النذر والزيادة فيه؟ حيث شاركت في إحدى المسابقات ونذرت إن وفقني الله فيها وأخذت منحة السفر إلى إحدى الدول الأجنبية أن أتصدق بثلث المبلغ الذي أعود به من هذه المنحة، وهذا الثلث المنذور سوف تحج منه والدتي وما يتبقى أتصدق به في مسجد القرية، وبعد أيام أكدت النذر بزيادة من الثلث إلى نصف المبلغ. فهل يلزمني الوفاء بالنذر في المرة الأولى أم الثانية؟ وهل لو لزمني النذر الثاني -النصف لله- فهل يجوز لي أداء فريضة الحج من هذا النصف الذي نذرته لله؟


ما حكم نذر شيء لإطعام أهل المسجد؟ وما حكم من نَذَرَ الأضحية هل يلزمه الوفاء بها؟ وما حكم انتفاع الأغنياءِ بالأكل من هذا النذر؟ فقد نذر رجل قائلًا: لو صحَّ ابني من المرض فسأطعم المصلين الحاضرين في يوم الجمعة في هذا المسجد. فهل يجوز للأغنياء أن يأكلوا من هذا الطعام؟ أو نَذَر: لو صحَّ ابني من المرض فسأضحي الغنم في يوم عيد الأضحى. فهل يجوز للأغنياء أن يأكلوا من هذا اللحم؟ أريد الجواب على مذهب الحنفية.

 

 

 


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 09 يوليو 2025 م
الفجر
4 :16
الشروق
6 :1
الظهر
1 : 0
العصر
4:36
المغرب
7 : 59
العشاء
9 :31