هل يعتبر الوسيط ضامنا للمال في حال تهرب الطرف الآخر؛ فقد عرَّفني أحد أصدقائي على صديق له يمارس التجارة في قطع غيار السيارات، وقمنا بتدبير المال اللازم له للاستثمار في هذه التجارة بدلًا من التعامل مع البنوك وشركات توظيف الأموال، وبعد مدة تعرفت عن طريقهما على شخص ثالث أخبرنا أن لديه صفقة تجارية مربحة تحتاج لمبلغ من المال لإتمامها على أن يرد هذا المبلغ مضافًا إليه الأرباح بعد انتهاء الصفقة وذلك خلال شهر من الزمان، وأخبرني صديقي أنه شخص ملتزم ومن وسط محترم، وبناءً على كلامهما أعطيته عشرين ألف دولار، وعند انتهاء الموعد المحدد طالبته بالمبلغ فبدأ يتهرب مني، ثم علمت أن صديقي قد استرد أمواله وأموال أخته من صديقه الثاني ولم يبلغ أحدًا، فطالبت صديقه الثاني بأموالي، وبعد جهد كبير استطعت أن أحصل على أموالي على هيئة قطع غيار سيارات بيعت بالخسارة، ثم أخذت شيكًا على الصديق الثالث، وبعد انتهاء مدة الاستحقاق رفعت قضية عليه وصدر لي حكم، وظل يماطل حتى تم تأييد الحكم عليه، ولم أستطع أن أنفذ الحكم، وبعد فترة من الزمن علمت أنه قد توفي إلى رحمة الله تعالى، كما أن الصديق الثاني هو الآخر باع محلاته وصدرت ضده أحكام من الآخرين، فهل من حقي مطالبة صديقي الأول برد أموالي؟ وهل هو مسؤول عنها؟
هل يعتبر الوسيط ضامنا للمال في حال تهرب الطرف الآخر
إذا كان دور صديقك الأول يقتصر على تعريفك بالشخصين الآخرين ونصحك بالاتجار معهما فقط فإنه لا يضمن شيئًا؛ لأنه لم يرغمك على إعطائك مالك لأحد، وما هو إلا ناصح ودال على ما يظنه مفيدًا ونافعًا لك، أصابت نصيحته بعد ذلك أو أخطأت، أما إذا كان بمثابة الوكيل لك في مالك وكنت قد خوَّلته أن يتصرف فيه حسبما يراه محققًا للمصلحة في نمائه فإنه يضمن إذا فرَّط أو تعدَّى، والتفريط أن يُقصر فيما يعلمه، والتعدي أن يُضارب به فيما لا يعلمه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.