ما حكم طباعة شكل المصحف أو آيات منه على كيك المناسبات؟ وهل يجوز أكْلُ ما كُتب عليه؟
أجمع المسلمون على أنه يجبُ تعظيمُ القرآن الكريم واحترامُه وصَوْنُه عمَّا لا يليق بواجب تقديسه، وعليه فإن كانت طباعة شكل المصحف أو كتابة بعض آياته الشريفة على كيك المناسبات تؤدي إلى امتهانه فهذا فعل لا يجوز شرعًا، أما إذا انتفى ذلك وقُصد التبرك به فلا مانع شرعًا.
المحتويات
من المقرَّر شرعًا أن الاحتفال بالمناسبات جائزٌ؛ لما فيه من إشاعة الفرح والسرور، خاصَّة أيام الميلاد التي يتذكَّر الإنسان فيها اليومَ الذي أنعم الله تعالى عليه فيه بإبرازه للحياة، وإقامته لعبادة الله من تذكُّر النعمة والتحدُّث بها؛ حيث ندب الشرعُ الشريفُ إلى ذلك في نحو قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى: 5].
وقد اشتهر في ذلك بين الناس عمل حلوى وتورتة وكيك وتزيينها بكتابة أسمائهم عليها أو كتابة بعض العبارات، أو وضْع صورهم عليها، وذلك من المباحات التي لا حَرَجَ فيها شرعًا.
أما طباعة شكل المصحف الشريف، أو كتابة بعض الآيات القرآنية عليها؛ فإنَّ حكمَها يختلفُ باختلاف القصْدِ منها:
فإن كان القصْد منها الامتهان فلا يجوز؛ لما في ذلك من الاستخفاف برمزيته المقدسة والتقليل من هيبته ومكانته.
وقد أجمع المسلمون على أنه يجبُ تعظيمُ القرآن الكريم واحترامُه وصَوْنُه عمَّا لا يليق بواجب تقديسه، فيجبُ حفْظُه وصوْنُه عن النجاسات وعن القاذورات، ولا يوضع بالمواضعِ التي يُخشى وقوع الامتهان فيها لشيء منه؛ قال الله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ۞ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ۞ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: 77-79].
وقال عز وجل: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ۞ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ [الزخرف: 3-4].
وقال سبحانه: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ [الحج: 30].
قال الإمام الألوسي في تفسيره "روح المعاني" (9/ 141، ط. دار الكتب العلمية): [حُرُمات الله جمع حرمة، وهو ما يُحترَم شرعًا] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (2/ 71، ط. دار الفكر): [أجمع العلماءُ على وجوب صيانة المصحف واحترامه] اهـ.
كما وردت السُّنة النبوية بالنهي عن كل ما يؤدي إلى امتهان القرآن الكريم: ككتابته على الأرض، أو الثياب، أو ما يُفرش، أو تَوَسُّده ونحو ذلك؛ فعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنهم، قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يُكْتَبَ القرآنُ على الأرض"، أخرجه ابن بطة في "الإبانة"، والمستغفري في "فضائل القرآن"، وغيرهما.
وعِلَّةُ النهي هي: أنَّ ذلك مَظِنَّةُ وَطْئِه؛ لأنَّ الأرضَ من شأنها أن تُوطَأ، وفي هذا امتهانٌ للقرآن الكريم، وهو من الكبائر.
أخرج أبو عُبَيْد القاسم بن سلَّام في "فضائل القرآن" (ص: 121، ط. دار ابن كثير)، وابن بطة في "الإبانة" (5/ 325، ط. دار الراية)، والمستغفري في "فضائل القرآن" (1/ 200، ط. دار ابن حزم) عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما أنه قال: "لا تَكتُبوا القرآنَ حيثُ يُوطَأُ"، وبوَّب له الحافظ المستغفري بقوله: (باب ما جاء في النهي عن كتابة القرآن على الأرض أو على شيء يُوطَأ؛ تعظيمًا له).
وقد صرَّح الفقهاء بكراهة كتابة وتعليق القرآن الكريم على الثياب والنقود، خشية امتهان شيء منه ولو بدون قصد؛ لأن هذا لا يليقُ به.
قال العلامة الكمال بن الهمام الحنفي في "فتح القدير" (1/ 169، ط. دار الفكر): [تُكره كتابة القرآن وأسماء الله تعالى على الدراهم والمحاريب والجدران وما يُفرش] اهـ.
وقال الشيخ الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 425، ط. دار الفكر): [وظاهره أن النقش مكروه ولو قرآنًا، وينبغي الحرمة لأنه يؤدي إلى امتهانه، كذا ذكروا] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (2/ 70، ط. دار الفكر): [يكره نقش الحيطان والثياب بالقرآن وبأسماء الله تعالى] اهـ.
وزاد الخطيب الشربيني الشافعي: أنه يكره وإن كان لمسجد أو طعام، فقال في "الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع" (1/ 104، ط. دار الفكر): [ويُكره كَتْبُ القرآن على حائط ولو لمسجد وثياب وطعام ونحو ذلك] اهـ.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (3/ 272، ط. دار الكتب العلمية): [وتُكره كتابة القرآن على الدرهم والدينار] اهـ.
وما ذكره العلماء من منع كتابة القرآن الكريم على الجدران والمحاريب إذا كان في ذلك امتهان له فإذا انتفَى الامتهان فلا مانع من ذلك.
أما إذا انتفى امتهان القرآن فلا مانع، لا سيما إذا كان فعل هذا على سبيل التبرُّك والاستشفاء، وهو مذهبُ جماعةٍ من السلف.
قال الإمام النووي في "المجموع" (1/ 171، ط. دار الفكر): [لو كَتَبَ القرآنَ في إناء ثم غسله وسقاه المريضَ، فقال الحسن البصري، ومجاهد، وأبو قلابة، والأوزاعي: لا بأسَ به، وكرهه النخعي. ومقتضى مذهبنا أنه لا بأسَ به] اهـ.
وقال في موضع آخر (2/ 70): [قال القاضي حسين، والبغوي، وغيرهما: وإذا كَتب قرآنًا على حلوى وطعام، فلا بأسَ بأكله] اهـ.
بناءً على ذلك: فإذا كان القصد بطباعة شكل المصحف الشريف أو كتابة آياتٍ من القرآن الكريم على كيك المناسبات هو التبرُّك به فهو جائز.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما أهم الآداب والضوابط التي جاءت بها شريعة الإسلام لتنظيم المعاملات بين الناس؟
نرجو منكم بيان إلى أي مدى حث الإسلام على احترام خصوصية الآخرين.
ما هي ضوابط إعطاء وقبول الهدية في الشرع الشريف؟
ما حكم التبرع لأبناء الشعب الفلسطيني في غزة هذه الأيام؟ وهل هو واجب؟ وهل إخراج زكاة المال لهم أولى من غيرهم؟
كلَّف أخٌ أخاه بشراء قطعة أرضٍ لصالحه وسافر، وتعرض الأخ المُكَلَّف لعملية نصبٍ اشترى على إثرها قطعة أرض معيبة بمرور تيار الضغط العالي عليها، مما يفقدها قيمتها، مما أثار مشاكل كثيرة بين الأخ وأخيه. قام الأخ الذي اشترى بتعويض أخيه بقطعة أرضٍ أخرى ومبلغ ستة آلاف جنيه مقابل القطعة المعيبة، وكان الاتفاق النهائي أن يدفع الأخ الأصغر مبلغ ستة آلاف جنيه كفارق سعرٍ على فتراتٍ زمنيةٍ وحسب حاجة الأخ الأكبر، حتى تبقى مبلغ 450 أربعمائة وخمسون جنيهًا، وقد ثارت مشاكل كثيرة بين الأخوين، ونتيجة للشجار بينهما حدث ما يلي:
1- أراد الأخ الأصغر أن يرجع عن الاتفاق النهائي المبرم بينهما والشاهد عليه شهود.
2- أقسم الأخ الذي من المفروض عليه أن يدفع 450 جنيهًا الباقية يمينًا بالطلاق؛ حيث إنه قال: "علي الطلاق من مراتي ما تخدهم، ولا ليك عندي حاجة".
ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي في الآتي:
1- هل يجوز للأخ الأصغر أن يرجع عن الاتفاق النهائي المبرم بينهما والشاهد عليه شهود؟
2- هل يعتبر يمين الطلاق الذي حلفه يمينًا يقع به طلاق أم لا؟
ما حكم كتابة حرف الصاد (ص) أو لفظ (صلعم) بدلًا من كتابة (صلى الله عليه وسلم) بعد الاسم الشريف؟