طلب الإفادة فيمن يطلق زوجته بلفظ: أنت طالق، في حالة عدم الطهر من الجماع للزوج والزوجة. مع بيان الحكم الشرعي في ذلك.
إذا قال الرجل لزوجته: أنت طالق، فهذا القول من قبيل الطلاق الصريح المُنَجَّز الذي يلحق الزوجة بمجرد التلفظ به دون حاجة إلى نية، ويكون قد وقع على الزوجة الطلقة الأولى الرجعية ما لم تكن مسبوقة بطلاق آخر قبلها، ويحق للزوج مراجعة زوجته إن كانت لا تزال في العدة، أو إعادتها إليه بعقد ومهر جديدين وبإذنها ورضاها إن كانت قد خرجت من العدة، ولا عبرة من كون الزوجة كانت على غير طهر أثناء إلقاء لفظ الطلاق عليها؛ لأن الطلاق يقع ويلحق الزوجة سواء كانت الزوجة على طهر أو غير طهر.
المحتويات
قال الله تعالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: 229]، أي أن الطلاق المشروع يكون مرة يعقبها رجعة، ثم مرة ثانية يعقبها رجعة كذلك، ثم إن المطلق بعد ذلك له الخيار بين أن يمسكها بمعروف أو يفارقها بإحسان، والطلاق قد يكون سُنِّيًّا وقد يكون بِدعِيًّا.
الطلاق السُّنِّي: وهو الموصوف بكونه واقعًا على المنهج الذي عليه سنة التشريع الإسلامي وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والطلاق البِدعِي: وهو المخالف لسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ويوصف الطلاق بأنه سُنِّي إذا وقع بعد الدخول أو الخلوة الشرعية الصحيحة في طهر لم يجامع فيه طلقة واحدة، فإن جاء على غير ذلك وصف بأنه بدعي أي غير موافق للسنة النبوية.
ويتحقق البدعي: إما بالطلاق أثناء الحيض، وإما بطلاق تم في طهر جومع فيه، وإما بلفظ جاء فيه أكثر من طلقة سواء كان ذلك في حيض أو في طهر، وهذا عند الجمهور من الفقهاء، ولكن الحنفية يعتبرون طلاق السنة بالنسبة للعدة مرتين إحداهما الأحسن ويكون بواحدة فقط لا يتجاوزها حتى تنتهي العدة، والأخرى الحسن وهو الذي يتكرر في ثلاثة أطهار، وحجة الحنفية في اعتبار القسم الأخير من السنة أنه ورد في بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لابن عمر رضي الله عنهما: «يَا ابْنَ عُمَرَ، مَا هَكَذَا أَمَرَ اللهُ، قَدْ أَخْطَأْتَ السُّنَّةَ، والسُّنَّةُ أَنْ تَسْتَقْبِلَ الطُّهْرَ فَتُطَلِّقَ لِكُلِّ قُرْءٍ» رواه الطبراني في "المعجم الكبير".
ولا توصف الزوجة غير المدخول بها بأن طلاقها سني أو بدعي بالنسبة للطهر وإنما يكون من جهة العدة فقط، فإذا ما طلقها واحدة فقط ولو في حيض كان طلاقًا للسنة لأنه يكون بائنًا في جميع الحالات أي سواء كانت في حيض أو طهر؛ لأنه بعد الطلاق لا يحل له رجوعها إلا بعقد ومهر جديدين لأنها قد بانت بينونة صغرى عند الفقهاء. انظر: "المغني (7/ 98 وما بعدها). و"الاختيار" (3/ 173).
يتفق الفقهاء على أن طلاق البدعة آثم موقعه، ولكنهم اختلفوا في وقوعه وصحته، حيث صححه البعض، ولم يعتبره البعض الآخر، والفريق الذي صحح الوقوع مع الإثم هو جمهور الفقهاء؛ منهم الأئمة أصحاب المذاهب الفقهية الأربعة المشهورة وهو قول عامة أهل العلم، ولهذا قال ابن المنذر وابن عبد البر: لم يخالف في ذلك إلا أهل البدع والضلال. انظر: "الاختيار" (3/ 173)، و"مغني المحتاج" (3/ 307)، و"حاشية الدسوقي" (3/ 163)، و"المغني" (7/ 99).
والفريق الآخر، وهم: الشيعة الإمامية، وابن تيمية، وابن القيم؛ يقولون: إن الطلاق البدعي لا يقع ولا يعتبر شرعًا، وحجتهم في ذلك: الآثار وأقوال الصحابة والتابعين؛ فقد سئل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في رجل طلق امرأته وهي حائض فأجاب بأنه لا يعتد به، كما استدلوا بما روي أن عبد الله بن مسعود كان يقول: من أتى الأمر على وجهه فقد بين الله له، وإلا فوالله ما لنا طاقة بكل ما تحدثون -"المغني" (7/ 100)-. وقال ابن القيم: إن الطلاق البدعي منهي عنه، والنهي يقتضي الفساد، والحكم بالصحة يقتضي المناقضة؛ لأن الله يحكم بالصحة، ونحن نحكم بالفساد، والواجب حكم الله لا حكم البشر –"المغني" (4/ 44)-.
الجمهور يستدلون لمذهبهم بما روى الإمام أحمد في "مسنده" من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أنه طلق امرأته وهي حائض، فأمره النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمراجعتها، على أن يطلقها إن أراد في طهر لم يجامعها فيه، وقال له: «فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ»؛ أي في قوله تعالى: ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [الطلاق: 1]، أي: مستقبلات لعدتهن. والرجعة لا تكون إلا بعد طلاق، وما دام النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أمر ابن عمر رضي الله عنهما بأن يراجع زوجته، فهذا دليل على إقرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم بوقوع الطلاق من ابن عمر وإن خالف طريق السنة في وقوعه، وقد أمره النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرَ ندبٍ لا أمرَ إيجابٍ بالمراجعة لالتزام السنة في أمر الطلاق عند أحد الصحابة الذين كانوا دائمًا يحرصون ويتلمسون -وبخاصة ابن عمر رضي الله عنهما- طريق السنة التماسًا، فالأمر بالمراجعة للإرشاد والندب لا للإلزام والوجوب. انظر: "المغني" (7/ 100)".
بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإن دار الإفتاء تميل للأخذ بقول جمهور الفقهاء من أن الطلاق يقع ويلحق الزوجة سواء كانت الزوجة على طهر أو غير طهر، وعلى ذلك: فقول السائل لزوجته: أنت طالق، هذا القول من قبيل الطلاق الصريح المُنَجَّز الذي يلحق الزوجة بمجرد التلفظ به دون حاجة إلى نية، ويكون قد وقع على الزوجة الطلقة الأولى الرجعية ما لم تكن مسبوقة بطلاق آخر قبلها، ويحق للزوج مراجعة زوجته إن كانت لا تزال في العدة، أو إعادتها إليه بعقد ومهر جديدين وبإذنها ورضاها إن كانت قد خرجت من العدة، ولا عبرة بما ذكرته السائلة من كونها كانت على غير طهر أثناء إلقاء لفظ الطلاق عليها؛ لأن الطلاق يلحق الزوجة سواء كانت في طهر أو غير طهر. ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال إذا كان الحال كما ورد به.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
زوجي ترك مسكن الزوجية واستقر في شقة أخرى بمفرده وتركني أنا والأولاد، وتحملت كل المسؤولية، وأقنع أولاده أن الانفصال سيستمر، ويريدُ عدم إعطائي الفرصة للزواج بآخر.
فهل يُوجَد في الإسلام شيءٌ اسمه الانفصال وأكون على ذمته يحكم كما يريد؟
تزوج رجل امرأة جعل عصمتها في يدها، وإنها طلقت نفسها واحدة في 29/ 9/ 1955 وثانية في 26/ 10/ 1955 وإنه راجعها بعقد 31/ 10 سنة 1955. فهل يجوز لها تطليق نفسها قبل مراجعتها بعد الطلقة الأولى؟ وهل تملك تطليق نفسها أكثر من مرة؟ وهل تنتقل العصمة إليه بعد مراجعتها أو لا؟
ما حكم الرجعة في الطلاق إذا طلقت المرأة نفسها؟ فقد تزوج السائل بسيدة بتاريخ 19/ 9/ 1974م على يد مأذون، وقد اشترطت الزوجة أن تكون العصمة بيدها تطلق نفسها متى شاءت كما جاء في الصورة الضوئية لوثيقة الزواج المرافقة، وأنه بتاريخ 14/ 8/ 1980م بالإشهاد على يد مأذون طلقت الزوجة نفسها منه طلقة ثانية. ويقول السائل: إن زوجته وأهلها حضروا إلى منزله يوم 17/ 8/ 1980م وأبلغوه شفاهًا أنها طلقت نفسها منه، فقال لها أمام الحاضرين: وأنا راجعتك إلى عصمتي، وتكرر هذا عدة مرات. وأنه لم يتسلم إشهاد الطلاق المنوه عنه إلا في يوم 8/ 3/ 1981م بطريقة غير رسمية، وأرفق صورة ضوئية من هذا الإشهاد، وأنه حرر محضرًا بذلك بقسم الشرطة بنفس التاريخ.
وطلب السائل الإفادة بالرأي الشرعي في هذه المراجعة حتى يتمكن من مباشرة حقوقه الشرعية، وبيان موقفه من العصمة في هذه الرجعة.
سائل يسأل عن المدة الزمنية التي يجوز فيها للمُطَلِّق مراجعة مُطَلَّقته لعصمته إذا كانت من ذوات الحيض؟
مرضت بحالة اكتئاب نفسي تفاعلي مع حالة تشكك وخلط عقلي وهذيان وعدم إدراك تام لطبيعة التصرفات. وخلال فترة المرض تم الطلاق عام 1982م، وعام 1985م، وكان ذلك تحت تأثير المرض وحالة الخلط العقلي والهذيان وعدم الإدراك التام لطبيعة التصرفات وذلك في أثناء الطلاق. ومرفق طيه صورة ضوئية من مستندات العلاج من عام 1981م وحتى عام 1986م، وبخلفها تواريخ التردد على السيد الطبيب المعالج، وكذا صورة ضوئية من إشهادي الطلاق عامي 1982م، 1985م. أرجو من سيادتكم بيان الحكم الشرعي.
سائل يقول: هناك امرأة طُلِّقت طلاقًا رجعيًّا وتركت منزل الزوجية تجنبًا للمشاكل، فتقيم عند والدها مدة العدة، فما حكم ذلك شرعًا؟