حكم زواج البدل

تاريخ الفتوى: 03 أكتوبر 2020 م
رقم الفتوى: 5063
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: النكاح
حكم زواج البدل

نشرت فتوى صادرة عن دائرة الإفتاء التابعة لتنظيم داعش المتطرف تتعلق بحرمة ما يسميه البعض بـ"نكاح البدل"، وهو موجود في بعض البلدان العربية، وصورته: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته، أو يزوجه أخته على أن يزوجه الآخر أخته، ولا مهر بينهما، فهل هذه الفتوى صحيحة؟

مجرد اتفاق الرجلين على أن يزوج أحدهما أخته أو ابنته من الآخر، على أن يزوج ذلك الآخر أخته أو ابنته من الأول، بلا مهر بينهما، لا يدخل تحت صورة الشغار المنهي عنه في الحديث، ما دام لم يجعل البُضع صداقًا، ويثبت في مثل هذه الحالة لكل واحدة من المرأتين مهر المثل.

والفتوى المسؤول عنها ليست صحيحة؛ فالفقيه حقًّا هو من يصحح معاملات الناس ما أمكنه، أما أولئك الدواعش فليسوا بفقهاء ولا علماء ولا صلاحية عندهم للفتوى أو الإرشاد، ويحرم أخذ الأحكام الشرعية عن طريقهم.

المحتويات

 

بيان المقصود ب "نكاح الشغار" والأحاديث الواردة في ذلك

انتشر عند العرب قديمًا في الجاهلية بعض الأنكحة التي حرمها الإسلام ولم يجزها، وكان من هذه الأنكحة: ما يعرف باسم: "نكاح الشغار".
وقد ورد النهي عن هذا النوع من النكاح فيما رواه الشيخان عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الشغار، فقيل لنافع: ما الشغار؟ قال: "ينكح ابنة الرجل وينكحه ابنته بغير صداق، وينكح أخت الرجل وينكحه أخته بغير صداق".
وروى مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الشغار، والشغار: أن يزوج الرجل ابنته، على أن يزوجه ابنته، وليس بينهما صداق.
وروى مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ».
وذكر البنت والأخت في هذا الحديث على سبيل المثال، فكل مولية كذلك؛ قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم (9/ 201، ط. دار إحياء التراث العربي): [وأجمعوا على أن غير البنات من الأخوات وبنات الأخ والعمات وبنات الأعمام والإماء كالبنات في هذا] اهـ.
وأصل الشغر في اللغة: الرفع؛ يقال: شغر الكلب؛ إذا رفع رجليه ليبول، وذلك أنه لا يفعل ذلك إلا إذا كبر وبلغ حد الوثوب على الإناث. فسمي هذا النوع من النكاح شغارًا لما فيه من رفع للمهر، أو لبعض الشرائط. انظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (2/ 278، ط. دار الكتب العلمية)، و"مواهب الجليل" للحطاب (3/ 512، ط. دار الفكر).
قال الإمام أبو سليمان الخطابي في "معالم السنن" (3/ 192، ط. المطبعة العلمية بحلب): [سمي شغارًا؛ لأنه رفع العقد من أصله، فارتفع النكاح والمهر معًا. ويبين لك أن النهي قد انطوى على الأمرين معًا: أن البدل ههنا ليس شيئًا غير العقد، ولا العقد شيئًا غير البدل، فهو إذا فسد مهرًا فسد عقدًا، وإذا أبطلته الشريعة فإنما أفسدته على الجهة التي كانوا يوقعونه، وكانوا يوقعونه مهرًا وعقدًا، فوجب أن يفسدا معًا] اهـ.

مذاهب الفقهاء في حكم نكاح الشغار

المقرر في فقه السادة الشافعية أن المقتضي للبطلان: هو التشريك في البضع؛ فإنَّ بضع كل من المرأتين قد جعل موردًا للعقد، وصداقًا للأخرى، فجعله عوضًا ومعوضًا عنه، والمحل الواحد لا يكون فاعلًا وقابلًا؛ أي: لا يجعل علة ومعلولًا؛ واستنبطوا هذا من قوله: "وليس بينهما صداق"، ولم يجعلوا المقتضي للبطلان عدم الصداق؛ لأن تسمية الصداق عندهم غير واجبة، وإنما المقتضي للبطلان: جعل البضع صداقًا.
قال في "المنهاج" وشرحه للعلامة المحلي (3/ 219-220، ط. دار إحياء الكتب العربية -مع حاشيتي قليوبي وعميرة-): [(ولا) يصح (نكاح الشغار)؛ للنهي عنه في حديث الصحيحين، (وهو زوجتكها)؛ أي: بنتي (على أن تزوجني بنتك، وبضع كل واحدة) منهما (صداق الأخرى، فيقبل) ذلك؛ كأن يقول: تزوجت بنتك، وزوجتك بنتي على ما ذكرت، وهذا التفسير مأخوذ من آخر الحديث، المحتمل لأن يكون من تفسير ابن عمر الراوي، فيرجع إليه. والمعنى في البطلان: التشريك في البضع؛ حيث جعل مورد النكاح وصداق الأخرى، وقيل: التعليق، وقيل: الخلو عن المهر، ولذلك سمي شغارًا؛ من قولهم: شغر البلد عن السلطان، إذا خلا عنه. (فإن لم يجعل البضع صداقًا)؛ بأن سكت عن ذلك، (فالأصح الصحة) في النكاحين؛ لانتفاء التشريك المذكور، ولكل واحدة مهر المثل، والثاني: بطلانهما؛ لوجود التعليق، واعترض بأنه ليس فيه إلا شرط عقد في عقد، وذلك لا يبطل النكاح] اهـ.
وقد ذهب فقهاء المالكية والحنابلة إلى أن الشغار هو أن يزوجه وليته على أن يزوجه الآخر وليته، ولا مهر بينهما، وهو باطل عندهما كذلك. راجع: "الفواكه الدواني" للنفراوي (2/ 11، ط. دار الفكر)، و"الإنصاف" للمرداوي (8/ 159-160، ط. دار إحياء التراث العربي)
بينما يرى الحنفية وأحمد في رواية عنه صحة العقد مع فساد الشرط. راجع: "بدائع الصنائع" (2/ 278)، و"الإنصاف" للمرداوي (8/ 159-160).
والمختار للفتوى من مذاهب العلماء أن مجرد اتفاق الرجلين على أن يزوج أحدهما أخته أو ابنته من الآخر على أن يزوج ذلك الآخر أخته أو ابنته من الأول، بلا مهر بينهما، لا يدخل تحت صورة الشغار المنهي عنه في الحديث، ويثبت لكل واحدة من المرأتين مهر المثل.

الخلاصة

عليه: فالفتوى المسؤول عنها ليست صحيحة بناء على ما اخترناه، والفقيه يصحح معاملات الناس ما أمكنه، أما أولئك الدواعش فليسوا بفقهاء ولا علماء ولا صلاحية عندهم للفتوى أو الإرشاد، ويحرم أخذ الأحكام الشرعية عن طريقهم.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

سأل رجل قال: له أخت شقيقة عقد عليها شخص وهي بكر، ثم طلقها قبل الدخول. ثم عقد عليها شخص آخر ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج، ثم طلقت منه. وبعد انقضاء العدة أراد والد الشخص الأول أن يتزوجها. فهل يجوز العقد عليها أم لا؟


سائل يسأل عن حكم تنظيم النسل، هل هو جائز شرعًا؟


السائل يطلب حكم الشرع في زواج المتعة؟


ما حكم شهادة غير المسلم في عقد الزواج بين المسلمين؟ فقد تزوج رجلٌ امرأةً، وشهد على العقد اثنان: أحدهما مسلم، والآخر مسيحي. وعلمت الزوجة بعد الدخول أن زوجها هو نجل شقيقها من الأب؛ أي أنها تعتبر عمته. وطلب السائل حكم هذا الزواج من الناحية الشرعية؛ هل هو باطل أم فاسد؟ وما حكم شهادة المسيحي على الزواج؟


ما حكم الزواج من امرأة في مرض موتها؛ فقد سأل أحد طلبة العلم بالأزهر في رجل عقد على امرأة ثيّب في حال مرضها المظنون بأنه مرض الموت، وهي الموجبة مع حضور الشهود، هل هذا العقد صحيحٌ ومعتبرٌ شرعًا أم لا؟ أفيدونا الجواب، ولكم الثواب من الملك الوهاب.


ما حكم زواج الرجل من أخت زوجته بعد وفاتها مباشرة؟ حيث توفيت زوجتي بعد أن رزقت منها بأولاد لا يزالون في سن الحضانة، وبعد وفاتها مباشرة أريد السفر للعمل، كما أنني أريد الاطمئنان على أولادي، فأردت أن أتزوج شقيقة زوجتي المتوفاة. فهل هناك ما يمنع هذا الزواج شرعًا؟ وهل هناك عدة على الرجل كما هو الحال عند المرأة؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 09 مايو 2025 م
الفجر
4 :28
الشروق
6 :5
الظهر
12 : 51
العصر
4:28
المغرب
7 : 38
العشاء
9 :4