تقدير دور الأطباء في مواجهة الوباء

تقدير دور الأطباء في مواجهة الوباء

 في ظل ما يمرُّ به المجتمع من أزمة انتشار وباء فيروس كورونا، بدا جليًّا ما يقوم به الأطباء والممرضون من عمل جليل؛ حيث يتصدرون أول صفوف مواجهة انتشار هذا الفيروس، ويحرصون على تقديم عملهم على أتم وجه غير عابئين بأنهم أكثر الناس عرضةً للإصابة بالعدوى، مما يعرض حياتهم وذويهم للخطر، وذلك من أجل إغاثة المرضى والقيام بالواجب الوطني والمجتمعي. فكيف هي نظرة الإسلام لمن يقوم بمثل هذا العمل العظيم؟ وما واجب المجتمع تجاههم حينئذ؟

 ما يقوم به الأطباء من عملٍ هو من أشرف الأعمال وأنبلها، ويزيد عملهم فخرًا وشرفًا ونبلًا ما يقومون به في الفترة الراهنة من تصدرهم لمواجهة خطر تفشي فيروس كورونا مع ما في ذلك من تعرض أرواحهم للخطر في سبيل الحفاظ على أمن الوطن وسلامة مواطنيه، مما يوجب على جميع أفراده إبراز كافة معاني الشكر والتقدير والإعزاز والإجلال والامتنان للعاملين في المجال الطبي كافتهم من أطباء وممرضين وغيرهم ممن يتعاونون معهم في مواجهة خطر هذا الوباء وتخفيف حدة المرض عن المصابين به؛ عاملين على الوصول بهم للشفاء التام حتى يحجم الوباء ويسلم الجميع منه.

التفاصيل ....

 ممَّا لا مِراء فيه أن عمل الطبيب من أشرف الأعمال وأنبلها؛ لأن به سلامة الإنسان في بدنه، وإذا سَلِم الإنسان في بدنه عبَدَ ربه وسعَى في تحصيل رزقه من علم أو عمل، فينصلح بذلك حاله في دنياه ومعاده.
ومما زاد من شرف عمل الطبيب وعُلوِّ مكانته أنه وإن كان يعتمد في تناوله على العلم التجريبي النافع المقرون بالممارسة إلا أنه لا بد أن يكون مغلفًا بمعاني الرحمة والإنسانية والإتقان والتفاني في القيام به؛ لأنه وإن كانت جميع الأعمال والمهن تتعامل مع الإنسان في حال قوته فإن الطبيب يتعامل مع الإنسان في حال ضعفه ومرضه، فشمل عمله من معاني الرحمة الواجبة ما لم يشمله غيره من الأعمال.
ومن هنا كانت الحاجة إلى علماء الطب الذين بهم ينصلح حال الإنسان في جسده لا تقل عن الحاجة إلى علماء الدين الذين بهم ينصلح حال الإنسان في دينه وروحه، وعلى ذلك تواردت نصوص العلماء.
فروى الإمام أبو نعيم في "حلية الأولياء" (9/ 142) عن محمد بن سهل الطوسي عن الربيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي يقول: [العلم علمان: علم الأبدان وعلم الأديان] اهـ.
وروي عنه أيضًا أنه قال: [صنفان لا غنى للناس عنهما: العلماء لأديانهم والأطباء لأبدانهم] اهـ؛ كما نقله موفق الدين عبد اللطيف البغدادي (ت629هـ) في "الطب من الكتاب والسنة" (ص: 179، ط. دار المعرفة).
وقال الإمام الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (8/ 251، ط. دار الحديث): [حدثنا محمد بن يحيى بن حسان، سمعت الشافعي يقول: العلم علمان: علم الدين؛ وهو الفقه، وعلم الدنيا؛ وهو الطب] اهـ.
ومما يزيد من قَدْر الأطباء وأهمية ما يقومون به من عمل أن الله تعالى قد أناط بهم تحقيق مقصد من أولى مقاصد الشريعة ألا وهو حفظ النفس؛ فاختصهم دون سواهم بعلاج المرضى ومداواتهم ودفع سبل الهلاك عنهم، والإرشاد إلى طرق الوقاية التي بها يحفظ الإنسان نفسه من خطر الإصابة بالأمراض والأوبئة.
قال الشيخ ابن القيم في "زاد المعاد" (4/ 15، ط. مؤسسة الرسالة): [روي أن إبراهيم الخليل عليه السلام قال: يا رب ممَّن الداء؟ قال: مني. قال: فممن الدواء؟ قال: مني. قال: فما بال الطبيب؟ قال: رجل أُرسِل الدواءُ على يديه] اهـ.
ومما يُبرز مكانة علم الطب في الشرع الإسلامي توارد النصوص على مراعاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لقواعد الطب في طعامه وشرابه حال صحته، وتداويه حين مرضه، وأمره لمن يمرض بالتداوي.
فأما مراعاته صلى الله عليه وآله وسلم لقواعد الطب في صحته؛ فقد قال العلامة القسطلاني في "المواهب اللدنية" (2/ 164، ط. المكتبة التوفيقة): [وكان صلى الله عليه وآله وسلم يراعي صفات الأطعمة وطبائعها واستعمالها على قاعدة الطب، فإذا كان في أحد الطعامين ما يحتاج إلى كَسْر وتَعدِيل كَسَرَه وعَدَّلَه بضِدِّه إن أمكن] اهـ.
وأما تداويه صلى الله عليه وآله وسلم حين مرضه، فقد تواردت النصوص أن السيدة عائشة كانت من أعلم الناس بالطب لِمَا رأته من كثرة تطبُّبِ النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين مرضه.
ذكر ابن الجوزي في "صفة الصفوة" (1/ 319، ط. دار الحديث): [عن هشام بن عروة قال: كان عروة يقول لعائشة رضي الله عنها: يا أمتا لا أعجب من فقهك، أقول: زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وابنة أبي بكر رضي الله عنه، ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام العرب، أقول: ابنة أبي بكر رضي الله عنه وكان أعلم الناس أو مِن أعلم الناس، لكن أعجب من علمك بالطب!! قال: فضربت على منكبه، وقالت: أيْ عروة إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يسقم عند آخر عمره -أو في آخر عمره- فكانت تقدم عليه وفود العرب من كل وجه فتنْعَتُ له الأنعاتَ، فكنتُ أعالجه، فمن ثَمَّ] اهـ.
وقال العلامة ابن حجر في "الإصابة" (8/ 233، ط. دار الكتب العلمية): [قال هشام بن عروة، عن أبيه: ما رأيت أحدًا أعلم بفقهٍ ولا بطبٍّ ولا بشعرٍ من عائشة] اهـ.
وأما أمره صلى الله عليه وآله وسلم بالتداوي، فقد تواردت النصوص على ذلك -كما بينا- كما تواردت على إرساله صلى الله عليه وآله وسلم الأطباءَ إلى مَن مَرِض من صحابته رضي الله عنهم.
ولم يُفرِّق النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كون الطبيب رجلًا أو امرأةً، مسلمًا أو غير مسلم، وجعل الأصل في ذلك الذهاب للأمهر والأعلم بالطب وبالتداوي.
أخرج الإمام البخاري في "الأدب المفرد" عن محمود بن لبيد قال: لما أصيب أكحل سعد يوم الخندق فثقل، حولوه عند امرأة يقال لها: رفيدة، وكانت تداوي الجرحى، فكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا مرَّ به يقول: «كَيْفَ أَمْسَيْتَ؟» وإذا أصبح: «كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟» فيخبره.
وقال الإمام الطبري في "تاريخ الرسل والملوك" (2/ 586، ط. دار التراث): [كان سعد بن معاذ قد جعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خيمة امرأة من أسلم يقال لها: "رفيدة" في مسجده، كانت تداوي الجرحى، وتحتسب بنفسها على خدمة مَن كانت به ضيعة من المسلمين، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد قال لقومه حين أصابه السهم بالخندق: اجعلوه في خيمة رفيدة] اهـ.
وعن رُبَيِّع بِنتِ مُعوِّذ بنِ عَفْراء رضي الله عنها قالت: "كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نسقي القوم ونخدمهم ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة" أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".
وعن زيد بن أسلم، أن رجلًا أصابه جرح، فاحتقن الدم، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا له رجلين من بني أنمار فقال: «أَيُّكُمَا أَطَبُّ؟» فقال رجل: يا رسول الله، أَوَفي الطب خير؟! فقال: «إِنَّ الَّذِي أَنْزَلَ الدَّاءَ أَنْزَلَ الدَّوَاءَ». وفي رواية مالك: «أَنْزَلَ الْأَدْوَاءَ» أخرجه الإمام مالك في "الموطأ" وابن أبي شيبة في "المصنف" واللفظ له، وأبو نعيم في "الطب النبوي".
وعن سعد بن أبي رافع رضي الله عنه، قال: مرضت مرضًا فأتاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعودني، فوضع يده بين ثديي حتى وجدت بردها على فؤادي، فقال: «إنَّكَ رَجُل مَفْؤودٌ، ائتِ الحَارِثَ بنَ كَلَدَةَ أخا ثَقِيفٍ، فإنَّه رجل يَتَطَبَّبُ» أخرجه أبو داود في "السنن" والطبراني في "المعجم الكبير" وأبو نعيم في "الطب النبوي".
وعَن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عَن أبيه قال: "مرض سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وهو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع، فعاده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله ما أراني إلا لما بي. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَشْفِيَكَ اللهُ حَتَّى يَضُرَّ بِكَ قَوْمًا وَيْنَفَعَ بِكَ آخَرِينَ». ثم قال للحارث بن كلدة الثقفي: «عَالِجْ سَعْدًا مِمَّا بِهِ». فقال: والله إني لأرجو أن يكون شفاه مما معه في رحله، هل معكم من هذه التمر العجوة شيء؟ قالوا: نعم قال: فصنع له الفريقة، خلط له التمر بالحلبة ثم أوسعها سمنًا ثم أحساها إياه، فكأنما نشط من عقال". أخرجه أبو نعيم في "الطب النبوي" وابن الأثير في "أسد الغابة".
ولأهمية التطبب وتقدير الشرع لعلم الطبيب وخبرته، حذر من أن يتصدر للطب مَن ليس مِن أهله، وألزم من يفعل ذلك العقوبة إن أخطأ، بينما لم يلزم الطبيب بالعقوبة حال خطئه.
فعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ تَطَبَّبَ، وَلَا يُعْلَمُ مِنْهُ طِبٌّ، فَهُوَ ضَامِنٌ» أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه والدارقطني في "السنن" وأبو نعيم في "الطب النبوي" وصححه الحاكم في "المستدرك"، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
قال العلامة المناوي في "فيض القدير" (6/ 106، ط. المكتبة التجارية): [من تعاطى الطب ولم يسبق له تجربة، ولفظ التفعل يدل على تكلف الشيء والدخول فيه بكلفة ككونه ليس من أهله (فهو ضامن) لمن طَبَّه بالدية إن مات بسببه لتهوره بإقدامه على ما يقتل، ومن سبق له تجربة وإتقان لعلم الطب بأخْذِه عن أهله فطب وبذل الجهد الصناعي فلا ضمان عليه] اهـ.
وبينما حثَّ الشرعُ المريضَ على طلب التداوي والذهاب للأطباء الأكفاء، ونهى أن يتصدَّر للطب مَن ليس أهلًا له، أجزلَ العطاءَ لكل طبيب يكون جراء عمله نجاة نفس من الهلاك بالمرض أو تخفيف حدة الألم عنها، فقال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 32].
قال الإمام الطبري في "تفسيره" (10/ 238، ط. مؤسسة الرسالة): [حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ قال: من أنجاها من غَرَق أو حرقٍ أو هَلَكةٍ] اهـ.
وقال العلامة الراغب الأصفهاني في "تفسيره" (4/ 332، ط. دار الوطن): [قوله: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا﴾ أي: من نجاها من الهلاك] اهـ.
كما أجزل اللهُ تعالى العطاءَ لمن يعمل على كفِّ الأذَى أو الخطر عن النفوس، ولو بإزالة ما قد يضرها بالطريق.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ فَشَكَرَ اللهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ» متفق عليه.
قال العلامة الزرقاني في "شرحه على الموطأ" (1/ 385، ط. دار الكتب العلمية): [«فَشَكَرَ اللهُ لَهُ» قال الحافظ: أي رضي فِعلَه وقَبِل منه «فَغَفَرَ لَهُ». وقال الباجي: يحتمل أن يريد جازاه على ذلك بالمغفرة، أو أثنى عليه ثناء اقتضى المغفرة له، أو أمر المؤمنين بشكره والثناء عليه بجميل فعله. قال: ومعنى تعلق نزع الشوك من الطريق بالترجمة أنه غفر له مع نَزَارَةِ هذا الفعل] اهـ.
فإذا كان الله تعالى قد جعل أجر من أنقذ نفسًا واحدة من الهلاك كأجر من أحيا الناس جميعًا، وهو مما لا يُعْلَم قدره لِعِظَمِه، وقابَلَ مَن رفع الأذى عنها بالشكر له ومغفرة ذنبه، فكيف يكون أجر الأطباء المرابطين الذين يتعاملون مع المرضى والمصابين في ظل انتشار وباء فيروس كورونا سريع العدوى؛ فيضحون براحتهم وأرواحهم من أجل إنقاذ المصابين وحمايةِ مَن يتوقع إصابته؛ فيواجهون الخطر والموت في كل وقتٍ وحينٍ بصُدورٍ رحبةٍ غير عابئين بأنفسهم في مقابل القيام بواجبهم تجاه وطنهم وشعبهم- إلا الجزاء الأعظم والأجر الأوفر؛ تصديقًا لقوله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: 26]، وقال تعالى: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ [الرحمن: 60].
وكما جاءت نصوص الشريعة ببيان فضل ما يقوم به الأطباء من عمل، وبيان استحقاقهم للثواب الجزيل من الله تعالى، جاءت النصوص أيضًا بوجوب تقديرهم وبذل كافة معاني الشكر لهم.
فقد حثَّ الشرع الشريف على وجوب شكر كل من يقدم إلى الإنسان صنيعًا طيبًا، وبيَّن أن شكر الناس من شكر الله تعالى؛ لأنه عز وجل هو واهب جميع النعم، وشكر النعمة شكر للمنعم، فكيف بشكر من يهدي إلى الإنسان حياة آمنة من الأمراض والعلل.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَشْكُرُ اللهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند" وأبو داود والترمذي في "السنن" والبخاري في "الأدب المفرد" وصححه الترمذي في "السنن" وابن حبان في "الصحيح".
قال العلامة المناوي في "فيض القدير" (3/ 280، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [«وَمَنْ لَا يَشْكُرِ النَّاسَ لَا يَشْكُرِ الله» أي: من كان طبعه وعادته كفران نعمة الناس وترك الشكر لمعروفهم كان عادته كفران نِعَم الله وترك الشكر له، أو المراد أن الله لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس وينكر معروفهم لاتصال أحد الأمرين بالآخر] اهـ.
وزاد من حرص الشرع الشريف على تقدير من يُسدي إلى الإنسان معروفًا أن أمر بمكافأته، فإن لم يكن ذلك مستطاعًا فبكثرة الدعاء له.
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ، فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ» أخرجه أحمد في "المسند"، وأبو داود والنسائي في "السنن"، وابن حبان في "الصحيح"، والطبراني في "تهذيب الآثار".
فإذا كان العمل الذي يستحق الشكر عليه هو إنقاذ النفوس من الهلاك أو تخفيف وطأة المرض عن المصابين به، بل والعمل على حفظ أمن الناس جميعًا من خطورة تفشي العدوى؛ كان استحقاق الشكر أوجب ووجوب إبراز التقدير والاحترام أعظم.
وقد نص الفقهاء على أن مَن أحيا نفسًا واحدة كان مستحقًّا للشكر من جميع الناس كما لو أحياهم كلهم لا ممن أحياها فقط، وذلك تقديرًا لما قام به من عمل يترتب عليه حياة جميع النفوس، فكيف بما يقوم به الفريق الطبي في ظلال انتشار الوباء بإنقاذ الكثير من النفوس، مما يوجب المبالغة في تقديم الشكر والتقدير لهم.
قال الإمام العز بن عبد السلام في "تفسيره" (1/ 382، ط. دار ابن حزم): [ومن أحياها بإنجائها من سبب مهلك؛ فعليهم شكره كما لو أحياهم جميعًا] اهـ.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن ما يقوم به الأطباء من عملٍ هو من أشرف الأعمال وأنبلها، ويزيد عملهم فخرًا وشرفًا ونبلًا ما يقومون به في الفترة الراهنة من تصدرهم لمواجهة خطر تفشي فيروس كورونا مع ما في ذلك من تعرض أرواحهم للخطر في سبيل الحفاظ على أمن الوطن وسلامة مواطنيه، مما يوجب على جميع أفراده إبراز كافة معاني الشكر والتقدير والإعزاز والإجلال والامتنان للعاملين في المجال الطبي كافتهم من أطباء وممرضين وغيرهم ممن يتعاونون معهم في مواجهة خطر هذا الوباء وتخفيف حدة المرض عن المصابين به؛ عاملين على الوصول بهم للشفاء التام حتى يحجم الوباء ويسلم الجميع منه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا