ما حكم قضاء الحاجة في الماء المستعمل للشرب والطهارة؟ فقد سئل بخطاب مصلحة الصحة بما صورته: قد ثبت علميًّا أن مرض البلهارسيا "البول الدموي"، والإنكيلستوما "الرهقان"، وغيرهما، تنقل من مريض لآخر بواسطة المياه الملوثة من بول أو غائط مريض، وهذه الأمراض مضعفة للقوى، ومهلكة للأنفس، وتصيب خلقًا كثيرين، ويصبح المرضى بها عديمي القوى، نحال الجسم هم وذووهم لا يقوون على عمل لهم ولا للهيئة الاجتماعية، وفي الحقيقة يصبحون عالة على ذويهم؛ لعدم مقدرتهم على العمل، وهذه الأمراض منتشرة انتشارًا عظيمًا بأنحاء القطر المصري؛ لهذا كان من أهم واجبات مصلحة الصحة العمل على استئصال شأفتها، وإيقاف انتقال عدواها، ولا يكون ذلك إلا بمنع الأهالي عن التبول والتغوط في المياه التي تستعمل للشرب والاستحمام، فإذا تحقق علميًّا هذا الضرر كما قدمنا، فهل لا يحرم الدين والحالة هذه التبول والتغوط في المياه المذكورة أو بالقرب منها؟ ولذلك نلتمس من فضيلتكم إصدار فتوى ببيان حكم الدين الحنيف لنشرها على الناس، مبينًا فيها حكم الشرع الشريف فيمن يتبول أو يتغوط في المياه المستعملة للشرب وللاستحمام أو بالقرب منها إذا كانت نتيجته الضرر بصحة الغير، مع ذكر الأحاديث النبوية الخاصة بذلك.
علم ما جاء بخطاب سعادتكم المطلوب به معرفة الحكم الشرعي في التبول والتغوط في المياه المستعملة للشرب وللاستحمام أو بالقرب منها إذا كانت نتيجته الضرر بالغير.. إلخ.
ونفيد أنه: جاء في "صحيح الإمام مسلم" عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ»، والمراد بالماء الدائم: الماء الذي لا يجري؛ كما يُعلم ذلك مما رواه مسلم أيضًا في "صحيحه" عن أبي هريرة أيضًا بسند آخر، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تَبُلْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي ثُمَّ تَغْتَسِلُ مِنْهُ»، قال شارحه النووي: [وأما الدائم فهو الراكد، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الَّذِي لَا يَجْرِي» تفسير للدائم وإيضاح لمعناه، وهذا النهي في بعض المياه للتحريم، وفي بعضها للكراهة، والتغوط في الماء كالبول فيه وأقبح، وكذا إذا بال بقرب النهر بحيث يجري إليه البول، وكله مذموم قبيح منهي عنه.. قال العلماء: ويكره البول والتغوط بقرب الماء وإن لم يصل إليه؛ لعموم نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن البراز في الموارِد، ولما فيه من إيذاء المارين بالماء، ولما يخاف من وصوله إلى الماء] اهـ. هذا ملخص ما تمس الحاجة إليه من شرحه لهذا الحديث.
وقال فقهاء الحنفية: إنه يكره البول والغائط في الماء ولو كان جاريًا في الأصح؛ كما صرح بذلك في "متن التنوير" و"شرحه" -"الدر المختار" (1/ 343)-: [وقال صاحب "البحر": إن الكراهة في الماء الراكد تحريمية، وفي الجاري تنزيهية] اهـ.
وكتب العلامة ابن عابدين -"رد المحتار" (1/ 342)- على قوله: (ولو جاريًا في الأصح) ما نصه: [لما روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ» رواه مسلم والنسائي وابن ماجه، وعنه قال: "نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الْجَارِي" رواه الطبراني في "الأوسط" بسند جيد، والمعنى فيه أنه يقذره، وربما أدى إلى تنجيسه، وأما الراكد القليل فيحرم البول فيه؛ لأنه ينجسه، ويتلف ماليته، ويغر غيره باستعماله، والتغوط في الماء أقبح من البول، وكذا إذا بال في إناء ثم صبه في الماء أو بال بقرب النهر فجرى إليه فكله مذموم قبيح منهي عنه] اهـ.
فعلم من هذا أن البول في الماء القليل أو بالقرب منه حرام، والبول في الماء الجاري أو بالقرب منه مكروه كراهة تنزيهية.
هذا، ومعلوم من قواعد الدين العامة أن كل مؤذ منهي عنه شرعًا، وينبغي للمسلم اجتناب ما يؤذي.
ثم بعد أن أرسلت هذه الفتوى إلى مصلحة الصحة وجدنا في "منح الغفار" وفي "شرح السندي للدر المختار" ما يزيد المسألة وضوحًا، فألحقناه هنا لمجرد الفائدة العلمية:
قال في "منح الغفار شرح تنوير الأبصار" للتمرتاشي مؤلف المتن المذكور: [وكذا يكره بول وغائط في ماء ولو كان الماء جاريًا على الأصح؛ كما في "شرح النظم الوهباني"، وعزاه شارحه إلى "قاضي خان"، وعزاه في "الواقعات إلى الإمام" قال: لأنه يسمى فاعله جاهلًا، وإذا علم الحكم في الجاري علم في الراكد بطريق الأولى إن كان قليلًا، وإن كان كثيرًا فمن باب المساواة؛ لأن الكثير كالجاري، ويدل على كراهة التحريم قوله عليه الصلاة والسلام: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ»، وقد أطلق بعضهم الحرمة على البول في الماء الراكد، ومراده كراهة التحريم مما لا يخفى؛ لعدم قطعية الدليل] اهـ.
وقال السندي: [وفي "البحر": أنها -أي الكراهة- في الراكد تحريمية يعني إذا كان قليلًا، وفي الجاري أي حقيقةً أو حكمًا تنزيهية] اهـ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الإبلاغ عن المخالفات في جهة العمل؛ فأنا كنت أعمل في بداية حياتي بوظيفة في شركة بجانب عملي في مجال العزف والتلحين الموسيقي، ومنذ أكثر من عشرين عامًا كان مجال عملي الوحيد هو الفن بعد تفرغي له، ومنذ حوالي عشر سنوات كنت أتمنى ترك هذا المجال، وظللت أدعو الله لكي أترك هذا المجال، وأكرمني الله بأن جعل أحد رجال الأعمال سببًا في أن أعمل عنده في إحدى شركاته، مع العلم بأن خبرتي ليست قليلة في المجال الذي عملت به، وبعد اندماجي في العمل وجدت الكثير من المخالفات، وقد أشرت إليها إلى السيد مدير الإدارة والذي أعمل نائبًا له، ولكنه يهمش دوري في العمل؛ لوفاة نائب صاحب الشركة والذي كان يعمل مديرًا للشركة، ولانشغال صاحب الشركة في باقي أعماله.
أفتوني هل أخبر صاحب المال عمَّا أراه من مخالفات تضر بمصالح صاحب المال ومصالح العاملين بالشركة وحتى لو أساء الظن بي من ناحية أن يظن بي أن يكون لي مطمع معين. والله يعلم بأنني بريء من مثل هذا الظن؟
سائل يطلب بيان فضل إطعام الطعام في الشريعة الإسلامية وثوابه.
ما المطلوب من المسلم فعله تجاه هذه الأزمات؟ وما الآداب التي يجب أن يتحلَّى بها؟
نرجو منكم توضيح سبب تسمية مكة المكرمة بـ "أم القرى"، وبيان الحكمة من ذلك.
نرجو منكم بيان حقيقة الغيبة المحرمة شرعًا.
ما الآداب الإسلامية في الطرق والأماكن العامة؟ حيث يقوم بعض الناس بتصرفات غير لائقة في الأماكن العامة، لا يراعون فيها الآداب الإسلامية، ولا مشاعر الناس ولا ما تسببه بعض التصرفات من أذى لهم؛ كالبصق في الطرق والأماكن العامة، فما حكم الشرع في ذلك؟