الإحرام قبل الميقات

تاريخ الفتوى: 08 يونيو 2021 م
رقم الفتوى: 5437
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الحج والعمرة
الإحرام قبل الميقات

ما حكم الإحرام قبل الميقات؟ فأنا سافرت إلى الحجّ هذا العام، وخَشيتُ أن لا أنتَبِهَ للميقات أو يفوتني وأنا في الطائرة، فأَحْرَمْتُ من المطار، فهل إحرامي هذا صحيحٌ؟

أجمع الفقهاء على أن الإحرام للحج -وكذا العمرة- قبل الميقات جائزٌ وصحيحٌ شرعًا، وهو الأفضل لمن يأمن على نفسه من ارتكاب محظورات الإحرام، ويخشى أن يفوته الميقات دون أن يحرم، أما من خشي الوقوع في شيء من محظورات الإحرام إذا قدَّمه عن الميقات، ولا يخشى فوات الميقات دون إحرام؛ فالمستحب في حقه أن يحرم من الميقات.

المحتويات

 

مفهوم الإحرام

الإحرام: مصدر أحْرَمَ الرجل يُحْرِم إحرامًا إذا أهَلَّ بالحج أو العمرة؛ لدخوله في عمل حَرُمَ عليه به فعلُ ما كان حلالًا؛ لأن "حرم" في اللغة بمعنى المنع والتشديد؛ قال العلامة ابن فارس في "مقاييس اللغة" (2/ 45، ط. دار الفكر): [(حَرَمَ) الحاء والراء والميم أصل واحد؛ وهو المنعُ والتشديدُ. فالحرام: ضد الحلال] اهـ.
وقال العلامة ابن منظور في "لسان العرب" (12/ 123، ط. دار صادر): [الْمُحَرَّم هو الحَرَم. وتقول: أَحْرَمَ الرجلُ، فهو مُحْرِمٌ وحَرَامٌ، ورجلٌ حَرَامٌ: أي مُحْرِم.. وأحْرَمَ بالحج والعمرة؛ لأنه يحْرُمُ عليه ما كان له حلالًا من قبلُ؛ كالصيد والنساء. وأحْرَمَ الرجل: إذا دخل في الإحرام بالإهلال] اهـ.
والمراد بالإحرام عند جمهور الفقهاء: نيَّة الدخول في الحج أو العمرة، ويتحقق عند الحنفيَّة وبعض المالكية باقتران النية بالتلبية.

حكم الإحرام قبل الميقات

قد أجمع الفقهاء على أن الإحرام قبل الميقات المكاني يصير به الناسك محرمًا، تثبت في حقه أحكام الإحرام؛ قال الإمام ابن المنذر في "الإجماع" (ص: 62، ط. دار الآثار): [وأجمعوا على أن من أحرم قبل الميقات أنه مُحرم] اهـ.
ومع أن الفقهاء قد اتفقوا على جواز تقديم الإحرام على الميقات المكاني، إلا أنهم اختلفوا في حكمه التكليفي: هل هو مكروه، أو مباح، أو مستحب؟
فذهب فقهاء الحنفية إلى استحباب الإحرام قبل الميقات، وأن الالتزام بالإحرام من الميقات إنما هو رخصة؛ قال العلامة بدر الدين العيني الحنفي في "البناية شرح الهداية" (4/ 161، ط. دار الكتب العلمية): [والأفضل عندنا تقديم الإحرام عن هذه المواقيت، والتأخير إليها رخصةٌ من الله تعالى ورفقٌ بالناس.. وهو المرويّ عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعمران بن الحصين، وابن عمر، وابن عباس، وعبد الله بن عامر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وهم من فقهاء الصحابة، وقد شهدوا إحرام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وعلموا أن إحرامه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ من ميقاته كان تيسيرًا على أصحابه ورخصة لهم] اهـ ملخصًا.
وذهب فقهاء المالكية في المشهور عندهم والحنابلة إلى أن الإحرام من الميقات هو الأفضل، ويكره الإحرام قبله؛ قال العلامة المواق المالكي في "التاج والإكليل على مختصر خليل" (4/ 24، ط. دار الكتب العلمية): [كره مالكٌ أن يحرم أحدٌ قبل أن يأتيَ ميقاتَهُ، أو يحرم بالحج قبل أشهر الحج، فإن فعل في الوجهين جميعًا لزمه ذلك.. ومن "مناسك خليل": والأفضل أن يحرم من أول الميقات، ويكره تقديم الإحرام عليه على المشهور] اهـ.
وقال العلامة ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 250، ط. مكتبة القاهرة): [لا خلاف في أن من أحْرَمَ قبل الميقات يصير محرمًا، تثبت في حقه أحكامُ الإحرام.. ولكن الأفضل الإحرام من الميقات، ويكره قبله] اهـ.
أما فقهاء الشافعية فالأمر عندهم على التخيير من غير كراهة؛ فإن شاء أحرم من الميقات، وإن شاء أحرم من بلده إذا كانت قبل الميقات، واختلفوا في التفضيل بينهما:
فأما تفضيل الإحرام من الميقات؛ فلفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه أحرم من ذي الحليفة -وهو ميقات أهل المدينة- ولم يحرم من المدينة، ولأنه إذا أحرم من بلده لم يأمن أن يرتكب محظورات الإحرام، فإذا أحرم من الميقات أمن من ذلك؛ فكان الإحرام من الميقات أفضل.
وأما تفضيل الإحرام من بلده إذا كانت قبل الميقات؛ فلما رواه أبو داود في "سننه" من حديث أم سلمة رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ» أَوْ «وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ».
قال العلامة الشيرازي الشافعي في "المهذب" (1/ 372-373، ط. دار الكتب العلمية): [(ومن كان دارُهُ فوق الميقات فله أن يُحْرِمَ من الميقات، وله أن يُحْرِمَ من فوق الميقات.. وفي الأفضل قولان:
أحدهما: أن الأفضل أن يُحْرِمَ من الميقات؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحرم من ذي الحليفة ولم يحرم من المدينة، ولأنه إذا أحرم من بلده لم يأمن أن يرتكب محظورات الإحرام، وإذا أحرم من الميقات أمن ذلك؛ فكان الإحرام من الميقات أفضل.
والثاني: أن الأفضل أن يحرم من داره -وذكر الحديث-] اهـ.
قال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (7/ 201، ط. دار الفكر): [واختلف أصحابنا في الأصحّ من هذين القولين؛ فصحَّحت طائفةٌ الإحرامَ من دويرة أهله.. وصحح الأكثرون والمحققون تفضيل الإحرام من الميقات] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن الإحرام للحج -وكذا العمرة- قبل الميقات جائزٌ وصحيحٌ شرعًا بإجماع الفقهاء، وهو الأفضل لمن يأمن على نفسه من ارتكاب محظورات الإحرام ويخشى أن يفوته الميقات دون أن يحرم، أما من خشي الوقوع في شيء من محظورات الإحرام إذا قدَّمه عن الميقات ولا يخشى فوات الميقات دون إحرام فالمستحب في حقه أن يحرم من الميقات.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل مساعدة الفقراء أَولى من نافلة الحج؟ وما هو الأفضل بالنسبة للأغنياء: هل هو حج التطوع وعمرة التطوع، أو كفاية الفقراء والمساكين والمحتاجين وعلاج المرضى وسد ديون الغارمين وغير ذلك من وجوه تفريج كرب الناس وتخفيف آلامهم وسد حاجاتهم، وذلك في ظل ما يعيشه المسلمون من ظروف اقتصادية صعبة؟


ما حكم ترك التروية في مِنًى ليلة عرفة؟ وهل الوقوف بها سُنَّةٌ، أو واجبٌ، أو رُكنٌ، أو مَندوبٌ؟ وما حكم مَن تركها بدون عذر؟


ما حكم رمل الرجل والاضطباع في الطواف؟ حيث يوجد رجلٌ عزم على الذهاب لأداء العمرة إن شاء الله، ويريد أن يعرف حكم الرَّمَلِ والاضطباع في الطواف، وما هي كيفيتهما؟ وهل عليه شيءٌ إذا ترك الاضطباع أو لم يرمُل في الطواف بسبب الزحام أو وجود نساء معه أو ضَعف البِنية أو غير ذلك من الأعذار؟


ما حكم لبس المرأة النقاب وهي مُحرِمَة؟


ما حكم من قضم ظفرًا من أظافره ناسيًا وهو محرم؟


سئل بإفادة واردة من وزارة الداخلية؛ صورتها: نحيط علم فضيلتكم أنه لما قامت الحرب الأوروبية في العام الماضي صار السفر إلى الحجاز صعبًا وطريقه غير مأمون للأسباب الآتية:
أولًا: عدم توفر الأسباب لسفر البواخر المخصصة لنقل الحجاج المصريين في ذهابهم وإيابهم، ولا يبعد أن يكون ذلك سببًا في تأخيرهم بالحجاز زمنًا ليس بالقليل، وفي ذلك مخاطرة على أنفسهم وعائلاتهم.
ثانيًا: صعوبة المواصلات الخاصة بنقل المواد الغذائية للأقطار الحجازية التي انبنى عليها عدم إرسال مرتبات الغلال التي كانت ترسلها الحكومة المصرية للحجاز سنويًّا، ولا يبعد أن يكون ذلك سببًا في وجود خطر على الحُجاج أثناء وجودهم في الأراضي المقدسة.
ثالثًا: عدم تمكُّن الحكومة بسبب العسر المالي من اتخاذ التدابير اللازمة لوقاية الحجاج المصريين من الأخطار التي تهدد حياتهم سواء كان من اعتداء أعراب الحجاز عليهم، أو من تأخيرهم مدة طويلة بتلك الجهات.
رابعًا: عدم تمكن الحكومة بسبب العسر المالي أيضًا من اتخاذ الاحتياطات الصحية التي كانت تتخذها في كل سنة لوقاية القطر من الأوبئة والأمراض المعدية التي ربما تفد مع الحجاج.
لذلك قد أخذت الوزارة في ذلك الوقت رأي فضيلة المفتي السابق عما يراه موافقًا للشرع الشريف من جهة الترخيص للحجاج المصريين بالسفر إلى الحجاز، فرأى فضيلته أنه يجوز للحكومة والحالة هذه إعطاء النصائح الكافية للحجاج المصريين بتأجيل حجهم للعام المقبل مثلًا حتى تزول الأخطار ويتوفر أمن الطريق الذي لا بد منه في وجوب الحج. وحيث إن الأسباب التي انبنى عليها هذا الرأي ما زالت موجودة بل زادت خطورة بدخول تركيا في الحرب، وقد آن موسم الحج الذي فيه تصدر وزارة الداخلية منشورها السنوي الخاص بسفر الحجاج المصريين؛ لذلك رأينا لزوم الاستمداد برأي فضيلتكم فيما يوافق الشرع الشريف في هذا الشأن.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 مايو 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :12
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :57