ما حكم استعمال الأجهزة والعقاقير التي تَعمَلُ على تَحفِيزِ حليب الثدي لدى المرأة التي لا تُرضِعُ أو العقيم؟ علمًا بأنها ترغب في أن تكفل طفلًا مجهول الأبوين في بيتها لِتُرضِعَهُ خمس رضعاتٍ مُشبِعاتٍ؛ لِيُصبِحَ ابنًا لها مِن الرضاعة ويَتَحَقَّقَ له الوجودُ الشرعيُّ في هذه الأسرة لِرَفْعِ الحَرَجِ عنها.
لا مانع شرعًا مِن استعمال الأجهزة والعقاقير التي تَعمَلُ على تَحفِيزِ لبن الثدي للمرأة التي لا تُرضِعُ أو العقيم وترغب أن تحتضن أو تكفل طفلًا في بيتها؛ وذلك حتى يَتَسَنَّى لها أنْ تُرضِعَهُ خمسَ رضعاتٍ مُتفرِّقاتٍ فيُصبِحَ ابنًا لها مِن الرضاعة، مع مُراعاة أن يَتمَّ ذلك بِمَشُورَةِ المتخصصين في كُلِّ حالةٍ، وألَّا يترتب عليه ضررٌ يَلحَقُ بالمرأة الْمُرضِعة أو بالطفل الرضيع.
مِن المُقرَّر شرعًا أنه يَحرُم مِن الرضاع ما يَحرُم مِن النَّسَب متَى تَمَّ الرضاع في مُدَّتِه الشرعية، وهي سَنَتان قَمَرِيَّتان مِن تاريخ الولادة على المُفتَى به؛ إذ بالإرضاع تَصيرُ المُرضِعةُ أمًّا مِن الرضاع لِمَن أَرضَعَته، ويَصيرُ جميع أولادها -سواء مَن رَضَعَت معه أو مَن هُم قَبلَه أو بَعدَه- إخوةً وأخواتٍ لِمَن أَرضَعَته.
وقد اختَلَفَت كلمةُ الفقهاء في مِقدار الرضاع المُحَرِّم:
فذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد في إحدى رواياته إلى أنَّ قليلَ الرضاع وكثيرَه في التحريم سواء.
وذهب الشافعي وأحمد في أظهَرِ رواياته إلى أنَّ الرضاعَ المُوجِبَ للتحريم هو ما بَلَغ خمسَ رضعاتٍ مُتَفَرِّقاتٍ فأكثر في مُدَّة الرضاع سالِفَة الذِّكر، وهو ما عليه الفتوى والقضاء.
والتحريم المترتب على الرضاعة العادية حاصلٌ أيضًا في الرضاعة المتسبَّبة عن تلك الأجهزة والعقاقير المخصوصة بتحفيز اللبن في الثدي بشروط الرضاع؛ مِن كونه خمس رضعاتٍ متفرقاتٍ في الحولين، سواء أكانت متزوجةً أم مُطَلَّقَةً أم بِكْرًا؛ ما دامت في سِنِّ الرضاع، وهو أنْ تُجَاوِزَ تسع سنين قمرية، وما دام أنَّ الخارج مِن الثدي يَصْدُق عليه كونُه لَبَنًا؛ إذْ لم يشترط جمهورُ الفقهاء كَوْنَ الْمُرضِعِ متزوِّجةً أو ثَيِّبًا، ونَصُّوا على أنها لو كانت بِكْرًا أو بدون زوجٍ أو مُسِنَّةً فرضاعها مُحَرِّمٌ إذا تحققت فيه الشروط.
قال العلَّامة السرخسي الحنفي في "المبسوط" (5/ 138-139، ط. دار المعرفة): [وإذا نَزَلَ للمرأةِ لَبَنٌ وهي بِكْرٌ لم تتزوج فأرضَعَت شخصًا صغيرًا فهو رضاع؛ لأنَّ المعنى الذي يَثبُتُ به حُرمةُ الرضاع حُصُولُ شُبهَةِ الجزئية بينهما، والذي نَزَلَ لها مِن اللبن جزءٌ منها، سواء كانت ذات زوجٍ أو لم تَكُن، ولَبَنُها يُغذي الرضيعَ فتَثبُت به شُبهةُ الجزئية] اهـ.
وقال العلَّامة ابن رشد المالكي: تَقَعُ الحُرمةُ بِلَبَنِ البِكْرِ والعجوز التي لا تَلِدُ، وإن كان مِن غير وطءٍ، إن كان لَبَنًا لَا ماءً أصفر اهـ انظر: "مواهب الجليل" للإمام الحطاب (4/ 179، ط. دار الفكر).
وقال الإمام أبو إسحاق الشيرازي مِن الشافعية في "المهذب" (2/ 157، ط. دار الفكر): [فإن ثار لِلبِكْرِ لَبَنٌ، أو لِثَيِّبٍ لا زوجَ لها، فأرضَعَت به طفلًا، ثَبَتَ بينهما حُرمةُ الرضاع؛ لأنَّ لبن النساء غذاءٌ للأطفال] اهـ.
وبِناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فلا مانع شرعًا مِن استعمال الأجهزة والعقاقير التي تَعمَلُ على تَحفِيزِ لبن الثدي للمرأة التي لا تُرضِعُ أو العقيم وترغب أن تحتضن أو تكفل طفلًا في بيتها؛ وذلك حتى يَتَسَنَّى لها أنْ تُرضِعَهُ خمسَ رضعاتٍ مُتفرِّقاتٍ فيُصبِحَ ابنًا لها مِن الرضاعة، مع مُراعاة أن يَتمَّ ذلك بِمَشُورَةِ المتخصصين في كُلِّ حالةٍ، وألَّا يترتب عليه ضررٌ يَلحَقُ بالمرأة أو بالرضيع.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الزواج ببنت قد رضعت أمها من أمه؟ فأنا لي أخت شقيقة أكبر مني لها أخت من الرضاع رضعت مع أختي من ثدي أمي أكثر من خمس رضعات مشبعات متفرقات في مدة الرضاع، وهذه التي رضعت مع أختي لها بنت. فهل يحل لي أن أتزوجها أم لا على المذاهب الأربعة؟
ما ضابط الرضاع المحرم شرعًا؟ فوالدتي أرضعت معي في سن الرضاع بنت خالتها لمدة أسبوع كامل، وقد أنجبت بنت خالة والدته بنتًا من شخص آخر، وأن له أخًا شقيقًا يريد أن يتزوج بنت بنت خالة والدته ويقول: هل هذا الزواج يجوز شرعًا؟
امرأةٌ أراد رجلٌ أن يتزوجها، فوالدها قال: إن بنتي بنت خالة الزوج، وأخشى أن تكون بنتي رضعت من والدته، وبسؤال والدته قالت: إني مدة رضاعتها كنت حاملًا، وكانت إذا وُجِدَت معي أُناوِلُها ثديِي ناشفًا إذا بكَت، وذلك دفعة أو اثنتين فقط في العمر كله، وذلك من بعد أن أقسمت على المصحف بعدم وجود لبنٍ بها مدة رضاعة ابنتي، ولا أخواتها، فأرجو إفادتي عما يتراءى لفضيلتكم بحسب ما يقتضيه الشرع الشريف.
عقد أخو السائل قرانه على بنت خالته، وأوضحت خالته أنها سبق لها أن أرضعت هذا الأخ مع ابنها الأكبر؛ أي الذي تليه مباشرةً الفتاةُ التي عقد أخوه قرانه عليها. وطلب السائل إفادته عن الحكم الشرعي لهذا العقد.
ما حكم الزواج ببنتٍ إذا كان أخوه قد رضع من أمها؟ فالسائل أراد الزواج من بنتٍ، فقال له أبوها: إنها لا تحلُّ له؛ لأن أخاه من أمه رضع من أمها، ولما سأل والدته قالت له: إن البنتَ لم ترضع منها أبدًا. وطلب السائلُ الإفادةَ عما إذا كان يحل له الزواج من البنت المذكورة أم لا.
ما حكم الزواج من ابنة الخالة وقد رضعت الخالة من أمه؟ فأنا لي أخت شقيقة أرضعتُها وهي صغيرة، ولما كَبُرَت وتزوجَت رُزِقَت ببنت كبرت بعد رابعِ ولدٍ لي، وحيث إني أرغب زواجَ ابنةَ أختي لأحد أولادي، فهل يجوز ذلك الزواج أم لا؟