ما حكم قول المصلي للمصلي الذي بجواره: "حَرَمًا"؟
قول "حرمًا" بعد الصلاة هو من باب الدعاء، ودعاء المصلِّين لبعضهم عقب الفراغ من الصلاة بما تيسر من عبارات الدعاء مشروع، ولا يجوز إنكاره شرعًا؛ لأن الدعاء مشروع بأصله، وإيقاعه عقب الصلاة آكد في المشروعية وأشدُّ في الاستحباب، فإذا كان من المسلم لأخيه فهو أدعى للقبول، وبذلك جرت سُنّةُ المسلمين سلفًا وخلفًا، وإنكارُ ذلك أو تبديعُ فاعله ضربٌ من التشدد والتنطع الذي لا يرضاه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
المحتويات
لقد رغَّب الشَّرع الشَّريف في دعاء المسلم لأخيه، وبيَّن أنَّه مستجابٌ؛ فعن عبد الله بن يزيد رضي الله عنه يقول: حدثَّني الصنابحي أنه سمع أبا بكر الصديق رضي الله عنه يقول: "إن دعاء الأخ لأخيه في الله عز وجل يستجاب" أخرجه الإمام أحمد في "الزهد"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، والبخاري في "الأدب المفرد"، وابن المبارك في "الجهاد"، والدولابي في "الكُنَى والأسماء".
قال العلامة القاري في "مرقاة المفاتيح" (4/ 1526، ط. دار الفكر): [قيل: كان بعض السلف إذا أراد أن يدعو لنفسه يدعو لأخيه المسلم بتلك الدعوة ليدعو له الملَك بمثلها، فيكون أعون للاستجابة] اهـ.
فإذا كان الدعاء في الأحوال والأوقات والأمكنة الفاضلة تأكد استحبابه وزادت فضيلتُه، ورُجِيَ قبولُه وإجابتُه، ومن هذه الأوقات: الدعاء عقب الصلوات المكتوبات؛ قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ﴾ [النساء: 103]، وعن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله، أي الدعاء أسمع؟ قال: «جَوْفَ اللَّيْلِ الآخِرِ، وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ» أخرجه الترمذي وحسَّنه، والنسائي في "السنن الكبرى".
دعاء المسلمين لبعضهم بقبول الصلاة عقب الفراغ منها ليس بدعًا من القول، بل هو أمرٌ مضت به سُنّة المسلمين وجرت عليه عادتهم وأخذه خلفهم عن سلفهم، ولم يحرمه أو ينكره إلا نابتة هذا العصر؛ جهلًا أو قصورًا عن إدراك مقاصد الشرع الشريف:
قال الشيخ أبو عبد الله ابن بطة العُكْبَري الحنبلي في كتابه "الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة" (ق: 89/ أ، مخطوط كوبريللي 719هـ): [أما ترون أن الرجل من المسلمين قد صلى الصلاة فأتمها وأكملها، وربما كانت في جماعة وفي وقتها وعلى تمامٍ من طهارتها، فيقال له: صليتَ؟ فيقول: قد صليتُ إن قبلها الله، وكذلك القوم يصومون شهر رمضان؛ فيقولون في آخره: صمنا إن كان الله قد تقبله منا. وكذلك يقول مَن قَدِم مِن حجِّه بعد فراغه من حجه وعمرته وقضاء جميع مناسكه؛ إذا سئل عن حجه إنما يقول: قد حججنا ما بقي غيرُ القبول، وكذلك دعاء الناس لأنفسهم ودعاء بعضهم لبعض: اللهم تقبل صومنا وصلاتنا وزكاتنا، وبذلك يلقى الحاج فيقال له: قبل الله حجك وزكى عملك، وكذا يتلاقى الناس عند انقضاء شهر رمضان، فيقول بعضهم لبعض: قبل الله منا ومنك. بهذا مضت سنة المسلمين، وعليه جرت عادتهم، وأخذه خلفهم عن سلفهم] اهـ، وفي المطبوع سقطٌ يسير.
أما قول "حرمًا" فهو دعاء بالصلاة في الحرم الشريف؛ أي: رزقك الله صلاةً في حرمٍ؛ فتكون "حرمًا" منصوبة على نزع الخافض، أو دعاء بأن يتقبل الله الصلاة كقبولها في الحرم الشريف؛ فتكون "حرمًا" نائبًا عن المفعول المطلق بيانًا للنوع، وقد جرت العادة أن المصلي إذا قال لجاره "حرمًا" أن يَرُدَّ عليه بقوله: "جمعًا"، والمعنى: الدعاء للداعي أن يقبلهما الله تعالى جميعًا؛ أي: ولك بمثل، أو أن يجمعهما في حرمه؛ فهو حالٌ على كل حالٍ.
وهذا من مُستحسَن الدعاء، وهو في معنى الدعاء بالقبول؛ لأن الصلاة في الحرم مظنة القبول وفيها مضاعفة الثواب مائة ألف مرة، وفيه إظهار الشوق إلى حرم الله ومقدساته، وفي الدعاء بـ"جمعًا" امتثالٌ لقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» متفق عليه.
بناءً على ذلك: فدعاء المصلين لبعضهم عقب الفراغ من الصلاة بما تيسر من عبارات الدعاء مشروع، ولا يجوز إنكاره شرعًا؛ لأن الدعاء مشروع بأصله، وإيقاعه عقب الصلاة آكد مشروعيةً وأشدُّ استحبابًا، فإذا كان من المسلم لأخيه فهو أدعى للقبول، وبذلك جرت سُنّةُ المسلمين سلفًا وخلفًا، وإنكارُ ذلك أو تبديعُ فاعله ضربٌ من التشدد والتنطع الذي لا يرضاه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الشرع في جمع النقود في المسجد ما بين الخطبة الأولى والخطبة الثانية؟
ما حكم قراءة سورة الإخلاص، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بين ركعات القيام، وكذلك قراءة قول الله تعالى: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ﴾؟
سائل يقول: نرجو منكم بيان أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع دم الحيض عنها؛ فإن زوجتي طَهُرَت من الحيض بانقطاعه عنها لستة أيام، وكان ذلك قبل خروج وقت صلاة الظهر بقليل فاغتسلت وأدركت ركعة من الصلاة، فأذن العصر أثناء قيامها للركعة الثانية.
فنرجو منكم الإفادة عن ذلك.
ما شروط الإمامة في الصلاة؟ فهناك سائل يقول ليس في المسجد الذي نصلي به إمامٌ راتب، ويُصلي بنا شاب يحفظ القرآن الكريم كاملًا، وأحيانًا يسافر خارج البلد للدراسة، فهل يجوز أن يصلّي بدلًا منه وفي وجوده بعض الشباب ممن لم يتمّ حفظ القرآن الكريم؛ حيث يقولون: تجوز إمامة المفضول للفاضل، ولأنَّ الإمام ليس راتبًا مقيمًا بالبلد؟ وهل إذا حفظ شاب القرآن الكريم كاملًا في وقت لاحق يحقُّ له التقدّم للصلاة بدلًا منه؟
ما حكم صلاة النافلة في غير الموضع الذي صُليت فيه الفريضة؟ وهل هذا الفعل من السُّنّة؟
ما حكم الإذن بإقامة الصلاة؟ ففي بندر بني مزار سبعة مساجد، وتعدادها ثلاثون ألف نسمة بما فيه أصحاب الأديان الأخرى العُشر تقريبًا، وقد منّ الله علينا بحسن توفيقه وعونه وبنيت مسجدًا ثامنًا، وقد تمّ من كل شيء، ومنذ شهرين قدمنا طلبًا لوزارة الأوقاف لاستصدار إذن ملكي بصلاة الجمعة وإقامة الشعائر، وقد أرسلت الوزارة الأوراق للجهات المختصة هنا للاستيفاء، وقد تمت وأرسلت إليها ثانيًا، وللآن لم يصل الإذن. وحيث إن المسجد تم من نور ومياه وفرش وخلافه، فهل يجوز صلاة الجمعة وإقامة الشعائر حتى يحضر الإذن، أم ننتظر وصول الإذن؟