هل رحمة المسلم لغيره تقتصر على المسلمين فقط؟
أرسل الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم رحمة للعالمين، واقتداءً بالنبي صلى الله عيه وآله وسلم فيجب على كل مسلمٍ أن يتعامل مع المسلم وغير المسلم بالرحمة، وليست هذه الرحمةُ مجردَ تعاليم نظرية، أو تطلعاتٍ فلسفيةً؛ بل هي منهجُ حياةٍ يدعو إلى السلام والتسامح، وواقعٌ تطبيقيّ يجسِّد مظاهر التعايش الديني.
قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، وقال سبحانه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ» رواه الحاكم في "المستدرك".
وكانت رحمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عامةً شاملةً للعالمين جميعًا؛ لا تختص بعرق دون عرق، ولا بلون على لون، ولا بدين عن دين، بل كانت رحمة لكل البشر، وكان يأمر الناس بذلك، ويجعل دخول الجنة موقوفًا على ذلك:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا رَحِيمٌ»، قلنا: كلُّنا رحيمٌ يا رسول الله، قال: «لَيْسَتِ الرَّحْمَةُ أَنْ يَرْحَمَ أَحَدُكُمْ خَاصَّتَهُ؛ حَتَّى يَرْحَمَ الْعَامَّةَ، وَيَتَوَجَّعَ لِلْعَامَّةِ» رواه عَبدُ بنُ حُمَيد في "مسنده".
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَضَعُ اللهُ رَحْمَتَهُ إِلَّا عَلَى رَحِيمٍ»، قلنا: يا رسول الله، فكلُّنا رحيمٌ، قال: «لَيْسَ الَّذِي يَرْحَمُ نَفْسَهُ خَاصَّةً، وَلَكِنِ الَّذِي يَرْحَمُ النَّاسَ عَامَّةً» رواه البيهقي في "شعب الإيمان".
ولم تكن هذه الرحمةُ مجردَ تعاليم نظرية، أو تطلعاتٍ فلسفيةً؛ بل كانت -كسائر خصاله وأخلاقه صلى الله عليه وآله وسلم- منهجَ حياةٍ يدعو إلى السلام والتسامح، وسيرةً سلوكية حيةً ترسِّخ منظومة القيم، وواقعًا تطبيقيًّا يجسِّد مظاهر التعايش الديني.
وجاء ذلك واضحًا جليًّا في سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفعله الكريم مع صبره على أذى المنافقين وعفوه؛ فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم مَرَّ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلاطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَاليَهُودِ، وَفِيهِمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، وَفِي المَجْلِسِ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ رضي الله عنه، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم ثُمَّ وَقَفَ، فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ. متفق عليه.
وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كان سهل بن حنيف، وقيس بن سعد رضي الله عنهما قاعدَيْن بالقادسية، فمروا عليهما بجنازة، فقاما، فقيل لهما: إنها من أهل الأرض؛ أي من أهل الذمة، فقالا: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرت به جنازة فقام، فقيل له: إنها جنازة يهودي! فقال: «أَلَيْسَتْ نَفْسًا» متفق عليه.
ومن مظاهر رحمته ومسامحته صلى الله عليه وآله وسلم: أن كل معاركه وغزواته لم تكن اعتداءً، بل كانت لردع العدوان وصد الطغيان، ومما يدل على ذلك: حُسن معاملته للأسرى ورفقه بهم، رغم قتالهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وإرادتهم قتله صلى الله عليه وآله وسلم وقتلَ مَن معه مِن المسلمين؛ فحافظ بذلك على كرامة الإنسان في الحرب كما حافظ عليها في السِّلم، حتى جعل الإسلامُ إطعامَ الأسير من أقرب القربات، الواقية من الشرور والآفات، وذلك امتثالًا لقول الله تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا فَوَقَاهُمُ اللهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا﴾ [الإنسان: 8-11].
فلما أطلق النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم ثُمامة بن أثال رضي الله عنه وأسلم وحَسُنَ إسلامُه، ثم خرج معتمرًا، فلما قدم مكة، قالوا: أصبوت يا ثمام؟ فقال: لا، ولكني اتبعت خير الدين، دين محمد، ولا والله لا تصل إليكم حبة من اليمامة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم خرج إلى اليمامة، فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئًا، وأخذ الله قريشًا بالقحط والجوع حتى أكلوا الميتة والكلاب، فقال له أبو سفيان: أنشدك الله والرحم! فكتب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليه أن يخلي بينهم وبين الميرة-أي الطَّعامَ من الحبِّ والقوت وما يدخره الإنسان-، ففعل.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يقول: سمعت أن الدعاء مستجاب عند مصافحة المسلم لأخيه المسلم؛ فما مدى صحة هذا الكلام شرعًا؟
سائل يقول: في مرحلة شبابي كنت أفعل بعض الذنوب والمعاصي والأمور المحرمة، وأريد أن أتوب الى الله تعالى. فهل لي من توبة؟
ما حكم إلقاء السلام وردِّه؟
هل يقتصر التجسس على البحث عن العورات والمعائب فقط، أو يشمل أيضًا نظر الإنسان فيما يخص غيره من مكتوب ونحوه؟
سائل يقول: لي خالة كبيرة في السن ومريضة لا تقدر على القيام برعاية نفسها، وأخي يتولى رعايتها وعنايتها وقضاء ما تحتاج إليه؛ فما فضل هذا العمل وثوابه؟
ما ضرورة مراعاة الأمانة لحفظ مال صاحب العمل؟ فسائل يقول: أعمل في أحد المحلات، وأحد أبناء صاحب المحل يأخذ أموالًا بدون علم والده وأنا أعلم ذلك. فماذا عليَّ أن أفعل؟