هل الغرامات المالية التي تقررها الهيئات القضائية على الشخص المدين المماطل تعويضًا للدائن لها علاقة بالربا؟
حكم الغرامات التعويضية المالية
الغرامات المالية الني يقررها القضاء ويحكم بها على من عليه دين وهو يُماطل في سداده على جهة التعويض للدائن ليست من قبيل الربا، وإنما هي من قبيل المحافظة على أموال الناس؛ حتى لا يأكلها المخادعون بالباطل، ولا يصح لعاقل أن يُقَصِّرَ في سداد ما عليه من ديون أو يُماطل في الوفاء بها، ومن ثبت عجزه لأسباب خارجة عن إرادته فعلى الدائن أن يطبق قول الله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 280].
التفاصيل ....العقوبات -أو الغرامات- التي تقررها الهيئات القضائية وتحكم بها على المدين المماطل كتعويض للدائن ليست من قبيل الربا، وإنما هي من قبيل المحافظة على أموال الناس؛ حتى لا يأكلها بالباطل الطامعون والمماطلون والمخادعون والكذابون؛ وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللهُ»، وأخرج الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَيُّ الوَاجِدِ يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وَعِرْضَهُ» أي: مماطلة الغني في دفع ما عليه من حقوق لغيره هي لون من الظلم الذي يبيح للحاكم حبسه وتأديبه ومعاقبته.
والخلاصة: إن أداء الأموال والحقوق لأصحابها من الأمور التي لا يصح لعاقل أن يُقَصِّرَ فيها أو يهمل في الوفاء بها، فإذا ثبتت مماطلته وجب على ولي الأمر أن ينزل به العقوبة المناسبة لِظُلْمِهِ ومماطلته.
أما إذا ثبت عجزه لأسباب خارجة عن إرادته فعلى الدائن أن يطبق قول الله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 280] أي: وإن كان المدين مُعسرًا فأمهلوه في قضاء دينه إلى الوقت الذي يتمكن فيه من سداد ما عليه من ديون، وإذا تصدقتم عليه ببعض ما لكم عليه من ديون كان هذا التصدق خيرًا لكم من أي شيء آخر، وهذا أمر يعقله أهل العلم النافع والعقل الراجح.
والله سبحانه وتعالى أعلم.