ما حكم بيع الأدوية المغشوشة؟
بيع الأدوية المغشوشة عمل مُحَرَّم شرعًا ومُجَرَّم قانونًا؛ لما فيه من الغِش والكذب والتدليس، ومن أكلِ أموال الناس بالباطل، إضافة لما فيه من إيقاع الضرر على صحة الناس وحياتهم.
المحتويات
"الغِشُّ في الأدوية" -وَفْقًا لمنطوق مواد القانون رقم (281) لسنة 1994م بشأن قمع الغِشِّ والتدليس- هو: إنتاج أدوية بعلامة تجارية محددة دون تصريح من الشركة مالكة هذه العلامة، أو الترويج لأصناف غير مسجلة بوزارة الصحة، وذلك بدافع خداع المُشْتَرِين لشراء هذه الأدوية المنتَجة، والتي غالبًا ما تكون خالية من المواد الفعَّالة الموجودة في الدواء الأصلي، مما يجعل هذا المنتَج إن لم يكن مُضرًّا لمتعاطيه فإنَّه غير نافع له، أو مجرد التقليل من المادة الفعّالة التي هي صلب صناعة الدواء، أو غيرها من صور الغش ممَّا يُمثِّل تهديدًا لحياة الناس وصحتهم.
إذا كان الأصل في البيع حِلُّه وإباحته؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275]، إلَّا أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم حَذَّر التُجَّار وأمرهم بالتقوى والصدق والبر في تجارتهم؛ فعن رفاعة بن رافع رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإذا الناس يتبايعون بكرة، فناداهم: «يَا مَعْشَرَ التُّجَّار» فلمّا رفعوا أبصارهم ومدوا أعناقهم، قال: «إِنَّ التُّجَّارَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فُجَّاراً، إِلا مَنِ اتَّقَى اللهَ وَبَرَّ وَصَدَقَ» أخرجه الترمذي وابن ماجه.
والبيعُ الذي فيه ما يضرّ الإنسان هو بيعٌ اشتمل على غشٍٍّ ومخادعةٍ. انظر "التاج والإكليل" للمواق (6/ 195، ط. دار الكتب العلمية)، و"المجموع" للنووي (12/ 31، ط. دار الفكر).
ومِن أشد ما يُلْحِق الضرر بالإنسان هو بيع أدوية مغشوشة؛ لأنه اشتمل على عدّة محظورات، والتي منها الغشّ، والغشُّ محرَّمٌ في كل صورة؛ وهو -أي: الغِشُّ- من الكبائر -كما نَصَّ على ذلك ابن حجر الهيتمي في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (1/ 393، ط. دار الفكر)-؛ لأنَّه كذبٌ وخيانةٌ وحصولٌ على مكاسب لا حقَّ لصاحبها فيها، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عنه؛ فقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 58]، ومن أشد الإِيذاء الغش؛ لما فيه من تزيين غير المصلحة. انظر: "دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين"، محمد علي بن علان الشافعي (8/ 422، ط. دار المعرفة).
وروى الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مَرَّ على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللًا فقال: «مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟» قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي».
وعنه أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» رواه أحمد.
وروى الإمام ابن حبان في "صحيحه" عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا، وَالْمَكْرُ وَالْخِدَاعُ فِي النَّارِ».
والغشُّ والكذبُ وكتمانُ العيب من الأمور التي يستحق بها صاحبها اللعن والمقت والطرد من رحمة الله سبحانه وتعالى؛ فعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، يَقُولُ: «مَنْ باع عيبًا لم يُبَيِّنْهُ لم يَزَلْ في مَقْتِ الله، ولم تَزَلِ الملائكة تلعنه»، أخرجه الإمام ابن ماجه في "سننه".
وهو من الأمور التي يترتب عليها أيضًا محقُ البركة؛ فعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا -أو قال: حتى يتفرقا- فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا» "متفق عليه".
قال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (6/ 213، ط. مكتبة الرشد): [قال ابن المنذر: فكتمان العيوب في السلع حرام، ومن فعل ذلك فهو متوعد بمحق بركة بيعه في الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة] اهـ.
كما أنَّ بيع هذه الأدوية فيه ضررٌ على صحة الإنسان، ومن مقاصد الشريعة الإسلامية المحافظة على النفس والعقل، ولهذا حَرَّم الله تعالى كل ما يؤدي إلى إتلاف الإنسان أو جزء منه؛ فحافظ الإسلام على الكليات الخمس، وجعل رعايتها مُقَدَّمةً على غيرها؛ وهي: النفس، والدين، والنسل، والعقل، والمال.
ومن المُقرّر شرعًا أنَّه: "لا ضرر ولا ضرار"، وهي قاعدة تحول مراعاتها بين الإنسان وبين كل ما يمكن أن يسبب له الضرر؛ على مستوى الأفراد والجماعات.
ومن مقتضيات الحفاظ على نفس الإنسان: حمايتُه مِن كل ما يمكن أن يصيبه بالضرر في صحته؛ فحرَّمت الشريعة عليه كلَّ ما يضرّه، وجرَّمَتْ إيصالَ الضرر إليه بشتى الوسائل؛ فقد أخرج ابن ماجه في "سننه" عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قضى أن لا ضرر ولا ضرار".
وأخرج الإمام الترمذي في "سننه" عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: «مَلْعُونٌ مَنْ ضَارَّ مُؤْمِنًا أَوْ مَكَرَ بِهِ».
والضرر المنهي عنه هو قليل الضرر وكثيره، فهو لفظ عام يشمل الضررَ في كلّ الأمور إلا ما دلّ الشرع على إباحته لمصلحة شرعية: قال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (7/ 191، ط. دار الكتب العلمية): [قال ابن حبيب: الضرر عند أهل العربية الاسم والضرار الفعل، قال: والمعنى لا يدخل على أحد ضررًا.. وهو لفظ عام متصرف في أكثر أمور الدنيا ولا يكاد أن يحاط بوصفه] اهـ.
كما أَنَّ بيع هذه الأدوية هو من أكل أموال الناس بالباطل؛ لإيهام المشتري أنه يشتري المنتَج الأصلي، وأكل أموال الناس بالباطل كبيرة من الكبائر؛ يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [النساء: 29].
ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا» أخرجه الشيخان عن أبي بَكرةَ رضي الله عنه.
وأخرج الإمام مسلم في "صحيحه" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وآله وسلم: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ».
وأخرج الإمام البيهقي في "الشُّعَب" عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «كُلُّ جَسَدٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ».
قال الأميرُ الصنعاني في "التنوير شرح الجامع الصغير" (8/ 170، ط. مكتبة دار السلام): [(كلُّ جسدٍ)، وفي رواية "كل لحم" (نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ) من مال حرام يسحت صاحبه في النار، (فَالنَّارُ) في الآخرة (أولى به) أن تأكله ويعذب بها، قال الذهبي: يدخل فيه المكّاس، وقاطع الطريق، والسارق، والخائن، والزغلي، من استعار شيئًا فجحده، ومن طفف في وزن أو قيل ومن التقط مالًا فلم يعرفه وأكله ولم يتملكه، ومن باع شيئًا فيه عيب فغطّاه، والمُقَامِر، ومخبر المشتري بالزائد، هكذا عدّ المذكورات من الكبائر مستدلًا عليها بهذا الحديث] اهـ.
كما أنَّ إنتاج مِثْل هذه الأدوية المغشوشة افتياتٌ على ولي الأمر؛ إذ جَرَّم المُشرِّع المصري مِثْل هذه الممارسات بمواد قانونية تُعْنَى بالغِشِّ التجاري والتدليس، وذلك في قانون قمع الغِشِّ والتدليس رقم (281) لسنة 1994م، حيث نَصَّت مواده الثلاث الأُوَل على عقوبات رادعة لكل مَن تُسَوِّل له نفسه اقتراف هذا الجُرْم، وكذا قانون حماية الملكية الفكرية رقم (82) لسنة 2002م في مادته رقم (113)؛ حيث جَرَّمت هذه المادة فِعْلة التدليس والتزوير في العلامات التجارية.
بناء على ما سبق وفي واقعة السؤال: فبيعُ الأدوية المغشوشة عمل مُحَرَّم شرعًا ومُجَرَّم قانونًا؛ لما فيه من الغِش والكذب والتدليس، إضافة لما فيه من إيقاع الضرر على حياة الناس.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم التحايل والغش في البضاعة المتفق على توريدها في المناقصات؟ حيث أعمل في مجال تجارة واستيراد الأجهزة الطبية، وعندما أذهب للاشتراك في أي مناقصة عامة لتوريد هذه الأجهزة أجد من شروط توريد الأجهزة أن يكون بلد المنشأ إنجلترا أو أمريكا أو ألمانيا فقط، مع العلم بأن هذه الأجهزة تُصَنَّعُ في الصين وبنفس الجودة وبسعر أقل بكثير من هذه الدول، إلا أن شروط المناقصة تستبعد هذه الأجهزة؛ لعدم تصنيعها في هذه الدول، فدَلَّني أحد الأصدقاء من العاملين في هذا المجال بأن أقوم باستيراد هذه الأجهزة من الصين وإدخالها إلى إحدى هذه الدول المنصوص عليها في شروط المناقصات، ومن ثَمَّ أقوم باستيرادها مرة أخرى من هذه الدولة وإدخالها إلى هنا، وبذلك تحصل الأجهزة على ختم هذه الدولة، وفي هذه الحالة لا تكون هناك مشكلة في دخول المناقصات العامة والاستفادة من عطاءاتها، مع العلم أني أبيعها بسعر أقل بكثير من سعر الأجهزة المصنوعة بالفعل في الدول المنصوص عليها في شروط المناقصة. فما حكم الشرع فيما أقوم به؟
حكم بيع قائمة بأرقام الهواتف بمبالغ معينة لبعض الشركات أو الأفراد للمساعدة في التواصل مع أصحاب هذه الأرقام؟ فهناك بعض الأفراد الذين يعملون في بعض الجهات التي تقدم خدمات لجمهور المتعاملين معها، ويقوم هؤلاء الأفراد بجمع أرقام هواتف العملاء وبياناتهم وعمل قائمة بها دون علم أصحابها، ثم يبيعونها لشركاتٍ أخرى تقدم خدماتٍ للجمهور، مقابل مبلغ مالي. فما حكم الشرع في ذلك؟
بعض الناس يروج لتكفير الجماعات الدينية المُتَّهَمة بحمل السلاح واستعماله في الاعتصامات والتظاهرات ضد الجيش والشرطة؛ مستدلًا بحديث: «مَن حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيسَ مِنَّا»، ويقول: إنه محمول على الحقيقة لا على المجاز؛ لعدم وجود قرينة صارفة، والأصل في الكلام الحقيقة، وما لا يحتاج إلى تأويل أولى مما احتاج إلى تأويل، فهل ذلك الفهم وهذا التوجيه صحيحان مستقيمان؟
ما حكم أخذ الأجرة على كتابة الديون أو توثيقها؟ وهل هذا له علاقة بالربا؟
ما حكم العمل في الأحجار الكريمة وزكاتها؟ فنحن المسلمين من منطقة شنجيانغ الواقعة في شمال غرب الصين، نعيش في مدينة صغيرة تعد من أفقر المدن، إلا أن الله سبحانه وتعالى وهبها ثروة طبيعية معدنية وهي الأحجار الكريمة، فلذا من البديهي أن يوجد من يتاجر بها، وبالتالي يصل عدد المزاولين من المسلمين إلى عشرين ألف شخص أو يزيد عن ذلك، هذا ما عدا المنتفعين منها، وعلى هذا نستطيع أن نقسمهم إلى ثلاثة أقسام:
1- الأيدي العاملة: ويقوم هؤلاء بالحفر والتنقيب عن المعادن مقابل أجور لمالكي المعادن.
2- الوسطاء: ويقوم هؤلاء بشراء الأحجار المستخرجة من المعادن ويبيعونها للناقلين.
3- الناقلون: يقوم هؤلاء بشراء الأحجار من الوسطاء وأحيانًا من المعادن مباشرة، وبعدما تصبح لديهم كمية كبيرة من الأحجار يذهبون بها إلى المدن الصينية الأخرى البعيدة ويبيعونها إلى غير المسلمين من النحاتين والنقاشين الذين ينحتون منها بنسبة 70 % أشكالًا مجسمةً مثل: الأصنام والتماثيل والحيوانات، وبنسبة 30% أشكالًا غير مجسمة مثل: الأَسْوِرَة والخواتم.
علمًا بأن الأحجار بحسب أسعارها تنقسم إلى قسمين:
1- الأحجار ذات الأسعار الغالية، وهي تحتل نسبةً ضئيلةً جدًّا لا يصنع منها النحات شيئًا بل يحتفظ بها للتباهي والتفاخر.
2- الأحجار ذات الأسعار الرخيصة، وهي تحتل النسبة الكبيرة منها التي ينحت منها النحَّات الأشكال المجسمة وغير المجسمة كما ذُكر بعاليه.
ونفيدكم بأن أغلبية المزاولين من خيرة الرجال الذين يتفانون في بذل ما عندهم للأمور الخيرية ومساعدة الفقراء، وهم كذلك من المتمسكين بالعقيدة الصحيحة.
ومما تجدر الإشارة إليه بأن عمدة اقتصاد المسلمين في أيدي مزاولي هذه التجارة، وإذا لم يزاولها المسلمون فمن المؤكد جدًّا أن يستولي عليها غير المسلمين، وبالتالي يضعف اقتصاد المسلمين، وفي هذه الحالة فما على المسلمين إلا أن يقفوا مكتوفي الأيدي تجاه الأمور الخيرية.
والسؤال الآن هو: ما حكم هذه التجارة؟ وكيف تؤدى زكاتها؟ وإذا كانت حرامًا فكيف تُصرف الأموال المكتسبة منها؟ أفتونا مأجورين بالتفصيل مع ذكر الأدلة.
نرجو منكم بيان حكم الاحتكار؟ وهل يجوز شرعًا لولي الأمر (الجهات المختصة) معاقبة الشخص المُحْتَكِر؟