ما حكم سفر المرأة بدون مَحْرَم للتفقه في الدين والمشاركة في حضور المؤتمرات الفقهية؟
يجوز للمرأة أن تسافرَ بإذن وليها لطلب العلم والمشاركة في المؤتمرات العلمية مِن غير محرم، ما دامت تأمن على دينها ونفسها وعرضها في سفرها وإقامتها وعودتها.
المحتويات
يجوز للمرأة أن تسافر بدون مَحرَم بشرط اطمئنانها على الأمان في دينها ونفسها وعرضها في سفرها وإقامتها وعودتها، وعدم تعرضها لمضايقاتٍ في شخصها أو دِينها.
فقد ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه البخاري في "الصحيح" وغيره عن عَدِيّ بن حاتم رضي الله عنه أنه قال له: «فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ -أي المسافرة- تَرْتَحِلُ مِنَ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لاَ تَخَافُ أَحَدًا إِلاَّ اللهَ»، وفي رواية الإمام أحمد في "مسنده": «فَوَالَّذِى نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُتِمَّنَّ اللهُ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى تَخْرُجَ الظَّعِينَةُ مِنَ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ فِي غَيْرِ جِوَارِ أَحَدٍ». فمِن هذا الحديث برواياته أخذ جماعة من الفقهاء المجتهدين جوازَ سفر المرأة وحدها إذا كانت آمنة، وخصصوا بهذا الحديث الأحاديثَ الأخرى التي تُحَرِّم سفر المرأة وحدها بغير مَحرَم؛ فهي محمولة على حالة انعدام الأمن التي كانت من لوازم سفر المرأة وحدها في العصور المتقدمة.
أجاز جمهور الفقهاء للمرأة في حجِّ الفريضة أن تسافر بدون مَحْرَم؛ إذا كانت مع نساء ثقات أو رفقة مأمونة، واستدلوا على ذلك بخروج أمهات المؤمنين رضي الله عنهن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للحجّ في عهد عمر رضي الله عنه، وقد أرسل معهن عثمان بن عفان ليحافظ عليهن رضي الله عنه.
قال الإمام أبو الحسن بن بطال المالكي في "شرح صحيح البخاري" (4/ 532، ط. مكتبة الرشد): [قال مالك والأوزاعي والشافعي: تخرج المرأة في حجة الفريضة مع جماعة النساء في رفقة مأمونة، وإن لم يكن معها محرم، وجمهور العلماء على جواز ذلك، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يحجُّ معه نسوة من جيرانه، وهو قول عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين والحسن البصري، وقال الحسن: المسلم مَحْرَمٌ، ولعل بعضَ مَن ليس بمَحْرَمٍ أوثقُ مِن الـمَحْرَم] اهـ.
وقال الإمام الباجي المالكي في "المنتقى شرح الموطأ" (3/ 82، ط. مطبعة السعادة): [ولعلَّ هذا الذي ذكره بعض أصحابنا -أي: عدم خروجها في حج التطوع مِن غير محرم- إنما هو في حال الانفراد والعدد اليسير، فأما القوافل العظيمة والطرق المشتركة العامرة المأمونة فإنها عندي مثل البلاد التي يكون فيها الأسواق والتجار؛ فإن الأمنَ يحصل لها دونَ ذي محرم ولا امرأة، وقد رُوِيَ هذا عن الأوزاعي] اهـ.
وقال العلامة الحطّاب المالكي في "مواهب الجليل شرح مختصر خليل" (2/ 523، ط. دار الفكر): [قَيّد ذلك الباجي بالعدد القليل، ونصه: "هذا عندي في الانفراد والعدد اليسير، فأمَّا في القوافل العظيمة فهي عندي كالبلاد، يصحّ فيها سفرها دون نساء وذوي محارم] اهـ، ونقله عنه في "الإكمال" وقَبِلَه ولم يذكر خلافه، وذكره الزناتي في "شرح الرسالة" على أنه المذهب، فيُقَيّد به كلام المصنف وغيره. ونص كلام الزناتي في "مواهب الجليل شرح مختصر خليل" (2/ 524): [إذا كانت في رفقة مأمونة ذات عَدَدٍ وعُدَدٍ أو جيش مأمون من الغلبة، والمحلة العظيمة فلا خلاف في جواز سفرها من غير ذي محرم في جميع الأسفار: الواجب منها والمندوب والمباح، من قول مالك وغيره إذ لا فرق بين ما تقدم ذكره وبين البلد. هكذا ذكره القابسي. انتهى] اهـ.
وممَّا يُبيِّن أنَّ توفر الأمن هو المعوَّل عليه عند الفقهاء في الإقدام على السفر والامتناع منه: أن الإمام مالكًا رضي الله عنه كره سفر المرأة مع المحرم الذي يغلب على الظن قلّة حرصه وإشفاقه عليها؛ قال الإمام الباجي في "المنتقى" (3/ 82): [كره مالك أن يخرج بها ابنُ زوجها وإن كان ذا محرم منها، قال الإمام أبو الوليد: ووجه ذلك عندي ما ثبت للربائب مِن العداوات وقلة المراعاة في الأغلب؛ فلا يحصل لها منه الإشفاق، والستر، والحرص على طيب الذِّكْر] اهـ.
الذي عليه الفتوى: أنَّ سفر المرأة وحدها عبر وسائل السفر المأمونة وطرقه المأهولة ومنافذه العامرة؛ من موانئ ومطارات ووسائل مواصلات عامَّة جائز شرعًا، ولا حرج عليها فيه ما دامت قد استأذنت وليَّها فيه؛ سواء أكان سفرًا واجبًا أم مندوبًا أم مباحًا، وأنَّ الأحاديث التي تنهى المرأة عن السفر من غير محرم محمولة على حالة انعدام الأمن، فإذا تَوَفَّرَ الأمن لم يشملها النهي عن السفر أصلًا.
بناءً على ذلك: فيجوز للمرأة أن تسافر بإذن وليها لطلب العلم والمشاركة في المؤتمرات العلمية مِن غير محرم، ما دام المكان الذي ستسافر إليه آمنًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل يجوز للزوجة أن تذهب إلى المسجد يوميًّا من الصباح حتى ما يقرب من الثالثة بعد الظهر دون موافقة زوجها أو علمه ورغم إرادته؟
وهل يجوز للزوجة أن تزور أقاربها أو صديقاتها رغمًا عن الزوج ودون موافقته؟
وهل يجوز للزوجة أن تتبرع للجامع بدون موافقة زوجها وبدون علمه من ماله؟
ما حكم ترك طواف الوداع للحائض؟ فهناك سائلة تسأل وتقول: جاءتني العادة الشهرية بعد الوقوف بعرفة وطواف الزيارة، ولم أتمكن من طواف الوداع؛ لعذر الحيض، فهل عليَّ شيء؟ حيث أخبرني بعض الحجاج بضرورة توديع البيت، وبأن ترك طواف الوداع يلزمه دم، فهل هذا صحيح؟
تقول السائلة: هل يجوز لي السفر للحج أو العمرة بصحبة ابن زوجي، وهل يُعَدّ مَحرَمًا لي؟
فضيلة المفتي المحترم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرجو إفادتنا عن عورة البنت بالنسبة لأخيها الشقيق، وهل يجوز لها إرضاع صغيرها أمامه أم لا؟
ما حكم سفر المرأة بدون مَحْرَم للتفقه في الدين والمشاركة في حضور المؤتمرات الفقهية؟
شاب في الثانية والثلاثين من عمره متزوج منذ خمس سنوات من زميلته بالمدرسة، ولزوجته أختان أكبر منها ومنه متزوجتان وفاضلتان إحداهما محجبة -ترتدي الحجاب-، والأخرى منتقبة، إلا أنهما عندما يزورهما زوج أختهما -السائل وغيره من أزواج أخواتهما- يظلَّان على حالهما كما هما مرتديتين ملابس البيت من غير حجاب ولا نقاب، وأحيانًا تكونان عاريتي الرأس وبملابس نصف كم، وعندما ناقشهما في هذا الأمر قالت له كل منهما: إنك أخونا الصغير ونحن محرمات عليك، ويريد أن يعرف الحكم الشرعي في ذلك، كما أن لزوجته أختين إحداهما في مثل سنه ومتزوجة وتعمل في السعودية ومنتقبة -تلبس النقاب كاملًا وجوانتي في يديها وجوربًا في رجليها-، وتلبس نظارة سوداء حتى لا يرى أحد منها شيئًا، وجاءت من السعودية وهي على هذا الحال، لا تتكلم مع أحد من الرجال حتى من أزواج أخواتها وإذا اجتمعت مع الأسرة في مكان فإنها تُسلِّم على الرجال أزواج أخواتها باللسان فقط وعلى بعد منهم، ولا تتحدث مع أحد منهم، أما الأخرى فهي طالبة جامعية وهي أصغر منه بحوالي عشر سنوات وحملها كثيرًا وهي صغيرة ويعتبرها في منزله بنته، والآن هي محجبة، وإذا زارهم أحد من أزواج أخواتها ومنهم السائل فإنها ترتدي الحجاب والملابس الطويلة الساترة لجسمها ولا تُسلِّم أيضًا على أحد منهم أي لا تصافح أحدًا، ويريد السائل معرفة الحكم الشرعي في هذه التصرفات، وهل أخوات زوجته المحجبات والمنتقبات على صواب أم لا؟