ما حكم كثرة الإنجاب التي تؤدي إلى تقصير الأبوين في حق الأولاد من تربية ونفقة وتعليم ونحو ذلك؟
الإنسان الذي يُضيِّع حقوقَ مَنْ يعولهم آثم شرعًا؛ لما يترتب على ذلك من المشقّة والضرر الذي يلحق بالأسرة كاملة من زوج وزوجة وأبناء، والله تعالى لا يرضى أن يُضارَّ والد ولا والدة بسبب ولدهما؛ قال الله تعالى: ﴿لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾ [البقرة: 233]. ويقول صلى الله عليه وآله وسلم: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ».
الأولاد هبة من هبات الله سبحانه وتعالى لعباده، وهم من زينة الحياة الدنيا؛ كما قال عز وجل في كتابه الكريم:﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾ [الكهف: 46]، وكما يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه البيهقي في "سننه" والحاكم في "المستدرك": «إِنَّ أَوْلَادَكُمْ هِبَةُ اللهِ لَكُمْ، ﴿يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ﴾ [الشورى: 49]، فَهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ لَكُمْ إِذَا احْتَجْتُمْ إِلَيْهَا».
وقد دعا غير واحد من الأنبياء عليهم السلام أن يهبهم الله الذرية الصالحة؛ فقال أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام في دعائه: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [الصافات: 100]، وقال سيدنا زكريا عليه السلام في دعائه:﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [آل عمران: 38]، ﴿وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى﴾ [الأنبياء: 89-90].
وكما أنَّ الأولاد هبة مهداة إلى الإنسان فهم أيضًا أمانة وفتنة واختبار ومسؤولية مُعَلَّقة في عنقه لا بدَّ من أن يرعاها حق رعايتها كما في فتنة الأموال؛ قال تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [الأنفال: 28]، وقد أمر الله عز وجل المؤمنين بالعمل على إصلاح النفس والأهل والنأي بهم بعيدًا عن الهلاك فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: 6]، وقال:﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ [طه: 132]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ» رواه أبو داود والنسائي في "السنن الكبرى" واللفظ له.
والإضاعة كما تكون بعدم الإنفاق المادي تكون أيضًا بالإهمال في التربية الخُلُقِيّة والدينية والاجتماعية، فالواجب على الآباء أن يحسنوا تربية أبنائهم دينيًّا، وجسميًّا، وعلميًّا، وخُلُقيًّا، ويوفروا لهم ما هم في حاجة إليه من عناية مادية ومعنوية.
وما لم يغلب على ظنّ الإنسان أنّ لديه القدرة على تحمّل مسؤولية الأولاد، فإنَّه ما لم ينظّم عملية الإنجاب عَرَّض نفسه لتكلّف ما يفوق وُسْعَه من واجبات، بل تعرَّض بذلك للوقوع في إثم الإخلال بحقوق مَن سيعولهم من الأبناء، بما يعود عليه وعلى زوجته وأولاده بالمشقة والضرر، والله تعالى لا يرضى أن يُضارَّ والد ولا والدة بسبب ولدهما؛ قال الله تعالى: ﴿لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾ [البقرة: 233]، وهذا وإن كان خبرًا في الظاهر لكن المراد منه النهي. انظر: "تفسير الإمام الرازي" (6/ 462، ط. دار إحياء التراث العربي-بيروت).
وهذا النهي يشملُ كلّ المضار سواء كانت مضارًّا في الدنيا بتكلّف الإنسان ما لا يطيقه ويجعله تعيسًا في حياته، أو في الآخرة بتحمل الإنسان مسؤولية يعلم مِنْ نفسِهِ أنه سيعجز عنها وسيحاسَب على إضاعتها حسابًا شديدًا في الآخرة، ولهذا قال نبي الله نوح عليه السلام في شكواه قومه إلى ربه عز وجل:﴿رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا﴾ [نوح: 21]، ففي هذا دلالة على أنَّ الذرية لا بدَّ معها من الصلاح والإصلاح، وإلا فالقلَّة الطيبة خير من الكثرة الفاسدة المستتبعة للخسار.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
تزوج رجل مسلم بامرأتين: إحداهما مسلمة، والأخرى كتابية، وجعل لكل منهما مهرًا بقدر ما للأخرى باعترافه، وأعطى لكل منهما قائمة بما لها من المتاع عنده لتكون حجة عليه، ثم تنازع مع زوجتيه فجحد متاع الكتابية وأساء معاملتها بقدر ما أحسن معاملة المسلمة.
فهل في دين الإسلام ما يبيح التفاوت بين المسلمة والكتابية في حسن العشرة والمعاملة؟ وهل للزوج شرعًا أن يجحد متاع الكتابية دون المسلمة؟ نرجو إجابتنا عن ذلك شرعًا، ولفضيلتكم من الله الثواب.
ما قولكم دام فضلكم في رجل سبق له في سن الصغر أن رضع من امرأة رضعات تقل عن الخمس مرات متفرقة، فهل يجوز له شرعًا الزواج بابنة هذه المرأة المرضعة؟ وإذا كان حصل الزواج بناءً على فتوى أحد العلماء بجواز الزواج ما دام أقل من خمس متفرقة، فهل العقد في هذه الحالة صحيح أم باطل؟
ما حكم زواج المحجور عليه للسفه والغفلة؟ فرجل محجور عليه للسَّفَه والغفلة، وباشر بنفسه عقد زواجه. فهل يكون عقد زواجه هذا صحيحًا مع وجود قيِّم عليه؟ مع ملاحظة أن الصداق في عقد الزواج هو مهر المثل.
ما مدى ثبوت التحريم بالرضاع بين الطفل المكفول وكافلته؟ فأنا كفلتُ أنا وزوجي طفلًا وعمره ثلاثة أشهر وأسبوع، وأرضعته رضعتين. فهل تثبت حرمة الرضاع بيني وبين هذا الطفل؟ وقامت أختي بإرضاعه كذلك أكثر من خمس رضعات مشبعات. فهل تثبت المحرمية بين الطفل وبين أختي وبناتها؟
ما حكم الزواج بمن رضع أخوه من أمها؟ حيث يوجد ثلاثة إخوة أشقاء ذكور، رضع أحدهم من ثدي امرأةٍ أجنبية ولها بنتٌ. هل يجوز شرعًا أن يتزوج أحدُ الأخوين اللذين لم يتناولا ثديها -أي ثدي والدة البنت- هذه البنتَ، أو لا يجوز؟
ما حكم رضاع بدون شهود وبعد سن الرضاع؟ حيث يوجد امرأة ادَّعت إرضاع ولد من ثديها بعد مضي زيادة عن سنتين من تاريخ ولادته، وذلك عند إرادة تزويج الولد المذكور بإحدى بناتها، وليس عندها شهود يشهدون بما ادَّعَته، فهل والحالة هذه تصدَّق في دعواها بدون بينة، وتكون بناتها مُحَرَّمَات عليه، أَمْ يجوز له نكاحهن؟ أفيدوا الجواب.
والمرأة تقول: إنها أرضعت الولد المذكور، والحال: أن سنه وقت الإرضاع نحو ستة وعشرين شهرًا.