حقيقة ربا الجاهلية المحرم

حقيقة ربا الجاهلية المحرم

ما المقصود بربا الجاهلية الذي نزل القرآن بتحريمه؟ وهل كان ربا العباس يختلف عن ربا الجاهلية؟

ربا الجاهلية هو أن يكون لإنسان على إنسان آخر دينٌ، فإذا حلَّ موعدُ السداد وعجز الذي عليه الدَّيْن عن الوفاء زاد عليه الدائن في المال مقابل تأخير سداد الدين، ويتفقان على ذلك، وهكذا يكون الحال كلما حلَّ موعدُ السداد ولم يستطع المدين قضاء ما عليه من ديون، ولم يكن ربا العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه يختلف في شيء عن ربا الجاهلية.

التفاصيل ....

إذا ما رجعنا إلى أقوال العلماء من الفقهاء والمفسرين والمحدثين رأيناهم قد فسَّروا الربا الذي كان شائعًا في الجاهلية والذي نزل القرآن الكريم بتحريمه بعبارات متقاربة في لفظها ومعناها، ومن العبارات الجامعة التي وضحت معنى الربا الذي كان شائعًا في الجاهلية قول الإمام ابن جرير عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾ [آل عمران: 130]: [وكان أكلهم للربا في جاهليتهم أن الرجل منهم كان يكون له على الرجل مال إلى أجل، فإذا حلَّ الأجلُ طلبه من صاحبه، فيقول له الذي عليه المال: أخِّر عني دينك وأزيدك عن مالك، فيفعلان ذلك، فذلك هو الربا أضعافًا مضاعفة، فنهاهم الله تعالى في إسلامهم عنه] اهـ. "تفسير ابن جرير" (7/ 204، ط. مؤسسة الرسالة).

وقد نقل الشيخ رشيد رضا رحمه الله في كتابه "الربا والمعاملات في الإسلام" من (ص: 85) إلى (ص: 122)، جملة من النصوص التي قالها العلماء في معنى ربا الجاهلية الذي نزل القرآن بتحريمه ومنها قوله:

أ- قال الإمام أبو بكر الجصاص الحنفي: "والربا الذي كانت العرب تعرفه وتفعله إنما كان قرض الدراهم والدنانير إلى أجل بزيادة على مقدار ما استقرض على ما يتراضون له".

ب- وقال الإمام ابن رشد المالكي: "وكان ربا الجاهلية في الديون أن يكون للرجل على الرجل الدين فإذا حل، قال له: أتقضي أم تربي؟ فأنزل الله تعالى في ذلك ما أنزل".

ج- وقال الإمام النووي الشافعي: "إن التحريم الذي في القرآن للربا إنما يتناول ما كان معهودًا في الجاهلية من ربا النسيئة أي: التأخير وطلب الزيادة في المال بزيادة الأجل، وكان أحدهم إذا حلّ أجل دينه ولم يوفه الغريم أضعف له المال وأضعف الأجل، ثم يفعل ذلك عند الأجل الآخر".

د- وقال الإمام أحمد بن حنبل: "الربا الذي لا شك فيه هو أن يكون لشخص على آخر دين إلى أجل، فإذا حلَّ الأجل قال له: أتقضي أم تربي؟ فإن لم يقض زاده في المال وزاده هذا في الأجل".

هذا جانب من أقوال الفقهاء على اختلاف مذاهبهم في المقصود بربا الجاهلية ومنها يتبين لنا أن ربا الجاهلية يتمثل في مجموعه في أن يكون لإنسان على آخر دين فإذا حلَّ موعد السداد وعجز المدين عن الوفاء قال له الدائن: أزيدك في الأجل وتزيدني مبلغًا معينًا على أصل الدين، ويتفقان على ذلك، وهكذا يكون الشأن كلَّمَا حلّ موعد السداد ولم يستطع المدين قضاء ما عليه من ديون.

أما ربا العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه فقد ورد الحديث عنه في خطبة حجة الوداع التي أوردها الإمام مسلم وغيره وفيها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ –أي: مهدور- وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّه»، وقد راجعت كتبًا كثيرة وردت فيها هذه الخطبة فلم أجد أحدًا قال إن ربا العباس يختلف عن ربا الجاهلية، ومن عنده الدليل على غير ذلك فليأت به.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا