ما حكم قول صدق الله العظيم في نهاية قراءة القرآن؟ فإن أحد الشباب في القرية يعترض على قول: (صدق الله العظيم) بعد الانتهاء من تلاوة القرآن الكريم، مدعيًّا أنها بدعة، وإنه إحداث أمر في الدين ليس منه، فهل هذا الكلام صحيح؟
قول: (صدق الله العظيم) بعد قراءة القرآن جائزٌ شرعًا ولا شيء فيه، وهو من مطلق الذكر الذي أمرنا الله تعالى به في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 41]، ومن خصوص الذكر في خطاب الله تعالى رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: ﴿قُلْ صَدَقَ اللهُ﴾ [آل عمران: 95].
المحتويات
قول: (صدق الله العظيم) مطلق ذكر لله تعالى؛ وقد أُمِرنا بذكر الله تعالى بالأمر العام في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 41]، وبالأمر الخاص في خطاب الله تعالى رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: ﴿قُلْ صَدَقَ اللهُ﴾ [آل عمران: 95].
والربط بين قراءة القرآن الكريم وبين هذا الذكر في نهايته لا مانع منه شرعًا؛ إذ هو عبادة أضيفت إلى أخرى.
ولا يقال: إن هذا إحداث في الدين ما ليس منه، بل هو إحداث فيه ما هو منه، وهذا يُفهم من فعل الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين؛ ففي "صحيح البخاري" عن رفاعة بن رافع رضي الله عنه قال: كنا يومًا نصلي وراء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ»، قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: «مَنِ المُتَكَلِّمُ» قَالَ: أَنَا، قَالَ: «رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ».
فهذا صحابي يدعو بما لم يَسبق بخصوصه بيان نبوي، فيُقِرُّه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يُنكر عليه، بل بشَّره بأنه رأى الملائكة يتنافسون على كتابتها. ولا يُقال: إن هذا كان وقت تشريع والنبي صلى الله عليه وآله وسلم معهم يرشدهم، أما الآن فلا؛ وذلك لأنه لم ترد في سياق الحديث أيُّ قرينة تشير إلى ذلك: حالية أو مقالية، فالحالية؛ كغضب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصفه راوي هذا الحديث من تجرؤ هذا الصحابي الإتيان بذكر لم يُعلِّمه إياه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. والمقالية؛ كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: أحسنت ولا تعد.
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (2/ 287، ط. دار المعرفة): [واستدل به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور] اهـ.
ولا يُعترض على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يفعل هذا الأمر، وهو قول: (صدق الله العظيم)؛ لأن مجرد الترك لا يقتضي حرمة بمفرده، ولا بد معه من دليل آخر، والمقرر أن ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمر من الأمور لا يدلُّ بالضرورة على تحريمه؛ فقد يتركه صلى الله عليه وآله وسلم لأنه حرام، وقد يتركه لأنه مكروه، وقد يتركه لأنه خلاف الأولى، وقد يتركه لمجرد أنه لا يميل إليه؛ كتركه أكل الضب مع أنه مباح، ومن ثَمَّ فليس مجرد الترك بحجة في المنع.
ومما يستأنس به أيضًا من كلام العلماء في هذه المسألة: ما ذكره الإمام القرطبي في مقدمة "تفسيره" أن الحكيم الترمذي تحدث عن آداب تلاوة القرآن الكريم وجعل منها: أن يقول عند الانتهاء من تلاوته: (صدق الله العظيم)، أو ما يؤدي هذا المعنى. ونص عبارته في "الجامع لأحكام القرآن" (1/ 27-28، ط. دار الكتب المصرية، القاهرة): [ومن حرمته -أي القرآن- إذا انتهت قراءتُهُ أن يُصَدِّقَ ربَّهُ، ويشهد بالبلاغ لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ويشهد على ذلك أنه حق، فيقول: صَدَقْتَ ربنا وبلَّغَتْ رُسُلُك، ونحن على ذلك من الشاهدين. اللهم اجعلنا من شهداء الحق القائمين بالقسط، ثم يدعو بدعوات] اهـ.
بناءً على ما سبق: فإن قول: (صدق الله العظيم) بعد قراءة القرآن جائزٌ شرعًا ولا شيء فيه، بل هو من جملة المستحبات.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم التثويب في غير أذان الفجر؟ فقد أَذَّنتُ لصلاة الظهر، وبعد الانتهاء منه قال لي صديقي: لماذا لم تثوب في الأذان مثل صلاة الفجر؟، فقلت: له هذا ليس سُنَّة، فقال: بل هو سنة في الصلوات كلها، فاختلفنا في الحكم، فهل ما قاله صديقي صحيح أو لا؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرًا.
نرجو منكم بيان حكم الشرع في الرُّقْيَة بالقرآن الكريم.
هل يجوز كتابة بعض الآيات من القرآن الكريم بالطريقة الإملائية بدلًا من الرسم العثماني المعهود بالمصحف الشريف، على أن تكون هذه الكتابة خارج المصحف الشريف، كاللوح التي تعلق على الحائط مثلًا، أو تستخدم في التزيين. مثل: إطالة الألف الصغيرة من سورة الحجرات في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾؟
ما هي مواضع القنوت في الصلوات؟ وهل يجوز دعاء القنوت في ركعة الوتر أو في صلاة أخرى؟
ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند البيع والشراء؟ وهل ذلك يُعدُّ من البدعة؟
حكم قراءة صحيح البخاري وكتب السنة لرفع الوباء حيث ورد سؤال يقول صاحبه: في ظِلِّ ما يمرُّ به العالمُ من تفشِّي وباء كورونا يقومُ بعضُ العلماء وطلبة العلم بتنظيم قراءة "صحيح البخاري" بتقسيمه على من يحِبُّ المشاركةَ في ختمه، عن طريق وسائلِ التواصل الاجتماعي؛ تبرُّكًا وتوسُّلًا إلى الله تعالى لكشْف وباء كورونا، جريًا على ما اعتاده علماءُ الأزهر من قراءته في الملمَّات والنوازل: كدفع الوباء، وكشف البلاء، ومواجهة الغلاء.
لكن خرج بعضُ مدَّعي العلمِ على بعض المواقع زاعمًا أن التَّعبُّدَ بتلاوة صحيح البخاري لمجرد التِّلاوة بدعة، وأن التبرُّك والتوسُّل به حرام، وأنه لا فرقَ في ذلك بين "صحيح البخاري" و"مسلم" مثلًا، وأنها مجرَّد طقوس ابتدعها بعض الجهلة لمواجهة الأوبئة، وأنَّ توظيف "صحيح البخاري" للاستشفاء والتحصين لرفع البلاء أمرٌ متكلَّف، وأنَّ من ضرورياتِ الدين أنَّ المقصودَ مِن كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم هو العمل بِمَا فيهما مِن الأوامرِ والنَّواهي، والإيمان بِمَا فيهما مِن الأخبار، وليس المقصود مجرَّد تلاوتهما ألفاظًا وتعبُّدًا.. فبَيِّنوا لنا الصوابَ في ذلك مشكورين.
1- عادة إقراء "صحيح البخاري" عند النوازلِ من الكوارثِ والأوباء قديمة، جرت على لسان السراج البلقيني في اليقظة والمنام.
2- لعل أمر هذه الظاهرة يعودُ إلى أقدم من وباء الطاعون الذي عمَّ الدنيا سنة 749هـ، واشتهرت هذه الظاهرة عند قدوم تيمورلنك إلى بلاد المسلمين.
3- أشهر الإمام سراج الدين البلقيني العمل بها، ودوَّنتها كتب التراجم والتأريخ، ونقلنا ذلك عنه فيما مضى.
4- التحقيق أن هذا العمل ليس موصولًا بعصور السلف، وأنَّ شيوعَه وذيوعَه بحكم وقوعه ووجوده لا يعطيه الحجِّية، وأنه ما زال يحتاجُ للدليل، وأن مجرَّد رؤيةِ النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يأمرُ به لا يكفي مُستَدلًّا؛ فالمنامات يُسْتَأنس بها وليست -عند أهل السنة والجماعة- حجةً وبرهانًا، وأن الاتِّكاء عليها مع ترْك الأخْذ بالأسباب بدعةٌ في الدين، ومضادَّة لمقاصدِ الشريعة الكلية، والله المستعان وهو الواقي والعاصم.