الأربعاء 10 ديسمبر 2025م – 19 جُمادى الآخرة 1447 هـ

حكم التنازل عن الحق في الميراث ودفع تعارض ذلك مع قوله تعالى: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا﴾

تاريخ الفتوى: 20 نوفمبر 2006 م
رقم الفتوى: 6376
من فتاوى: فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد
التصنيف: الميراث
حكم التنازل عن الحق في الميراث ودفع تعارض ذلك مع قوله تعالى: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا﴾

هل يجوز للشخص أن يتنازل عن حقه في الميراث قبل القسمة؟ وهل يتعارض التنازل عن الحق في الميراث مع كتاب الله تعالى في قوله: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا﴾ [البقرة: 229]؟ وهل يشترط لتنازل الشخص عن حقه أن يكون قد قَبَضَهُ وصار في مِلْكِه قبل التنازل؟

نعم يجوز للإنسان أن يتصرَّف فيما يملك بالتنازل أو البيع أو الهبة؛ بشرط أن يكون الشيء المتنازل عنه مُحَدَّدًا، سواء أكان مالًا أم عقارًا، معينًا أم مشاعًا.

ولا يتعارض التنازل عن الحق في الميراث مع كتاب الله تعالى في قوله عز وجل: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا﴾ [البقرة: 229]؛ حيث إنَّ الآية جاءت للأمر بالتزام الحدود الشرعية الإلهية في الميراث وغيره، وللنَّهي عن تعدّيها إلى غيرها من التشريعات الوضعية الخارجة عن الشريعة في المواريث وغيرها.

فتنازلُ الشخص عن حقه الشرعي في الميراث بعد أن يؤول إليه هو عمل بحدود الله تعالى، وليس تَعَدِّيًا لها.

وإنما اشتُرِط القبض قبل التصرف في الأشياء المبيعة، لا الموروثة؛ وذلك حتى ترتفع يد البائع عن الضمان، وتَحِلّ محلها يد المشتري قبل أن يتصرف ببيع أو هبة أو غير ذلك، أمَّا في الميراث فإنَّ يد المالك الأصلي قد زالت بالموت، وصار الورثة مالكين للموروث حتى ولو لم يعلموا بكونهم وارثين؛ فلو باع مال مُوَرِّثه ظانًّا حياته فبان مَيتًا: صحَّ، عملًا بالواقع ونفس الأمر: أنَّه صار مالكًا لهذا المال الموروث، وكذلك لو تنازل عنه للغير؛ سواء أكان في مقابل مال -ويسمى تخارجًا-، أو بدون مقابل -ويسمى هبة-.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

نرفع لسيادتكم نموذجًا لما يتم تداوله بين أوساط بعض المسلمين من شبهات حول حكم بناء الكنائس وترميمها، وجاءت هذه الشبهات كالتالي:
الشبهة الأولى: بناء الكنائس والبِيَع حرام؛ حيثُ إنَّ المساجد بيوت عبادة الله للمسلمين، والكنائس والبِيَع معابد اليهود والنصارى يعبدون فيها غير الله، والأرض لله عز وجل، وقد أمر ببناء المساجد وإقامة العبادة فيها لله عز وجل، ونهى سبحانه عن كل ما يُعبَد فيه غير الله؛ لِمَا فيه من إقرار بالباطل، وتهيئة الفرصة للقيام به، وغش الناس بوضعه بينهم، قال الله تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ للهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا﴾ [الجن: 18]، وقال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: 85].
وبهذا يُعلم أنَّ السماح والرضا بإنشاء المعابد الكفرية؛ مثل الكنائس، أو تخصيص مكان لها في أي بلد من بلاد الإسلام، من أعظم الإعانة على الكفر وإظهار شعائره، والله عز شأنه يقول: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2].
الشبهة الثانية: أجمع العلماء على وجوب هدم الكنائس وغيرها من المعابد الكفرية إذا أُحدثَت في أرض الإسلام، ولا تجوز معارضة ولي الأمر في هدمها؛ بل تجب طاعته.
وبهذا يُعلم أنَّ السماح والرضا بإنشاء المعابد الكفرية؛ مثل الكنائس، أو تخصيص مكان لها في أي بلد من بلاد الإسلام، من أعظم الإعانة على الكفر وإظهار شعائره؛ والله عز شأنه يقول: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2].
قال شيخ الإسلام: "من اعتقد أنَّ الكنائس بيوت الله وأنَّ الله يُعبدُ فيها، أو أنَّ ما يفعله اليهود والنصارى عبادة لله وطاعة لرسوله، أو أنه يحب ذلك ويرضاه، أو أعانهم على فتحها وإقامة دينهم وأنَّ ذلك قربة أو طاعة فهو كافر".
وليحذر المسلم أن يكون له نصيب من قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ۞ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ ۞ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ۞ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: 25-28].
الشبهة الثالثة: صار من ضروريات الدين تحريمُ الكفر الذي يقتضي تحريم التعبد لله على خلاف ما جاء في شريعة الإسلام؛ ومنه: تحريم بناء معابد وفق شرائع منسوخة؛ يهودية، أو نصرانية، أو غيرهما؛ لأنَّ تلك المعابد سواء كانت كنيسة أو غيرها تعتبر معابد كفرية؛ لأنَّ العبادات التي تؤدى فيها على خلاف شريعة الإسلام الناسخة لجميع الشرائع قبلها والمبطلة لها، والله تعالى يقول عن الكفار وأعمالهم: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ [الفرقان: 23]، ولا يجوز اجتماع قبلتين في بلدٍ واحدٍ من بلاد الإسلام، ولا أن يكون فيها شيء من شعائر الكفار لا كنائس ولا غيرها؛ ولهذا أجمع العلماء على تحريم بناء هذه المعابد الكفرية. وقد قال شيخ الإسلام: "من اعتقد أنَّ زيارة أهلِ الذمة كنائسَهم قربةٌ إلى الله فهو مرتدٌّ، وإن جهل أنَّ ذلك محرم عُرِّف ذلك، فإن أصرَّ صار مرتدًّا" اهـ.
الشبهة الرابعة: من المعلوم أنَّ الأشياء التي ينتقض بها عهد الذمي: الامتناع من بذل الجزية، وعدم التزام أحكام الإسلام، وأن يُقاتل المسلمين منفردًا أو في الحرب، وأن يلتحق الذمي بدار الحرب مُقيمًا بها، وأن يتجسس على المسلمين وينقل أخبارهم، والزنا بامرأةٍ مسلمة، وأن يذكر الله تعالى أو رسوله أو كتبه بسوء.
وإذا انتقض عهد الذمي: حلَّ دمه وماله، وسار حربيًّا يُخير فيه الإمام بين القتل، أو الاسترقاق، أو المن بلا فدية، أو الفداء.
الشبهة الخامسة: ذكر البعضُ أنَّ البلاد التي أُنشئت قبل الإسلام وفتحها المسلمُون عنوةً وتملكوا أرضها وساكنيها لا يجوز إحداث كنائس فيها، ويجب هدم ما استحدث منها بعد الفتح؛ لأنَّ هذه الكنائس صارت ملكًا للمسلمين بعد أن فتحوا هذه البلاد عنوة.
وأمَّا البلاد التي أُنشئت قبل الإسلام وفتحها المسلمون صُلْحًا: فهي على نوعين:
الأول: أن يصالحهم على أن الأرض لهم ولنا الخراج عليها، أو يصالحهم على مالٍ يبذلونه وهي الهُدنة؛ فلا يُمنعون من إحداث ما يختارونه فيها؛ لأنَّ الدار لهم.
الثاني: أن يُصالحهم على أنَّ الدار للمُسلمين، ويؤدون الجزية إلينا، فحكمها ما اتُّفقَ عليه في الصلح، وعند القدرة يكون الحكم ألَّا تُهدم كنائسهم التي بنوها قبل الصلح، ويُمنعون من إحداث كنائس بعد ذلك.
الشبهة السادسة: حكم بناء ما تهدَّمَ من الكنائس أو ترميمها: على ثلاثة أقوال:
الأول: المنع من بناء ما انهدم وترميم ما تلف.
الثاني: المنع من بناء ما انهدم، وجواز ترميم ما تلف.
الثالث: إباحة الأمرين.
فالرجاء التفضل بالاطلاع والتوجيه بما ترونه سيادتكم نحو الإفادة بالفتوى الشرعية الصحيحة في هذا الشأن حتى يمكن نشرها بين أهالي القرى؛ تصحيحًا للمفاهيم ومنعًا للشبهات.


ما حكم ميراث المطلقة رجعيًّا وأولوية الولاية على الطفل؟ حيث يقول السائل: رفعت زوجة ابني دعوى تطليق على ابني لمرضه بمرض معدٍ ولم يحكم لها فيها، وقام ابني بعد ذلك بتطليقها على يد المأذون طلقة أولى رجعية، ثم توفى بعد طلاقها بعشرة أشهر عن والده، ووالدته، وابنه، ومطلقته رجعيًّا فقط.
فمن يرث ومن لا يرث وما نصيب كل وارث؟ وهل المطلقة رجعيًّا ترث مطلقها أو لا؟ ومن تكون له أولوية الولاية على الطفل؟


ما حكم رجوع الأب في هبته لأولاده؟ حيث يقول السائل: وهبت لأولادي الثلاثة ثلاثة قراريط زراعية، وكتبت في عقد الهبة بأني تنازلت عن القدر من تاريخه. ولكنني الواضع اليد الفعلي على هذا القدر، وقائم للآن بالإنفاق على أولادي المذكورين. فهل يجوز لي الرجوع في هذه الهبة؟


هل التصوير الفوتوغرافي يأخذ حكم التصوير الذي ورد النهي عنه شرعًا؟


توفيت امرأة عن: ثماني بنات، وأخت لأم. ولم تترك المتوفاة المذكورة أي وارث آخر غير من ذكروا ولا فرع يستحق وصية واجبة. فما نصيب كل وارث؟


توفي عن: زوجتين، وبنتين، وأب، وأم، وإخوة أشقاء: ذكرين وثلاث إناث. ولم يترك المتوفى المذكور أي وارث آخر غير من ذكروا ولا فرع يستحق وصية واجبة. فما حكم مؤخر الصداق وقائمة المنقولات لإحدى الزوجتين؟ وما نصيب كل وارث؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 10 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :8
الشروق
6 :40
الظهر
11 : 48
العصر
2:37
المغرب
4 : 55
العشاء
6 :18