ما مدى صحة حديث: «يَا عِبَادَ اللهِ أَغِيثُونِي»؟
روى الطبراني في "المعجم الكبير" (17/ 117، ط. مكتبة ابن تيمية) قال: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي، حدثنا عبد الرحمن بن سهل، حدثني أبي، عن عبد الله بن عيسى، عن زيد بن علي، عن عتبة بن غزوان رضي الله عنه، عن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا أَضَلَّ أَحَدُكُمْ شَيْئًا، أَوْ أَرَادَ أَحَدُكُمْ عَوْنًا وَهُوَ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا أَنِيسٌ، فَلْيَقُلْ: يَا عِبَادَ اللهِ أَغِيثُونِي، يَا عِبَادَ اللهِ أَغِيثُونِي، فَإِنَّ للهِ عِبَادًا لَا نَرَاهُمْ» قال الطبراني: وَقَدْ جُرِّبَ ذَلِكَ.
قال المحدث الهيثمي في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد" في (كتاب الأذكار)، (10/ 132، ط. مكتبة القدسي): [رواه الطبراني، ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم، إلا أنَّ زيد بن علي لم يدرك عتبة رضي الله عنه] اهـ.
وله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما رواه البزار في "مسنده" (11/ 181، ط. مكتبة العلوم والحكم): أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ للهِ مَلائِكَةً فِي الأَرْضِ سِوَى الْحَفَظَةِ يَكْتُبُونَ مَا سَقَطَ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ، فَإِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ عَرْجَةٌ بِأَرْضٍ فَلاةٍ فَلْيُنَادِ: أَعِينُوا عِبَادَ اللهِ» قال البزار: وهذا الكلام لا نعلمه يُروَى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد.
قال المحدث الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 132): [رواه البزار، ورجاله ثقات] اهـ.
ورواه البيهقي في "شعب الإيمان" بلفظ: «إِنَّ للهِ عَزَّ وَجَلَّ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ سِوَى الْحَفَظَةِ يَكْتُبُونَ مَا يَسْقُطُ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ، فَإِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ عَرْجَةٌ فِي الْأَرْضِ لَا يَقْدِرُ فِيهَا عَلَى الْأَعْوَانِ فَلْيَصِحْ، فَلْيَقُلْ: عِبَادَ اللهِ، أَغِيثُونَا أَوْ أَعِينُونَا رَحِمَكُمُ اللهُ، فَإِنَّهُ سَيُعَانُ»، وفي لفظ آخر: «إِنَّ للهِ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يُسَمَّونَ الْحَفَظَةَ، يَكْتُبُونَ مَا يَقَعُ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ، فَمَا أَصَابَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَرْجَةٌ أَوِ احْتَاجَ إِلَى عَوْنٍ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ فَلْيَقُلْ: أَعِينُونَا عِبَادَ اللهِ، رَحِمَكُمُ اللهُ، فَإِنَّهُ يُعَانُ إِنْ شَاءَ اللهُ»، ورواه ابن شيبة في "المصنف".
وله شاهد آخر من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه رواه الطبراني، وأبو يعلى في "مسنده"، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" عن أبي يعلى، وابن حجر العسقلاني في "المطالب العالية"، وذكره النووي في "الأذكار" عن ابن السني من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا انْفَلَتَتْ دَابَّةُ أَحَدِكُمْ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَلْيُنَادِ: يَا عِبَادَ اللهِ احْبِسُوا عَلَيَّ، يَا عِبَادَ اللهِ احْبِسُوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّ للهِ فِي الْأَرْضِ حَاضِرًا سَيَحْبِسُهُ عَلَيْكُمْ».
قال العلامة ابن علان الصديقي في "شرحه على الأذكار للنووي" (5/ 151، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال الحافظ ابن حجر: هذا حديث حسن الإسناد غريب جدًّا، أخرجه البزار وقال: لا نعلم يروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد] اهـ. وحسنه الحافظ السخاوي أيضًا في "الابتهاج بأذكار المسافر الحاج"، وقال المحدث الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 132): [رجاله ثقات] اهـ.
وهو حسنٌ؛ لتعدد طرقه واعتضادها ببعض كما صرح بذلك ابن علان في "شرحه لأذكار النووي".
وعليه: فإنَّ الحديث المذكور حسنٌ بشواهده.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما مدى صحة حديث: «من قال: الحمد لله الذي تواضع كل شيء لعظمته، والحمد لله الذي ذل كل شيء لعزته، والحمد لله الذي خضع كل شيء لملكه، والحمد لله الذي استسلم كل شيء لقدرته، فقالها يطلب بها ما عند الله؛ كتب الله له بها ألف حسنة، ورفع له بها ألف درجة، ووكل بها سبعين ألف ملك يستغفرون له إلى يوم القيامة»؟ وما حكم العمل به؟
سائل يقول: أخبرني أحد أصدقائي بأنه سمع شخصًا يقول: كل ما تركه النبي عليه الصلاة والسلام يكون محرمًا؛ فما مدى صحة هذا الكلام؟ وهل ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم لفعل ما يدلّ بمجرده على تحريمه؟
أيهما أفضل عند الله تعالى الغِنى أم الفقر؟ حيث دارَ حوارٌ بيني وبين أحد أصدقائي حول المفاضلة الأخروية بين الغنى والفقر، فكان ممَّا احتجَّ به قول النبي عليه السلام: «يدخل الفقراء الجنَّة قبل الأغنياء بخمسمائة عام نصف يوم»، معقِّبًا بأنَّ هذا النصَّ النبوي خير دليلٍ في مدح الفقر وأهله، فوقع في نفسي حينئذٍ أنَّ هذا الحديث قد يحمل بعض الناس على التكاسل وترك العمل والركون إلى الفقر لتحصيل ذاك الثواب، مع أنِّي أعلم تمام العلم أنَّ الشريعة الغراء تدعو دائمًا إلى العمل وتحثُّ على الإنتاج وتحذِّر من التكاسل؛ فما قولكم في ذلك؟
يقول السائل: ما الذي يفيده قول النبي عليه السلام: «إِذَا قَالَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ: آمِينَ. وَالْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ: آمِينَ، فَوَافَقَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»؟
يقول السائل: هناك مَن يدَّعِي بطلان حديث لعب الأحباش في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام في يوم عيد؛ بحُجّة أنَّ هذا لا يليق بالمساجد عامة فكيف يليق بمسجد النبي عليه الصلاة والسلام؛ فنرجو منكم بيان ذلك.
أريد تفسير الآية (63) من سورة الكهف.