سائل يسأل عن حكم تنظيم النسل، هل هو جائز شرعًا؟
تنظيم النسل جائز شرعًا ولا حرج فيه؛ بشرط موافقة الزوجين عليه؛ قياسًا على جوازالعزل في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يتعارض ذلك مع دعوة الإسلام إلى التكاثر؛ فإن تنظيم النسل وسيلة لإخراج أجيال تأخذ حقها في الرعاية المتكاملة وتنال الاهتمام الكافي؛ ممَّا يؤهلهم إلى تَحمُّل المسؤولية.
المحتويات
المراد بـ"تنظيم النسل"، أو ما يُعْرَف بـ"تنظيم الأسرة": أن يتخذ الزوجان باختيارهما واقتناعهما الوسائل التي يريانها كفيلة بتباعد فترات الحمل، أو بإيقافه لمدة معينة من الزمن يتفقان عليها فيما بينهما لتقليل عدد الأسرة بصورة تجعل الأبوين يستطيعان القيام على رعاية الأبناء رعاية متكاملة من غير خَلَلٍ.
هذا المعنى المراد من تنظيم الأسرة أمر جائز لا تَأباه نصوص الشرع، ما دام هناك أسباب معتبرة شرعًا تدعو إلى تأخير الإنجاب مؤقتًا، وبشرط موافقة الزوجين عليه؛ وذلك بالقياس على جواز "العزل" -وهو عدم إنزال الرجل المني أثناء الجماع داخل رَحِم زوجته حتى لا تَحْمَل-، وبشرط أن لا يترتب على هذا التأخير ضررٌ؛ فالعاقل مَن يجعل النظام شعارًا له في كل شيء؛ لأن النظام ما وُجِد في شيء إلا زانه؛ قال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُوم﴾ [الحجر: 21].
وقد جمع الإمام الغزالي النيات الباعثة على "العزل"، وجعلوا منها: الخوف من كثرة الأولاد والوقوع في الحرج بسببهم. "إحياء علوم الدين للغزالي" (2/ 52، ط. دار المعرفة).
و"العَزْل" قام به عدد من الصحابة على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يُؤثَر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم النهي عنه؛ فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَلَمْ يَنْهَنَا» متفق عليه، واللفظ لمسلم.
فلو كان العَزْل حرامًا؛ لنهاهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن فعله؛ قال الإمام ابن حَجَر العَسْقلاني في "فتح الباري" (9/ 306، ط. دار المعرفة-بيروت): [فكأنه يقول: فعلناه في زمن التشريع ولو كان حرامًا لم نقرّ عليه] اهـ.
الذي نؤكِّد عليه: أنَّه لا تتعارض الدعوة إلى تنظيم النسل مع دعوة الشرع إلى التكاثر، بل يُعَدّ التنظيم وسيلة لإخراج أجيال تأخذ حقها في الرعاية المتكاملة وتنال الاهتمام الكافي؛ ممَّا يؤهلهم إلى تَحمُّل المسؤولية؛ فقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ؛ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ» رواه أبو داود؛ المقصود به: الكَثْرة المؤمنة الصالحة القوية المنتجة المتقدمة؛ فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يباهي بكثرة ضعيفة في شتى مناحي الحياة، لأنها إن خرجت عن ذلك فإنها تكون كثرة ضعيفة لا قيمة لها ولا نفع فيها، وهي التي عناها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه المشهور الذي يقول فيه: «يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا» قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنْ تَكُن غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ» رواه أحمد في "المسند"؛ أي كثرة ضعيفة لا قيمة لها، لا تضر عدوًا ولا تنفع صديقًا.
بناءً على ما سبق: فإنَّ تنظيم النسل أمرٌ جائزٌ شرعًا بشرط موافقة الزوجين عليه؛ قياسًا على جواز العزل في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يتعارض ذلك مع دعوة الإسلام إلى التكاثر.
والله سبحانه وتعالى أعلم
سائلة تقول: يطلب مني زوجي أن أتزين وأتجمل له ونحن في المنزل. فما التوجيه الشرعي في ذلك؟
يقول السائل: نرجو منكم بيانًا حول حرمة السخرية من الآخرين، وخطورة ذلك اجتماعيًّا.
ماذا عن إفطار رمضان للسيدة التي ترضع؟
نرجو منكم توضيح سبب تسمية مكة المكرمة بـ "أم القرى"، وبيان الحكمة من ذلك.
هل من حقِّ الزوج أن يمنع زوجته من زيارة أبويها وأخواتها ومحارمها؟
ما حكم طلب الزوج فسخ عقد النكاح للغش والتدليس؟ فقد ورد إلينا تصريح إحدى محاكم شئون الأسرة باستخراج فتوى من دار الإفتاء المصرية بشأن موضوع دعوى مقدمة إليها. وبمطالعة أوراق الدعوى المرفقة تبين أنَّها دعوى فسخ عقد الزواج للغش والتدليس، بناها المدَّعي على أنه تزوج من المدَّعى عليها ووجد أنها تعاني من عيب يؤدي إلى إغلاق فتحة المهبل، مما أدَّى لصعوبة العلاقة الزوجية، وحيث إنَّ المدَّعي لم يكن يعلم أن المدعى عليها كانت تعاني من هذا العيب قبل الزواج بها، فقد وقع في غلط معيب للرضا، ويتبعه قابلية العقد للإبطال.