يقول السائل: هل الإشارة أو الكتابة بالنسبة للأشخاص من ذوي الهمم من فاقدي حاستي السمع والكلام تقوم مقام الكلام؟
المستقر عند كافَّة الفقهاء أنَّ الإشارة المعهودة المُفْهِمة من غير القادر على النطق كالعبارة من الناطق، وكذلك الكتابة منه تقوم مقام اللفظ إذا كانت تبيّن المراد، ويكون ذلك في بيان ما له من حقوق وما عليه من واجبات.
أمَّا في مقام العقوبة؛ فينبغي ألَّا يكون ذلك إلا بما يُعَبّر عن إرادته على جهة اليقين.
لقد ضبط الفقه الإسلامي أحكام تعبير فاقد النطق عن إرادته، ولم يخلُ باب من أبواب الفقه من الحديث عن إشارة الأخرس وكتابته أثناء الحديث عن ركن الصيغة.
والمستقر عند كافَّة فقهاء المذاهب أنَّ الإشارة المعهودة المُفْهِمة من الأخرس كالعبارة من الناطق.
والإشارة المعهودة: هي التي تَصَالَحَ عليها الناس واتخذوها بينهم أداة للتعبير والإفهام.
كما أنَّ الكتابة منه تقوم مقام اللفظ إذا كانت مستبينة؛ كالكتابة على الورق؛ لأنها كالقول في الإبانة عن المراد.
قال العلَّامة بدر الدين العيني في "البناية شرح الهداية" (5/ 302، ط. دار الكتب العلمية): [(وطلاق الأخرس واقع بالإشارة) ش: إن كانت له إشارة تُعْرَف في نكاحه وطلاقه وعتاقه وبيعه وشرائه يقع استحسانًا، سواء قدر على الكتابة أم لا، وبه قال الشافعي ومالك لأنَّه يحتاج إلى ما يحتاج إليه الناطق، ولو لم يُجْعَل إشارته كعبارة الناطق لأدَّى إلى الحرج وهو مدفوع شرعًا] اهـ.
وقال العلامة المرغيناني في "الهداية ومعها شرح العناية" (10/ 524، ط. دار الكتب العلمية): [وإذا قُرئ على الأخرس كتابُ وصيته فقيل له: أنشهد عليك بما في هذا الكتاب؟ فأومأ برأسه: أي نعم أو كتب، فإذا جاء من ذلك ما يعرف أنه إقرار فهو جائز] اهـ.
وقال العلَّامة السرخسي في "المبسوط" (18/ 172، ط. دار المعرفة): [وإقرار الأخرس إذا كان يكتب ويعقل جائزٌ في القصاص وحقوق الناس؛ لأن له إشارة مفهومة تَنْفُذُ تصرفاته بتلك الإشارة، ويحتاج إلى المعاملة مع الناس فيصح إقراره بحقوق العباد] اهـ.
قال الإمام القرافي في "الذخيرة" (4/ 304، ط. دار الغرب الإسلامي): [وتقوم مقام اللفظ الإشارةُ والكتابةُ من الأخرس] اهـ.
وقال الإمام الشيرازي في "المهذب في فقه الإمام الشافعي" (3/ 86، ط. دار الكتب العلمية): [وأما الأخرس فإنه إن لم يكن له إشارة معقولة ولا كتابة مفهومة لم يصحّ لِعَانُهُ؛ لأنه في معنى المجنون، وإن كانت له إشارة معقولة أو كتابة مفهومة صح لِعَانُهُ؛ لأنه كالناطق في نكاحه وطلاقه، فكان كالناطق في لِعَانِهُ] اهـ.
وقال العلَّامة ابن قدامة المقدسي في "الكافي في فقه الإمام أحمد" (3/ 21، ط. دار الكتب العلمية): [وإذا فُهِمت إشارة الأخرس صحَّ النكاح بها؛ لأنَّه معنى لا يستفاد إلا من جهته فصحَّ بإشارته، كبيعه] اهـ.
كما نصَّ "قانون الإثبات" في المادة 83 منه على مَن لا قدرة له على الكلام يؤدي الشهادة إذا أمكن أن يبيِّن مراده بالكتابة أو بالإشارة.
والاعتداد بالكتابة والإشارة بالنسبة للأبكم أو الأصم الأبكم على ما قرره الفقهاء هو فرع الاعتراف له بأهلية الأداء، والتي هي عبارة عن ثبوت الصلاحية القانونية لما يصدر عن الشخص من تصرفات وأعمال، للتمتع بالحقوق على النحو الأكمل، فالإحاطة بجوانب الأمور والتعبير عن الإِرادةِ هي قوام أهليَّة الأداء.
وهذا ما قرَّره القانون المدني في المادة 93 منه، والتي نصَّت على: [التعبير عن الإرادة يكون باللفظ وبالكتابة وبالإشارة المتداولة عُرفًا، كما يكون باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكًّا في دلالته على حقيقة المقصود] اهـ.
إلَّا أنَّه ينبغي التفرقة بين اعتبار إشارة الأبكم في اكتساب الحقوق، وبين اعتبار إشارته في التزامه بالواجبات، وإقراره للغير بالحقوق، وفي اعتبارها سببًا في إنزال العقوبة أو إقامة الحد عليه؛ إذ ينبغي ألَّا يكون ذلك إلا بما يعبر عن إرادته على وجه اليقين، وهو ما جرى عليه فقهاء الحنفية.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
يقول السائل: خلقنا المولى سبحانه وتعالى مختلفين، ووجَّه الشرع الشريف اهتمامه وعنايته بكل فئة من فئات المجتمع، ومن هذه الفئات (ذوي الهمم)؛ فنرجو من فضيلتكم بيان اهتمام الشرع الشريف ورعايته لهم بتخفيفه عنهم في جانب التكليفات، وبيان حقوقهم بصفة خاصة.
ما حكم الصيام لمن يعاني من متلازمة داون؟ حيث يوجد رجلٌ له ابنٌ يبلغ مِن العُمر ستة وعشرين عامًا، ويعاني مِن "متلازمة داون" منذ الولادة، ويسأل: هل يجب على هذا الابن صوم رمضان؟ عِلمًا بأنه لا يُدرِك ما عبادة الصوم؟ ويظن أني أُعاقبه بمنعه مِن الطعام والشراب إذا أجبرتُه على الصوم.
صرحت محكمة القضاء الإداري باستخراج فتوى من دار الإفتاء المصرية عن الرأي الشرعي في وضع الزوجة في ضوء عريضة الدعوى المرفقة، وبمطالعة هذه العريضة وجد أنَّ موضوعها هو إلزام زوجة سعودية متزوجة من سعودي وكانا يقيمان بالأراضي المصرية، وعاد الزوج السعودي إلى السعودية دون أن ترافقه، ويطلب بدعواه هذه أن يلزمها القضاء بالذهاب معه إلى الأراضي السعودية.
ما حكم الالتزام بما تُصدِره الجهات المختصة " دار الإفتاء المصرية " في تحديد بداية شهر رمضان؟ وهل مِن الممكن مخالفة ذلك والعمل بما يراه أحد الأشخاص مدَّعيًا رؤية الهلال؟
ما كيفية وضوء ذوي الهمم من أصحاب الاحتياجات الخاصة لأداء الصلاة؟
ما الرأي الشرعي فيما يأتي:
أولًا: هل يستحق المريض عقليًّا الذي لا يستطيع الحصول على حقوقه شيئًا من الزكاة؟
ثانيًا: إذا وُجد طفل معاق في أسرة غنية، ولكنه محروم من حقوقه ومن الإنفاق عليه لرعايته وعلاجه. فهل يُصرَف له من الزكاة؟
ثالثًا: هل يجوز صرف الزكاة في شراء الأجهزة الطبية لذوي الهمم، وتوفير سيارة لنقلهم من منازلهم للمؤسسات التي ترعاهم؟