يقول السائل: أسمع كثيرًا كلمة سنة مؤكدة وسنة غير مؤكدة، ولا أعرف الفرق بينهما؛ فأرجو منكم التكرم ببيان الفرق بينهما.
بيَّن الفقهاء أن السنن ليست على درجة واحدة في طلبها، فبعضها أقوى من بعض مع اشتراكها كلها في أفضلية الفعل مع عدم المعاقبة على الترك، وقسَّموا السنُة من حيث مواظبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليها إلى مؤكَّدة وغير مؤكَّدة؛ وهذا الاصطلاح ناشئ عن تتبع أفعال النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فما واظب عليه كان سنة مؤكدة، وما أُثِر عنه صلى الله عليه وآله وسلم الترغيب فيه ولم تنقل مواظبته، فإنه يكون من قبيل السنة غير المؤكدة.
المُقرَّر أنَّ السنة ما يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، ومن مسمياتها: المرغوب فيه، والمندوب، والنافلة؛ ومن أمثلتها: صلاة الوتر، والسواك، والمبالغة في المضمضة والاستنشاق، وتخليل الأصابع في الوضوء، وإفطار الصائم على تمرٍ، وتكرار الحج والعمرة، ومساعدة المحتاجين من الناس، ونحو ذلك.
وقد بيَّن الفقهاء أن هذه السنن ليست على درجة واحدة في مطلوبيتها، فبعضها أقوى من بعض مع اشتراك كلها في أفضلية الفعل مع عدم المعاقبة على الترك؛ يقول الإمام الزركشي في "البحر" (1/ 376-387، ط. دار الكتبي): [ويجوز أن يكون بعض المندوب آكد من بعض، ولهذا يقولون: سنة مؤكدة..، وقال ابن دقيق العيد في "شرح الإلمام": لا خفاء أن مراتب السنن متفاوتة في التأكيد، وانقسام ذلك إلى درجة عالية ومتوسطة ونازلة وذلك بحسب الدلائل الدالة على الطلب] اهـ.
وقد قسَّم الفقهاء السنُة من حيث مواظبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليها إلى مؤكَّدة وغير مؤكَّدة، يقول العلامة ابن نجيم الحنفي رحمه الله في "البحر الرائق" (1/ 18، ط. دار الكتاب الإسلامي) -بعدما نقل عدة أقوال لعلماء الحنفية في تعريف السنة ثم زيَّفها-: [والذي ظهر للعبد الضعيف أن السنة ما واظب عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لكن إن كانت لا مع الترك فهي دليل السنة المؤكَّدة، وإن كانت مع الترك أحيانًا فهي دليل غير المؤكِّدة] اهـ.
فالمواظبة على فعل الشيء من النبي صلى الله عليه وآله وسلم من غير أن يكون واجبًا معيار التأكيد على سنيته، وتقسيم السُّنة إلى مؤكدة وغير مؤكدة مجرد اصطلاح لا مشاحة فيه، وهذا الاصطلاح ناشئ عن تتبع أفعال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المناسبات المختلفة، فما واظب عليه -كركعتي الفجر مثلًا- خصّوه بهذا الاسم، لكن البحث يأتي في كيفية إثبات المواظبة، والظاهر أن تصريح الصحابة هو المعوَّل عليه في إثباتها، ومثاله: ما قالته السيدة عائشة رضي الله عنها: "لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مِنْهُ تَعَاهُدًا عَلَى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ" متفق عليه، بخلاف ما أثر عنه صلى الله عليه وآله وسلم الترغيب فيه ولم تنقل مواظبته، فإنه يكون من قبيل السنة غير المؤكدة كالمتابعة بين الحج والعمرة؛ كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ، كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ» رواه أحمد الترمذي والنسائي. وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يقول: هل ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام جواز الرقية بالقرآن الكريم؟ وما حكم طلب الرقية من الصالحين؟
سمعت من بعض الناس أن حديث رهن النبي صلى الله عليه وآله وسلم درعه عند يهودي، هو حديث منكر لا يقبله العقل، فلما سألت عنه بعض طلبة العلم أخبرني بأن هذا الحديث في البخاري، فهل هذا الحديث في البخاري؟ وكيف يخرج البخاري حديثًا منكرًا؟!
ما مدى صحة ما يُتداول بين الناس مِن أحاديث نبويَّةٍ عن فضل الجند الغربي؟ وهل المقصود والمخصوص بهذا الفضل هم جنود الجيش المصري؟
السؤال عن تخريج الأحاديث الآتية، وبيان هل هي صحيحة من عدمه:
1- «بَلِّغُوا عَنِ اللهِ، فَمَنْ بَلَغَتْهُ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ، فَقَدْ بَلَغَهُ أَمْرُ اللهِ».
2- «تَعَلَّمُوا كِتَابَ اللهِ، وَتَعَاهَدُوهُ وَتَغَنُّوا بِهِ».
3- «مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ».
ما مدى صحة حديث السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما الوارد في الأمر بالحجاب وحكم العمل به؟ فقد ورد أن السيدة أسماءَ بنتَ أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنهما دخلَتْ على رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم وعليها ثِيَابٌ رِقَاق، فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «يَا أَسْمَاءُ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا» وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ. وقد سمعت في بعض الوسائل: أن هذا الحديث ضعيف. فما مدى صحة هذا الكلام؟ نرجو منكم الإفادة
ما حكم التختم بالذهب للرجال؛ فقد سأل شافعي المذهب في (كتاب الزينة) من كتاب "تيسير الوصول إلى جامع الأصول من حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم" ما نصه: وعن سعيد بن المسيب قال: قال عمر لصهيب رضي الله عنهما: ما لي أرى عليك خاتم الذهب؟ فقال: قد رآه من هو خير منك فلم يعبه. قال: من هو؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. أخرجه النسائي.
يؤخذ من فحوى هذه القصة -مع ما هو معلوم من حرص سيدنا عمر رضي الله عنه على الدين- أنها كانت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي خلافة سيدنا عمر رضي الله عنه، إذ لو كانت هذه الحادثة والنبي صلى الله عليه وآله وسلم بين أظهرهم لما سكت عمر بل رفع الأمر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كذا لو كان أبو بكر موجودًا رضي الله عنه لرفع سيدنا عمر رضي الله عنه الأمر إليه أيضًا.
فما قولكم دام فضلكم في الجمع بين هذا الحديث المفيد بظاهره الإباحة، وبين ما عليه أئمة المسلمين من تحريم خاتم الذهب على الرجال. مع العلم بأن هذا الحديث مروي في الصحاح. وهل للإنسان أن يعمل بظاهره خروجًا من الإثم ولو في حق نفسه؟ أفيدوا الجواب ولكم الثواب. وهل يجوز تقليد هذا الحديث ولو لغير ضرورة؟ أفيدوا ولكم من الله الأجر.